بازگشت

باب تزويجه ام الفضل، و ما جري في هذا المجلس من الاحتجاج والمناظرة


1 - قب: الخطيب في تاريخ بغداد عن يحيي بن أكثم أن المأمون خطب فقال: الحمد لله الذي تصاغرت الامور لمشيته، ولا إله إلا الله إقرارا بربوبيته وصلي الله علي محمد عبده وخيرته أما بعد فان الله جعل النكاح الذي رضيه لكمال سبب المناسبة، ألا وإني قد زوجت زينب ابنتي من محمدبن علي بن موسي الرضا أمهرناها عنه أربعمائة درهم.

ويقال: إنه عليه السلام كان ابن تسع سنين وأشهر، ولم يزل المأمون متوافرا علي إكرامه وإجلال قدره [1] .

2 - مهج: باسنادناإلي أبي جعفر بن بابويه - ره - عن إبراهيم بن محمد بن الحارث النوفلي قال: حدثني أبي وكان خادما لعلي بن موسي الرضا عليه السلام لما زوج المأمون أبا جعفر محمد بن علي بن موسي الرضا عليه السلام ابنته، كتب إليه أن لكل زوجة صداقا من مال زوجها، وقد جعل الله أموالنا في الاخرة مؤجلة مذخورة هناك كما جعل أموالكم معجلة في الدنيا وكنز ههنا وقد أمهرت ابنتك الوسائل إلي المسائل وهي مناجات دفعها إلي أبي قال: دفعها إلي أبي جعفر عليه السلام قال: دفعها إلي محمد أبي قال: دفعها إلي علي بن الحسين عليه السلام أبي، قال: دفعها إلي الحسين أبي قال دفعها إلي الحسن عليه السلام أخي قال دفعها إلي أميرالمؤمنين علي بن



[ صفحه 74]



أبيطالب عليه السلام قال: دفعها إلي رسول الله قال: دفعها إلي جبرئيل عليه السلام قال: يامحمد رب العزة يقرئك السلام، ويقول لك: هذه مفاتيح كنوز الدنيا والاخرة، فاجعلها وسائلك إلي مسائلك، تصل إلي بغيتك فتنجح في طلبتك، فلا تؤثرها في حوائج الدنيا فتبخس بها الحظ من آخرتك، وهي عشر وسائل [إلي عشرة مسائل] تطرق بها أبواب الرغبات [2] فتفتح، وتطلب بها الحاجات فتنجح، وهذه نسختها ثم ذكر الادعية علي ما سيأتي في موضعها إنشاء الله تعالي.

3 - ج: عن الريان بن شبيب قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته ام الفضل أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم، واستنكروه منه، وخافوا أن ينتهي الامر معه إلي ما انتهي مع الرضا عليه السلام فخاضوا في ذلك واجتمع منهم أهل بيته الادنون منه، فقالوا: ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم علي هذا الامر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا [3] فانا نخاف أن يخرج به عنا أمر قد ملكناه الله عزوجل وينزع منا عزا قد ألبسناه الله وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديما وحديثا.

وماكان عليه الخلفاء الراشدون قبلك، من تبعيدهم والتصغيربهم، وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا عليه السلام ما عملت فكفانا الله المهم من ذلك فالله الله أن تردنا إلي غم قد انحسر عنا واصرف رأيك عن ابن الرضا واعدل إلي من تراه من اهل بيتك يصلح لذلك دون غيره [4] فقال لهم المأمون: أما ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه، ولو أنصفتم القوم لكانوا أولي بكم، وأما ماكان يفعله من قبلي بهم، فقد كان قاطعا للرحم، وأعوذ بالله من ذلك، والله ما ندمت علي ما كان مني من استخلاف الرضا



[ صفحه 75]



عليه السلام ولقد سألته أن يقوم بالا مر وأنزعه من نفسي فأبي، وكان أمر الله قدرا مقدورا.

وأما أبوجعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه علي كافة أهل الفضل في العلم والفضل، مع صغرسنه، والا عجوبة فيه بذلك، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه، فيعلمون أن الرأي ما رأيت فيه.

فقالوا له: إن هذا الفتي وإن راقك منه هديه فانه صبي لامعرفة له ولافقه فأمهله ليتأدب ثم اصنع ماتراه بعد ذلك.

فقال لهم: ويحكم إني أعرف بهذا الفتي منكم وإن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالي ومواده وإلهامه، لم تزل آباؤه أغنياء في علم الدين والادب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فان شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت لكم من حاله.

قالوا: قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولا نفسنا بامتحانه، فخل بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرنك عن شئ من فقه الشريعة، فان أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أميرالمؤمنين فيه، وإن عجزعن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه فقال لهم المأمون: شأنكم وذلك متي أردتم.

فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم علي مسألة يحيي بن أكثم، وهو يومئذ قاضي الزمان علي أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها، ووعدوه بأموال نفيسة علي ذلك، وعادوا إلي المأمون وسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلي ذلك فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيي بن أكثم وأمر المأمون أن يفرش لا بيجعفر دست [5] ويجعل له فيه مسورتان ففعل ذلك وخرج أبوجعفر وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر فجلس بين المسورتين وجلس يحيي بن أكثم بين يديه وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه الصلاة والسلام.



[ صفحه 76]



فقال يحيي بن أكثم للمأمون: يأذن لي أميرالمؤمنين أن أسأل أبا جعفر عن مسألة؟ فقال له المأمون: استأذنه في ذلك فأقبل عليه يحيي بن أكثم فقال: أتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟ فقال أبوجعفر عليه السلام: سل إن شئت.

قال يحيي: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا؟ فقال أبوجعفر عليه السلام: قتله في حل أو حرم عالما كان المحرم أو جاهلا قتله عمدا أو خطأ، حرا كان المحرم أو عبدا صغيرا كان أو كبيرا، مبتدئا بالقتل أو معيدا من ذوات الطيركان الصيد أم من غيرها، من صغار الصيد أم من كبارها مصر اعلي ما فعل أو نادما، في الليل كان قتله للصيد أم في النهار، محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرما؟.

فتحير يحيي بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع ولجلج حتي عرف جماعة أهل المجلس أمره [6] فقال المأمون: الحمدلله علي هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي ثم نظر إلي أهل بيته فقال لهم: أعرفتم الان ما كنتم تنكرونه؟ ثم أقبل علي أبي جعفر عليه السلام فقال له: أتخطب يا أبا جعفر؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين فقال له المأمون: اخطب لنفسك جعلت فداك قدرضيتك لنفسي وأنا مزوجك ام الفضل ابنتي وإن رغم قوم لذلك.

فقال أبوجعفر عليه السلام: الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته وصلي الله علي محمد سيد بريته، والاصفياء من عترته.

أما بعد فقد كان من فضل الله علي الانام، أن أغناهم بالحلال عن الحرام، و قال سبحانه: وأنكحوا الايامي منكم والصالحين من عباد كم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم.

ثم إن محمد بن علي بن موسي يخطب ام الفضل بنت عبدالله المأمون، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد عليها السلام وهو خمس مائة درهم جيادا فهل زوجته يا أميرالمؤمنين بها علي هذا الصداق المذكور؟.



[ صفحه 77]



فقال المأمون: نعم قد زوجتك يا أبا جعفر ام الفضل ابنتي علي الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟ قال أبوجعفرعليه السلام: قد قبلت ذلك ورضيت به.

فأمر المأمون أن يقعد الناس علي مراتبهم في الخاصة والعامة.

قال الريان: ولم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم فاذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الابريسم، علي عجلة مملوة من الغالية، ثم أمر المأمون أن تخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية ثم مدت إلي دار العامة فتطيبوا منها ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت الجوائز إلي كل قوم علي قدر هم.

فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي، قال المأمون لابي جعفر عليه السلام: إن رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه الذي [7] فصلته من وجوه من قتل المحرم لنعلمه ونستفيده.

فقال أبوجعفر عليه السلام: نعم إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير، وكان من كبارها، فعليه شاة، فان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، فاذا كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، و إن كان نعامة فعليه بدنة وإن كان ظبيا فعليه شاة وإن كان قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة.

وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه، وكان إحرامه بالحج نحره بمني، وإن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة، وجزاء الصيد علي العالم والجاهل سواء وفي العمد عليه المأ ثم وهو موضوع عنه في الخطاء، والكفارة علي الحر في نفسه، وعلي السيد في عبده، والصغير لا كفارة عليه، وهي علي الكبير واجبة والنادم يسقط ندمه عنه عقاب الاخرة والمصر يجب عليه العقاب في الاخرة.

فقال المأمون: أحسنت يا أبا جعفر أحسن الله إليك فان رأيت أن تسأل يحيي



[ صفحه 78]



عن مسألة كما سألك فقال أبوجعفر عليه السلام ليحيي: أسألك؟ قال: ذلك إليك جعلت فداك فان عرفت جواب ما تسألني عنه وإلا استفدته منك.

فقال له أبوجعفر عليه السلام: أخبرني عن رجل نظر إلي امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة وبماذا حلت له وحرمت عليه؟ فقال له يحيي بن أكثم: لا والله لا أهتدي إلي جواب هذا السؤال ولا أعرف الوجه فيه، فان رأيت أن تفيدناه.

فقال أبوجعفر عليه السلام: هذه أمة لرجل من الناس، نظر إليها أجنبي في أول النهار فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له فلما كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء الاخرة كفر عن الظهار فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة، فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له.

قال: فأقبل المأمون علي من حضره من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم من يجيب هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟ قالوا: لا والله إن أمير المؤمنين أعلم وما رأي فقال: ويحكم إن أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغرالسن فيهم لا يمنعهم من الكمال أما علمتم أن رسول الله صلي الله عليه وآله افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو ابن عشر سنين، وقبل منه الاسلام وحكم له به، ولم يدع أحدا في سنه غيره، وبايع الحسن والحسين عليهما السلام وهما ابنادون الست سنين، ولم يبايع صبيا غيرهما أولا تعلمون ما اختص الله به هؤلاء القوم وإنهم ذرية بعضها من بعض يجري لا خرهم مايجري لاولهم، فقالوا: صدقت يا أمير المؤمنين ثم نهض القوم.



[ صفحه 79]



فلما كان من الغد أحضر الناس وحضر أبوجعفر عليه السلام وسار القواد والحجاب والخاصة والعمال لتهنئة المأمون وأبي جعفر عليه السلام فاخرجت ثلا ثة أطباق من الفضة، فيها بنادق مسك وزعفران، معجون في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة، وعطايا سنية، وإقطاعات، فأمر المأمون بنثرها علي القوم من خاصته فكان كل من وقع يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها والتمسه فأطلق يده له، ووضعت البدر، فنثرما فيها علي القواد وغيرهم، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا، وتقدم المأمون بالصدقة علي كافة المساكين، ولم يزل مكرما لابي جعفر عليه السلام معظما لقدره مدة حياته، يؤثره علي ولده وجماعة أهل بيته [8] فس: محمد بن الحسن عن محمد بن عون النصيبي قال: لما أراد المأمون وذكره نحوه.

شا: روي الحسن بن محمد بن سليمان، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب مثله [9] .

بيان: الوهلة الفزغة، ووهل عنه غلط فيه، ونسيه وبرز تبريزا فاق أصحابه فضلا والهدي السيرة والهيأة والطريقة والمسورة بكسر الميم متكأ من أدم.

4 - ف: قال لابي جعفر عليه السلام أبوهاشم الجعفري في يوم تزوج ام الفضل ابنة المأمون: يا مولاي لقد عظمت علينا بركة هذا اليوم، فقال: يا أبا هاشم عظمت بركات الله علينا فيه، قلت: نعم يا مولاي فما أقول في اليوم، فقال: تقول فيه خيرا فانه يصيبك، قلت: يا مولاي أفعل هذا ولا أخالفه، قال: إذا ترشد ولا تري إلا خيرا [10] .

5 - شا: روي الناس أن ام الفضل كتبت إلي أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر عليه السلام وتقول: إنه يتسري علي ويغيرني فكتب المأمون: يا بنية إنا



[ صفحه 80]



لم نزوجك أبا جعفر عليه السلام لتحرم عليه حلالا، ولا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها [11] .

6 - ج: وروي أن المأمون بعدما زوج ابنته ام الفضل أبا جعفر عليه السلام كان في مجلس وعنده أبوجعفر عليه السلام ويحيي بن أكثم وجماعة كثيرة فقال له يحيي بن أكثم: ماتقول يا ابن رسول الله صلي الله عليه وآله في الخبر الذي روي أنه نزل جبرئيل عليه السلام علي رسول الله صلي الله عليه وآله وقال يا محمد: إن الله عزوجل يقرئك السلام ويقول لك: سل أبا بكر هل هو عني راض فاني عنه راض.

فقال أبوجعفر: لست بمنكر فضل أبي بكر، ولكن يجب علي صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله صلي الله عليه وآله في حجة الوداع " قد كثرت علي الكذابة، وستكثر، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه علي كتاب الله وسنتي، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلاتأ خذوا به " وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله قال الله تعالي " ولقد خلقنا الانسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " [12] فالله عزوجل خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتي سأل من مكنون سره؟ هذا مستحيل في العقول.

ثم قال يحيي بن أكثم: وقد روي أن مثل أبي بكر وعمر في الارض كمثل جبرئيل وميكائيل في السماء، فقال: وهذا أيضا يجب أن ينظر فيه لان جبرئيل وميكائيل ملكان مقربان لم يعصيا الله قط ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة، وهما قد أشر كا بالله عزوجل وإن أسلما بعد الشرك، وكان أكثر أيامهما في الشرك بالله فمحال أن يشبههما بهما.

قال يحيي: وقد روي أيضا أنهما سيدا كهول أهل الجنة، فما تقول فيه؟ فقال عليه السلام: وهذا الخبر محال أيضا لان أهل الجنة كلهم يكونون شبابا، ولا يكون



[ صفحه 81]



فيهم كهل، وهذا الخبر وضعه بنوا مية لمضادة الخبر الذي قال رسول الله صلي الله عليه وآله في الحسن والحسين بأنهما سيدا شباب أهل الجنة [13] فقال يحيي بن أكثم: وروي أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة، فقال عليه السلام: وهذا أيضا محال لان في الجنة ملائكة الله المقربين، وآدم ومحمد وجميع الانبياء والمرسلين لا تضيئ بأنوارهم حتي تضيئ بنور عمر [14] .

فقال يحيي: وقد روي أن السكينة تنطق علي لسان عمر، فقال عليه السلام: لست بمنكر فضائل عمر، ولكن أبابكر أفضل من عمر فقال علي رأس المنبر: إن لي



[ صفحه 82]



شيطانا يعتريني فاذا ملت فسددوني [15] .

فقال يحيي: قد روي أن النبي صلي الله عليه وآله قال: لولم ابعث لبعث عمر، فقال عليه السلام: كتاب الله أصدق من هذا الحديث، يقول الله في كتابه " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح " [16] فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه، وكان الانبياء عليهم السلام لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله، وقال رسول الله صلي الله عليه وآله: نبئت وآدم بين الروح والجسد.

فقال يحيي بن أكثم: وقد روي أن النبي صلي الله عليه وآله قال: ما احتبس الوحي عني قط إلا ظننته قد نزل علي آل الخطاب، فقال عليه السلام: وهذا محال أيضا لانه لا يجوز أن يشك النبي صلي الله عليه وآله في نبوته، قال الله تعالي: " الله يصطفي من الملائكة رسلا و



[ صفحه 83]



من الناس " [17] فكيف يمكن أن تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالي إلي من أشرك به.

قال يحيي بن أكثم: روي أن النبي صلي الله عليه وآله قال: لونزل العذاب لما نجامنه إلا عمر، فقال عليه السلام: وهذا محال أيضا إن الله تعالي يقول: " وما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم، وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون " [18] فأخبر سبحانه أن لا يعذب أحدا مادام فيهم رسول الله صلي الله عليه وآله وما داموا يستغفرون الله تعالي [19] .

7 - البرسي في مشارق الانوار: عن أبي جعفر الهاشمي قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام ببغداد فدخل عليه ياسر الخادم يوما وقال: يا سيدنا إن سيدتنا ام جعفر تستأذنك أن تصير إليها، فقال للخادم: ارجع فاني في الاثر ثم قام وركب البغلة وأقبل حتي قدم الباب، قال: فخرجت ام جعفر اخت المأمون وسلمت عليه وسألته الدخول علي ام الفضل بنت المأمون وقالت: ياسيدي احب أن أراك مع ابنتي في موضع واحد فتقر عيني.

قال: فدخل والستور تشال بين يديه، فما لبث أن خرج راجعا وهو يقول: " فلما رأينه أكبرنه " [20] قال: ثم جلس فخرجت ام جعفر تعثر في ذيولها، فقالت: يا سيدي أنعمت علي بنعمة فلم تتمها، فقال لها: " أتي أمر الله فلا تستعجلوه " [21] إنه قد حدث مالم يحسن إعادته، فارجعي إلي ام الفضل فاستخبريها عنه.

فرجعت ام جعفر فأعادت عليها ما قال، فقالت: ياعمة وما أعلمه بذاك؟ ثم قالت: كيف لا أدعو علي أبي وقدزوجني ساحرا ثم قالت والله يا عمة إنه لما طلع علي جماله، حدث لي ما يحدث للنساء فضربت يدي إلي أثوابي وضممتها.



[ صفحه 84]



قال: فبهتت ام جعفر من قولها ثم خرجت مذعورة، وقالت: يا سيدي وما حدثت لها؟ قال: هومن أسرارالنساء فقالت: يا سيدي تعلم الغيب؟ قال: لا قالت: فنزل إليك الوحي؟ قال: لا، قالت: فمن أين لك علم مالا يعلمه إلا الله وهي؟ فقال: وأنا أيضا أعلمه من علم الله، قال: فلما رجعت ام جعفر قلت: يا سيدي وماكان إكبار النسوة؟ قال هو ماحصل لام الفضل من الحيض [22] .



[ صفحه 85]




پاورقي

[1] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 382.

[2] في نسخة الكمباني قد أثبت هنا رمز يج وهو سهو نشأ من سوء القراءة في نسخة الاصل.

[3] وقيل انه كان زوجه ابنته قيل وفاة أبيه علي بن موسي عليهم السلام كما في تذكرة سبط ابن الجوزي ص 202.

[4] قد مر في ج 49 ص 311 من طبعتنا هذه ما ينفع في هذا المقام فراجعه.

[5] الدست هناصدر البيت وهو معرب، يقال له بالفارسية اليوم " شاه نشين ".

[6] عجزه خ ل.

[7] فيما فصلته خ ل.

[8] الاحتجاج ص 227 - 229.

[9] الارشادص 229 - 304.

[10] تحف العقول ص 479 - ط الاسلامية.

[11] الارشادص 304.

[12] ق: 16.

[13] قال الشيخ قدس سره في تلخيص الشافي: وأما الخبر الذي يتضمن أنهما سيدا كهول أهل الجنة، فمن تأمل أصل هذا الخبر بعين انصاف علم أنه موضوع في أيام بني امية معارضة لما روي من قوله صلي الله عليه وآله في الحسن والحسين: انهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.

وهذا الخبر الذي ادعوه يروونه عن عبيدالله بن عمر، وحال عبيدالله في الانحراف عن أهل البيت معروفة، وهو أيضا كالجار إلي نفسه.

علي أنه لا يخلو من أن يريد بقوله " سيدا كهول أهل الجنة " انهما سيدا كهول من هوفي الجنة، أو يراد أنهما سيدا من يدخل الجنة من كهول الدنيا.

فان كان الاول فذلك باطل لان رسول الله قد وقفنا - وأجمعت الامة - علي أن جميع أهل الجنة جرد مرد، وأنه لايدخلها كهل، وان كان الثاني - فذلك دافع ومناقض للحديث المجمع علي روايته من قوله في الحسن والحسين عليهما السلام " أنهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما " لان هذا الخبر يقتضي أنهما سيدا كل من يدخل الجنة اذ كان لا يدخلها الاشباب فأبوبكر وعمر وكل كهل في الدنيا داخلون في جملة من يكونان عليهما السلام سيديه والخبر الذي رووه يقتضي أن أبابكر وعمر سيداهما من حيث كانا سيدي الكهول في الدنيا وهما عليهما السلام من جملة من كان كهلا في الدنيا.

[14] بل الظاهر من قوله تعالي " متكئين عليه الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " الدهر: 13 وقوله تعالي " هم وأزواجهم في ظلال علي الارائك متكئون " يس: 57 أن الجنة ليس فيها ظلام حتي يحتاج إلي السراج.

[15] قد قال ذلك وشبهه غير مرة، فمن ذلك قوله " اني وليت عليكم ولست بخيركم فان رأيتموني علي الحق فأعينوني، وان رأيتموني علي الباطل فسددوني " وقوله: " أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارها، ولوددت أن فيكم من يكفيني، أفتظنون اني أعمل فيكم بسنة رسول الله؟ اذن لا أقوام بها، ان رسول الله كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وان لي شيطانا يعتريني، فاذا غضبت فاجتنبوني أن لا اؤثر في اشعاركم وابشاركم الا فراعوني فان استقمت فأعينوني، وان زغت فقوموني.

قال السيد حسين بحر العلوم في هامش تلخيص الشافي ج 2 ص 9: وبهذه العبارات وشبهها تجد كتب القوم منها ملاي.

راجع مسند احمد ج 1 ص 14 والرياض النضرة ج 1 ص 170 وكنز العمال ج 3 ص 126 وطبقات ابن سعد ج 3 ص 139 والامامة والسياسة ج 1 ص 16 وتاريخ الطبري ج 3 ص 210 وسيرة ابن هشام ج 4 ص 340 (اقول وفي الطبعة الاخيرة منها ج 2 ص 661) وعيون الاخبار ج 2 ص 234 والعقد الفريد ج 2 ص 158 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 47 والسيرة الحلبية ج 3 ص 388 وشرح ابن ابي الحديدج 1 ص 134 وتهذيب الكمال ج 1 ص 6 والمجتني لابن دريد ص 27 وغيرها كثير من كتب القوم.

[16] الاحزاب: 7.

[17] الحج: 75.

[18] الانفال: 33.

[19] الاحتجاج ص 229 و 230.

[20] يوسف: 31.

[21] النحل: 1.

[22] قال الفيروز آبادي: أكبر الصبي: تغوط، والمرأة حاضت، والرجل امذي وأمني، وقال بعضهم: ليس ذلك بالمعروف في اللغة والصحيح انه وارد في اشعار العرب.

أقول: هذه المعاني المذكورة من الكنايات فان كبر الصبي بما هو صبي بأن يروح نفسه ويتغوط، وكبر المراة بانطلاق حيضها، وكبر الرجل باحتلامه وهو الامناء والامذاء ثم بعد ما فشا اللفظ وكثر استعماله في هذه المعاني صار من المجاز المشتهر.