احسانه و كرمه
النفوس الكبيرة لا تقتصر في المكارم علي ناحية دون أخري، فهي لا ترضي الا بالسمو و الرفعة في جميع المجالات، و من أعجب ما تتمتع به هذه النفوس أنها تجمع الصفات المتضادة، و التي قلما تجتمع، فمن شجاعة متناهية، الي زهد و عبادة، و الي هذا يشير الشاعر في مدحه للامام أميرالمؤمنين عليه السلام:
هو البكاء في المحراب ليلا++
هو الضراب اذا اشتد الضراب
و ليس هذا بكثير علي أئمة أهل البيت عليهم السلام، ففي عقيدتنا أنهم الحائزون علي أسمي صفات الكمال، و أعلي درجات الفضائل، فهم أعلم الناس، و أعبدهم،و أتقاهم، و أكرمهم، و أشجعهم، و أثبتهم عند اللقاء، الي غير ذلك من الصفات الحميدة، و الخلال الحسنة.
نعود لنذكر في هذه الصفحات بعض ما ذكره المؤرخون من كرم الامام أبي جعفر الجواد عليه السلام و احسانه:
1 - قال الصفدي: كان يبعث الي المدينة في كل عام بأكثر من ألف ألف درهم.
وقال: و كان من الموصوفين بالسخاء، و لذلك لقب بالجواد [1] .
2 - قال أحمد بن حديد: خرجت مع جماعة حجاجاً فقطع علينا الطريق، فلما دخلت المدينة لقيت أباجعفر عليه السلام في بعض الطريق، فأتيته الي المنزل، فأخبرته
[ صفحه 164]
بالذي أصابنا، فأمر لي بكسوة، و أعطاني دنانير و قال فرقها علي أصحابك علي قدر ما ذهب، فقسمتها بينهم فاذا هي علي قدر ما ذهب منهم لا أقل و لا أكثر [2] .
و هذه من معجزاته عليه السلام، و قد ورد عن أميرالمؤمنين عليه السلام نظير ذلك، فانه لما فتح البصرة دخل بيت المال و قد امتلأ بالاموال، فأمر عليه السلام أن يقسم خمسمائة خمسمائة، فقسم فزاد منه خمسمائة فقط فأخذها عليه السلام، فجاءه رجل فقال: يا أميرالمؤمنين شهدت المعركة معك بقلبي دون جسمي فأعطاها اياه.
3 - قال منخل: لقيت محمد بن علي عليه السلام فسألته النفقة الي بيت المقدس، فأعطاني مائة دينار [3] .
4 - قال داود بن القاسم الجعفري: أعطاني أبوجعفر عليه السلام ثلثمائة دينار، و أمرني أن أحملها الي بعض بني عمه [4] .
5 - كتب عليه السلام الي ابراهيم بن محمد: قد بعثت اليك من الدنانير بكذا، و من الكسوة بكذا، فبارك الله لك فيه و في جميع نعم الله اليك [5] .
6 - أتاه رجل فقال له: أعطني علي قدر مروتك.
فقال عليه السلام: لا يسعني.
فقال: علي قدري.
قال عليه السلام: أما ذا فنعم، يا غلام أعطه مائتي دينار [6] .
[ صفحه 165]
پاورقي
[1] الوافي بالوفيات 4 / 105.
[2] بحارالأنوار 12 / 109.
[3] الدمعة الساكبة 3 / 112.
[4] كشف الغمة 287. الدمعة الساكبة 3 / 4. الارشاد 298. أعلام الوري 334. أصول الكافي 2 / 495.
[5] بحارالأنوار 12 / 126.
[6] كشف الغمة 289.