بازگشت

كلامه لسعد الخير


165 -165- روي الكليني:

عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع و الحسين بن محمد الأشعري، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن يزيد بن عبدالله، عمن حدثه قال: كتب أبوجعفر عليه السلام الي سعد الخير:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد، فاني أوصيك بتقوي الله فان فيها السلامة من التلف و الغنيمة في المنقلب ان الله عزوجل يقي بالتقوي عن العبد ما عزب عنه عقله، و يجلي بالتقوي عنه عماه وجهله، و بالتقوي نجا نوح و من معه في السفينة، و صالح من معه من الصاعقة، و بالتقوي فاز الصابرون و نجت تلك العصب من المهالك، و لهم اخوان علي تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة، نبذوا طغيانهم من الايراد بالشهوات لما بلغهم في الكتاب من المثلاث، حمدوا ربهم علي ما رزقهم، و هو أهل الحمد



[ صفحه 134]



و ذموا أنفسهم علي ما فرطوا، و هم أهل الذم و علموا أن الله تبارك و تعالي الحليم العليم، انما غضبه علي من لم يقبل منه رضاه، و انما يمنع من لم يقبل منه عطاه، و انما يضل من لم يقبل منه هداه، ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات، دعا عباده في الكتاب الي ذلك بصوت رفيع لم ينقطع، و لم يمنع دعاء عباده، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله، و كتب علي نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب، فتمت صدقا و عدلا فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه و ذلك من علم اليقين و علم التقوي و كل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، و ولاهم عدوهم حين تولوه.

و كان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه و حرفوا حدوده فهم يروونه، و لا يرعونه و الجهال يعجبهم حفظهم للرواية، و العلماء يحزنهم تركهم للرعاية، و كان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون، فأوردوهم الهوي و أصدروهم الي الردي و غيروا عري الدين، ثم ورثوه في السفه و الصبا فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك و تعالي عليه يردون، فبئس للظالمين بدلا ولاية الناس بعد ولاية الله، و ثواب الناس بعد ثواب الله، و رضا الناس بعد رضا الله، فأصبحت الأمة كذلك و فيهم المجتهدون في العبادة علي تلك الضلالة معجبون مفتونون فعبادتهم فتنة لهم و لمن اقتدي بهم، و قد كان في الرسل ذكري للعابدين ان نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة، ثم يعصي الله تبارك و تعالي في الباب الواحد، فخرج به من الجنة و ينبذ به في بطن الحوت، ثم لا ينجيه الا الاعتراف و التوبة.

فاعرف أشباه الأحبار و الرهبان الذين ساروا بكتمان و تحريفه: «فما ربحت تجارتهم و ما كانوا مهتدين» [1] ، ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب، و حرفوا حدوده فهم مع السادة و الكبرة، فاذا تفرقت قادة



[ صفحه 135]



الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا و ذلك مبلغهم من العلم لا يزالون كذلك في طبع و طمع لا يزال يسمع صوت ابليس علي ألسنتهم بباطل كثير يصبر منهم العلماء علي الأذي و التعنيف و يعيبون علي العلماء بالتكليف و العلماء في أنفسهم خانة ان كتموا النصيحة و ان رأوا تائها ضالا لا يهدونه أو ميتا لا يحيونه، فبئس ما يصنعون لأن الله تبارك و تعالي أخذ عليهم الميثاق في الكتاب: أن يأمروا بالمعروف و بما أمروا و به أن ينهوا عما نهوا عنه، و أن يتعاونوا علي البر و التقوي و لا يتعاونوا علي الاثم و العدوان، فالعلماء من الجهال في جهد و جهاد ان وعظت قالوا: طغت و ان علموا الحق الذي تركوا قالوا: خالفت و ان اعتزلوهم قالوا: فارقت و ان قالوا: هاتوا برهانكم علي ما تحدثون قالوا: نافقت و ان أطاعوهم قالوا: عصيت الله عزوجل، فهلك جهال فيها لا يعلمون أميون فيها يتلون يصدقون بالكتاب عند التعريف و يكذبون به عند التحريف فلا ينكرون.

أولئك أشباه الأحبار و الرهبان، قادة في الهوي، سادة في الردي، و آخرون منهم جلوس بين الضلالة و الهدي لا يعرفون احدي الطائفتين من الأخري يقولون: ما كان الناس يعرفون هذا و لا يدرون ما هو و صدقوا تركهم رسول الله صلي الله عليه و آله علي البيضاء ليلها من نهارها لم يظهر فيهم بدعة، و لم يبدل فيهم سنة لا خلاف عندهم و لا اختلاف، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا امامين داع الي الله تبارك و تعالي، و داع الي النار فعند ذلك نطق الشيطان، فعلا صوته لسان أوليائه و كثر خيله و رجله و شارك في المال و الولد من أشركه، فعمل بالبدعة، و ترك الكتاب و السنة، و نطق أولياء الله بالحجة، و أخذوا بالكتاب و الحكمة، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق و أهل الباطل و تخاذل و تهادن أهل الهدي و تعاون أهل الضلالة حتي كانت الجماعة مع فلان و أشباهه، فاعرف هذا الصنف و صنف آخر فأبصرهم رأي العين نجباء و ألزمهم حتي تردا هلك ف«ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران



[ صفحه 136]



المبين» [2] .

[الي هاهنا رواية الحسين و في رواية محمد بن يحيي زيادة]

لهم علم بالطريق فان كان دونهم بلاء فلا تنظر اليهم فان كان دونهم عسف من أهل العسف و خسف و دونهم بلايا تنقضي، ثم تصير الي رخاء ثم اعلم أن اخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض و لو لا أن تذهب بك الظنون عني لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها و لنشرت لك أشياء من الحق كتمتها ولكني أتقيك و أستبقيك و ليس الحليم الذي لا يتقي أحدا في مكان التقوي، و الحلم لباس العالم فلا تعرين منه و السلام [3] .

166 - 166- روي أيضا:

عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع قال: كتب أبوجعفر عليه السلام الي سعد الخير:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد: فقد جاءني كتابك تذكر فيه معرفة ما لا ينبغي تركه و طاعة من رضا الله رضاه، فقلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة لو تركته تعجب أن رضا الله و طاعته و نصيحته لا تقبل و لا توجد و لا تعرف الا في عباد غرباء أخلاء من الناس قد اتخذهم الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات.

و كان يقال: لا يكون المؤمن مؤمنا حتي يكون أبغض الي الناس من جيفة الحمار، و لو لا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا، فتجعل فتنة الناس كعذاب الله، وأعيذك بالله و ايانا من ذلك لقربت علي بعد منزلتك.

و اعلم رحمك الله انه لا تنال محبةالله الا ببعض كثير من الناس، و لا ولايته



[ صفحه 137]



الا بمعاداتهم، و فوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون.

يا أخي ان الله عزوجل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل الي الهدي و يصبرون معهم علي الأذي، يجيبون داعي الله و يدعون الي الله فأبصرهم رحمك الله، فانهم في منزلة رفيعة و ان أصابتهم في الدنيا و ضيعة انهم يحيون بكتاب الله الموتي، و يبصرون بنور الله من العمي، كم من قتيل لابليس قد أحيوه و كم من تائه ضال قد هدوه، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد و ما أحسن أثرهم علي العباد و أقبح آثار العباد عليهم [4] .


پاورقي

[1] البقرة: 16.

[2] الزمر: 15.

[3] الكافي 52: 8 ح 16، بحارالأنوار 358: 78 ح 2.

[4] الكافي 8: 56 ح 17، بحارالأنوار 362: 78 ح 3.