بازگشت

كرامات الرضا


65 -65- قال الصدوق:

حدثنا أبوالحسن محمد بن القاسم المفسر رضي الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد ابن زياد و علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي العسكري، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عليهم السلام: أن الرضا علي بن موسي عليهماالسلام لما جعله المأمون ولي عهده احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون و المتعصبين علي الرضا يقولون: انظروا لما جاءنا علي بن موسي عليهماالسلام و صار ولي عهدنا، فحبس الله عنا المطر، و اتصل ذلك بالمأمون، فاشتد عليه، فقال للرضا عليه السلام: قد احتبس المطر فلو دعوت الله عزوجل أن يمطر الناس.

فقال الرضا عليه السلام: نعم. قال: فمتي تفعل ذلك - و كان ذلك يوم الجمعة -؟ قال: يوم الاثنين، فان رسول الله صلي الله عليه و آله أتاني البارحة في منامي و معه أميرالمؤمنين علي عليه السلام و قال: يا بني انتظر يوم الاثنين فابرز الي الصحراء و استسق، فان الله تعالي سيسقيهم، و أخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربك عزوجل.

فلما كان يوم الاثنين غدا الي الصحراء و خرج الخلائق ينظرون، فصعد المنبر، فحمدالله و أثني عليه، ثم قال: اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت، فتوسلوا بنا كما أمرت و أملوا فضلك و رحمتك و توقعوا احسانك و نعمتك فاسقهم سقيا نافعا، عاما غير رائث و لا ضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا الي منازلهم و مقارهم.

قال: فو الذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم و أرعدت و أبرقت و تحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر، فقال



[ صفحه 56]



الرضا عليه السلام: علي رسلكم أيها الناس فليس هذا الغيم لكم انما هو لأهل بلد كذا، فمضت السحابة و عبرت.

ثم جاءت سحابة أخري تشتمل علي رعد و برق، فتحركوا، فقال: علي رسلكم فما هذه لكم انما هي لأهل بلد كذا، فما زالت حتي جاءت عشر سحابة و عبرت و يقول علي بن موسي الرضا عليهماالسلام في كل واحدة علي رسلكم ليست هذه لكم انما هي لأهل بلد كذا.

ثم أقبلت سحابة حادية عشر، فقال: أيها الناس هذه سحابة بعثها الله عزوجل لكم، فاشكروا الله علي تفضله عليكم و قوموا الي مقاركم و منازلكم، فانها مسامة لكم و لرءوسكم ممسكة عنكم الي أن تدخلوا الي مقاركم، ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله تعالي و جلاله، و نزل علي المنبر و انصرف الناس.

فما زالت السحابة ممسكة الي أن قربوا من منازلهم، ثم جاءت بوابل المطر، فملئت الأودية و الحياض و الغدران و الفلوات، فجعل الناس يقولون:

هنيئا لولد رسول الله صلي الله عليه و آله كرامات الله عزوجل ثم برز اليهم الرضا عليه السلام و حضرت الجماعة الكثيرة منهم، فقال: يا أيها الناس اتقوا الله في نعم الله عليكم، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته و شكره علي نعمه و أياديه، و اعلموا أنكم لا تشكرون الله تعالي بشي ء بعد الايمان بالله، و بعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله صلي الله عليه و آله أحب اليه من معاونتكم لاخوانكم المؤمنين علي دنياهم التي هي معبر لهم الي جنان ربهم، فان من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك و تعالي، و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله عليه فيه ان تأمله و عمل عليه.

قيل: يا رسول الله هلك فلان يعمل من الذنوب كيت و كيت، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: بل قد نجا و لا يختم الله عمله الا بالحسني، و سيمحوا الله عنه السيئات و يبدلها من حسنات انه كان يمر مرة في طريق عرض له مؤمن قد



[ صفحه 57]



انكشفت عورته و هو لا يشعر، فسترها عليه، و لم يخبره بها مخافة أن يخجل.

ثم ان ذلك المؤمن عرفه في مهواه، فقال له: أجزل الله لك الثواب و أكرم لك المآب و لا ناقشك في الحساب، فاستجاب الله له فيه، فهذا العبد لا يختم الله له الا بخير بدعاء ذلك المؤمن، فاتصل قول رسول الله صلي الله عليه و آله بهذا الرجل، فتاب و أناب، و أقبل علي طاعة الله عزوجل، فلم يأت عليه سبعة أيام حتي أغير علي سرح المدينة، فوجه رسول الله صلي الله عليه و آله في أثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم، فاستشهد فيهم.

قال الامام محمد بن علي بن موسي عليهم السلام: و عظم الله تبارك و تعالي البركة في البلاد بدعاء الرضا عليه السلام و قد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا عليه السلام، و حساد كانوا بحضرة المأمون للرضا عليه السلام، فقال للأمون بعض أولئك: يا أميرالمؤمنين أعيذك بالله أن تكون تاريخ الخلفاء في اخراجك هذا الشرف العميم، و الفخر العظيم من بيت ولد العباس الي بيت ولد علي، لقد أعنت علي نفسك و أهلك جئت بهذا الساحر، ولد السحرة، و قد كان خاملا فأظهرته و متضعا فرفعته، و منسيا فذكرت به، و مستخفا فنوهت به، قد ملأ الدنيا مخرقة و تشوقا بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العباس الي ولد علي، بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره الي ازالة نعمتك و التواثب علي مملكتك، هل جني أحد علي نفسه و ملكه مثل جنايتك؟

فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستترا عنا يدعو الي نفسه، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك و الخلافة لنا، و ليعتقد فيه المفتونون به، انه ليس مما ادعي في قليل و لا كثير، و ان هذا الأمر لنا من دونه، و قد خشينا ان تركناه علي تلك الحالة أن ينفتق علينا منه ما لا نسده، و يأتي علينا منه ما لا نطيقه، و الآن فاذ قد فعلنا به ما فعلناه، و أخطأنا في أمره بما أخطأنا، و أشرفنا من الهلاك بالتنويه به علي ما أشرفنا، فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنا نحتاج أن نضع منه



[ صفحه 58]



قليلا قليلا حتي نصوره عند الرعايا بصورة من لا يستحق لهذا الأمر، ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه.

قال الرجل: يا أميرالمؤمنين فولني مجادلته فاني أفحمه و أصحابه و أضع من قدره، فلو لا هيبتك في نفسي لأنزلته منزلته، و بينت للناس قصوره عما رشحته له، قال المأمون: ما شي ء أحب الي من هذا.

قال: فأجمع جماعة وجوه أهل مملكتك من القواد و القضاة، و خيار الفقهاء لأبين نفضه بحضرتهم، فيكون أخذا له عن محله الذي أحللته فيه علي علم منهم بصواب فعلك.

قال: فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس واسع قعد فيه لهم و أقعد الرضا عليه السلام بين يديه في مرتبته التي جعلها له فابتدأ هذا الحاجب المتضمن للوضع من الرضا عليه السلام و قال له: ان الناس قد أكثروا عنك الحكايات و أسرفوا في وصفك بما أري أنك ان وقفت عليه برئت اليهم منه قال: و ذلك أنك قد دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه، فجاء فجعلوه آية معجزة لك أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، و هذا أميرالمؤمنين أدام الله ملكه و بقاءه لا يوازي بأحد الا رجح به، و قد أحلك المحل الذي قد عرفت، فليس من حقه عليك أن تسوغ الكاذبين لك و عليه ما يتكذبونه.

فقال الرضا عليه السلام: ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله علي و ان كنت لا أبغي أشرا و لا بطرا، و أما ما ذكرك صاحبك الذي أحلني ما أحلني، فما أحلني الا المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصديق عليه السلام، و كانت حالهما ما قد علمت، فغضب الحاجب عند ذلك و قال: يا ابن موسي لقد عدوت طورك و تجاوزك قدرك، ان بعث الله بمطر مقدر وقته لا يتقدم و لا يتأخر جعلته آية تستطيل بها وصولة تصول بها، كأنك جئت بمثل آية الخليل ابراهيم عليه السلام لما أخذ رءوس الطير بيده و دعا أعضاءها التي كان فرقها علي الجبال، فأتينه سعيا و تركبن علي الرؤوس و خفقن و طرن باذن



[ صفحه 59]



الله تعالي، فان كنت صادقا فيما تؤهم فأحي هذين و سلطهما علي فان ذلك يكون حينئذ آية معجزة، فأما المطر المعتاد مجيئه فلست أنت أحق بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت.

و كان الحاجب أشار الي أسدين مصورين علي مسند المأمون الذي كان مستندا اليه و كانا متقابلين علي المسند، فغضب علي بن موسي عليهم السلام و صاح بالصورتين دونكما الفاجر، فافترساه و لا تبقيا له عينا و لا أثرا، فوثبت الصورتان و قد عادتا أسدين، فتناولا الحاجب و رضاه [و رضضاه] و هشماه و أكلاه و لحسا دمه و القوم ينظرون متحيرين مما يبصرون، فلما فرغا منه أقبلا علي الرضا عليه السلام و قالا: يا ولي الله في أرضه ماذا تأمرنا نفعل بهذا أنفعل به ما فعلنا بهذا - يشيران الي المأمون - فغشي علي المأمون مما سمع منهما فقال الرضا عليه السلام: قفا، فوقفا.

قال الرضا عليه السلام: صبوا عليه ماء ورد و طيبوه، ففعل ذلك به و عاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟

قال: لا فان الله عزوجل فيه تدبيرا هو ممضيه، فقالا: ما ذا تأمرنا؟

قال: عودا الي مقركما كما كنتما، فصارا الي المسند و صارا صورتين كما كانتا، فقال المأمون: الحمدلله الذي كفاني شر حميد بن مهران يعني الرجل المفترس، ثم قال للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله هذا الأمر لجدكم رسول الله صلي الله عليه و آله، ثم لكم، فلو شئت لنزلت عنه لك.

فقال الرضا عليه السلام: لو شئت لما ناظرتك، و لم أسألك فان الله تعالي قد أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين الا جهال بني آدم، فانهم و ان خسروا حظوظهم فلله عزوجل فيه تدبير، و قد أمرني بترك الاعتراض عليك، و اظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك، كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر.



[ صفحه 60]



قال: فما زال المأمون ضئيلا في نفسه الي أن قضي في علي بن موسي الرضا عليه السلام ما قضي [1] .


پاورقي

[1] عيون أخبار الرضا عليه السلام 179: 2 ح 1، دلائل الامامة: 376، بحارالأنوار 180: 49 ح 16 مع اختلاف يسير.