بازگشت

شهادة الرضا و تغسيله


68-68- قال الطبرسي:

روي جماعة كثيرة من أصحابنا، عن علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي قال: بينا أنا واقف بين يدي الرضا عليه السلام اذ قال لي: يا أبا الصلت أدخل هذه القبة التي فيها قبر هارون، فائتني بترابه من أربعة جوانب.

قال: فأتيته به، فقال: ناولني هذا التراب و هو من عند الباب، فناولته فأخذه وشمه ثم رمي به، فقال: سيحفر لي هاهنا فتظهر صخرة لو جمع عليها كل معول



[ صفحه 62]



بخراسان لم يتهيأ قلعها، ثم قال: في الذي عند الرجل مثل ذلك و في الذي عند الرأس مثل ذلك ثم قال: ناولني هذا التراب فهو من تربتي.

ثم قال: سيحفر لي في هذا الموضع، فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي الي أسفل و أن يشق لي ضريحا فان أبوا الا أن يلحدوا، فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا، فان الله عزوجل سيوسعه لي بما شاء فاذا فعلوا ذلك، فانك تري عند رأسي نداوة، فتكلم بالكلام الذي أعلمك، فانه ينبع الماء حتي يمتلي اللحد، فتري فيه حيتانا صغارا، ففتت لها الخبز الذي أعطيك، فانها تلتقطه، فاذا لم يبق مرد شي ء خرجت حوتة كبيرة، فالتقطت الحيتان الصغار حتي لا يبقي منها شي ء، ثم تغيب فاذا غابت، فضع يدك علي الماء و تكلم بالكلام الذي أعلمك، فانه ينضب الماء و لا يبقي منه شي ء و لا تفعل ذلك الا بحضرة المأمون.

ثم قال عليه السلام: يا أباالصلت غدا أدخل الي هذا الفاجر، فان أنا خرجت و أنا مكشوف الرأس، فتكلم أكلمك و ان خرجت و أنا مغطي الرأس، فلا تكلمني.

فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس في محرابه ينتظر، فبينما هو كذلك اذ دخل عليه غلام المأمون، فقال له: أجب أميرالمؤمنين، فلبس نعله ورداء و قام يمشي و أنا أتبعه حتي دخل علي المأمون و بين يديه طبق عليه عنب و أطباق فاكهة و بيده عنقود عنب قد أكل بعضه و بقي بعضه، فلما نظر الي الرضا وثب اليه، فعانقه وقبل ما بين عينيه و أجلسه معه و ناوله العنقود و قال: يا ابن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا، فقال له الرضا عليه السلام: ربما كان عنبا أحسن [حسنا] يكون من الجنة، فقال، فقال: كل منه، فقال له الرضا عليه السلام: تعفيني منه، فقال: لابد من ذلك و ما يمنعك منه، لعلك تتهمنا بشي ء، فتناول العنقود و أكل منه ثم ناوله، فأكل منه الرضا عليه السلام ثلاث حبات، ثم رمي به وقام، فقال له المأمون: الي أين؟ قال: الي حيث وجهتني.

و خرج عليه السلام مغطي الرأس، فلم أكلمه حتي دخل الدار و أمر أن يغلق الباب، فأغلق، ثم نام علي فراشه و مكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا، فبينا أنا



[ صفحه 63]



كذلك اذ دخل علي شاب حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضا عليه السلام، فبادرت اليه و قلت: و أين دخلت والباب مغلق؟ فقال لي: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق.

فقلت له: و من أنت؟ فقال لي: أنا حجة الله عليك يا أباالصلت أنا محمد بن علي، ثم مضي نحو أبيه، فدخل و أمرني بالدخول معه، فلما نظر اليه الرضا عليه السلام وثب اليه، فعانقه و ضمه الي صدره، وقبل ما بين عينيه، ثم سحبه سحبا في فراشه و أكب عليه محمد بن علي يقبله و ساره بشي ء لم أفهمه و رأيت علي شفتي الرضا عليه السلام زبدا أشد بياضا من الثلج، و رأيت أبوجعفر عليه السلام يلحصه بلسانه، ثم أدخل يده بين ثوبيه و صدره، فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور، فابتلعه أبوجعفر و مضي الرضا عليهماالسلام.

فقال أبوجعفر عليه السلام: قم يا أباالصلت وائتني بالمغتسل والماء من الخزانة.

فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء، فقال لي: انته الي ما آمرك به.

فدخلت الخزانة فاذا فيها مغتسل و ماء، فأخرجته و شمرت ثيابي لاغسله معه، فقال لي: [تنح] يا أباالصلت ان معي من يعينني غيرك، فغسله ثم قال لي: ادخل الخزانة فأخرج الي السفط الذي فيه كفنه و حنوطه.

فدخلت فاذا أنا بالسفط لم أره في تلك الخزانة قط، فحملته اليه و كفنه و صلي عليه، ثم قال: ائتني بالتابوت.

فقلت: أمضي الي النجار حتي يصلح تابوتا، قال: قم فان في الخزانة تابوتا، فدخلت الخزانة، فوجدت تابوتا لم أره قط، فأتيته به فأخذه فوضعه في التابوت بعد ما صلي عليه وصف قدميه و صلي ركعتين لم يفرغ منها حتي علا التابوت و انشق السقف، فخرج منه التابوت و مضي.

فقلت: يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون يطالبنا بالرضا عليه السلام فما نصنع؟ فقال لي: اسكت فانه سيعود يا أباالصلت ما من نبي يموت في المشرق و يموت وصيه في المغرب الا جمع الله بين أرواحهما و أجسادهما.



[ صفحه 64]



فما أتم الحديث حتي انشق السقف و نزل التابوت، فقام و استخرج الرضا عليه السلام من التابوت و وضعه علي فراشه كأنه لم يغسل و لم يكفن، ثم قال: يا أباالصلت قم فافتح الباب للمأمون، ففتحت الباب فاذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه و لطم رأسه و هو يقول: يا سيداه فجعت بك يا سيدي، ثم دخل و جلس عند رأسه و قال: خذوا في تجهيزه و أمر بحفر القبر، فحفرت الموضع، فظهر كل شي ء علي ما وصفه الرضا عليه السلام، فقام بعض جلسائه و قال: ألست تزعم أنه امام؟

قلت: بلي، لا يكون الامام الا مقدم الناس، فأمر أن يحفر له في القبلة، فقلت: أمرني أن أحفر له سبع مراقي و أن أشق له ضريحه، فقال: انتهوا الي ما يأمر به أبوالصلت سوي الضريح ولكن يحفر له و يلحد، فلما رأي ما ظهر به من النداوة و الحيتان و غير ذلك، قال المأمون: لم يزل الرضا عليه السلام يرينا العجائب في حياته حتي أراناها بعد وفاته أيضا، فقال وزير كان معه: أتدري ما أخبرك به الرضا عليه السلام؟ قال: لا، قال: أخبركم أن ملككم بني العباس مع كثرتكم و طول مدتكم مثل هذه الحيتان حتي اذا فنيت آجالكم و انقطعت آثاركم و ذهبت دولتكم سلط الله عليكم رجلا منا، فأفناكم عن آخركم، قال له: صدقت، ثم قال: يا أباالصلت علمني الكلام الذي علمك به قلت: والله لقد نسيت الكلام من ساعتي و قد كنت صدقت، فأمر بحبسي فحبست سنة، فضاق علي الحبس و سألت الله أن يفرج عني بحق محمد و آله، فلم أستتم الدعاء حتي دخل محمد بن علي الرضا عليهماالسلام فقال لي: ضاق صدرك يا أباالصلت؟ قلت: اي والله، قال: قم فاخرج، ثم ضرب بيده الي القيود التي كانت علي ففكها و أخذ بيدي و أخرجني من الدار والحرسة والغلمة يرونني فلم يستطيعوا أن يكلمونني و خرجت من باب الدار، ثم قال لي: امض في ودائع الله فانك لن تصل اليه و لا يصل اليك أبدا.

قال أبوالصلت: فلم ألتق مع المأمون الي هذا الوقت [1] .



[ صفحه 65]



69 -69- قال المسعودي:

روي علي بن محمد الخصيبي، قال: حدثني محمد بن ابراهيم الهاشمي، قال: حدثني عبدالرحمن بن يحيي، قال:

كنت يوما بين يدي مولاي الرضا عليه السلام في علته التي مضي فيها، اذ نظر الي، فقال لي: يا عبدالرحمن، اذا كان في آخر يومي هذا، و ارتفعت الصيحة، فانه سيوافيك ابني محمد، فيدعوك الي غسلي، فاذا غسلتموني و صليتم علي فاعلم هذا الطاغية لئلا ينقص علي شيئا، و لن يستطيع ذلك.

قال: فو الله اني بين يدي سيدي يكلمني، اذ وافي المغرب، فنظرت فاذا سيدي قد فارق الدنيا، فأخذتني حسرة و غصة شديدة فدنوت اليه فاذا قائل من خلفني يقول: مه يا عبدالرحمن، فالتفت فاذا الحائط قد انفرج، فاذا أنا بمولاي أبي جعفر عليه السلام و عليه دراعة بيضاء معمم بعمامة سوداء.

فقال: يا عبدالرحمن قم الي غسل مولاك، فضعه علي المغتسل، و غسله بثوبه كغسل رسول الله صلي الله عليه و آله، فلما فرغ صلي و صليت معه عليه، ثم قال لي: يا عبدالرحمن اعلم هذا الطاغي ما رأيت، لئلا ينقص عليه شيئا، و لن يستطيع ذلك، و لم أزل بين يدي سيدي الي أن انفجر عمود الصبح، فاذا أنا بالمأمون قد أقبل في خلق كثير فمنعتني هيبته أن أبدأه بالكلام، فقال: يا عبدالرحمن بن يحيي، ما أكذبكم، ألستم تزعمون أنه ما من امام يمضي الا و ولده القائم مكانه يلي أمره؟ هذا علي بن موسي بخراسان، و محمد ابنه بالمدينة.

قال: فقلت: يا أميرالمؤمنين، أما اذا ابتدأتني فاسمع، أنه لما كان أمس، قال لي سيدي: كذا و كذا، فوالله ما حضرت صلاة المغرب حتي قضي فدنوت منه، فاذا قائل من خلفي يقول: مه يا عبدالرحمن، و حدثته الحديث.



[ صفحه 66]



فقال: صفه لي، فوصفته له بحليته، و لباسه و أريته الحائط الذي خرج منه، فرمي بنفسه الي الأرض، و أقبل يخور كما يخور الثور، و هو يقول: ويلك يا مأمون ما حالك، و علي ما أقدمت؟ لعن الله فلانا و فلانا، فانهما أشارا علي بما فعلت [2] .


پاورقي

[1] اعلام الوري 81:2، عيون أخبار الرضا عليه السلام، 271:2 ح 1، الأمالي للصدوق: 527 ضمن ح 17، روضة الواعظين: 229، وسائل الشيعة 837:2 ح 4 مع اختلاف و اختصار، كشف الغمة 330:2، بحارالأنوار 300:49 ح 10 و 49:50 ح 27 مع اختلاف، العوالم 106:23 ح 3.

[2] اثبات الوصية: 208، العوالم 108: 23 ح 4.