بازگشت

علي بن خالد


قال الشيخ المفيد في (الارشاد): انه كان زيديا، ثم قال بالامام (اي الامام الجواد) عليه السلام، و حسن اعتقاده لأمر شاهده من كرامات ابي جعفر الثاني (عليه السلام).

أقول: الحديث مروي في (الارشاد) و (السرائر) و (الخرائج) و (الكافي) باختلاف يسير.

في الكافي بسنده عن محمد بن حسان عن علي بن خالد قال محمد (بن حسان): و كان (علي بن خالد) زيديا، قال: كنت بالعسكر [1] ، فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتي به من ناحية الشام مكبولا [2] و قالوا: انه تنبأ [3] .

قال علي بن خالد: فأتيت الباب، و داريت البوابين و الحجبة [4] حتي



[ صفحه 256]



وصلت اليه، فاذا رجل له فهم، فقلت: يا هذا ما قصتك و ما أمرك؟

قال: اني كنت رجلا بالشام، أعبد الله في الموضع الذي يقال له: موضع رأس الحسين، فبينما أنا في عبادتي اذ أتاني شخص فقال: قم بنا.

فقمت معه، فبينا أنا معه اذا أنا في مسجد الكوفة.

فقال لي: تعرف هذا المسجد؟

فقلت: نعم، هذا المسجد الكوفة.

قال: فصلي و صليت معه.

فبينا أنا معه اذا أنا في مسجد الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم) بالمدينة، فسلم علي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و سلمت، و صلي و صليت معه، و صلي علي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم).

فبينا أنا معه، اذا أنا بمكة، فلم ازل معه حتي قضي مناسكه، و قضيت مناسكي معه.

فبينا أنا معه اذا أنا في الموضع الذي كنت اعبد الله فيه بالشام، و مضي الرجل.

فلما كان العام القابل اذا أنابه، ففعل مثل فعلته الأولي. [5] .

فلما فرغنا من مناسكنا، و ردني الي الشام، و هم بمفارقتي قلت له: سألتك بالحق [6] الذي أقدرك علي ما رأيت الا أخبرتني من أنت؟

فقال: أنا محمد بن علي بن موسي.



[ صفحه 257]



قال: فتراقي الخبر [7] حتي انتهي الي محمد بن عبدالملك الزيات، فبعث الي و اخذني و كبلني في الحديد [8] و حملني الي العراق.

قال [علي بن خالد]: فقلت له: فارفع القصة الي محمد بن عبدالملك. ففعل، و ذكر في قصته ما كان.

فوقع [عبدالملك] في قصته: «قل للذي أخرجك من الشام في ليلة الي الكوفة و من الكوفة الي المدينة، و من المدينة الي مكة، و ردك من مكة الي الشام أن يخرجك من حبسك هذا».

قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره، و رققت له، و أمرته بالعزاء [9] و الصبر.

قال: ثم بكرت [10] عليه، فاذا الجند، و صاحب الحرس، و صاحب السجن، خلق الله، فقلت: ما هذا؟

فقالوا: المحمول من الشام، الذي تنبأ، افتقد البارحة، فلا يدري أخسفت به الأرض، أو اختطفه الطير. [11] .

أقول: و الحديث الذي رواه المفيد في الارشاد يختلف شيئا يسيرا، و لا بأس أن نذكره تتميما للفائدة، فانه ذكر الي قوله: (كنت رجلا بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال...) هكذا:

«في الموضع الذي يقال أنه نصب فيه رأس الحسين (عليه السلام):



[ صفحه 258]



فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل علي المحراب أذكر الله تعالي اذ رأيت شخصا بين يدي فنظرت اليه، فقال لي: قم. فقمت، فمشي بي قليلا، فاذا أنا في مسجد الكوفة.

فقال لي: أتعرف هذا المسجد؟

فقلت: نعم، هذا مسجد الكوفة.

قال: فصلي، و صليت معه، ثم انصرف، و انصرفت معه، فمشي قليلا، فاذا نحن بمسجد الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم) فسلم علي الرسول، و صليت معه، ثم خرج و خرجت معه، فمشي قليلا فاذا أنا بمكة، فطاف بالبيت و طفت معه، ثم خرج و مشي قليلا فاذا أنا في موضعي الذي أعبد الله فيه بالشام.

و غاب الشخص، فبقيت متعجبا حولا (أي سنة كاملة) مما رأيت.

فلما كان في العام المقبل، رأيت ذلك الشخص، فاستبشرت به، و دعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت له: سألتك بالذي أقدرك علي ما رأيت منك الا اخبرتني من أنت؟

قال: انا محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب.

فحدثت من كان يصير الي بخبره، فرقي (أي ارتفع) ذلك الي محمد بن عبدالملك الزيات فبعث الي من أخذني و كبلني في الحديد، و حملني الي العراق، و حبست كما تري، و ادعي علي المحال [12] .



[ صفحه 259]



فقلت له: أرفع القصة الي محمد بن عبدالملك؟

قال: افعل. فكتبت عنه قصته و شرحت أمره فيها، و رفعتها الي محمد بن عبدالملك، فوقع في ظهرها (أي: كتب خلف الورقة):

قل للذي أخرجك من الشام في ليلة الي الكوفة و من الكوفة الي المدينة، و من المدينة الي مكة، و ردك من مكة الي الشام أن يخرجك من حبسك هذا.

قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره، و انصرفت محزونا عليه.

فلما كان من الغد، باكرت الي الحبس لأعلم الحال، و آمره بالصبر و العزاء، فوجدت الجند و أصحاب الحرس، و خلقا عظيما من الناس يهرعون.

فسألت عن حالهم فقيل لي: المتنبي ء (أي مدعي النبوة) المحمول من الشام افتقد البارحة من الحبس...)

أقول: هذا الحديث يتضمن البحث عن طي الأرض، و هو من الحقائق التي صرح بها القرآن الكريم في قصة سليمان بن داود (عليهماالسلام) حيث قال:

(أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك و اني عليه لقوي أمين، قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي (الي آخر الآية.

فان كانت هذه القدرة موجودة لعفريت من الجن أن يأتي بعرش بلقيس من مدينة سبأ من اليمن الي الأردن في خلال ساعات، و كانت هذه القدرة موجودة لآصف بن برخيا وصي سليمان بن داود ان يأتي بالعرش في



[ صفحه 260]



طرفة عين، فما المانع ان تكون هذه القدرة موجودة للامام الجواد (عليه السلام) و هو وصي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و خليفته؟!


پاورقي

[1] العسكر - هنا -: اسم موضع في بغداد، نزل فيه المنصور الدوانيقي مع جيشه، فسمي المكان بالعسكر.

[2] مكبولا: مقيدا بالحديد.

[3] اي: ادعي النبوة.

[4] الحجبة - جمع حاجب -: البواب.

[5] اي: مثل العام الماضي.

[6] و في نسخة، بحق الذي.

[7] تراقي الخبر، ارتفع.

[8] كبلني: قيدني.

[9] رققت له: رق قلبي له. العزاء: التسلي عند المصيبة.

[10] بكرت: اتيت في الصباح الباكر.

[11] الكافي ج 1 ص 492.

[12] اي: ادعي اني ادعيت النبوة، و هذا محال.