بازگشت

الدعوة العباسية قراءة تأسيسية


دخلت الامة الاسلامية بعد هدنة الامام الحسن عليه السلام مع معاوية ابن أبي سفيان منعطفا خطيرا، اذا احليت الخلافة الاسلامية الي وراثة كسروية و ملك قيصري، و من جراء ذلك نشطت التيارات السياسية، و انطلقت توجهات دينية و فلسفات ثفافية و تطلعات طائفية جراء التعسفات التي أصابت الامة، و خلقت بذلك دواعي للتكتلات السياسية، بل قل: للتجمعات السرية التي روجت من خلال نشاطها فكرة الانقلابات السياسية التي تأطرت باطار الثورة الداعية الي التغيير بلافتة علوية تدعو للرضا من آل محمد صلي الله عليه و آله.

و يبدو أن المتاجرة بهذا الشعار هو أقصر الطرق للوصول الي الغايات المرجوة، فكانت الدعوة العباسية حاضرة في الأحداث الاسلامية، بل من أقوي الأنشطة المعارضة للسياسة الاموية المجحفة بحقوق المسلمين؛ لذا فقد نجحت هذه الدعوة في استقطاب الكثير ممن دعتهم مقتضيات النصرة لآل البيت بالانضمام الي تكتلات هذه الدعوة، و دخل الكثير ممن كان ناقما من التعسف الاموي الذي أذاق الناس و بال السكوت عن الظلم و القبول بالواقع المعاش، و سارع الآخرون الذين حلموا بالحصول علي مناصب حرموا من التمتع بها في عهد الامويين. و كان



[ صفحه 16]



الهاشميون أوائل طلائع التنظيم، فأبوهاشم بن محمد بن الحنفية هو صاحب فكرة التنظيم، و العلويون هم أهل «براعة الاختراع» لهذه الحركة الهاشمية، و آل العباس أتباع مستضعفون ينضوون تحت لواء العلويين في هذا التنظيم السري الذي تزعمه أبوهاشم بن محمد بن الحنفية، الذي عرفه بعض المؤرخين بالزعيم الكيساني، و هو ما يمكن استبعاده في جو ملبد بغيوم الريبة حيال أي توجه خارج عن اطار عقيدة آل البيت عليهم السلام، و من غير المناسب أن يخالف أبوهاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب دين آبائه لينتسب الي الكيسانية أو غيرها من التوجهات العقائدية. نعم، بالامكان القول بأن التفاف بعض الكيسانية حول دعوته و هو في طور التأسيس السري جعل البعض ينظر الي أبي هاشم بمنظار الكيسانية، و يبدو أن قتل أبي هاشم علي يد سليمان بن عبدالملك جعل الدعوة السرية تنحو مسارا آخر اتخذته للحفاظ علي خط هذه الحركة و سريتها، بعد أن تسلم مهامها محمد بن علي بن عبدالله بن العباس، أي تحال الدعوة العلوية الي دعوة عباسية، و من الغريب في الأمر انتقال هذه الدعوة الي محمد بن علي العباسي، بعد أن عهد بها اليه زعيمها العلوي أبوهاشم بعد موته، كما عليه أكثر المؤرخين.

و يمكن أن نتوقف عند هذه الحادثة الغريبة، عمن العجيب أن يتجاوز أبوهاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، و أن لا يعهد الي أحد من الهاشميين حتي وقع اختياره علي محمد بن علي العباسي، و مهما يكن من أمر فان توجسات الريبة تحيط بتحركات هؤلاء العباسيين. و حادثة عبيدالله بن العباس لا زالت في ذاكرة الهاشميين بعد غدره بالامام الحسن بن علي عليهماالسلام في حادثة الانهزام عن قيادة جيشة و الالتحاق بمعاوية، و استيلاء عبدالله بن العباس علي أموال البصرة



[ صفحه 17]



حسبما ذكره بعض المؤرخون، الا ان بعضعم كانوا يبرئون ساحة عبدالله و ينسبون الحادثة الي عبيدالله، أو الي أحد أولاد العباس بن عبدالمطلب. أو أن بعضهم اعتمد علي مسوغات هذا التصرف من قبل عبدالله بن عباس، و جعل ذلك في ضمن دائرة الممكن من الأعمال التي يرتكبها غير المعصوم، و الذي يفسر الامور في ضوء اجتهاداته القاصرة، الي غير ذلك من تعثر العلاقة بين آل علي و آل العباس، و هذا ما يدفعنا الي عدم ترجيح امكانية ايكال الأمر بالوصية الي محمد بن علي العباسي من قبل أبي هاشم بن محمد العلوي، و أغلب الظن أن الاحتمال عندنا يقوم علي أساس امكانية استغلال الفراغ العلوي في دعوة أبي هاشم، فربما كان الاغتيال مفاجأة أربك العلويين دون أن يدخلوا في عملية انتقال الدعوة اليهم، أو أن محمد بن علي بن عبدالله بادر الي استلام الدعوة بصورة خاطفة ليقطع فيها الطريق علي الآخرين، و منهم العلويين الي استلام الدعوة.

أو يمكن القول: ان العلويين لم يزجوا أنفسهم في مثل هذه التنظيمات «الحزبية» التي يعلمون فيها عاقبة أمرهم من مطاردة الامويين لهم، و من كون أنفاسهم تحصي من قبل عيون الامويين الذين راحوا يراقبون أدني حركاتهم، و دليل ذلك: أن أباهاشم بن محمد بن الحنيفة وقع في فخ الامويين، فكانت نتيجته التصفية و التنكيل، و ذلك لمراقبة الامويين تحركات العلويين و منهم أبوهاشم، في حين يبقي بنو العباس بعيدين عن عيون السلطة و توجساتها؛ حتي استطاع محمد ابن علي أن يكمل مسيرة الدعوة دون الوقوع تحت أنظار السلطة الاموية، و بالفعل استمرت الدعوة العباسية حتي أتت اكلها.

و لا يمكننا أن نغفل عن امكانية محمد بن علي التنظيمية، و معها يمكن أن



[ صفحه 18]



نكتشف دقة تحركاته، و امكانية اختطاف هذا العمل التنظيمي من صاحب الدعوة الرئيسي الزعيم العلوي أبوهاشم، و من هنا يمكننا أن نرجح أن هناك انقلابا دبر في ليل علي دعوة العلويين ليحوزها العباسيون، و يبقي الشك قائما علي كون محمد بن علي قد تزعم التنظيم بوصية أبي هاشم بعد موته.

فالتنظيم الدقيق الذي عمله محمد بن علي يكشف عن براعة و دهاء و حسن تدبير في تحويل التنظيم باسمه، فقد عمل محمد بن علي علي اختيار اثني عشر نقيبا من الدعاة العباسيين: سليمان بن كثير الخزاعي، و مالك بن الهيثم، و طلحة بن زريق، و عمر بن أعين، و عيسي بن أعين، و قحطبة بن شبيب الطائي، و لاهز بن قريظ التميمي، و موسي بن كعب، و القاسم بن مجاشع، و أبوداود خالد بن ابراهيم الشيباني، و أبوعلي الهروي شبل بن طهمان الحنفي، و عمران بن اسماعيل المعيطي.

و اختار سبعين رجلا يأتمرون بأمر هذه المجموعة. و لكننا لم نجد في هذه الأسماء من يمكن ترجيح علويته، فهؤلاء الي العباسيين أقرب منه الي آل علي، فضلا عما نقرؤه في كتاب هذا الزعيم العباسي من تبصر في أحوال البلدان، و تقلبات شعوب الأمصار، و توجهات العامة في أقطار الدولة الاسلامية، و هو في ضوء رؤيته هذه اختط العباسيون لأنفسهم خارطة الدعوة و التنظيم السري، فقد جاء في كتاب محمد بن علي ما نصه:

أما الكوفة و سوادها فشيعة علي و ولده، و أما البصرة و سوادها فعثمانية تدين بالكف، تقول: كن عبدالله المقتول و لا تكن عبدالله القاتل، و أما الجزيرة فحرورية مارقة، و أعراب كأعلاج، و مسلمون



[ صفحه 19]



في أخلاق النصاري. و أما أهل الشام فليس يعرفون الا آل أبي سفيان و طاعة بني مروان، و عداوة راسخة و جهلا متراكما. و أما مكة و المدينة فقد غلب عليهما أبوبكر و عمر، ولكن عليكم بخراسان، فان هناك العدد الكثير و الجلد الظاهر، و هناك صدور سليمة، و قلوب فارغة، لم تتقسمها الأهواء و لم يتوزعها الدغل، و هم جند لهم أبدان و أجسام، و مناكب و كواهل و هامات، و لحي و شوارب، و أصوات هائلة، و لغات فخمة تخرج من أجواف منكرة... و بعد، فاني أتفاءل الي المشرق، و الي مطلع سراج الدنيا و مصباح الخلق. [1] .

و الرسالة تقدم مسحا شاملا لشعوب البقعة الاسلامية، و تصنف الناس علي أساس الولاء السياسي و الفكر العقائدي، الذي وزع أهواءهم بين شيعة علويين كما في الكوفة، و بين عثمانية الدين كما في البصرة، أو حرورية مارقين كما في الجزيرة، و الي مروانية الشام، و عمرية المدينتين، و هو بقدر ما يتشاءم في توزيعه هذا يتطلع الي أهل خراسان الذي ضمن ولاءهم بوصفهم «أهل الصدور السليمة و القلوب الفارغة»، و هي اشارة الي امكانية استغلال الخراسانيين، و الاملاء عليهم ولاء آل بني العباس بحجة النصرة لآل محمد و الرضا لهم، و هم بذلك سيكسبون الجولة في دعوتهم هذه بحزب خراساني جاهز الولاء...

ان ما يثير التساؤل حقا هو ما أشار اليه محمد بن علي العباسي، من أن توجسا حذرا يحيط بولاء الكوفيين في استجابتهم لدعوته، و هو ما يكشف لدينا أن الفجوة الكبيرة التي تفصل الكوفيين عن دعوة العباسيين هذه سببها ما ينظر اليه



[ صفحه 20]



شيعة الكوفة من عدم الثقة في تحرك محمد بن علي، بل عدم مشروعية تحركه، و هو ما يثبت لدينا قضيتين:

الاولي: أن كيسانية أبي هاشم بن محمد بن الحنفية مختلقة حقا، اذ لو كانت حقيقة لاستفاد من ولاء الكوفيين الشيعة، و الكيسانيين الذين يتمركزون في الكوفة كذلك، و هي نفس الدعوي الباطلة في كيسانية المختار الثقفي الذي ظن بعض المؤرخين أنه اتخذ الكوفة منطلقا لحركته؛ لما تضمه الكوفة من المذهب الكيساني، في حين نجد أن محمد بن علي بن عبدالله يبعد احتمالية نصرة الكوفيين له و انضمامهم لدعوته، مما يؤكد لنا أن كيسانية أبي هاشم غير ثابتة، و أن أنصاره من الكيسانية أمر غير حقيقي.

الثانية: أن ابتعاد محمد بن علي بن عبدالله بدعوته عن الكوفيين الشيعة يثبت عدم ولاء الشيعة له، و بالتالي فهو علي غير وفاق مع أبي هاشم بن محمد، الذي أثبتنا عدم كيسانيته، بل الأصح هم ثبوت تشيعه حقيقة، و هي قضية توحي لنا بأن شكا يحوم حول مصرع أبي هاشم علي يد سليمان بن عبدالملك، فلربما كانت تصفية أبي هاشم علي يد محمد بن علي بن عبدالله؛ ليحوز بحظوة قيادة الحركة التنظيمية العلوية، و ليحيلها عباسية صرفة، و هي ما تشير اليه أخبار التنظيم السري من أن محمد بن علي اختار لحركته اثني عشر نقيبا غير معروفين بالولاء العلوي، بل يختصون بولائهم العباسي، أي أن هناك انقلابا نقل زعامة التنظيم بهدوء من القيادة العلوية الي القيادة العباسية، و هو ما أردنا الوصول اليه بعد بحثنا هذا، و خلاصته:

ان قتل أبي هاشم بن محمد بن الحنفية يحتمل أن لا يكون علي يد سليمان بن



[ صفحه 21]



عبدالملك؛ و ذلك اذا كان القتل بسبب ما علمه الامويون من حركة أبي هاشم التنظيمية السرية لكان الآخرون الذين مع أبي هاشم قد تعرضوا للتصفية كذلك، و لو كان الامويون قد اكتشفوا التنظيم و أخذوا أبي هاشم بجريرة الحركة السرية و الانقلاب علي سلطتهم لكان أتباعه الآخرون معرضين لنفس المصير، خصوصا محمد بن علي بن عبدالله الذي عرف بشخصيته و منزلته الخطيرة في قلوب أتباعه، و الترجيح القائم لدينا أن تصفية أبي هاشم بن محمد بن الحنفية حدثت علي يد محمد بن علي بن عبدالله، أو بأمر منه، مما حدا بمحمد هذا أن ينقل التنظيم الي العباسيين و يخصهم و حدهم به، لذلك حاول أن يبتعد عن مركز الولاء العلوي و هو الكوفة، و أن يجد ولاء جديدا يحمله الخراسانيون؛ و ذلك بعد أن بذل جهدا استثنائيا ليربيهم علي دعوته، دون أن يدخل مراكز الولاء العلوية الاخري كالكوفة و اليمن و غيرها في خطته.

هذا ما يمكن أن يكون رأينا في خصوص العلاقة بين أبي هاشم العلوي و بين محمد بن علي العباسي، أي أن هناك اختطافا مفاجئا حدث في نقل التنظيم السري من العلويين الي العباسيين، و منذ تلك اللحظة بدأ تنافس العباسيين للعلويين و توجسهم من وجودهم، و شعور العباسيين بأن هناك حالة غبن تحصل في مشاعر العلويين من استيلاء العباسيين علي الجهد التأسيسي لحركة الثورة علي الامويين و استئصالهم، و كأن شعور الذنب هذا لدي العباسيين ولد عقدة الدونية و النقص لديهم حيال أبناء عمومتهم العلويين؛ مما دعاهم الي ملاحقتهم و محاولة استئصالهم ظنا منهم بأن العلويين يتطلعون الي سلطة مغبونة اختطفها منهم العباسيون في يوم من الأيام، و لعل هذا أحد أسباب العداء العباسي لآل علي



[ صفحه 22]



و محاولة تصفيتهم و ملاحقتهم في كل مكان.

علي أن التصفية العباسية للخصوم فلسفة نشأت منذ تولي العباسيين زعامة التنظيم السري، و هي سليقة تعاظمت لديهم منذ ذلك الحين، فحين نقف علي وصية ابراهيم بن محمد بن علي المعروف بابراهيم الامام نجد أن حالة الانتقام و تصفية الخصوم هي فلسفة الحركة العباسية، بل الدولة العباسية بعد ذلك، اذ استطاع العباسيون أن يفرضوا هيمنتهم علي الخراسانيين بأخذ البري ء بتهمة الجاني، لا علي أساس اليقين، بل ان الشكل كان هو الحاكم في اتخاذ قرار تصفية الخصوم الحقيقيين أو الوهميين؛ لذا فقد سار أبومسلم الخراساني علي أساس وصية ابراهيم بن محمد بن علي العباسي المعروف بابراهيم الامام، علي أن يقتل كل من ظن في معارضته أو شك في ولائه، أو تحسب من معارضته مستقبلا، أو ترجي اصلاح خطتهم بتصفيته.

و خطورة الكتاب المرسل الي أبي مسلم الخراساني تتبين حين أحصي المؤرخون أن مقتل الخصوم أو المعارضين للعباسيين بلغ ستمائة ألف نفس قتلت صبرا، بغض النظر عن صحة هذا الرقم أو المبالغة فيه، و هو أمر ممكن في ظل الظرف السياسي الحرج الذي عاشته الدعوة العباسية و التي لم تجد سبيلا للنصر الا بتصفية الخصوم و قتلهم بطريقة أبي مسلم البربرية، فقد جاء في رسالة ابراهيم الامام ابن محمد بن علي العباسي الموجهة الي أبي مسلم الخراساني ما نصه:

انك رجل منا أهل بيت [2] ، احفظ وصيتي: انظر هذا الحي في



[ صفحه 23]



اليمن فالزمهم و اسكن بين أظهرهم، فان الله لا يتم هذا الأمر الا بهم، و اتهم ربيعة في أمرهم، و أما مضر فانهم العدو القريب الدار، و اقتل من شككت فيه، و ان استطعت أن لا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل، و أيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله. [3] .

و بهذا انتهج العباسيون منذ ذلك الحين سياسة تصفية الخصوم، و القتل علي الظنة و التهمة، و سار خلفاؤهم علي هذه السياسة من البطش و التنكيل بأدني معارضة تصدر، فهم يتهمون الجميع في ولائهم، حتي صنف ابراهيم الامام معارضي الدعوة العباسية الي أربعة أقسام:

أولا: ربيعة، فانهم متهمون في ولائهم للعباسيين، فولاء ربيعة علوي يتطلعون لآل علي و يتشوقون لخلافتهم، و هم بعد ذلك قليلو الحظ من نصرة العباسيين و تأييدهم.

ثانيا: المضريون، و هم أصحاب ولاء أموي، لا يرون لغير الامويين بديلا؛ فلذا عبر عنهم بأنهم «العدو القريب الدار».



[ صفحه 24]



عبر عنهم بأنهم «العدو القريب الدار».

ثالثا: كل من تكلم العربية، و الظاهر أن ذلك اشارة الي أن التشيع في خراسان عربي الأصل، و الذين يتكلمون العربية هم من شيعة علي، بل هم نواة التشيع في خراسان، لذا فان ابراهيم الامام يتوجس من كل من تكلم العربية، و هذا التحذير أثبت أن هوية التشيع هي العربية، و هو أمر يشير الي اولئك البائسين الذين ينظرون الي أن التشيع فارسي الأصل، و أن كل شيعي يحمل معه الهوي الفارسي، في حين يطالعنا هذا النص خلاف ما أشاعه بعض المؤرخين الجدد الذي يحملون في عباراتهم تهمة الفارسية لمذهب التشيع، بل بالعكس، فان تشيع الخراسانيين عربي الأصل و ان كان ينتسب الي العرب بالولاء، و لذا أشار ابراهيم الامام علي أبي مسلم من أن يخلي خراسان من العرب الذين هم شيعة علي.

رابعا: اليمنيون، فهم معروفون بمقامهم و منزلتهم في خراسان، و هم و ان كانوا شيعة علي الا أن الدعوة العباسية لا تتم الا باستقطاب هؤلاء اليمنيين الي هذه الدعوة الجديدة؛ ليضمنوا ولاء الخراسانيين لبني العباس، فاقناعهم يتطلب أمرا كبيرا و جهدا استثنائيا تتطلبه كفاءة أبي مسلم الخراساني. و هنا نقف علي جهود اليمنيين - شيعة أهل البيت - و هم أشعرية اليمن في بذل الجهود الاولي في تشيع الخراسانيين الفرس، و بذلك فالتشيع الفارسي عربي الهوي و الهوية.


پاورقي

[1] عصر المأمون، لأحمد فريد رفاعي: 83.

[2] الظاهر: منا أهل البيت، و هي اللغة التي خاطب بها العباسيون رعيتهم و أنصارهم، و دعوي أنهم هم أهل البيت دعوي تتركز فيها حالة العداء و التنافس لأهل بيت النبي من آل علي صلوات الله عليهم؛ لذا حاول العباسيون أن يسوقوا فكرة انتسابهم لآل البيت لعقدة النسب التي كان يعاني منها بنوالعباس، فضلا عن شعورهم بمنافسة آل علي بنسبهم التليد هذا، و الذي يأخذ مأخذه من قلوب المسلمين فينزلونهم بمنزلتهم العظيمة، في حين يبقي العباسي يعاني من عقدة هذا الشعور، فهو يحاول أن يعزز فكرة الانتساب هذا بطرق عدة ليقطع الطريق علي المعارضة العلوية التي تطالبه - علي الأقل - بشرف الانتساب للنبي و كونهم سلالته و ذريته، فضلا عن تعزيز فكرة أن آية التطهير تشمل حتي العباسيين؛ لأنهم من آل البيت المقصودين في الآية (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) الأحزاب: 33. فهم مشمولون بالعصمة، و معني ذلك: أنهم منزهون عن ارتكاب القبائح، و كل ما يفعله العباسي يدخل في نطاق العصمة، و لا يعد خرقا للمحذور الشرعي.

[3] عصر المأمون، أحمد فريد رفاعي: 84.