بازگشت

علمه بما في نفس عيسي بن محمد من الشك في امامته و علمه بالغائب


«الحضيني» بأسناده: عن «عيسي بن محمد بن الوليد بن



[ صفحه 159]



زيد» قال: أتيت أباجعفر عليه السلام، فوجدت في فناء داره قوم كثيرون. و رأيت مسافرا جالسا في معزل منهم، فعدلت اليه فجلست معه حتي زالت الشمس.

فقمت الي الصلاة، فصليت الزوال و فرض الظهر و النوافل بعدها، وزدت أربع ركعات و فرض العصر، و أحسست بحركته ورائي. فالتفت فاذا أنا بأبي جعفر عليه السلام، فقمت اليه فسلمت عليه و قبلت يديه و رجليه، فجلس عليه السلام و قال: ما الذي أقدمك؟.

و كان في نفسي مرض من امامته عليه السلام،فقال لي: سلم، فقلت: قد سلمت.

فقال لي عليه السلام: سلم، فقلت: يا سيدي قد سلمت.

فقال لي: ويحك سلم: و تبسم في وجهي، فأفاق الي عقلي، فقلت: و قد سلمت اليك يابن رسول الله و رضيت بك اماما.

فكأن الله قد جلي عني غمه، و أزال ما في قلبي من المرض في امامته، حتي لو اجتهدت رمثا لشك فيه، ما وصلت اليه.

ثم عدت من الغد و ما معي خلق و لا ورائي خلق، و أنا أتوقع أن يأتي أحد، فضاق ذلك علي، و اشتد علي الجوع، حتي جعلت أشرب الماء و أطفي به حرما أجد من الحر و الجوع.

فبينا أنا كذلك، اذ أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا عليه طعام ألوان، و غلام آخر و معه طشت و ابريق، حتي وضعه بين يدي.



[ صفحه 160]



فقال لي: مولانا يأمرك أن تغسل يدك و تأكل، فغسلت يدي و أكلت. فاذا أنا بأبي جعفر عليه السلام قد أقبل، فقمت اليه فأمرني بالجلوس و الأكل. فجلست و أكلت، فنظر الي الغلام يرفع ما يسقط من الخوان.

فقال له: كل معه، حتي اذا عرفت و رفع الخوان، ذهب الغلام يرفع ما سقط من الخوان علي الأرض.

فقال له عليه السلام: ما كان في الصحراء فدعه، ولو فخذ شاة، و ما كان في البيت فتتبعه و القطه و كله، فان فيه رضا الرب و مجلبة الرزق و شفاء من الداء.

ثم قال لي عليه السلام: سل. فقلت: جعلت فداك ما تقول في المسك؟ فقال لي عليه السلام: ان الرضا عليه السلام أمر أن يتخذ له مسك فيه بان.

فكتب اليه الفضل بن سهل يقول له: يا سيدي ان الناس يعيبون ذلك عليك.

فكتب اليه عليه السلام: يا فضل أما علمت أن يوسف الصديق عليه السلام كان يلبس الديباج مزرورا بأزرار الذهب و اللجين، فلم يضره ذلك و لم ينقص من نبوته و حكمته شيئا. و أن سليمان بن داود عليه السلام صنع له كرسي من ذهب و لجين و رصع بالجوهر و الحلي و عمل له درج من ذهب و لجين، فكان اذا صعد علي الدرج اندرجت وراءه، و اذا نزل انتشرت بين يديه، و الغمام تظله، و الجن و الأنس وقوف لأمره، و الرياح تنسم و تجري كما أمرها، و السباع و الوحش و الهوام مدللة عكف حوله، و الملأ تختلف اليه، فما ضره ذلك و لا نقص من نبوته شيئا، ولا منزلته عندالله.



[ صفحه 161]



و قد قال الله عزوجل: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) [1] .

ثم أمر أن يتخذ له غالية، فاتخذت بأربعة آلاف دينار و عرضت عليه. فنظر اليها و الي سرورها و حسنها و طيبها، فأمر أن تكتب رقعة فيها عوذة من العين: و قال: العين حق.

فقلت له: جعلت فداك فما لمواليكم من موالاتكم؟.

فقال عليه السلام: الصادق جعفر بن محمد عليه السلام كان له غلام يمسك بغلته اذا دخل المسجد، فبينا هو بعض الأيام و هو جالس في المسجد، اذ أقبلت رفقة من خراسان، فأقبل بها الرجل الي الغلام و في يده البغلة.

فقال له من داخل المسجد: قال له مولاي جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام. فقال له الرجل: هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك، فأكون مملوكا و أجعل لك مالي كله، فاني كثير المال، كثير الضياع: و أشهد لك بجميعه و أكتب، و تمضي الي خراسان و تقبضه، و أقيم أنا معه مكانك.

فقال الغلام: أسأل مولاي ذلك، فلما كان خرج، قدم بغلته حتي ركب فاتبعه كما كان يفعل، فلما نزل في داره و استأذن الغلام و دخل عليه، فقال: يا مولاي، تعرف خدمتي و طول صحبتي، فان ساق الله لي خيرا تمنعني منه.



[ صفحه 162]



فقال له: أعطيك من عندي و أمنعك من غيري، حاش لله.

فحكي له حديث الخراساني.

فقال له عليه السلام: ان زهدت في خدمتنا أرسلناك، و ان رغبت فينا قبلناك. فولي الغلام فقال له عليه السلام: أنصحك لطول الصحبة و لك الخيار، قال: نعم. فقال عليه السلام: اذا كان يوم القيامة كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم متعلقا بنور الله، آخذا بحجزته، و كذلك أميرالمؤمنين عليه السلام و فاطمة عليهاالسلام، و الحسن و الحسين و الأئمة منهم عليهم السلام، و كذلك شيعتنا معنا يدخلون مداخلنا و يردون مواردنا، و يسكنون مساكننا.

فقال له الغلام: يا مولاي بل أقيم في خدمتك و أختار ما ذكرت.

و خرج الغلام الي الخراسان فقال له: خرجت يا غلام الي بغير الوجه الذي دخلت به.

فأعاد الغلام عليه قول الصادق عليه السلام، فقال: فاستأذن لي عليه.

فاستأذن له و دخل عليه و عرفه شدة ولاية له.

فقبل قوله و شكره و أمر الغلام في الوقت بألف درهم و قال: هي خير لك من كل مال الخراساني، فودعه و سأله أن يدعو له، ففعل بلطف و رفق و بشاشة بالخراساني.

ثم أمر عليه السلام برزمة عمائم، فأحضرت، و قال للخراساني: خذها فان كل ما معك يؤخذ منك في طريقك، و تبقي عليك هذه



[ صفحه 163]



العمائم و تحتاج اليها. فقبلها و سار، فقطع عليه الطريق، فأخذ كلما كان معه غير تلك العمائم فاحتاج اليها فباع منها و تحمل، الي أن وصل الي خراسان.

و قال الكرماني: حب مواليهم بهذا شرفا و فضلا. [2] .


پاورقي

[1] سورة الأعراف، آية: «32».

[2] مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ص 538 - 537.