بازگشت

علي بن عاصم الكوفي


كان من أصحاب الامام الجواد و الامام العسكري (عليهماالسلام) و كان شيخ الشيعة في وقته، و كان عنده مائة الف حديث، و تجاوز التسعين من عمره.

و مات في حبس المعتضد العباسي، و كان حمل من الكوفة مع جماعة من أصحابه، فحبس من بينهم بالمطامير [1] فمات علي سبيل ماء، و أطلق الباقون.

و في (تنقيح المقال) عن كتاب (أمان الأخطار): ان علي بن عاصم الزاهد كان يزور الحسين (عليه السلام) - قبل عمارة مشهده - بالناس (اي مع الناس) فدخل سبع (اي اسد) اليه، فلم يهرب منه، و رأي كف السبع منتفخة (أي متورمة) بقصبة قد دخلت فيها (أي في كفه)



[ صفحه 262]



فأخرج القصبة منه، و عصر كف السبع، و شده بعمامته، و لم يقف من الزوار لذلك سواه. [2] .

و قد روي الصدوق في (عيون أخبار الرضا) حديثا [3] بسنده عن علي بن عاصم عن الامام الجواد (عليه السلام) نذكره لما فيه من الفوائد:

بسنده عن محمد بن علي بن عبدالصمد الكوفي قال: حدثنا علي بن عاصم:

عن محمد بن علي بن موسي، عن أبيه علي بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام) قلا: دخلت علي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و عنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم): مرحبا يا اباعبدالله، يا زين السماوات و الأرض.

فقال أبي: و كيف يكون - يا رسول الله - زين السماوات و الأرض احد غيرك؟

قال: يا أبي، و الذي بعثني بالحق نبيا ان الحسين بن علي في السماء اكبر منه في الارض، و انه لمكتوب عن يمين عرش الله عزوجل، مصباح هدي و سفينة نجاة [4] و امام غير وهن، و عز و فخر، و علم و ذخر.

و ان الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية، و قد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق الا حشره الله عزوجل معه، و كان شفيعه في آخرته،



[ صفحه 263]



و فرج الله عنه كربه، و قضي بها دينه، و يسر امره، و أوضح سبيله، و قواه علي عدوه، و لم يهتك ستره.

فقال أبي بن كعب: و ما هذه الدعوات يا رسول الله؟

قال: تقول - اذا فرغت من صلاتك: (اللهم أني أسألك بكلماتك و معاقد عرشك، و سكان سماواتك، و انبيائك و رسلك ان تستجيب لي، فقد رهقني من أمري عسر، فأسألك ان تصلي علي محمد و آل محمد، و أن تجعل لي من أمري يسرا).

فان الله عزوجل يسهل أمرك، و يشرح صدرك، و يلقنك شهادة ان لا اله الا الله عند خروج نفسك.

قال له أبي: يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين؟

قال: مثل هذه النطفة كمثل القمر، و هي نطفة بنين و بنات، يكون من اتبعه رشيدا، و من ضل عنه هويا.

قال: فما اسمه و ما دعاؤه؟

قال: اسمه علي، و دعاؤه: «يا دائم، يا ديموم، يا حي يا قيوم، يا كاشف الغم، و يا فارج الهم، و يا باعث الرسل، و يا صادق الوعد»

من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل مع علي بن الحسين، و كان قائده الي الجنة.

فقال ابي: يا رسول الله فهل له من خلف و وصي؟

قال: نعم، له مواريث السموات و الأرض.

قال: ما معني مواريث السموات و الأرض يا رسول الله؟



[ صفحه 264]



قال: القضاء بالحق، و الحكم بالديانة، و تأويل الأحكام، و بيان ما يكون.

قال: فما اسمه؟

قال: اسمه محمد، و ان الملائكة لتستأنس به في السموات، و يقول في دعائه: «اللهم ان كان لي عندك رضوان و ود فاغفز لي و لمن تبعني من اخواني و شيعتي، و طيب ما في صلبي».

فركب الله في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية، و أخبرني جبرئيل (عليه السلام): أن الله عزوجل طيب هذه النطفة، و سماها عنده جعفرا، و جعله هاديا مهديا، راضيا مرضيا، يدعو ربه فيقول في دعائه:

(يا ديان غير متوان، يا أرحم الراحمين، اجعل لشيعتي من النار وقاءا. و لهم عندك رضا، و اغفر ذنوبهم، و يسر امورهم، و اقض ديونهم، و استر عوارتهم، و هب لهم الكبائر التي بينك و بينهم.

يا من لا يخاف الضيم، و لا تأخذه سنتة و لا نوم، اجعل لي من كل غم فرجا).

من دعا بهذا الدعاء حشره الله تعالي أبيض الوجه مع جعفر بن محمد الي الجنة.

يا ابي: ان الله تبارك و تعالي ركب علي هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة، انزل عليها الرحمة، و سماها عنده موسي.

فقال له ابي: يا رسول الله، كأنهم يتواصلون و يتناسلون، و يتوارثون، و يصف بعضهم بعضا.



[ صفحه 265]



قال: وصفهم لي جبرئيل عن رب العالمين جل جلاله.

قال: ابي -: فهل لموسي دعوة يدعو بها سوي دعاء آبائه؟

قال: نعم، يقول في دعائه:

(يا خالق الخلق، و يا باسط الرزق و فالق الحب و النوي، و باري ء النسم، و محيي الموتي، و مميت الأحياء، و دائم الثبات، و مخرج النبات افعل بي ما أنت أهله).

من دعا بهذا الدعاء قضي الله تعالي حوائجه، و حشره يوم القيامة مع موسي بن جعفر.

و ان الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية، رضية مرضية، و سماها عنده عليا، يكون لله تعالي في خلقه رضيا في علمه و حكمه، و يجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة، و له دعاء يدعو به:

(اللهم أعطني الهدي و ثبتني عليه، و احشرني عليه آمنا، أمن من لا خوف عليه و لا حزن و لا جزع، انك أهل التقوي و أهل المغفرة).

و ان الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة رضية مرضية، و سماها محمد بن علي، فهو شفيع شيعته، و وارث علم جده.

له علامة بينة، و حجة ظاهرة، اذا ولد يقول: لا اله الا الله، محمد رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و يقول في دعائه:

(يا من لا شبيه له و لا مثال، أنت الله الذي لا اله الا أنت، و لا خالق الا أنت، تفني المخلوقين و تبقي، أنت حلمت عمن عصاك، و في المغفرة رضاك).

من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة.



[ صفحه 266]



و ان الله تعالي ركب في صلبه نطفة لا باغية و لا طاغية، بارة، مباركة، طيبة طاهرة، سماها عنده علي بن محمد، فألبسها الكسينة و الوقار، و أودعها العلوم و كل سر مكتوم، من لقيه و في صدره شي ء أنبأه به، و حذره من عدوه، و يقول في دعائه:

(يا نور يا برهان، يا منير يا مبين، يا رب اكفني شر الشرور، و آفات الدهور، و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور).

من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه و قائده الي الجنة.

و ان الله تبارك و تعالي ركب في صلبه نطفة و سماها عنده الحسن، فجعله نورا في بلاده، و خليفة في ارضه، و عزا لأمة جده، و هاديا لشيعته، و شفيعا لهم عند ربه، و نقمة علي من خالفه، و حجة لمن والاه، و برهانا لمن اتخذه اماما.

يقول في دعائه: (يا عزيز العز في عزه، ما أعز عزيز العز في عزه، يا عزيز أعزني بعزتك، و أيدني بنصرك، و أبعد عني همزات الشياطين، و أدفع عني بدفعك، و امنع عني بمنعك، و اجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد، يا فرد يا صمد).

من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل معه، و نجاه من النار ولو وجبت عليه.

و ان الله تبارك و تعالي ركب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية، طيبة، طاهرة، مطهرة، يرضي بها كل مؤمن ممن قد أخذ الله تعالي ميثاقه في الولاية.

و يكفر بها كل جاحد، فهو امام تقي نقي، بار مرضي، هادي



[ صفحه 267]



مهدي، يحكم بالعدل و يأمر به، يصدق الله تعالي و يصدقه الله تعالي في قوله،

يخرج من تهامة، حين تظهر الدلائل و العلامات، و له كنوز لا ذهب و لا فضة الا خيول مطهمة، و رجال مسومة، يجمع الله تعالي له من أقاصي البلاد علي عدة أهل بدر: ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا،.

معه صحيفة مختومة، فيها عدد أصحابه بأسمائهم و أنسابهم، و بلدانهم، و ضياعهم، و حلالهم و كناهم [5] كدادون [6] مجدون في طاعته.

فقال ابي: و ما دلائله و علاماته يا رسول الله؟

قال: له علم، اذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه، و أنطقه الله تعالي، فناداه العلم: اخرج يا ولي الله فاقتل اعداء الله.

و هما رايتان و علامتان، و له سيف مغمد، فاذا حان وقت خروجه اختلع ذلك السيف من غمده، و أنطقه الله عزوجل، و ناداه السيف: أخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد عن اعداء الله.

فيخرج و يقتل أعداء الله حيث ثقفهم، و يقيم حدود الله، و يحكم بحكم الله.

يخرج جبرئيل (عليه السلام) عن يمينه، و ميكائيل عن يساره.

و سوف تذكرون ما أقول لكم، ولو بعد حين، و أفوض أمري الي الله تعالي عزوجل.

يا ابي: طوبي لمن لقيه، و طوبي لمن أحبه، و طوبي لمن قال به،



[ صفحه 268]



ينجيهم الله به من الهلكة، و بالاقرار بالله و برسوله و بجيمع الأئمة، يفتح الله لهم الجنة.

مثلهم في الارض كمثل المسك الذي يسطح ريحه و لا يتغير ابدا.

و مثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفي نوره ابدا.

قال ابي: يا رسول الله كيف بيان حال هؤلاء الائمة عن الله عزوجل؟

قال: ان الله عزوجل أنزل علي اثني عشر صحيفة، اسم كل امام علي خاتمة، و صفته في صحيفته».

أقول: ذكرنا الحديث بطوله، لما فيه من الفوائد و البركات.


پاورقي

[1] المطامير - جمع مطمورة -: الحفيرة تحت الأرض تخبأ فيها الحبوب و نحوها، و قد تتخذ سجنا.

[2] أي: خاف الناس و انهزموا سوي علي بن عاصم.

[3] عيون اخبار الرضا ج 1 ص 48 حديث 29.

[4] أي: الحسين مصباح هدي.

[5] كناهم - جمع كنية - و هو الاسم المصدر بأب أو أم.

[6] من الكد، و هو الجد و الجهد.