بازگشت

مع يحيي بن اكثم


(868) 1 - أبو منصور الطبرسي (رحمه الله): وروي أن المأمون بعد ما زوج ابنته

أم الفضل أبا جعفر (عليه السلام) كان في مجلس، وعنده أبو جعفر (عليه السلام) ويحيي بن أكثم

وجماعة كثيرة. فقال له يحيي بن أكثم: ما تقول يا ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في الخبر الذي روي، أنه نزل جبرئيل (عليه السلام) علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وقال: يا محمد! إن الله عز وجل يقرؤك السلام، ويقول لك: سل أبا بكر، هل هو عني راض! فإني عنه راض!!

فقال أبو جعفر (عليه السلام): لست بمنكر فضل أبي بكر، ولكن يجب علي صاحب هذا الخبر، أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع: قد كثرت علي الكذابة، وستكثر بعدي، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث عني فأعرضوه علي كتاب الله عز وجل وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به. وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله، قال الله تعالي: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) [1] فالله عز وجل خفي عليه رضاء أبي بكر من سخطه حتي سأل عن مكنون سره؟! هذا مستحيل في العقول. ثم قال يحيي بن أكثم: وقد روي: أن مثل أبي بكر وعمر في الأرض كمثل



[ صفحه 404]



جبرئيل وميكائيل في السماء!!

فقال (عليه السلام): وهذا أيضا يجب أن ينظر فيه، لأن جبرئيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط، ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة. وهما قد أشركا بالله عز وجل، وإن أسلما بعد الشرك، فكان أكثر أيامهما الشرك بالله [2] ، فمحال أن يشبههما بهما. قال يحيي: وقد روي أيضا: أنهما سيدا كهول أهل الجنة!! فما تقول فيه؟

فقال (عليه السلام): وهذا الخبر محال أيضا، لأن أهل الجنة كلهم يكونون شبانا [3] ولا يكون فيهم كهل. وهذا الخبر وضعه بنو أمية لمضادة الخبر الذي قاله رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) في الحسن والحسين (عليهما السلام) بأنهما: سيدا شباب أهل الجنة. فقال يحيي بن أكثم: وروي: أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة!!

فقال (عليه السلام): وهذا أيضا محال، لأن في الجنة ملائكة الله المقربين، وآدم ومحمد وجميع الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم، لا تضئ الجنة بأنوارهم حتي تضئ بنور عمر؟!

فقال يحيي: وقد روي: أن السكينة تنطق علي لسان عمر!! فقال (عليه السلام): لست بمنكر فضل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر، فقال - علي رأس المنبر -: إن لي شيطانا يعتريني، فإذا ملت فسددوني. فقال يحيي: قد روي أن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، قال: لو لم أبعث لبعث عمر!!



[ صفحه 405]



فقال (عليه السلام): كتاب الله أصدق من هذا الحديث، يقول الله في كتابه: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) [4] فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه، وكل [5] الأنبياء (عليهم السلام) لم يشركوا بالله طرفة عين. فكيف يبعث بالنبوة من أشرك، وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله، وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): نبئت وآدم بين الروح والجسد.

فقال يحيي بن أكثم: وقد روي أيضا، أن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، قال: ما احتبس عني

الوحي قط إلا ظننته قد نزل علي آل الخطاب!!

فقال (عليه السلام): وهذا محال أيضا، لأنه لا يجوز أن يشك النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) في نبوته، قال الله تعالي: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) [6] فكيف يمكن أن تنتقل النبوة ممن [7] اصطفاه الله تعالي إلي من أشرك به. قال يحيي: روي أن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، قال: لو نزل العذاب لما نجا منه إلا عمر!! فقال (عليه السلام): وهذا محال أيضا، إن الله تعالي يقول: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) [8] فأخبر [9] سبحانه أنه لا يعذب أحدا ما دام فيهم رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)، وما داموا يستغفرون الله [10] [11] .



[ صفحه 406]



(869) 2 - ابن شعبة الحراني (رحمه الله): قال المأمون ليحيي بن أكثم: اطرح علي أبي جعفر محمد بن الرضا (عليهما السلام) مسألة تقطعه فيها. فقال: يا أبا جعفر! ما تقول في رجل نكح امرأة علي زنا أيحل أن يتزوجها؟

فقال (عليه السلام): يدعها حتي يستبرئها من نطفته ونطفة غيره، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما أحدثت معه. ثم يتزوج بها إن أراد، فإنما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراما، ثم اشتراها فأكل منها حلالا. فانقطع يحيي. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): يا أبا محمد! ما تقول في رجل حرمت عليه امرأة بالغداة، وحلت له ارتفاع النهار، وحرمت عليه نصف النهار، ثم حلت له الظهر، ثم حرمت عليه العصر، ثم حلت له المغرب، ثم حرمت عليه نصف الليل، ثم حلت له الفجر [12] ، ثم حرمت عليه ارتفاع النهار، ثم حلت له نصف النهار؟ فبقي يحيي والفقهاء بلسا خرسا [13] .



[ صفحه 407]



فقال المأمون: يا أبا جعفر! أعزك الله، بين لنا هذا؟

قال (عليه السلام): هذا رجل نظر إلي مملوكة لا تحل له، اشتراها [14] فحلت له، ثم أعتقها فحرمت عليه، ثم تزوجها فحلت له. فظاهر منها، فحرمت عليه، فكفر الظهار [15] فحلت له، ثم طلقها تطليقة فحرمت عليه، ثم راجعها فحلت له، فارتد عن الإسلام فحرمت عليه، فتاب ورجع إلي الإسلام فحلت له بالنكاح الأول، كما أقر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) نكاح زينب مع أبي العاص بن الربيع حيث أسلم علي النكاح الأول [16] .

3 - محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله):... محمد بن أبي العلاء، قال: سمعت

يحيي بن أكثم... فقال: فبينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم.) فرأيت محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) يطوف به، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي... [17] .

4 - الشيخ المفيد (رحمه الله):... عن الريان بن شبيب، قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، بلغ ذلك العباسيين.... فقالوا: إن هذا الفتي وإن راقك منه هديه، فإنه صبي لا معرفة له ولا فقه....



[ صفحه 408]



واجتمع رأيهم علي مسألة يحيي بن أكثم، وهو قاضي الزمان علي أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها، ووعدوه بأموال نفيسة علي ذلك. وعادوا إلي المأمون فسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع؟ فأجابهم إلي ذلك. فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه، وحضر معهم يحيي بن أكثم، فأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر (عليه السلام) دست، ويجعل له فيه مسورتان، ففعل ذلك.

وخرج أبو جعفر (عليه السلام) وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر، فجلس بين المسورتين، وجلس يحيي بن أكثم بين يديه، وقام الناس في مراتبهم.

والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر (عليه السلام). فقال يحيي بن أكثم للمأمون: أتأذن لي يا أمير المؤمنين! أن أسأل أبا جعفر (عليه السلام)؟

فقال له المأمون: استأذنه، في ذلك فأقبل عليه يحيي بن أكثم، فقال: أتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟

قال له أبو جعفر (عليه السلام): سل إن شئت!

قال يحيي: ما تقول جعلني الله فداك! في محرم قتل صيدا؟

فقال له أبو جعفر (عليه السلام): قتله في حل أو حرم؟ عالما كان المحرم أم جاهلا؟

قتله عمدا أو خطأ؟ حرا كان المحرم أم عبدا؟ صغيرا كان أم كبيرا؟

مبتدئا بالقتل أم معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟

من صغار الصيد كان أم من كباره؟ مصرا علي ما فعل أو نادما؟ في الليل كان قتله للصيد أم نهارا؟

محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرما؟

فتحير يحيي بن أكثم، وبان في وجهه العجز والانقطاع، ولجلج حتي عرف



[ صفحه 409]



جماعة أهل المجلس أمره.... فقال له أبو جعفر (عليه السلام): أخبرني عن رجل نظر إلي امرأة في أول النهار، فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له. فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل عليه وقت العشاء الآخرة حلت له، فلما كان انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له.

ما حال هذه المرأة؟ وبماذا حلت له وحرمت عليه؟

فقال له يحيي بن أكثم: والله! ما أهتدي إلي جواب هذا السؤال، ولا أعرف الوجه فيه... [18] .


پاورقي

[1] ق: 50 / 16.

[2] في حلية الأبرار: في الشرك بالله.

[3] في حلية الأبرار: شبابا. شبانا: الشباب: الفتأ والحداثة، والشباب جمع شاب، وكذلك الشبان، لسان العرب: ج 1، ص 480 (شبب).

[4] الأحزاب: 33 / 7.

[5] في حلية الأبرار: وكان الأنبياء.

[6] الحج: 22 / 75.

[7] في حلية الأبرار: عمن.

[8] الأنفال: 8 / 33.

[9] في حلية الأبرار: وأخبر سبحانه.

[10] في حلية الأبرار: الله تعالي.

[11] الاحتجاج: ج 2، ص 477، ح 323. عنه حلية الأبرار: ج 4، ص 623، ح 1، والبحار: ج 2، ص 225، ح 2، قطعة منه، و ج 50، ص 80، ح 6. قطعة منه في ف 1، ب 4 (أحوال أزواجه (عليه السلام)، وف 4، ب 2 (إن الأنبياء (عليهم السلام) لم يشركوا بالله طرفة عين) و (إن الأنبياء والملائكة في الجنة) و (إن الأنبياء لا يشكون في نبوتهم)، وب 4، (أهل الجنة شبان)، وف 6، ب 1 (سورة الحج: 22 / 75) و (سورة الأحزاب: 33 / 7) و (سورة ق: 50 / 16) و (سورة الأنفال: 8 / 33)، وف 9، ب 3 (ما رواه عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)).

[12] في البحار: له مع الفجر.

[13] بلس: الابلاس: الحيرة.الخرس: ذهاب الكلام عيا أو خلقة، لسان العرب: ج 6، ص 30 وص 62 (بلس)

و (خرس).

[14] في البحار: فاشتراها.

[15] في البحار: فكفر للظهار.

[16] تحف العقول: ص 454، س 2.

عنه البحار: ج 10، ص 385، ح 2، ووسائل الشيعة: ج 22، ص 265، ح 28559.

قطعة منه في ف 4، ب 2 (إن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أقر نكاح زينب مع أبي العاص)، وف 5 ب 9 (نكاح من ارتد عن الإسلام ثم تاب) و (حكم من اشتري أمة ثم أعتقها) و (حكم من نكح امرأة علي زنا)، وب 10 (طلاق الرجعة) و (حكم من ظاهر عن زوجته ثم كفر).

[17] الكافي: ج 1، ص 353، ح 9. تقدم الحديث بتمامه في ف 2، ب 4 (إخباره (عليه السلام) عما في الضمير)، رقم 410.

[18] الإرشاد: ص 319، س 18. تقدم الحديث بتمامه في ف 3، ب 2 (أحواله (عليه السلام) مع المأمون)، رقم 531.