بازگشت

يحيي و الامام الجواد


هذا الرجل مع هذه السوابق المشرقة! و الصفات الحميدة! انتخبه العباسيون للاحتجاج مع الامام الجواد (عليه السلام) و طرح المسائل الغامضة عليه، و هم بذلك العمل يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم، و يأبي الله الا أن يتم نوره.



[ صفحه 76]



فكان يحيي بن اكثم يحتج علي الامام الجواد (عليه السلام) و يسأله عن احاديث افتعلها الوضاعون الكذابون، و اختلقها سماسرة الحديث و عملاء الشجرة الملعونة في القرآن، و علي رأسها معاوية بن آكلة الأكباد.

و كان الامام الجواد (عليه السلام) يكشف عن زيف تلك الأحاديث و تزويرها. و قد روي الطبرسي في كتاب الاحتجاج أن يحيي بن اكثم ناظر الامام الجواد (عليه السلام) بحضور المأمون و جماعة كبيرة، فأفحمه الامام (عليه السلام).

و اليك نص الحوار:

(.. قال يحيي بن اكثم: ما تقول - يابن رسول الله - في الخبر الذي روي أنه نزل جبرئيل (عليه السلام) علي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و قال: يا محمد ان الله عزوجل يقرؤك السلام و يقول لك: سل ابابكر هل هو عني راض؟! فاني عنه راض!

فقال الامام (عليه السلام):... يجب علي صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في حجة الوداع: «قد كثرت علي الكذابة، و ستكثر، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، فاذا أتاكم الحديث فاعرضوه علي كتاب الله و سنتي، فما وافق كتاب الله و سنتي، فخذوا به، و ما خالف كتاب الله و سنتي فلا تأخذوا به».

و ليس يوافق هذا الخبر كتاب الله، قال الله تعالي: (و لقد خلقنا الانسان و نعلم ما توسوس به نفسه، و نحن أقرب اليه من حبل الوريد) [1] .



[ صفحه 77]



فالله (عزوجل) خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتي سأل من مكنون سره؟!

هذا مستحيل في العقول.

ثم قال يحيي بن اكثم: و قد روي: «ان مثل ابي بكر و عمر في الأرض كمثل جبرئيل و ميكائيل في السماء.

فقال الامام (عليه السلام): و هذا ايضا يجب ان ينظر فيه لأن جبرئيل و ميكائيل ملكان مقربان، لم يعصيا الله قط، و لم يفارقا طاعته لحظة واحدة.

و هما (ابوبكر و عمر) قد أشركا بالله عزوجل، و ان أسلما بعد الشرك، و كان أكثر أيامهما في الشرك بالله، فمحال ان يشبههما بهما. [2] .

قال يحيي: و قد روي انهما سيدا كهول أهل الجنة، فما تقول فيه؟

فقال (عليه السلام): و هذا الخبر محال أيضا، لأن أهل الجنة كلهم يكونون شبابا، و لا يكون فيهم كهل،

و هذا الخبر وضعه بنوامية لمضادة الخبر الذي قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في الحسن و الحسين بأنهما سيدا شباب أهل الجنة.

فقال يحيي بن اكثم: و روي ان عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة.

فقال (عليه السلام): و هذا ايضا محال، لأن في الجنة ملائكة الله المقربين، و آدم، و محمد و جميع الأنبياء و المرسلين لا تضيي ء بأنوارهم حتي تضيي ء بنور عمر؟!

فقال يحيي: و قد روي أن السكينة تنطق علي لسان عمر!



[ صفحه 78]



فقال (عليه السلام):.. لكن ابابكر - افضل من عمر - قال علي رأس المنبر: ان لي شيطانا يعتريني، فاذا ملت فسددوني. [3] .

فقال يحيي: قد روي ان النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) قال:

«لو لم أبعث لبعث عمر».

فقال (عليه السلام): كتاب الله أصدق من هذا الحديث، يقول الله في كتابه: (و اذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح) [4] فقد أخذ الله ميثاق النبيين، فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه؟

و كان الأنبياء لم يشركوا طرفة عين، فكيف يبعث بالنبوة من أشرك، و كان أكثر أيامه مع الشرك بالله؟!! و قال رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): «نبئت و آدم بين الروح و الجسد» [5] .

فقال يحيي بن اكثم: و قد روي ان النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) قال: «ما احتبس الوحي عني قط الا ظننته قد نزل علي آل الخطاب»!!

فقال الامام (عليه السلام): و هذا محال ايضا لأنه لا يجوز أن يشك النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) في نبوته.



[ صفحه 79]



قال الله تعالي: (الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس) [6] فكيف يمكن ان تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالي الي من اشرك به؟

قال يحيي بن اكثم: روي أن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) قال: «لو نزل العذاب لما نجا منه الا عمر»!!

فقال (عليه السلام): و هذا محال ايضا، ان الله تعالي يقول: (و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون) [7] .

فأخبر سبحانه أن لا يعذب احدا، ما دام فيهم رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و ما داموا يستغفرون الله تعالي.

اقول: سيأتي بعض المناظرات و المحاورات الاخري - التي جرت بين الامام الجواد (عليه السلام) و يحيي بن اكثم - في ترجمة الريان بن شبيب في حرف الراء.



[ صفحه 80]




پاورقي

[1] سورة ق آية 16.

[2] أي: محال أن يشبه الله تعالي ابابكر و عمر بجبرئيل و ميكائيل.

[3] لقد ذكر المؤرخون مقالة ابي بكر هذه، بالفاظ متعددة، راجع تاريخ ابن جرير ج 2 ص 440، و طبقات الصحابة لابن سعد ج 3 القسم الأول ص 129، و الامامة و السياسة للحافظ ابن قتيبة ص 26، و مجمع الزوائد للهيثمي ج 5 ص 183 و غيرها.

و معني كلام الامام (عليه السلام) ان ابابكر - الذي تعتبرونه افضل من عمر - قال هذه المقالة و اعترف بأن له شيطانا يعتريه و يغويه، فكيف تنطق السكينة علي لسان عمر و هو دون ابي بكر؟!.

[4] سورة الأحزاب آية 7.

[5] و قد روي هذا الحديث هكذا ايضا: «كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين».

[6] سورة الأنفال آية 33.

[7] كتاب الاحتجاج ص 229.