بازگشت

تزويج المأمون ابنته زينب ام الفضل من الجواد


و خبره مع يحيي بن أكثم

روي ذلك المفيد في الارشاد عن الحسن بن محمد بن سليمان عن علي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن الريان بن شبيب و رواه الحسن بن علي بن شعبة الحلبي في تحف العقول مرسلا و بين الروايتين بعض التفاوت و نحن نذكره منتزعا منهما. قال لما اراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل أباجعفر محمد بن علي عليهماالسلام بلع ذلك العباسيين فغلظ عليهم و استكبروه و خافوا ان ينتهي الامر معه الي ما انتهي اليه مع الرضا عليه السلام فخاضوا في ذلك و اجتمع اليه منهم اهل بيته الادنون منه فقالوا ننشدك الله يا اميرالمؤمنين ان تقيم علي هذا الامر الذي قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا فانا نخاف عن تخرج به عنا أمرا قد ملكناه الله و تنزع منا عزا قد البسناه الله فقد عرفت ما بيننا و بين هؤلاء القوم آل علي قديما و حديثا و ما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم و التصغير بهم و قد كنا في وهلة من عملك مع الرضا ما عملت حتي كفانا الله المهم من ذلك فالله الله أن تردنا الي غم قد انحسر عنا و اصرف رايك عن ابن الرضا و اعدل الي من تراه من اهل بيتك يصلح



[ صفحه 165]



لذلك دون غيرهم فقال لهم المأمون اما ما بينكم و بين آل ابي طالب فانتم السبب فيه ولو انصفتم القوم لكانوا اولي بكم و اما ما كان يفعله من قبلي بهم فقد كان به قاطعا للرحم و اعوذ بالله من ذلك و والله ما ندمت علي ما كان مني من استخلاف الرضا و لقد سألته ان يقوم بالامر و انزعه عن نفسي فأبي و كان امر الله قدرا مقدورا و اما ابوجعفر محمد ابن علي فو الله لا قبلت من واحد منكم في امره شيئا فقد اخترته لتبريزه علي كافة اهل الفضل في العلم و الفضل مع صغر سنه و الاعجوبة فيه بذلك و انا ارجو ان يظهر للناس ما قد عرفته منه فيعلموا ان الراي ما رايت فيه فقالوا يا اميرالمؤمنين اتزوج ابنتك و قرة عينك صبيا لم يتفقه في دين الله و لا يعرف حلاله من حرامه و لا فرضه من سنته ان هذا الفتي و ان راقك منه هديه فانه صبي لا معرفة له و لا فقه فامهله ليتأدب و يقرأ القرآن و يتفقه في الدين و يعرف الحلال من الحرام ثم اصنع ما تراه بعد ذلك قال لهم المأمون و يحكم اني اعرف بهذا الفتي منكم و انه لا فقه منكم و اعلم بالله و رسوله و سنته و احكامه و أقرأ لكتاب الله منكم و أعلم بمحكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه و ظاهره و باطنه و خاصه و عامه و تنزيله و تأويله منكم فان شئتم فامتحنوا اباجعفر فان كان الامر كما وصفتم قبلت منكم و ان كان الامر علي ما وصفت علمت ان الرجل خلف منكم قالوا له قد رضينا لك يا اميرالمؤمنين و لا نفسنا ابامتحانه فخل بيننا و بينه لننصب من يساله بحضرتك عن شي ء من فقه الشريعة فان اصاب الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في امره و ظهر للخاصة و العامة سديد رأي اميرالمؤمنين و ان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه فقال لهم المامون شأنكم و ذاك متي أردتم، فخرجوا من عنده و اجتمع رأيهم علي مسالة يحيي بن أكثم و هو يومئذ قاضي القضاة علي ان يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها و وعدوه باموال نفيسة علي ذلك و عادوا الي المامون فسالوه ان يختار لهم يوما للاجتماع فاجابهم الي ذلك فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه و حضر معهم يحيي بن اكثم فامر المأمون ان يفرش لابي جعفر عليه السلام دست و يجعل له فيه مسورتان ففعل ذلك و خرج ابوجعفر عليه السلام فجلس بين المسورتين و جلس يحيي بن اكثم بين يديه و قام الناس في مراتبهم و المامون جالس في دست متصل بدست ابي جعفر عليه السلام فقالوا يا اميرالمؤمنين هذا القاضي ان اذنت له ان يسال اباجعفر فقال له المامون استأذنه في ذلك فاقبل عليه يحيي بن اكثم فقال اتاذن لي جعلت فداك في مسالة قال له ابوجعفر (ع): سل ان شئت قال يحيي ما تقول جعلني الله فداك (او يا اباجعفر اصلحك الله ما تقول) في محرم قتل صيدا فقال له ابوجعفر (ع) قتله في حل او



[ صفحه 166]



حرم عالما كان المحرم ام جاهلا قتله عمدا او خطأ حرا كان المحرم ام عبدا صغيرا كان او كبيرا مبتدئا بالقتل ام معيدا من ذوات الطير كان الصيد ام من غيرها من صغار الصيد كان ام من كباره مصرا علي ما فعل او نادما في الليل كان قتله للصيد في او كارها ام نهارا و عيانا محرما كان بالعمرة اذ قتله او بالحج كان محرما، فتحير يحيي بن اكثم و انقطع انقطاعا لم يخف علي احد من اهل المجلس و بان في وجهة العجز و الانقطاع و تلجلج حتي عرف جماعة اهل المجلس امره و تحير الناس عجبا من جواب ابي جعفر فقال المامون الحمد لله علي هذه النعمة و التوفيق لي في الرأي ثم نظر الي اهل بيته و قال لهم اعرفتم الان ما كنتم تنكرونه فلما تفرق الناس و بقي من الخاصة من بقي قال المامون لأبي جعفر عليه السلام ان رايت جعلت فداك ان تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد و تعرفنا ما يجب علي كل صنف من هذه الاصناف في قتل الصيد لنعلمه و نستفيده فقال ابوجعفر عليه السلام نعم ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل و كان الصيد من ذوات الطير و كان من كبارها فعليه شاة فان اصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا فاذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن و ليست عليه القيمة لانه ليس في الحرم و اذا قتله في الحرم فعليه الحمل و قيمة الفرخ و ان كان من الوحش و كان حمار وحش فعليه بقرة و ان كان نعامة فعليه بدنة فان لم يقدر فاطعام ستين مسكينا فان لم يقدر فليصم ثمانية عشرة يوما و ان كان بقرة فعليه بقرة فان لم يقدر فليطعم ثلاثين مسكينا فان لم يقدر فليصم تسعة ايام و ان كان ظبيا فعليه شاة فان لم يقدر فليطعم عشرة مساكين فان لم يجد فليصم ثلاثة ايام فان قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة و اذا اصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه و كان احرامه بالحج نحره بمني حيث ينحر الناس و ان كان احرامه بالعمرة نحره بمكة في فناء الكعبة و يتصدق بمثل ثمنه حتي يكون مضاعفا و كذلك اذا اصاب ارنبا او ثعلبا فعليه شاة و يتصدق بمثل ثمن شاة و ان قتل حماما من حمام الحرم فعليه درهم يتصدق به و درهم يشتري به علفا لحمام الحرم و في الفرخ نصف درهم و في البيضة ربع درهم و كلما اتي به المحرم بجهالة او خطأ فلا شي ء عليه الا الصيد فان عليه فيه الفداء بجهالة كان ام بعلم بخطأ كان ام بعمد و جزاء الصيد علي العالم و الجاهل سواء و في العمد له المأثم و هو موضوع عنه في الخطأ و الكفارة علي الحر في نفسه و علي السيد في عبده و الصغير لا كفارة عليه و هي علي الكبير واجبة و النادم يسقط بندمه عنه عقاب الآخرة و المصر يجب عليه العقاب في الآخرة و ان دل علي الصيد و هو محرم و قتل الصيد فعليه فيه الفداء و ان اصابه ليلا في او كارها خطأ فلا شي ء عليه ان لم يتصيد فان



[ صفحه 167]



تصيد بليل فعليه فيه الفداء فقال له المأمون احسنت يا أباجعفر احسن الله اليك و امر ان يكتب ذلك عنه.

و في الارشاد في تتمة الرواية السابقة بعد ذكر سؤال الجواد ليحيي بن اكثم و عجزه عن الجواب و قول المأمون لاهل بيته: اعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه قال:

ثم اقبل المأمون علي أبي جعفر (ع) فقال له اتخطب يا أباجعفر؟ قال نعم يا أميرالمؤمنين فقال له المأمون اخطب جعلت فدا لنفسك فقد رضيتك لنفسي و انا مزوجك ام الفضل ابنتي و ان رغم قوم لذلك، فقال ابوجعفر (ع): الحمد لله اقرارا بنعمته و لا اله الا الله اخلاصا لوحدانيته و صلي الله علي محمد سيد بريته و الاصفياء من عترته اما بعد فقد كان من فضل الله علي الانام ان اغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه (و انكحوا الايامي منكم و الصالحين من عبادكم و امائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله و الله واسع عليم) ثم ان محمد بن علي بن موسي يخطب ام الفضل بنت عبدالله المأمون و قد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله و سلم و هو خمسمائة درهم جيادا فهل زوجته يا اميرالمؤمنين بها علي هذا الصداق المذكور قال المأمون نعم قد زوجتك يا اباجعفر ام الفضل ابنتي علي الصداق المذكور فهل قبلت النكاح فقال ابوجعفر (ع) قد قبلت ذلك و رضيت به. و ذكر نحوه في تحف العقول مع بعض التغيير و قال قد قبلت هذا التزويج بهذا الصداق. و رواية المسعودي في اثبات الوصية تخالف رواية المفيد في الخطبة كما اشرنا اليه في الجزء الخامس من المجالس السنية. و في تحف العقول فاو لم المأمون و اجاز الناس علي مراتبهم اهل الخاصة و اهل العامة و الاشراف و العمال و اوصل الي كل طبقة برا علي ما تستحقه (و قال المفيد). فامر المأمون ان يقعد الناس مراتبهم في الخاصة و العامة قال الريان و لم نلبث ان سمعنا اصواتا تشبه اصوات الملاحين في محاوراتهم فاذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الابريسم علي عجلة مملوءة من الغالية فامر المأمون ان تخضب لحي الخاصة من تلك الغالية ثم مدت دار العامة فطيبوا منها و وضعت الموائد فاكل الناس و خرجت الجوائز الي كل قوم علي قدرهم فلما كان من الغد حضر الناس و حضر ابوجعفر (ع) و صار القواد و الحجاب و الخاصة و العمال لتهنئة المأمون و ابي جعفر (ع) فاخرجت ثلاثة اطباق من الفضة فيها بنادق مسك و زعفران معجون في اجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة باموال جزيلة و عطايا سنية و اقطاعات فامر المأمون بنثرها علي القوم من خاصته فكان كل من وقع في يده بندقة اخرج



[ صفحه 168]



الرقعة التي فيها و التمسه فاطلق له و وضعت البدر فنثر ما فيها علي القواد و غيرهم و انصرف الناس و هم اغنياء بالجوائز و العطايا و تقدم المأمون بالصدقة علي كافة المساكين.

و قال غير المفيد: ثم امر فنثر علي ابي جعفر رقاع فيها ضياع و طعم و عمالات. قال المفيد: و لم يزل المأمون مكرما لابي جعفر (ع) معظما لقدره مدة حياته يؤثره علي ولده و جماعة اهل بيته.