بازگشت

عواصف.. و أعاصير تقتحمهم


و بعد كل ما تقدم.. فان القاء نظرة فاحصة علي طبيعة العصر الذي عايشته هذه الحالة المتميزة للامام «عليه السلام»، و لطائفة الشيعة معه، تعطينا: أن هذه الطائفة تواجه خطرا داهما، و أعاصير هوجاء عاتية، تقتحمها من خارج كيانها..

و هي من شأنها - لو تمكنت منها -: أن تقتلعها من جذورها، و ترمي بها بعيدا، بعيدا، في متاهات النسيان، والانقراض، أو الغموض و الابهام، كما كان الحال بالنسبة لكثير من الفرق الأخري التي لم تستطع الصمود، فتلاشت واضمحلت أمام ما هو أقل و أضعف بأضعاف كثيرة، مما واجهته هذه الطائفة..

و ما يزيد الأمر خطورة، والمشكلة تعقيدا، و لاسيما بالنسبة للعامة من الناس، الذين لم يأخذوا من العلم بنصيب وافر، هو ذلك الانفتاح الواسع لأرباب الملل و المذاهب، بعضهم علي بعض، و الاهتمام بطرح المسائل الفكرية، و العقائدية الدقيقة، و المحاولات الجادة من كل طرف لالقاء الشبهات، و وضع علامات الاستفهام الكبيرة حول كل ما يرتبط بعقائد الفئات الأخري، و كل نحلهم، و أفكارهم، و تصوراتهم..



[ صفحه 56]



حيث ان تلك الفترة كانت فترة نضج و تبلور، ثم تكريس للأفكار و المذاهب، التي يمكنها أن تثبت جدارتها في مقابل غيرها، ثم تفرض هيمنتها و قدرتها علي استقطاب القطاع الأكبر و الأوسع من الناس..

حتي اذا ما فشلت في ذلك، فان مصيرها هو الانكسار، ثم الدمار، و الاندثار..