بازگشت

الامتحان وفق المعايير


ولكن رغم ذلك كله: فانه اذا كانت معرفة العصمة و الطهارة، ثم معرفة من أودعه الله علوم الامامة، يمكن أن تتم بواسطة النص المباشر، و وضع هذا النص في متناول أيدي الناس، فكان كل امام ينص علي الامام الذي بعده، و يدل طائفة من خواصه عليه..

لكن من الواضح: أن الشيعة يعرفون أيضا أن شدة ملاحقة السلطان لهم، و رصده لكل حركاتهم، قد يبلغ حدا يجعل من وضوح النص علي الامام اللاحق خطرا علي حياته، فتدعوا الحاجة الي التكتم علي اسمه، و عدم البوح به الي أكثر الناس، و لابد من اعطاء الناس القاعدة التي تدلهم علي الامام «عليه السلام» بصورة قاطعة. لكي لا تشتبه الأمور عليهم، و لكي لا يفسح المجال للمزيفين لا دعاء هذا المقام الالهي، فكانت أهم قاعدة تفيدهم



[ صفحه 33]



في ذلك هو امتلاك الامام علم الامامة، و هو علم خاص، يؤثره الله به دون سائر الخلق، حتي و هو طفل صغير، و قد استفاد الشيعة من هذه القاعدة في التعرف علي الامام الحق في أكثر من مورد و مقام، خصوصا بعد استشهاد الامام الرضا «عليه السلام» أيضا، فكانت الوسيلة الي ذلك، هي:

الامتحان بالأسئلة التي لا تعلم أجوبتها باعمال الفكر، بل تحتاج الي التعلم، أو الي الأخذ من مصدر الفيض و اللطف، بطرق تشي بالارتباط به سبحانه و تعالي.. و ذلك مثل الأسئلة الفقهية، و قد تلحق بها بعض المعارف الاعتقادية التوقيفية و غيرها، أو بظهور المعجزات، و الكرامات الباهرة.

فاذا أخبرهم بما لا سبيل الي العلم به الا بتعليم من الله عزوجل، أو أظهر الله له الكرامة التي تعرفهم علي أنه مورد عنايته تعالي، فان ذلك يكون هو الدلالة القاطعة علي امامة الامام المنصوص عليه كما هو معلوم.

و بسبب وضوح هذا الأمر لدي شيعة أهل البيت «عليهم السلام»، فانهم «سرعان ما يكتشفون حقيقة من يدعي الامامة زورا، و يفتضح أمره، و يشتهر بكذبه، كما كان الحال بالنسبة لعبدالله الأفطح، ابن الامام جعفر الصادق «عليه السلام»، الذي ادعي الامامة لنفسه بعد الامام الصادق «عليه السلام». و لم يكن صادقا في دعواه..

و كما كان الحال أيضا بالنسبة لجعفر ابن الامام علي الهادي «عليه السلام»، الذي ادعي الامامة لنفسه بعد أخيه الحسن العسكري «عليه السلام»، فان أمرهما قد افتضح بسرعة. حتي ان أولاد هذا الأخير أنفسهم، لم يقبلوا بامامته، و قالوا بامامة المهدي عجل الله تعالي فرجه الشريف.



[ صفحه 34]



و كان منهم علماء كثيرون، و بعضهم من أعيان الطائفة الامامية. فان الشيخ الطوسي أو المفيد رحمهما الله تعالي (علي ما ببالي) لم يذكر في أبيهم جعفر، كبير طعن، احتراما منه لولده رضي الله عنهم..».

و نجد في المقابل: التسليم و القبول لدي جمهور الشيعة بامامة الجواد عليه الصلاة والسلام. حتي ان عم أبيه علي بن جعفر قد كان من كبار العلماء و من الأجلة، و كان شيخا كبير السن، يظهر للامام الجواد «عليه السلام» - علي صغر سنه - الكثير من الاحترام و التبجيل علي اعتبار أن الله تعالي قد اختصه بالامامة، الأمر الذي جعل البعض يتعجب و يعترض عليه لذلك؛ فيسمع منه الجواب الذي يؤكد هذا المعني أيضا.. [1] .


پاورقي

[1] راجع: البحار ج 50 ص 36 و 104 و الكافي ج 1 ص 258 و رجال الكشي ص 429 و 430 و قاموس الرجال ج 6 ص 436 و 437 و سيأتي النص بتمامه في آخر الفصل الثالث، ان شاء الله تعالي.