بازگشت

في أحوال عمه، عبد الله بن موسي


(147) 1 أبو جعفر الطبري رحمه الله: حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر بن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي، قال: روي محمد بن المحمودي، عن أبيه، قال: كنت واقفا علي رأس الرضا عليه السلام بطوس، فقال له بعض أصحابه: إن حدث حدث فإلي من؟



[ صفحه 56]



قال: إلي ابني أبي جعفر.

قال: فإن استصغر سنه؟

فقال له أبو الحسن: إن الله بعث عيسي بن مريم قائما بشريعته في دون السن التي يقوم فيها أبو جعفر علي شريعته.

فلما مضي الرضا عليه السلام، وذلك في سنة اثنتين ومائتين، وسن أبي جعفر عليه السلام ست سنين وشهور [1] واختلف الناس في جميع الأمصار، واجتمع الريان بن الصلت، وصفوان بن يحيي، ومحمد بن حكيم، وعبد الرحمان بن الحجاج، ويونس بن عبد الرحمان، وجماعة من وجوه العصابة في دار عبد الرحمان بن الحجاج، في بركة زلزل [2] ، يبكون ويتوجعون من المصيبة.

فقال لهم يونس: دعوا البكاء، من لهذا الأمر يفتي بالمسائل إلي أن يكبر هذا الصبي؟ يعني أبا جعفر عليه السلام وكان له ست سنين وشهور. ثم قال: أنا ومن مثلي!

فقام إليه الريان بن الصلت، فوضع يده في حلقه، ولم يزل يلطم وجهه ويضرب رأسه، ثم قال له: يا ابن الفاعلة! إن كان أمر من الله جل وعلا، فابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة عليهم السلام أو ببعضه، أو هذا مما ينبغي أن ينظر فيه؟ وأقبلت العصابة علي يونس تعذله.

وقرب الحج، واجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا، وخرجوا إلي المدينة، وأتوا دار أبي عبد الله عليه السلام، فدخلوها، وبسط لهم بساط



[ صفحه 57]



أحمر، وخرج إليهم عبد الله بن موسي، فجلس في صدر المجلس، وقام مناد فنادي: هذا ابن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فمن أراد السؤال، فليسأل.

فقام إليه رجل من القوم فقال له: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟

قال: طلقت ثلاث دون الجوزاء.

فورد علي الشيعة ما زاد في غمهم وحزنهم.

ثم قام إليه رجل آخر فقال: ما تقول في رجل أتي بهيمة؟

قال: تقطع يده، ويجلد مائة جلدة، وينفي.

فضج الناس بالبكاء.

وكان قد اجتمع فقهاء الأمصار. فهم في ذلك إذ فتح باب من صدر المجلس،وخرج موفق.

ثم خرج أبو جعفر عليه السلام، وعليه قميصان، وإزار، وعمامة بذؤابتين، إحداهما من قدام، والأخري من خلف، ونعل بقبالين، فجلس وأمسك الناس كلهم، ثم قام إليه صاحب المسألة الأولي، فقال: يا ابن رسول الله! ما تقول فيمن قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟)

فقال له: يا هذا! اقرأ كتاب الله، قال الله تبارك وتعالي: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان [3] .) في الثالثة.

قال: فإن عمك أفتاني. بكيت وكيت!!

فقال له: يا عم! اتق الله، ولا تفت وفي الأمة من هو أعلم منك.

فقال إليه صاحب المسألة الثانية، فقال له: يا ابن رسول الله! ما تقول في



[ صفحه 58]



رجل أتي بهيمة؟)

فقال: يعزر ويحمي ظهر البهيمة، وتخرج من البلد، لا يبقي علي الرجل عارها.

فقال: إن عمك أفتاني. بكيت وكيت.

فالتفت وقال بأعلي صوته: لا إله إلا الله، يا عبد الله! إنه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يدي الله، فيقول لك: لم أفتيت عبادي بما لاتعلم، وفي الأمة من هو أعلم منك؟!)

فقال له عبد الله بن موسي: رأيت أخي الرضا عليه السلام وقد أجاب في هذه المسألة بهذا الجواب.

فقال له أبو جعفر عليه السلام: إنما سئل الرضا عليه السلام عن نباش نبش قبر امرأة ففجر بها، وأخذ ثيابها، فأمر بقطعه للسرقة، وجلده للزنا، ونفيه للمثلة. ففرح القوم [4] .

(148) 2 حسين بن عبد الوهاب رحمه الله: عن صفوان بن يحيي قال:

قلت للرضا عليه السلام قد كنا نسألك عن الإمام بعدك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر وكنت تقول: يهب الله لي غلاما، وقد وهب الله لك وأقر عيوننا ولا أرانا الله يومك، فإن كانت الحادثة فإلي من نفزع؟



[ صفحه 59]



فأشار بيده إلي أبي جعفر وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك وهو ابن ثلاث سنين؟!

فقال عليه السلام وما يضره ذلك؟ قد قام عيسي عليه السلام بالحجة وهو ابن سنتين.

ولما قبض الرضا عليه السلام كان سن أبي جعفر عليه السلام نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد وفي الأمصار، واجتمع الريان بن الصلت، وصفوان بن يحيي، ومحمد بن حكيم، وعبد الرحمان بن حجاج، ويونس بن عبد الرحمان، وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار عبد الرحمان بن الحجاج في بركة زلول [5] يبكون ويتوجعون من المصيبة.

فقال لهم يونس بن عبد الرحمان: دعوا البكاء! من لهذا الأمر؟ وإلي من نقصد بالمسائل إلي أن يكبر هذا؟ يعني أبا جعفر عليه السلام.

فقام إليه الريان بن الصلت، ووضع يده في حلقه، ولم يزل يلطمه، ويقول له:

أنت تظهر الأيمان لنا، وتبطن الشك والشرك، إن كان أمره من الله، فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم وفوقه، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس، هذا مما ينبغي أن يفكر فيه.

فأقبلت العصابة عليه تعذله وتوبخه، وكان وقت الموسم، فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا، فخرجوا إلي الحج، وقصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر عليه السلام. فلما وافوا، أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام لأنها كانت فارغة، ودخلوها وجلسوا علي بساط كبير، وخرج إليهم عبد الله بن موسي، [6] فجلس، وقام مناد وقال: هذا ابن رسول الله، فمن أراد السؤال فليسأله.



[ صفحه 60]



فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب، فورد علي الشيعة ما حيرهم وغمهم، واضطربت الفقهاء، وقاموا وهموا بالانصراف، وقالوا في أنفسهم:

لو كان أبو جعفر عليه السلام يكمل جواب المسائل، لما كان من عبد الله ما كان، ومن الجواب بغير الواجب.

ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق وقال: هذا أبو جعفر!

فقاموا إليه بأجمعهم واستقبلوه وسلموا عليه.

فدخل صلوات الله عليه وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين، وفي رجليه نعلان.

وأمسك الناس كلهم، فقام صاحب المسألة، فسأله عن مسائله.

فأجاب عنها بالحق، ففرحوا ودعوا له، وأثنوا عليه، وقالوا له: إن عمك عبد الله أفتي بكيت وكيت!

فقال: لا إله إلا الله، يا عم! إنه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يديه فيقول لك: لم تفتي عبادي بما لم تعلم، وفي الأمة من هو أعلم منك؟! [7] .

(149) 3 الشيخ المفيد رحمه الله: علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبي، قال: لما مات أبو الحسن الرضا عليه السلام حججنا فدخلنا علي أبي جعفر عليه السلام وقد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا إلي أبي جعفر عليه السلام فدخل عمه عبد الله بن موسي، وكان شيخا كبيرا نبيلا، عليه ثياب خشنة،



[ صفحه 61]



وبين عينيه سجادة، فجلس وخرج أبو جعفر عليه السلام من الحجرة، وعليه قميص قصب، ورداء قصب، ونعل جدد [8] بيضاء.

فقام عبد الله، فاستقبله وقبل بين عينيه، وقام الشيعة، وقعد أبو جعفر عليه السلام علي كرسي ونظر الناس بعضهم إلي بعض وقد تحيروا لصغر سنه فابتدر رجل من القوم، فقال لعمه: أصلحك الله، ما تقول في رجل أتي بهيمة؟ فقال: تقطع يمينه ويضرب الحد. فغضب أبو جعفر عليه السلام ثم نظر إليه، فقال: يا عم! اتق الله! اتق الله!، إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عز وجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لاتعلم؟

فقال له عمه: أستغفر الله يا سيدي، أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها.

فقال أبي: تقطع يمينه للنبش، ويضرب حد الزنا، فإن حرمة الميتة كحرمة الحية.

فقال: صدقت يا سيدي، وأنا أستغفر الله.

فتعجب الناس، فقالوا: يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك؟

فقال: نعم!

فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة فأجابهم فيها وله تسع سنين [9] .



[ صفحه 62]



(150) 4 ابن شهرآشوب رحمه الله: الجلاء والشفاء في خبر أنه لما مضي الرضا عليه السلام جاء محمد بن جمهور العمي [10] ، والحسن بن راشد، وعلي بن مدرك، وعلي بن مهزيار، وخلق كثير من سائر البلدان إلي المدينة وسألوا عن الخلف بعد الرضا عليه السلام؟

فقالوا: بصريا، وهي قرية أسسها موسي بن جعفر عليهما السلام، علي ثلاثة أميال من المدينة. فجئنا ودخلنا القصر، فإذا الناس فيه متكابسون [11] فجلسنا معهم إذ خرج علينا عبد الله بن موسي وهو شيخ، فقال الناس: هذا صاحبنا؟!

فقال الفقهاء: قد روينا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام: أنه لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام، وليس هذا صاحبنا. فجاء حتي جلس في صدر المجلس، فقال رجل: ما تقول أعزك الله في رجل أتي حمارا؟

فقال: تقطع يده، ويضرب الحد، وينفي من الأرض سنة.

ثم قام إليه آخر فقال: ما تقول أصلحك الله في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟

قال: بانت منه بصدر الجوزاء والنسر الطائر والنسر الواقع [12] .



[ صفحه 63]



فتحيرنا في جرأته علي الخطاء، إذ خرج علينا أبو جعفر عليه السلام وهو ابن ثمان سنين، فقمنا إليه، فسلم علي الناس، وقام عبد الله بن موسي من مجلسه، فجلس بين يديه.

وجلس أبو جعفر عليه السلام في صدر المجلس، ثم قال: سلوا، رحمكم الله.

فقام إليه الرجل الأول، وقال: ما تقول أصلحك الله في رجل أتي حمارة؟

قال: يضرب دون الحد، ويغرم ثمنها، ويحرم ظهرها ونتاجها، وتخرج إلي

البرية، حتي تأتي عليها منيتها، سبع أكلها، ذئب أكلها ثم قال بعد كلام: يا هذا!

ذاك الرجل ينبش عن ميتة فيسرق كفنها، ويفجر بها، يوجب عليه القطع بالسرق، والحد بالزناء، والنفي إذا كان عزبا، فلو كان محصنا لوجب عليه القتل والرجم.

فقال الرجل الثاني: يا ابن رسول الله! ما تقول في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟

قال: تقرأ القرآن؟ قال: نعم! قال: إقرأ سورة الطلاق إلي قوله: (وأقيموا الشهادة لله) [13] يا هذا! لا طلاق إلا بخمس: شهادة شاهدين عدلين، في طهر، من غير جماع، بإرادة عزم.

ثم قال بعد كلام: يا هذا! هل تري في القرآن عدد نجوم السماء؟ قال: لا!الخبر [14] .



[ صفحه 64]




پاورقي

[1] في إثبات الوصية: نحو سبع سنين.

[2] في إثبات الوصية: زلول: وهو بفتح أوله، وتكرير اللام، وهو فعول من الزلل: مدينة في شرقي أزيلي بالمغرب، كما في معجم البلدان: ج 3، ص 146.

[3] البقرة: 2 / 229.

[4] دلائل الإمامة: ص 388، ح 343.عنه مدينة المعاجز: ج 7، ص 285، ح 2328 وحلية الأبرار: ج 4، ص 549. إثبات الوصية: ص 220، س 8، مرسلا عن المحمودي بتغيير آخر لم نذكره. عنه مستدرك الوسائل: ج 18، ص 136، ح 22309 وص 190، ح 22473.قطعة منه في ب 5، (سنه حين شهادة أبيه عليهما السلام)، وف 2، ب 4، (النص علي إمامته عن أبيه الرضا عليهما السلام، وف 3، ب 3، (ذم عمه عبد الله بن موسي)، وف 3، ب 1، (لباسه عليه السلام)، وف 4، ب 4، (سؤال يوم القيامة)، وف 5، ب 10، (شرائط صحة الطلاق)، وب 23، (حد من أتي بهيمة)، وف 6، ب 1، (البقرة: 2 / 229)، وف 7، ب 1، (موعظة في النهي عن القول بما لاتعلم)، وف 9، ب 4، (ما رواه عن أبيه الرضا عليهما السلام).

[5] في مدينة المعاجز: زلزل.

[6] في المصدر عبد الرحمان بن موسي وهو مصحف عبد الله بن موسي.

[7] عيون المعجزات: ص 122، س 1. عنه مدينة المعاجز: ج 7 ص 288 ح 2329، والبحار: ج 50 ص 99 ح 12، وحلية الأبرار: ج 4 ص 546 ح 8، والأنوار البهية: ص 260 س 10.قطعة منه في ف 3، ب 1، (لباسه عليه السلام)، وف 4، ب 4، (سؤال يوم القيامة)، وف 7، ب 1،(موعظة في النهي عن القول بما لاتعلم).

[8] في البحار: حذو.

[9] الاختصاص: ص 102، س 4.عنه البحار: ج 50، ص 85، ح 1، ووسائل الشيعة: ج 28، ص 280، ح 34759،باختصار، والأنوار البهية: ص 259، س 12.قطعة منه في: ف 2، ب 3، (جوابه عليه السلام بثلاثين ألف مسألة)، وف 3، ب 1، (لباسه عليه السلام)،(تقبيل الناس بين عينيه عليه السلام)، وب 3، (ذم عمه عبد الله بن موسي)، وف 4، ب 4، (سؤال يوم القيامة)، وف 7، ب 1، (موعظته في النهي عن القول بما لاتعلم)، وف 9، ب 4، (ما رواه عن أبيه الرضا عليهما السلام).

[10] في المستدرك: محمد بن جمهور القمي.

[11] (تكبس) الرجل: أدخل رأسه في جيب قميصه. أقرب الموارد: ج 2، ص 1062، (كبس).

[12] الجوزاء: برج في السماء. أقرب الموارد: ج 1، ص 150 (جوز).النسر، كوكب، وهما اثنان، يقال لأحدهما النسر الواقع وللآخر النسر الطائر. أقرب الموارد: ج 2، ص 1295، (نسر).

[13] الطلاق: 65 / 2.

[14] المناقب لابن شهرآشوب: ج 4، ص 382، س 18.عنه البحار: ج 50، ص 89، ح 5، بتفاوت يسير، ومستدرك الوسائل: ج 15، ص 291، ح 18281، باختصار. قطعة منه في ف 3، ب 1، (دخوله وجلوسه عليه السلام في المجالس)، وف 5، ب 1، (شرائط صحة الطلاق)، وف 6، ب 1، (الطلاق: 65 / 2).