بازگشت

لقاء الوفود بالامام الجواد


و تأتي الوفود الي المدينة من شتي الأقطار لمعرفة الامام، و يأتي من بغداد حوالي ثمانين رجلا من مشاهير الشيعة و فقهائهم للتحقيق عن الموضوع، و من الطبيعي انهم يقصدون دار الامام الرضا (عليه السلام) التي كان يسكنها قبل سفره الي خراسان، و هي دار الامام الصادق (عليه السلام) التي قد تعودت الشيعة التردد اليها، فالباب مفتوح في وجوه الوفود و الحجاج، و يمتلأ بهم المكان، و يدخل عبدالله بن الامام موسي بن جعفر (عليه السلام) - عم الامام الجواد (عليه السلام) - و هو شيخ كبير.

ثم يدخل الامام الجواد، و يقوم أهل المجلس كلهم احتراما للامام، و ينظرون اليه و ينظر بعضهم الي بعض نظر تعجب من صغر سن الامام.

و يتقدم أحد الحاضرين ليلقي مسألة فقهية علي عبدالله بن موسي، فيجيبه عبدالله جوابا غير صحيح، و تلوح علامة الغضب علي وجه الامام الجواد، و يزجر عمه علي اجابته - لتلك المسألة - بغير ما انزل الله، و يتراجع عبدالله و يعتذر و يستغفر الله، لأنه أفتي بما لا يعلم.



[ صفحه 57]



ثم يجيب الامام الجواد جوابا صحيحا علي خلاف جواب عمه عبدالله بن موسي [1] .

و يتبادر الناس الي الامام الجواد (عليه السلام) ليوجهوا اليه الأسئلة الفقهية، و انني أعتقد أن أكثر تلك المسائل كانت بقصد الامتحان و الاختبار.

فقد كان في تلك الجماهير عدد من فقهاء الشيعة و علمائهم، و أجلاء أصحاب الأئمة ممن يعرفون الأحكام الشرعية، و انما سألوا الامام الجواد عنها ليتأكدوا من صحة امامته و ثبوتها لديهم.

فكان الامام الجواد (عليه السلام) يجيب علي تلك الأسئلة بسرعة، و بلا تأمل و تفكير، يجيبهم بالأحكام الآلهية، الواقعية، القطعية، لا اعتمادا علي الظن و الوهم و الحدس و القياس و الرأي و أمثال ذلك.

و يعلم الله تعالي عدد الاسئلة التي وجهت الي الامام الجواد في ذلك المجلس، و انفض المجلس، و تفرق الحاضرون و هم مقتنعون بامامة الامام الجواد (عليه السلام).

و كان الامام موسي بن جعفر (عليه السلام) قد أسس قرية في ضواحي المدينة سماها (صريا) و كانت هذه القرية موجودة في زمن الامام الجواد (عليه السلام) فكان الامام يخرج الي تلك القرية ليبتعد عن العيون و الجواسيس التي كانت تراقبه، ولكن الكثيرين من الشيعة كانوا يذهبون الي (صريا) بحثا عن الحق.و الحقيقة، فكان الامام الجواد (عليه السلام) يفيض عليهم المعارف، و يظهر لهم الدلائل، فلا يبرحون عن مكانهم الا و هم يعتقدون بامامة الامام الجواد (عليه السلام).



[ صفحه 58]




پاورقي

[1] راجع ترجمة عبدالله بن موسي في حرف العين من هذا الكتاب.