بازگشت

الزيدية.. للاعتبار، لا للأسوة


هذا كله.. لو أمكن أن تصل الحركة الي درجة الحسم لصالح الاتجاه الآخر.. ولكنه فرض بعيد، و بعيد جدا، كما أثبتته التجارب المتكررة في أكثر من قرن من الزمن..

حيث رأينا فيه بوضوح: كيف فشلت الحركات الزيدية الكثيرة جدا، و كيف سهل القضاء عليها، حتي أصبحت في خبر كان، حتي و كأن شيئا لم يحدث، رغم سعة نفوذ الزيدية علي مختلف الأصعدة، و في جميع المجالات، و رغم سيطرتها التامة علي الأمور، سياسيا، و اعلاميا، و ثقافيا، و عاطفيا، و غير ذلك.. كما أوضحناه في كتابنا: «الحياة السياسية للامام الرضا عليه السلام»..

و ما ذلك.. الا لأن حركات الزيدية، و هي حركات سياسية بالدرجة الأولي، و لا يميزها سوي أنها تدعو الي كل من قام بالسيف من آل محمد «صلي الله عليه و آله»، و لم يكن لها أصالة فكرية و عقائدية راسخة، تنطلق من الروح، و تنبع من الوجدان - ان هذه الحركات - انما كانت تعتمد علي هذا المد العاطفي الهائل، و علي ذلك الوعي الثقافي العقلي الجاف، الذي لم يصل الي حد مزج العاطفة بالفكر، و الفكر بالوجدان، لينتج موقفا رساليا تخاض من أجله اللجج، و تبذل دونه المهج، بل كان يجد من العراقيل و المعوقات النابعة من داخلهم، ما يجعل الاعتماد عليه اعتمادا علي سراب، والتمسك به تمسكا بما هو أوهي حتي من الطحلب، حين يتشبث به الغريق..



[ صفحه 22]



و ذلك هو ما يفسر لنا كيف أنه حينما كان الناس يواجهون الأمور بجدية، و يبلغ الحزام الطبيين، يعودون الي دنياهم، و يركنون الي حياة السلامة و الدعة، حسب تصورهم، و ما ينسجم مع هوي نفوسهم.. و لا يهمهم ما سوف يحصل بعد ذلك، و لا ما ذا تكون النتائج.