بازگشت

رسائله


يطالعنا في هذا الفصل نموذج جديد من كلام الامام عليه السلام، الذي أودعه في رسائله و كتبه الي شيعته، فقد كتب عليه السلام رسائل كثيرة لبعض وجوه المسلمين في الأقطار الاسلامية، كما كتب لآخرين في مناسبات أخري، و هذه الرسائل وسيلة من وسائله عليه السلام الكثيرة التي كان يسلكها في الدعوة الي الله تعالي، و العمل بأحكامه و الرجوع الي سبيله.

نسجل منها:

1 - روي أنه حمل له حمل بز [1] له قيمة كثيرة فسلب في الطريق، فكتب اليه الذي حمله يعرفه الخبر.

فوقع بخطه: ان أنفسنا و أموالنا من مواهب الله الهنيئة، و عواريه المستودعة، يمتع ما يمتع منها في سرور و غبطة، و يأخذ ما أخذ منها في أجر و حسبة، فمن غلب جزعه علي صبره حبط أجره، و نعوذ بالله من ذلك [2] .

2- من كتاب له عليه السلام الي بعض أوليائه:

«أما هذه الدنيا فانا فيها معترفون، ولكن من كان هواه هوي صاحبه، و دان بدينه فهو معه حيث كان، والآخرة هي دارالقرار» [3] .

3- من كتاب له عليه السلام الي ابن مهزيار جوابا عما كتبه اليه:

«لقد فهمت ما ذكرت وزادني سرورا، فسرك الله، و أنا أرجو من الكافي الدافع



[ صفحه 168]



أن يكفيني كيد كل كائد ان شاء الله، و أسأل الله أن يحفظك من بين يديك و من خلفك، و في كل حالاتك، و أبشر فاني أرجو أن يدفع الله عنك، و أسأل الله أن يجعل لك الخيرة فيما عزم لك من الشخوص في يوم الأحد، فأخر ذلك الي يوم الاثنين، صحبك الله في سفرك، و خلفك في أهلك، و أدي عنك أمانتك، و سلمك بقدرته، فاشخص الي منزلك، صيرك الله الي خير منزل في دنياك و آخرتك.

و قد فهمت ما ذكرت من أمر القميين خلصهم الله و فرج عنهم، و سررتني بما ذكرت من ذلك و لم تزل تفعله، سرك الله بالجنة، و رضي عنك برضائي عنك، و أنا أرجو من الله العفو و الرأفة و أقول حسبنا الله و نعم الوكيل.

و أما ما سألت من التحليل لما في يديك، فوسع الله عليك و لمن سألت له التوسعة في أهلك، و لك يا علي ما عندي أكثر من التوسعة، و أنا أسأل الله أن يصحبك بالتوسعة و العافية، و يقدمك عليه انه سميع عليم.

و أما ما سألت من الدعاء، فانك لست تدري كيف جعلك الله عندي، و ربما سميتك باسمك و نسبك، مع كثرة عنايتي بك، و محبتي لك، و معرفتي بما أنت اليه صائر، فأدام الله لك أفضل ما رزقك من ذلك و بلغك بيتك، و أنزلك الفردوس الأعلي برحمته انه سمع الدعاء، حفظك الله و تولاك، و دفع عنك برحمته» [4] .

4 - من كتاب له عليه السلام الي الحسين بن عبدالله النيسابوري و الي سجستان: «أما بعد: فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، و ان مالك من عملك ما أحسنت فيه، فأحسن الي أخوانك، و اعلم أن الله عزوجل سائلك عن مثاقيل الذر و الخردل» [5] .

5 - من كتاب له عليه السلام الي علي بن مهزيار:

«بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي أحسن الله جزاك، و أسكنك جنته، و منعك من الخزي في الدنيا و الآخرة، و حشرك الله معنا.



[ صفحه 169]



يا علي قد بلوتك و خبرتك في النصيحة، والطاعة، و الخدمة، و التوقير، و القيام بما يجب عليك، فلو قلت أني لم أر مثلك لرجوت أن أكون صادقا، فجزاك الله جنات الفردوس نزلا، فما خفي علي مقامك و لا خدمتك في الحر و البرد، في الليل و النهار، فأسأل الله اذا جمع الخلائق للقيامة أن يحبوك برحمة تغتبط بها انه سميع الدعاء» [6] .

6 - من كتاب له عليه السلام الي سعد الخير:

«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فاني أوصيك بتقوي الله، فان فيها السلامة من التلف، و الغنيمة في المنقلب، ان الله عزوجل يفي بالتقوي عن العبد ما عزب عنه عقله، و يجلي بالتقوي عنه عماه و جهله، و بالتقوي نجا نوح و من معه في السفينة، و صالح و من معه من الصاعقة، و بالتقوي فاز الصابرون، و نجت تلك العصب من المهالك، و لهم أخوان علي تلك الطريقة، يلتمسون تلك الفضيلة، نبذوا طغيانهم من الايراد بالشهوات، لما بلغهم في الكتاب من المثلات، حمدوا ربهم علي ما رزقهم و هو أهل الحمد، و ذموا أنفسهم علي ما فرطوا و هم أهل الذم، واعلموا أن الله تبارك و تعالي الحليم العليم، انما غضبه علي من لم يقبل منه رضاه، و انما يمنع من لم يقبل منه عطاه، و انما يضل من لم يقبل منه هداه، ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتدبيل الحسنات، فدعي عباده في الكتاب الي ذلك بصوت رفيع لم ينقطع، و لم يمنع دعاء عباده، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله، و كتب علي نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب، فتمت صدقا و عدلا، فليس يبتدي العباد بالغضب قبل أن يغضبوه، و ذلك من علم اليقين، و علم التقوي، و كل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، و ولاهم عدوهم حين تولوه، و كان من نبذهم الكتاب: أن أقاموا حروفه، و حرفوا حدوده، فهم يروونه و لا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية، و كان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لايعلمون، فأوردوهم الهوي، و أصدروهم الي الردي، و غيروا عري الدين، ثم ورثوه في السفه و الصبا، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك و تعالي، و عليه يردون، بئس للظالمين بدلا



[ صفحه 170]



ولاية الناس بعد ولاية الله، و ثواب الناس بعد ثواب الله، و رضا الناس بعد رضا الله، فأصبحت الأمة كذلك و فيهم المجتهدون في العبادة علي تلك الضلالة 7 معجبون مفتونون، فعبادتهم فتنة لهم و لمن اقتدي بهم، و قد كان في الرسل ذكري للعابدين، ان نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة ثم يعصي الله تبارك و تعالي في الباب الواحد، فيخرج به من الجنة، و ينبذ به في بطن الحوت، لاينجيه الا الاعتراف و التوبة، فاعرف أشباه الأحبار و الرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب و تحريفه، فما ربحت تجارتهم و ما كانوا مهتدين.

ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة، الذين أقاموا حروف الكتاب، و حرفوا حدوده، فهم مع السادة و الكثرة، فاذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا، و ذلك مبلغهم من العلم، لا يزالون كذلك في طمع و طبع لا يزال يسمع صوت ابليس علي ألسنتهم بباطل كثير، يصبر منهم العلماء علي الأذي و التعنيف، يعيبون علي العلماء بالتكليف، و العلماء في أنفسهم خانة ان كتموا النصيحة، ان رأوا تائها ضالا لا يهدونه، أو ميتا لا يحيونه، فبئس ما يصنعون، لأن الله تبارك و تعالي أخذ عليهم الميثاق في الكتاب: أن يأمروا بالمعروف و بما أمروا به، و أن ينهوا عما نهوا عنه و أن يتعاونوا علي البر و التقوي و لا يتعاونوا علي الاثم و العدوان، فالعلماء من الجهال في جهد و جهاد، ان وعظت قالوا: طغيت، و ان علموا الحق الذي تركوا قالوا: خالفت، و ان اعتزلوهم قالوا: فارقت، و ان قالوا: هاتوا برهانكم علي ما تحدثون، قالوا: نافقت، و ان أطاعوهم قالوا: عصيت الله، فهلك جهال فيما لا يعلمون، أميون فيما يتلون، يصدقون بالكتاب عند التعريف، و يكذبون به عند التحريف فلا ينكرون، أولئك أشباه الأحبار و الرهبان، قادة في الهوي، سادة في الردي، و آخرون منهم جلوس بين الضلالة و الهدي، لايعرفون احدي الطائفتين من الأخري، يقولون ما كان الناس يعرفون هذا و لا يدرون ما هو، و صدقوا، تركهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي البيضاء ليلها من نهارها من لم يظهر فيهم بدعة، و لم يبدل فيهم سنة، لا خلاف عندهم و لا اختلاف، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا امامين: داع الي الله تبارك و تعالي وداع الي النار، فعند ذلك نطق الشيطان فعلي صوته علي لسان أوليائه، و كثر خيله



[ صفحه 171]



و رجله، و شارك في المال والولد من أشركه، فعمل بالبدعة، و ترك الكتاب و السنة، و نطق أولياء الله بالحجة، و أخذوا بالكتاب و الحكمة، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق و أهل الباطل، و تخاذل و تهادن أهل الهدي، و تعاون أهل الضلالة، حتي كانت الجماعة مع فلان و أشباهه، فاعرف هذا الصنف، و صنف آخر فأبصرهم رأي العين تحيا، و ألزمهم، حتي ترد أهلك، فان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين» [7] .



[ صفحه 172]




پاورقي

[1] بز: سلب.

[2] تحف العقول 336.

[3] تحف العقول 336.

[4] وفاة الامام الجواد للمقرم 60.

[5] بحارالأنوار 121 / 12.

[6] بحارالأنوار 125 / 12.

[7] بحارالأنوار 213 / 17.