بازگشت

القراءة (2)


يتطلع المأمون بكل ثقة الي قراءة المجريات التاريخية علي أساس الواقع الموضوعي بكل تجرد، فهو بغض النظر عن دوافعه لهذه القراءات التاريخية و دواعيه المختلفة فان تحليله لسبب القطيعة بين العباسيين و بين العلويين ببيان مظلمة العلويين مما ارتكبه العباسيون من قطيعة الرحم، (و أما ما كان يفعله من قبلي بهم، فقد كان قاطعا للرحم) [1] فالقاء المسؤولية علي الجانب العباسي تنظير للمسيرة التاريخية و حقائقها المختفية وراء حجب الاعتذار الذي تعهدته الكتابات التاريخية الدائرة في فلك النظام، و المأمون اليوم يكشف عن هذه الخفايا؛ ليجسد الحيف الذي عاناه أهل البيت عليهم السلام و أتباعهم.

و لا يهمنا دوافع المأمون من موقفه هذا بقدر ما هي محاولة لتعزيز وجهة نظره في اتخاذ اجراءات لتقريب العلويين، و الدفاع عن سياسته الجديدة التي فاجأ بها



[ صفحه 81]



بني أبيه من العباسيين، فالقاء اللائمة علي السياسة العباسية في عدائها التقليدي للعلويين عزز الموقف الجديد لتوجهات المأمون. و بهذا التنظير كسب المأمون جولة النزاع الأيديولوجي بين التوجهين العباسيين: العباسية التقليدية التي يقودها عباسيون محافظون، و العباسية المأمونية التي يتزعمها المأمون و تياره الاصلاحي المنفتح لايجاد مخرج لأزمة العلاقة المتشنجة بينهم و بين آل علي الأقرب الي قلوب الناس، و الأحق بهذا الأمر، و علي أساس قناعات جديرة بالاهتمام لاستنادها علي أدلة شرعية منطقية.


پاورقي

[1] مناقب آل الرسول للنجف آبادي: ص 209.