بازگشت

في خبر زوجته أم الفضل و عدم تأثير السيف فيه


«السيد المرتضي في عيون المعجزات» قال: حدث صفوان بن يحيي قال: حدثني أبونصر الهمداني، قال: حدثتني «حكيمة بنت أبي الحسن القرشي» و كانت من الصالحات «رضي الله عنها» قالت:

لما قبض أبوجعفر محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم.

أتيت أم الفضل بنت المأمون، أو قالت: أم عيسي بنت المأمون، فعزيتها فرأيتها شديدة الحزن و الجزع، تقتل نفسها بالبكاء و العويل، فخفت عليها تتصدع مرارتها.



[ صفحه 214]



فبينما نحن في حديث كربه و وصف خلقه، و ما أعطاه الله تعالي من العز و الاخلاص و منحه من الشرف و الكرامة.

اذ قالت زوجته بنت المأمون: ألا أخبرك عنه عليه السلام بشي ء عجيب و أمر جليل فوق الوصف و المقدار؟

قلت: و ما ذاك؟

قالت: كنت أغار عليه كثيرا و أرقبه أبدا، و ربما يسمعني الكلام، فأشكو ذلك الي المأمون، فقال: يا بنية احتمليه فانه بضعة من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فبينا أنا جالسة ذات يوم، اذ دخلت علي جارية، فسلمت، فقلت: من أنت؟ فقالت: أنا جارية من ولد عمار بن ياسر، و أنا زوجة أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام زوجك.

فدخلني من الغيرة ما لا أقدر علي احتماله، و هممت أن أخرج و أسيح في البلاد، و كان الشيطان يحملني علي الاساءة بها.

فكظمت غيظي و أحسنت رفدها و كسوتها.

فلما خرجت عني لم أتمالك أن نهضت و دخلت عن أبي، فأخبرته بذلك، و كان سكرانا لا يعقل.

فقال: يا غلام علي بالسيف، فأتي به، ثم ركب و قال: والله لأقطعنه.

فلما رأيت ذلك، قلت: انا لله و انا اليه راجعون، ما صنعت بنفسي و زوجي و جعلت ألطم وجهي.

فدخل عليه أبي.



[ صفحه 215]



و ما زال يضربه بالسيف، حتي قطعه، ثم خرج و خرجت هاربة خلفه، و لم أرقد ليلتي غما و قلقا.

فلما أصبحت، أتيت أبي و قلت: أتدري ما صنعت البارحة؟ قال: و ما صنعت؟ قلت: قتلت ابن الرضا.

فبرق عينه و غشي عليه، فلما أفاق من غشوته، قال: ويلك ما تقولين؟ قلت: نعم والله يا أبت، دخلت عليه و لم تزل تضربه بالسيف حتي قطعته.

فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا، ثم قال: علي بياسر الخادم.

فلما أتي به قال: ما هذا الذي تقول هذه؟

قال ياسر: صدقت يا أميرالمؤمنين.

فضرب أبي بيده علي صدره و خده و قال: انا لله و انا اليه راجعون، هلكنا والله و أعطبنا و أفتضحنا آخر الأبد، اذهب ويلك و انظر ما القصة و عجل علي بالخبر، فان نفسي تكاد تخرج الساعة.

فخرج ياسر و أنا ألطم خدي و وجهي، فما كان بأسرع ما رجع و قال: البشري يا أميرالمؤمنين.

فقال: لك البشري، فقال: ما لك؟

قال: دخلت اليه و اذا هو عليه السلام جالس و عليه قميص، و قد اشتمل بدواج و هو يستاك، فسلمت عليه و قلت: يابن رسول الله أحب أن تهب لي قميصك هذا أصلي فيها و أتبرك به، و انما أردت أن أنظر الي جسده هل فيه جراحة أو أثر سيف؟



[ صفحه 216]



فقال عليه السلام: بل أكسوك خيرا منه.

قلت: لست أريد غير هذا القميص، فخلعه عليه السلام، فنظرت الي جسده ما به أثر سيف.

فبكي المأمون بكاء شديدا و قال: ما بقي بعد هذا شي ء ان ذلك عبرة للأولين و الآخرين.

ثم قال المأمون: يا ياسر، أما ركوبي اليه و أخذ السيف و الدخول عليه، فاني أذكره و خروجي عنه و ما فعلته فلست أذكر شيئا منه، و لا أذكر أيضا انصرافي الي مجلسي، و كيف كان أمري و ذهابي، لعن الله هذه الابنة لعنا و بيلا.

تقدم اليها و قل لها: يقول لك أبوك: لئن جئتني بعد هذا اليوم و شكوت منه أو خرجت بغير اذنه لأنتقمن له منك.

ثم صر اليه عليه السلام يا ياسر و أبلغه عني السلام، و احمل اليه عشرين ألف دينار و قد اليه الشهري الذي ركبته البارحة، و مر الهاشميين و القواد بأن يركبوا اليه و يسلموا عليه.

قال ياسر: خرجت الي الهاشميين و القواد فأعلمتهم ذلك و حملت المال اليه و قدت الشهري و صرت اليه عليه السلام و دخلت عليه و أبلغته السلام و وضعت المال بين يديه و عرضت اليه الشهري.

فنظر اليه عليه السلام ساعة، ثم تبسم و قال: يا ياسر هكذا كان العهد بيني و بينه.

فقلت: يا سيدي دع عنك العتاب، فوالله جل و عز و حق جدك محمد صلي الله عليه و آله و سلم ما كان يعقل من أمره شيئا، و ما علم أين هو في أرض الله، و قد نذر لله نذرا و حلف أن لا يسكر أبدا.



[ صفحه 217]



و لا تذكر له شيئا، و لا تعاتبه علي ما كان منه.

فقال عليه السلام: هكذا كان عزمي و رأيي.

فقلت: ان جماعة من بني هاشم و القواد بالباب، بعثهم ليسلموا عليك و يكونوا معك اذا ركبت.

فقال عليه السلام: أدخل بني هاشم و القواد، ما خلا عبدالرحمن بن الحسن، و حمزة بن الحسن.

فخرجت اليهم و أدخلتهم، فسلموا و خدموا.

فدعا عليه السلام بالثياب و لبس و نهض و ركب معه الناس حتي دخلوا علي المأمون.

فلما رآه قام اليه و ضمه الي صدره و رحب به، و لم يأذن لأحد بالدخول عليه، و لم يزل يحدثه و يساره.

فلما انقضي ذلك قال له أبوجعفر عليه السلام: يا أميرالمؤمنين.

فقال المأمون: لبيك و سعديك.

قال عليه السلام: لك نصيحة فاقبلها.

فقال المأمون: حمدا و شكرا فما ذلك؟

فقال عليه السلام: أحب أن لا تخرج بالليل، فاني لست آمن عليك هذا الخلق المنكوس.

و عندي حرز تحصن به نفسك و تحترز من الشرور و البلايا و المكاره و الآفات و العاهات، كما أنقذني الله منك البارحة، ولو لقيت به جيوش الروم أو أكثر، و اجتمعت عليك و علي غلبتك أهل الأرض جميعا ما تهيأ لهم فيك شيئا بقدرة الله تعالي و جبروته، و من مردة الشياطين من الجن و الأنس، فان أحببت بعثت به اليك



[ صفحه 218]



تحرز به نفسك من جميع ما ذكرته، و ما تحذره، مجرب فوق الحد و المقدار من التجربة.

فقال المأمون: تكتب ذلك بخطك و تبعث به الي لأنتهي فيه الي ما ذكرته.

فقال له المأمون: أن أكتب فداك ابن عمك تجد علي شيئا مما قدر مني فاعف و اصفح.

فقال عليه السلام: لا أجد شيئا، و لم يكن الا خيرا.

فقال المأمون: والله لأتقربن الي الله تعالي بخراج الشرق و الغرب و لأغدون و أنفق فيه ما أملك كفارة لما سلف.

ثم قال: يا غلام الوضوء و الغدا و أدخل بني هاشم، فدخلوا و أكلوا معه و أمر لهم بالخلع و الجوائز علي الاقدار، ثم قال لأبي جعفر عليه السلام: انصرف في كلاءة الله عز اسمه و حفظه، فاذا كان في غد، فابعث الي بالحرز.

فقام عليه السلام و ركب، و أمر القواد أن يركبوا معه حتي يأتي منزله.

قال ياسر: فلما أصبح أبوجعفر عليه السلام بعث الي و دعاني و دعي بجلد ظبي من رق، ثم كتب عليه السلام فيه بخطه الحرز، و هو معروف و نسخته عند أكثر الشيعة، و ليس هذا موضعه.

و كنت، ثم قال عليه السلام: يا ياسر احمله يا ياسر احمله الي أميرالمؤمنين، و قل له يصنع له فص من فضة، فاذا أراد شده عضده الأيمن، «فيتوضأ وضوء حسنا سابغا، و ليصل أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة «فاتحة الكتاب»، و سبع مرات «آيةالكرسي»،



[ صفحه 219]



و سبع مرات «شهد الله»، و سبع مرات «و الشمس و ضحيها»، و سبع مرات «و الليل اذا يغشي»، و سبع مرات «قل هو الله أحد».

ثم شده علي عضده الأيمن عند النوائب يسلم بحول الله و قوته من كل شي ء يخافه و يحذره.

«و رواه الراوندي» قال: ان محمد بن ابراهيم الجعفري روي عن «حكيمة بنت الرضا عليه السلام» قالت:

لما توفي أخي محمد عليه السلام، صرت يوما الي امرأته أم الفضل بنت المأمون العباسي الخليفة، لسبب احتجت اليها فيه.

قالت: فبينما نحن نتذاكر فضل محمد عليه السلام و كرمه، و ما أعطاه الله تعالي من العلم و الحكمة، اذ قالت امرأته أم الفضل:

يا حكيمة، أخبرك عن أبي جعفر محمد بن الرضا عليهم السلام بأعجوبة لم يسمع أحد بمثلها؟ قلت: و ما ذاك؟.

قالت: انه كان ربما غايرني مرة بجارية و مرة بتزويج، فكنت أشكوه الي المأمون، فيقول: يا بنية احتملي فانه ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فبينا أنا ذات ليلة جالسة اذ أتت امرأة، فقلت: من أنت؟

و كأنها قضيت بان، أو غصن خيزران.

قالت: أنا زوجة أبي جعفر.

قلت: من أبوجعفر؟

قالت: محمد بن الرضا عليهماالسلام: و أنا امرأة من ولد عمار بن ياسر.



[ صفحه 220]



قالت: فدخل علي من الغيرة ما لم أملك نفسي.

فنهضت من ساعتي، و صرت الي المأمون و هو ثمل من الشراب، و قد مضي من الليل ساعات، فأخبرته بحالي و قلت له: انه يشتمني و يشتمك و يشتم العباس و ولده، و قلت ما لم يكن.

فغاظه ذلك مني حدا و لم يملك نفسه من السكر، وقام مسرعا، فضرب بيده الي سيفه، و حلف أن يقطعه بهذا السيف.

قالت: فندمت عند ذلك و قلت في نفسي: ما صنعت هلكت و أهلكت.

قالت: فعدوت خلفه لأنظر ما يصنع؟

فدخل اليه و هو عليه السلام نائم، فوضع فيه السيف فقطعه قطعا، ثم وضع السيف علي حلقه فذبحه، و أنا أنظر اليه و ياسر الخادم، و انصرف و هو يزبد مثل الجمل.

قالت: فلما رأيت ذلك، هويت علي وجهي، ثم رجعت الي منزل أبي، فبت بليلة لم أنم فيها حتي أصبحت.

قالت: فلما. أصبحت، دخلت اليه، و هو قائم يصلي، و قد أفاق من السكر، فقلت له، يا أميرالمؤمنين هل تعلم ما صنعت الليلة؟

قال: لا والله فما الذي صنعت ويلك؟

قلت: فانك صرت الي ابن الرضا عليه السلام و هو نائم، فقطعته اربا اربا و ذبحته بسيفك و خرجت من عنده.

قال: ويلك ما تقولين؟ قالت: أقول ما فعلت.



[ صفحه 221]



فصاح: يا ياسر ما تقول هذه المعلونة ويلك؟

قال: صدقت في كل ما قالت.

قال انا لله و انا اليه راجعون هلكنا و افتضحنا، ويلك يا ياسر بادر اليه و ائتني بخبره.

فمضي اليه عليه السلام ثم عاد مسرعا، قال: يا أميرالمؤمنين، البشري، قال: ما وراءك؟

قال: دخلت عليه عليه السلام و اذا هو قاعد يستاك، فبقيت متحيرا في أمره، ثم أردت أن أنظر الي بدنه عليه السلام هل فيه شي ء من الأثر؟

فقلت له عليه السلام أحب أن تهب لي هذا القميص الذي عليك لأتبرك به.

فنظر الي عليه السلام كأنه علم ما أردت بذلك، فقال: أكسوك كسوة فاخرة فقلت: لست أريد غير هذا القميص.

فخلعه عليه السلام و كشف لي عن بدنه كله، ما رأيت أثرا.

فخر المأمون ساجدا، و وهب لياسر ألف دينار و قال: الحمدلله الذي لم يبلني بدمه، ثم قال: يا ياسر، أما مجي ء هذه الملعونة الي و بكاؤها بين يدي، فأذكره، و أما مصيري اليه، فلست أذكره.

فقال ياسر: والله يا مولاي ما زلت تضربه بالسيف، و أنا و هذه ننظر اليك، حتي قطعته قطعة قطعة، ثم وضعت سيفك علي حلقه فذبحته، و أنت تزبد كما يزبد البعير، فقال: الحمدلله.



[ صفحه 222]



ثم قال لي: والله لئن عدت بعدها الي بشكواك فيما يجري بينكما، لأقتلنك.

ثم قال: يا ياسر احمل اليه عشرة آلاف دينار، و سله الركوب الي، و ابعث الي الهاشميين و الأشراف و القواد ليركبوا في خدمته عليه السلام الي عندي، و يبدوا بالدخول عليه و التسليم عليه.

ففعل ياسر ذلك و صار الجميع بين يديه، و أذن الجميع بالدخول.

فقال عليه السلام: يا ياسر هذا كان العهد بيني و بينه.

قلت: يابن رسول الله ليس هذا وقت العتاب، فوحق محمد و علي ما يعقل من أمره شيئا، ثم أذن عليه السلام للأشراف كلهم بالدخول، الا عبدالله و حمزة ابني الحسن، كانا وقعا فيه عند المأمون، و سعيا به مرة بعد أخري.

ثم قام عليه السلام فركب مع الجماعة و صار الي المأمون، فتلقاه و قبل بين عينيه و أقعده علي المقعد في الصدر، و أمر أن يجلس الناس ناحية و خلا به و جعل يعتذر اليه.

فقال له أبوجعفر عليه السلام: لك عندي نصيحة، فاسمعها مني.

قال: هاتها.

قال عليه السلام: أشير عليك بترك الشراب المسكر.

فقال: فداك ابن عمك، قد قبلت نصيحتك. [1] .



[ صفحه 225]




پاورقي

[1] مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ص 531 - 529.

و الصورة الثانية منه ذكره كشف الغمة لأبي الحسن الاربلي ج 3 ص 158 - 157.

و ذكره ابن شهرآشوب في المناقب ج 4 ص 395 - 394.