ثلاثون ألف مسألة!! كيف؟
و لا نستبعد: أن يكون هذا العدد - أعني ثلاثين ألف مسألة - تقريبيا، أو فيه شي ء من المبالغة لاظهار نسبة الكثرة، اذ من البعيد أن يتم احصاء دقيق في هذه الموارد، و أمثالها..
و يبدوا لنا: أنهم قد بقوا يحاورونه في المسائل مدة من الزمان، و لربما أياما، في محل واحد، لم يتحول عنه الي غيره، كأن يكون في «صريا» مثلا، أو في «قبا».
فالمراد بوحدة المجلس: في قوله «في مجلس واحد» الوحدة النوعية، بملاحظة وحدة المكان، و المسؤول، و السائل.
كما أن من المحتمل أن تكون كلمة «ألف» زائدة من النساخ، أو من غيرهم.
و قد ذكر الكاشاني هذا الحديث، و ليس فيه كلمة «ألف» هذه [1] .
و معهما يكن من أمر؛ و علي تقدير ثبوت هذه الكلمة في الحديث - و لعله هو الراجح - اذ ان الرواية تريد أن تذكر أمرا غريبا - فقد ذكر المجلسي و غيره وجوها أخري في بيان المراد من النص المذكور [2] فلا بأس بالرجوع اليها لمن أحب ذلك.
و اللافت: أن أهل السنة يدعون لأئمتهم نظير هذا أيضا، فان عبد
[ صفحه 41]
الوهاب الوراق يقول عن أحمد بن حنبل: انه «رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: حدثنا، و أخبرنا» [3] .
و لا ريب في أن ذلك - لو صح!! -: فان لم يكن في مجلس واحد، بل كان في مجالس متعددة:
كما أن من الواضح: انه لم يتم احصاء دقيق لهذا المسائل.. و انما ذكر العدد علي وجه التقريب أيضا. حسبما قدمنا..
و علي كل، فاننا نعود فنكرر: أن اختصاص الامام الجواد - علي صغر سنة - من بين سائر الأئمة «عليهم السلام» بهذه المسائل الكثيرة، انما يعبر عن أن ثمة تعمدا خاصا بالنسبة الي هذا الامام بالذات لخصوصية دعتهم الي ذلك بلا ريب..
و لكن ما يؤسف له هو: أننا لم نجد الا النزر اليسير جدا. من هذه المسائل التي سئل عنها الامام الجواد «عليه السلام»، حيث لم يكن الهدف الا الحصول علي الطمأنينة القلبية بامامته «عليه السلام»، و لم يكن ثمة التفات للزوم تدوين تلك المسائل..
پاورقي
[1] المحجة البيضاء ج 4 ص 306.
[2] راجع: البحار ج 50 ص 94 - 93، و الامام الجواد، لمحمد علي دخيل ص 48 - 46.
[3] مناقب الامام أحمد بن حنبل ص 142.