بازگشت

من كلمات الإمام


الروايات المفتعلة - يروي أن المأمون لما زوّج ابنته أم الفضل أبا جعفر (ع)، كان ذات يوم في المجلس وعنده الإمام ويحيي بن أكثم، وجماعة كثيرة، فقال له يحيي بن أكثم: ما تقول يا ابن رسول الله في الخبر الذي روي أنه نزل جبرائيل علي رسول الله (ص) وقال: يا محمد إن الله عز وجلّ يقرؤك السلام ويقول لك: سل أبا بكر هل هو عني راضي، فإني عنه راضي فقال أبو جعفر: لست بمنكر فضل أبي بكر ولكن يجب علي صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله (ص) في حجة الوداع:

(قد كثرت علي الكذّابة، وستكثر، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث فأعرضوه علي كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به).

ولا يوافق هذا الخبر كتاب الله، قال تعالي:

«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» (ق/16)

فالله عزّ وجلّ خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتي سأل من مكنون سره، هذا مستحيل في المعقول.

ثم قال يحيي بن أكثم: وقد روي أن مثل أبي بكر وعمر في الأرض كمثل جبرائيل وميكائيل في السماء.

فقال (ع): وهذا أيضاً يجب أن ينظر فيه لأن جبرائيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا قط، ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة، وهما قد أشركا بالله عزّ وجلّ وإن أسلما بعد الشرك، وكان أكثر أيامهما في الشرك بالله فمحال أن يشبّههما بهما.

قال يحيي: وقد روي أيضاً أنهما سيدا كهول أهل الجنة فما تقول فيه؟

فقال (ع): وهذا الخبر محال أيضاً لأن أهل الجنة كلّهم يكونون شباباً ولا يكون فيهم كهل، وهذا الخبر وضعه بنو أمية لمضادة الخبر الذي قاله رسول الله في الحسن والحسين بأنهما سيدا شباب أهل الجنة.

فقال يحيي بن أكثم: إن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة؟

فقال (ع): هذا أيضاً محال، لأن في الجنة ملائكة الله المقربين، وآدم ومحمداً وجميع الأنبياء والمرسلين، لا تضيء بأنوارهم حتي تضيء بنور عمر.

فقال يحيي: وقد روي أن السكّينة تنطق علي لسان عمر.

فقال (ع): إن أبا بكر كان أفضل من عمر فقال علي رأس المنبر: إن لي شيطاناً يعتريني، فإذا ملت فقّوموني.

فقال يحيي: قد روي أن النبي (ص) قال: لو لم أبعث لبُعِثَ عمر؟

فقال (ع): كتاب الله أصدق من هذا الحديث، يقول الله في كتابه:

«وَاِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّين مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُوحٍ» (الاحزَاب/7)

فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه، وكان الأنبياء لم يشركوا طرفة فكيف يبعث

بالنبوة من أشرك، وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله وقال رسول الله (ص): نبئت وآدم بين الروح والجسد.

فقال يحيي بن أكثم: وقد روي أن النبي (ص) قال:

ما أحْتُبس الوحي عنّي قط إلاّ ظننته قد نزل علي آل الخطاب، فقال (ع): وهذا محال أيضا لأنه لا يجوز أن يشك النبي في نبوته. قال الله تعالي:

«الله يَصْطَفِي مِنَ الْمَلآَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ» (الحج/75)

فكيف يمكن أن تنقل النبوة ممن اصطفاه الله إلي من أشرك به.

قال يحيي بن أكثم: ان النبي (ص) قال: لو نزل العذاب لما نجي منه إلاّ عمر.

فقال (ع): وهذا محال أيضاً، إن الله يقول:

«وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» (الانفال/33)

فأخبر سبحانه ألا يعذب أحداً مادام فيهم رسول الله (ص) وماداموا يستغفرون [1] .


پاورقي

[1] بحار الأنوار: (ج 50، ص 83، ط 2).