بازگشت

المناظرة... الجولة الحاسمة


فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه، و حضر معهم يحيي بن أكثم، و أمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر دست، و يجعل له فيه مسورتان [1] ، ففعل ذلك، و خرج أبو



[ صفحه 74]



جعفر و هو يومئذ ابن تسع سنين و أشهر، فجلس بين المسورتين، و جلس يحيي بن أكثم بين يديه، و قام الناس في مراتبهم، و المأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه الصلاة و السلام.

فقال يحيي بن أكثم للمأمون: يأذن لي أميرالمؤمنين أن أسال أباجعفر عن مسألة؟

فقال له المأمون: استأذنه في ذلك، فأقبل عليه يحيي بن أكثم، فقال: أتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟

فقال أبوجعفر عليه السلام: «سل ان شئت».

قال يحيي: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا؟

فقال أبوجعفر عليه السلام: «قتله في حل أو حرم؟ عالما كان المحرم أو جاهلا؟ قتله عمدا أو خطأ؟ حرا كان المحرم أو عبدا؟ صغيرا كان أو كبيرا؟ مبتدأ بالقتل أو معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد أم من كبارها؟ مصرا علي ما فعل أو نادما؟ في الليل كان قتله للصيد أم في النهار؟ محرما كان بالعمرة اذ قتله أو بالحج كان محرما».

فتحير يحيي بن أكثم و بان في وجهه العجز و الانقطاع، و لجلج حتي عرف جماعة أهل المجلس أمره. فقال المأمون: الحمدلله علي هذه النعمة و التوفيق لي في الرأي، ثم نظر الي أهل بيته فقال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟


پاورقي

[1] المسور و المسورة: متكا من أدم، و جمعها المساور. لسان العرب: 6 / 428 (مادة: سور).