عبدالجبار بن المبارك النهاوندي
عده الشيخ من أصحاب الامام الرضا و الامام الجواد (عليهماالسلام) و له حديث مضطرب مع الامام الجواد (عليه السلام) لا بأس بنقله:
روي الكشي بسنده عن عبدالجبار بن المبارك النهاوندي قال:
أتيت سيدي - سنة تسع و مائتين - فقلت له: جعلت فداك، اني رويت عن آبائك أن كل فتح فتح بضلال فهو للامام.
فقال: نعم.
قلت: جعلت فداك، فانه أتوا بي من بعض الفتوح التي فتحت علي الضلال، و قد تخلصت - من الذين ملكوني - بسبب من الأسباب، و قد اتيتك مسترقا مستعبدا.
فقال: قد قبلت.
فلما حضر خروجي الي مكة قلت: جعلت فداك، اني قد حججت، و تزوجت، و مكسبي مما يعطف علي اخواني، لا شيي ء لي غيره، فمرني بأمرك.
فقال لي: انصرف الي بلادك، و أنت من حجك و تزويجك و كسبك في حل.
فلما كان سنة ثلاث عشرة و مائتين أتيته، فذكرت له العبودية التي الزمتها [1] فقال: انت حر لوجه الله.
[ صفحه 202]
فقلت: جعلت فداك، أكتب لي عهدة.
فقال: تخرج اليك غدا فخرج الي - مع كتبي - كتاب فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن علي الهاشمي العلوي
لعبدالله بن المبارك، فتاه، اني أعتقتك لوجه الله و الدار الآخرة، و لا رب لك الا الله، و ليس عليك سيد [2] و انت مولاي و مولي عقبي من بعدي.
و كتب في المحرم سنة ثلاث عشرة و مأتين، و وقع فيه محمد بن علي بخط يده، و ختمه بخاتمه.
أقول: ان عبدالجبار بن المبارك النهاوندي كان من أصحاب الامام الجواد (عليه السلام) - كما تقدم الكلام عنه - و الكتاب الذي كتبه الامام الجواد انما كتبه لعبدالله بن المبارك، و عبدالله بن المبارك كان من أصحاب الامام السجاد (عليه السلام) و من المستبعد أن يعيش الرجل الي زمان الامام الجواد.
فالظاهر انه وقع اشتباه في نقل كتاب الامام الجواد (عليه السلام) و الصحيح: (لعبد الجبار بن المبارك) لا لعبدالله بن المبارك.
و هنا مسألة فقهية تتعلق بالعتق و الولاء نذكرها توضيحا لهذا الحديث مع رعاية الاختصار.
[ صفحه 203]
الجهاد علي أقسام:
أحدها: الجهاد الابتدائي، و هو جهاد المشركين لدعوتهم الي الاسلام، و هذا القسم يجب بشرط أمر الامام المعصوم (عليه السلام) أو نائبه الخاص المنصوب للجهاد.
و غنائم هذه الحرب يكون خمسها للامام، و يقسم الباقي بين المقاتلين.
و أما الحروب التي قام بها الأمويون و العباسيون فحيث انها لم تكن بأمر الامام العادل و لا نائبه الخاص المنصوب للجهاد فتكون باطلا و ضلالا، فتكون الغنائم كلها للامام (عليه السلام) لا للمقاتلين.
و قد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) في حديث معاوية بن وهب قال: قلت - لأبي عبدالله (الصادق) عليه السلام -: السرية يبعثها الامام فيصيبون غنائم كيف يقسم؟
قال: ان قاتلوا عليها مع أمير أمره الامام عليهم أخرج منها الخمس لله و لرسوله، و قسم بينهم أربعة أخماس، و ان لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للامام، يجعله حيث أحب.
و ايضا: عن ابي عبدالله - الصادق - (عليه السلام) انه قال:
«اذا غزا قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام، و اذا غزوا بأمر الامام فغنموا كان للامام الخمس».
و كلام عبدالجبار ابن المبارك حيث قال: «اني رويت عن آبائك أن كل فتح فتح بضلال فهو للامام» يشير الي الحديثين المذكورين، و قد صدقه الامام (عليه السلام) علي ذلك.
[ صفحه 204]
و اما قوله: «و قد تخلصت من الذين ملكوني بسبب من الأسباب» فان من جملة أسباب التحرر هي المكاتبة، و هي أن يكاتب الرجل عبده علي مال يؤديه بالأقساط، فاذا أداه فهو حر.
و معني قوله: «و قد أتيتك مسترقا مستعبدا» اي أتيتك اطلب منك ان تتخذني عبدا مملوكا. لأنه كان من جملة الغنائم فهو ملك للامام (عليه السلام).
فوافق الامام علي ذلك، و قال له: «قد قبلت».
و حيث ان العبد المملوك لا يقدر علي شيي ء الا بأذن مولاه، و الرجل قد حج و تزوج بغير اذن مولاه و لهذا أجاز الامام جميع تصرفاته من الحج و الزواج و المكسب و في سنة ثلاث عشرة و مائتين أعتقه الامام لوجه الله تعالي.
و كتب له الامام كتابا، و عبر عنه ب «فتاه» اشارة الي الحديث النبوي المروي: «لا يقول أحدكم: «عبدي. و أمتي» ولكن فتاي و فتاتي» أي غلامي و جاريتي.
و معني قوله (عليه السلام): «و ليس عليك سيد» أي: ليس عليك مالك.
و اما قوله (عليه السلام): «و انت مولاي و مولي عقبي من بعدي» فالظاهر أنه اشارة الي ولاء العتق و معناه: ان العبد اذا اعتقه مولاه كان ارثه لمن اعتقه ان لم يكن وارث، و يقوم ورثة المعتق مقام ابيهم بعد موته في ولاء الارث.
[ صفحه 205]
پاورقي
[1] و في نسخة: التزمتها.
[2] السيد - هنا -: المالك. و في نسخة: ليس عليك سبيل.