بازگشت

عصر المعتصم العباسي


والإمام الجواد (ع) عاصر خليفة من الخلفاء الذين أثَّروا تأثيراً مباشراً علي زوال الدولة العباسية، وهو المعتصم العباسي.

المعتصم العباسي كان ابن أمة تركية، فمال إلي أخواله فكان يحب جمع الأتراك وشراءهم من أيدي مواليهم، فاجتمع له منهم أربعة آلاف، وألبسهم أنواع الديباج والمناطق المذهبة والحلي المذهبة وأبانهم عن سائر الجنود [1] .

ثم وسمهم رتباً قيادية في الجيش حتي أنه ثارت ثائرة العسكريين العرب في الجيش، فلقد حاول “عجيف “ أن يقلب الحكم علي المعتصم ليولّي العباس بن المأمون، ولكن هذه المحاولة أخفقت وقتله المعتصم.

والأتراك حينما جاؤوا إلي البلاد الإسلامية أخذوا شيئاً فشيئاً يسيطرون علي الحكم ويجردون الخلفاء من سلطتهم الحقيقية، وأخذوا يحدثون الانقلابات العسكرية (كما نسميها الآن).

حتي وصل بهم الأمر إلي أنه إذا مال عنهم خليفة عباسي، فإنهم كانوا يقتلونه غيلة، ثم ينصبون رجلاً آخر من البيت العباسي مكانه، فابتداءً من المتوكل إلي المستعين إلي المهتدي وانتهاءاً بالمقتدر، كل هؤلاء قتلوا بواسطة القادة العسكريين الأتراك.

وهكذا كانوا يقومون بالخلع والقتل لأي خليفة لم تتجاوب أهواءه مع أهوائهم، وليس ذلك لشيء في تركيبة العنصر التركي، وإنما نتيجة للحالة المتردية التي وصل إليها المجتمع الإسلامي من الانحلال والفساد الخلقي الشامل.

والإمام الجواد (ع) استفاد من هذا الوضع في تغذية الحركات الرسالية التي كانت تضع جنينها للمستقبل، وفي هذا الوقت كانت الثورة التي قام بها محمد بن القاسم بن علي الطالبي تقلق السلطة ولا تدعها تعيش في هدوء وسكينة.


پاورقي

[1] المسعودي: (ج 3، ص 465).