بازگشت

القراءة (1)


دعوة المأمون لأبي جعفر الجواد عليه السلام و اقامته في العاصمة أضاف لقناعاتنا مؤشرا آخر علي تورط المأمون في اغتيال الامام الرضا و تصفيته جسديا، و محاولة المأمون ابعاد هذه التهمة عنه، فضلا عن امتصاص النقمة الجماهيرية لدي الأوساط العامة من المسلمين و خصوصا شيعة الامام، الذين باتوا يدركون أهمية المعارضة ضد النظام، و محاولة تنظيم صفوفهم لايقاف الانتهاكات التي ارتكبها المأمون و نظامه من اجبار الامام الرضا عليه السلام علي مغادرة المدينة و الاقامة في خراسان، و فرض قبول ولاية العهد بالتهديد و القوة، حتي النهاية التي انتهت اليها مخططات المأمون من اغتيال مشروعه السياسي الذي تبناه، و هو المصالحة مع الأطراف الشيعية و العمل علي ايجاد هدنة لوقف الاحتجاجات الشيعية و معارضتها، و قد احترمت هذه القواعد رغبة المأمون في ايجاد مخرج للأزمة السياسية بينه و بين المعارضة الشيعية، فضلا عن منح الثقة لنظام المأمون في الأخذ بزمام المبادرة في تنقية الأجواء المبلدة بغيوم القطيعة دائما، و المتوترة بين البيتين: العباسي الحاكم، و العلوي المعارض.

الا أن المأمون لم يحسن المهمة، فأودي بمشروعه و دعاواه الاصلاحية؛ و ذلك بتعرض الامام الرضا عليه السلام للتصفية علي يديه، كما مر.

و اليوم يريد المأمون ترميم هذه المحاولة الاصلاحية بدعوة الامام الجواد عليه السلام للاقامة عمده، الا أنه أخذت المحاولة هذه المرة منحي آخر، و هو تأمين جانب الامام الجواد خشية أن تصدر من قبل الامام محاولة الثأر و الانتقام لوالده - هكذا تصور المأمون؛ و ذلك علي أساس الحسابات السياسية المتعارفة في البلاط العباسي، و التي ابتعد عنها أهل البيت عليهم السلام تماما - فلعل الامام يوعز لقواعده



[ صفحه 80]



الشيعية بالتحرك ضد النظام و اعلان التمرد أو الانتفاضات و حتي الثورات الشعبية، الا أن أئمة أهل البيت عليهم السلام لم ينتهجوا هذا الاسلوب المادي في المواجهة مع الحاكم، بقدر ما أرادوا عليه السلام الابقاء علي وحدة الامة و العمل علي تربيتها الروحية و الأخلاقية، و أي تقدم في هذا المضمار يعد نجاحا كبيرا في مهمة الامام عليه السلام و انجازا يحققه علي صعيد تنفيذ الرسالة، و تحقيق الاطروحة الالهية في تكامل الانسان و تنامي المجتمع الرسالي.

هذا أحد الأسباب - كما نري - من دعوة المأمون للامام عليه السلام الي الاقامة عنده و الزواج بابنة المأمون تنفيذا لرغبته.