بازگشت

وفاته و شهادته


من الواضح الذي لا شك فيه أن الامام الجواد عليه السلام ما مات



[ صفحه 230]



حتف أنفه، و لم يذكر أحد من المؤرخين أن الامام أصيب بمرض أو داء عضال أودي بحياته، بل من الصحيح أن نقول: بأن المؤرخين و المحدثين - الا النادر - قد أتفقت كلمتهم علي أن الامام الجواد عليه السلام قضي نحبه مسموما.

و قد اختلفت كلماتهم في كيفية دس السم اليه، ولكنهم أجمعوا علي أن المعتصم هو السبب الرئيسي لهذه الجريمة النكراء، و الجناية العظيمة. في ترجمة محمد بن الحسين بن أبي الخطاب - قصة السارق الذي اختلف فقهاء البلاط العباس في قطع يده، و دخل ابن أبي داؤد علي المعتصم ينصحه، و يلومه علي الأخذ بقول الامام الجواد، و ترك أقوال الفقهاء. و هنا نذكر بقية الحديث:

قال: فأمر [المعتصم] اليوم الرابع، فلانا [من كتاب وزرائه] بأن يدعوه [أي يدعو الامام الجواد] الي منزله، فدعاه، فأبي أن يجيبه، و قال عليه السلام: قد علمت أني لا أحضر مجالسكم!

فقال: اني انما أدعوك الي الطعام، و أحب أن تطأ ثيابي [1] ، و تدخل منزلي، فأتبرك بذلك، فقد أحب فلان بن فلان (من وزراء المعتصم) لقاءك.

فسار اليه، فلما طعم منه أحس السم، فدعا بدابته، فسأله رب المنزل أن يقيم، قال عليه السلام: خروجي من دارك خير لك.

فلم يزل يومه ذلك و ليله في خلفة [2] حتي قبض عليه السلام [3] .



[ صفحه 231]



و في المناقب: لما بويع المعتصم جعل يتفقد أحواله [أي أحوال الامام الجواد عليه السلام]، فكتب الي عبدالملك الزيات أن ينفذ اليه التقي [الامام الجواد عليه السلام] و أم الفضل.

فأنفذ الزيات علي بن يقطين اليه، فتجهز، و خرج الي بغداد، فأكرمه و عظمه، و أنفذ (المعتصم) أشناس [4] بالتحف اليه و الي أم الفضل.

ثم أنفذ شراب حماض الاترج [5] تحت ختمه علي يدي اشناس.

فقال [أشناس]: ان أميرالمؤمنين (أي المعتصم) ذاقه قبل أحمد بن أبي داؤد، و سعيد بن الخضيب، و جماعة من المعروفين، و يأمرك أن تشرب منها بماء الثلج، و صنع بالحال.

و قال [الامام] أشربها بالليل.

قال [أشناس]: انها تنفع باردا، و قد ذاب الثلج.

و أصر علي ذلك، (فشربها...).

و في (عيون المعجزات).. ثم أن المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر (الجواد) عليه السلام، و أشار علي ابنة المأمون: زوجته [أي زوجة الامام] بأن تسمه، لأنه وقف [6] علي انحرافها عن أبي جعفر عليه السلام و شدة غيرتها عليه، لتفضيله أم أبي الحسن



[ صفحه 232]



(الهادي) عليها، و لأنه لم يرزق منها [7] ولدا؛

فأجابته الي ذلك، و جعلت سما في عنب رازقي، و وضعته بين يديه فلما أكل منه ندمت، و جعلت تبكي!!

فقال (الامام) عليه السلام: ما بكاؤك؟ والله ليضربنك الله بعقر [8] لا ينجبر، و بلاء لا ينستر.

فماتت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها، صارت ناصورا [9] فأنفقت مالها، و جميع ما ملكته علي تلك العلة، حتي أحتاجت الي الاسترفاد [10] .

و هناك قول آخر في كيفية دس السم الي الامام الجواد من ناحية زوجته أم الفضل، و لا داعي لذكره.

و في كلام الامام الرضا عليه السلام لرجل من أصحابه - و هو كليم بن عمران -: قد ولد لي شبيه موسي بن عمران... ثم قال الرضا عليه السلام: يقتل غصبا، فيبكي له و عليه أهل السماء، و يغضب الله تعالي علي عدوه و ظالمه، فلا يلبث الا يسيرا، حتي يعجل الله به الي عذابه الأليم، و عقابه الشديد).

و اختلفت الأقوال في تاريخ وفاته، و المشهور أنه عليه السلام توفي في آخر ذي القعدة، سنة مائتين و عشرين من الهجرة، و عمره



[ صفحه 233]



خمسة و عشرون سنة، و أشهر و أيام [11] .


پاورقي

[1] تطأ ثيابي: أي تضع قدمك علي فراشي حتي أتبرك بذلك!!.

[2] الخلفة: الهيضبة و الاسهال علي أثر التسمم.

[3] تفسير العياشي ج 1 / 319.

[4] اشناس: قائد تركي من قواد المعتصم العباسي.

[5] حماض - علي وزن رمان - نبت حامض، له ورد أحمر، و يقال له - بالفارسية -. ريواس. و هو علي أقسام، و قسم يقال له: حماض الاترج. (لغت نامه دهخدا).

[6] وقف: علم و اطلع.

[7] أي من أم الفضل.

[8] العقر: الجرح.

[9] الناصور - أو: الناسور - علة أو قرحة في أسافل البدن.

[10] الاسترفاد: الاستعطاء.

[11] الامام الجواد من المهد الي اللحد للسيد محمد كاظم القزويني ص 384 - 381.