بازگشت

الامام الجواد في ظل والده العظيم


و عاش الامام الجواد عليه السلام بصحبة والده العظيم سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

و كانت دلائل امامته تظهر يوما بعد يوم، و آيات عظمته تتجلي ساعة بعد ساعة، و علامات جلالته تنكشف في كل حين.

و قد حل في أوسع مكان في قلب والده البار العطوف،



[ صفحه 60]



يشمله بعواطفه و يغمره بألطافه.

و كان الامام الرضا عليه السلام يعجبه أن يذكر ولده العزيز بكل تعظيم و تجليل، فلا يذكره باسمه، بل يذكره دائما بكنيته، و يخاطبه بأبي جعفر، و يذكره بأبي جعفر. فهذا «محمد بن أبي عباد» كان كاتبا للامام الرضا عليه السلام، يقول:

ما كان يذكر الامام الرضا عليه السلام ابنه محمدا الا بكنيته، يقول عليه السلام: «كتب الي أبوجعفر» و «كتبت الي أبي جعفر» و هو صبي بالمدينة، فيخاطبه بالتعظيم.

و ترد كتب أبي جعفر عليه السلام في نهاية البلاغة و الحسن، فسمعته (أي الامام الرضا) عليه السلام يقول: أبوجعفر وصيي،، و خليفتي في أهلي من بعدي. [1] .

و خرج الامام الرضا عليه السلام من المدينة نحو مكة، و منها الي خراسان، و فرق الدهر الخؤون بين الوالد العظيم، و ولده الحبيب العزيز الصغير، و فلذة كبده و قرة عينه، و ثمرة فؤاده.

فكان يرسل الرسائل العديدة الي ولده العزيز.

و ربما كتب له: «فداك أبوك»!

نعم، فارق الامام الرضا عليه السلام ولده و هو يعلم أنه لا يرجع اليه بعد ذلك اليوم.

فانه عليه السلام جمع عياله و أمرهم أن يبكوا عليه، و قال: اني لا أرجع الي عيالي أبدا. [2] .



[ صفحه 61]



و انقضت سنوات أربع أو خمس، و استشهد الامام الرضا عليه السلام في بلاد الغربة، و قضي نحبه مسموما.

و أخبر الامام الجواد عليه السلام الأسرة الكريمة و العائلة الشريفة - في نفس اليوم - أن يقيموا المأتم لذلك الامام الذي قتل بالسم غريبا عن أهله و عشيرته.

و حضر الامام الجواد عليه السلام عند والده قبل وفاته - و هو ابن تسع سنين - و لما توفي الامام الرضا عليه السلام، قام الامام الجواد عليه السلام بتجهيز جثمان والده، من التغسيل و التحنيط و التكفين و الصلاة عليه.

كل ذلك بقدرة الله تعالي و معجزة الامامة. [3] .



[ صفحه 63]




پاورقي

[1] عن كتاب عيون أخبار الرضا.

[2] عن كتاب عيون أخبار الرضا.

[3] الامام الجواد عليه السلام من المهد الي اللحد للسيد محمد كاظم القزويني ص 44 - 42.