بازگشت

معجزات عيسي تتجدد (تخطي القوانين الطبيعية)


و رغم ان الامام الجواد عليه السلام كان معجزة بذاته: حيث تخطي القواعد المألوفة، و تصدي لامامة المسلمين و هو صبي لم يبلغ السابعة من عمره، [1] ، فحطم كبرياء الانحراف و فضح عملية التصدي لامامة الناس دون سلوك طريقها الطبيعي المشروع.

و كان ما اظهره من المعارف الالهية، و تحديه لكبار الفقهاء الرسميين بما فيهم قاضي قضاة الدولة العباسية مع ملاحظة - سنه - و نحو ذلك كانت احدي مصاديق هذه الصفة الاعجازية التي تجسد حقيقة ارتباطه بالله الكبير المتعال، و حجم الدعم الغيبي الذي يحظي به هذا الامام العظيم صلوات الله عليه من عندالله جل وعلا.

اقول رغم هذه الحقائق الثابتة في تاريخ المسلمين، فأن الامام (ع) قد أجري الله علي يديه معجزات أخري في مناسبات عديدة من أجل ان يقطع بها السنة المعاندين أو يطمئن قلوب الموالين. و هذه بعض مصاديقها:



[ صفحه 42]



- بعد أن عزم الامام (ع) علي الرحيل من بغداد بعد زواجه ميمما وجهه شطر المدينة المنورة، شيعه الناس، حتي اذا وصل دار المسيب عند غروب الشمس نزل و دخل مسجد المسيب للصلاة، و كان في صحنه شجرة نبق لم تثمر، فدعا عليه السلام بكوزماء، فتوضا في أصل الشجرة، ثم قام، و صلي بالناس صلاة المغرب، ثم جلس يذكر الله جل وعلا، ثم صلي النوافل أربع ركعات، و عقب تعقيبها و سجد سجدتي الشكر، ثم خرج، من المسجد فلما انتهي الي شجرة النبق رآها الناس قد اثمرت ثمرا طيبا، فدهشوا لما رأوا، و اكلوا من الثمر، فوجدوا نبقا حلوا ليس له نوي [2] .

- اخرج الشيخ المفيد بسنده عن علي بن خالد قال: كنت بالعسكر - يعني سامراء -، فبلغني ان هناك رجلا محبوسا اتي به من ناحية الشام مكبلا، و قالوا انه يدعي النبوة، قال: فأتيت و كسبت رضا البوابين، حتي وصلت اليه، فاذا رجل له فهم، و عقل، فقلت له يا هذا ماقصتك؟ فقال: اني كنت بالشام اعبدالله تعالي في الموضع الذي يقال انه نصب فيه رأس الحسين (ع)، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل علي المحراب، اذكر الله عزوجل اذ رأيت شخصا بين يدي فنظرت اليه، فقال لي: قم، فقمت معه، فمشي بي قليلا، فاذا أنا بمسجد الكوفة فقال لي: تعرف هذا المسجد؟ فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة، قال: فصلي وصليت معه، ثم انصرف، و انصرفت معه، فمشي بي قليلا، و اذا نحن بمسجد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، فسلم علي رسول الله (ص) و صلي و صليت معه، ثم خرج، و خرجت،



[ صفحه 43]



فمشي قليلا، فاذا أنا بمكة، فطاف بالبيت، وطفت معه، ثم خرج، فمشي قليلا، فاذا انا بموضعي الذي كنت أعبدالله فيه بالشام، و غاب الشخص عن عيني، فبقيت متعجبا مما رأيت.

فلما كان العام التالي رأيت ذلك الشخص، فاستبشرت به و دعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت له: سألتك بالحق الذي أقدرك علي ما رأيت منك الا اخبرتني من أنت؟ فقال:

أنا محمد بن علي بن موسي بن جعفر (ع).

فحدثت من التقي به من الناس بذلك، فبلغ الخبر الي الوالي محمد بن عبدالملك الزيات، فألقي علي القبض و كبلني بالحديد، و أمر بحملي من الشام الي العراق، و حبست و أشيع بين الناس: انه ادعي النبوة!!

يقول علي بن خالد: فقلت للرجل سأرفع ظلامتك الي الزيات، فأذن لي، فكتبت قصته و رفعتها، فكتب الزيات في ظهر الكتاب: قل للذي اخرجك من الشام في ليلة الي الكوفة و من الكوفة الي المدينة، و من المدينة الي مكة، وردك من مكة الي الشام أن يخرجك من حبسك هذا!!

يقول ابن خالد: فغمني أمر الرجل، و انصرفت اليه محزونا فلما كان من الغد عدت له مبكرا لأطلعه علي نتيجة طلبه من الزيات و آمره بالصبر و التحمل، فوجدت الجند و أصحاب الحرس، و مسؤول السجن، و خلقا عظيما من الناس يهرعون، فسألت عن حالهم، فقيل: ان السجين «المتنبي ء» قد افتقد من سجنه فلا يعلم اخسفت به



[ صفحه 44]



الارض او عرج الي السماء [3] .

- اخرج ابن شهرآشوب المازندراني عن أبي سلمة قال: دخلت علي ابي جعفر (ع)، و كان بي صمم شديد، فأخبر الامام (ع) بذلك، فدعاني اليه، و مسح علي اذني و رأسي، ثم قال: اسمع وع، فوالله اني لأسمع الشي ء الخفي منذ دعوته [4] .

- عن محمد بن عمير بن واقد الرازي قال: دخلت علي أبي جعفر ابن الرضا، و معي أخي، و به بهر شديد، فشكا اليه ذلك البهر فقال «الامام»: عافاك الله مما تشكو، فخرجنا من عنده، و قد عوفي، فما عاد اليه ذلك البهر الي أن مات [5] .

- قال محمد بن الفرج: كتب الي ابوجعفر احملوا الي الخمس، فأني لست آخذه منكم سوي عامي هذا فوافاه أجله (ع) في تلك السنة [6] .

هذه بعض المعاجز التي جرت علي يد الامام الجواد (ع) في مناسبة و أخري تأكيدا للحجة علي العباد و طمأنة لقلوب المؤمنين الصادقين.



[ صفحه 45]




پاورقي

[1] يشبه الامام (ع) في هذه الحالة ولده الامام الهادي (ع) حيث تسلم مسؤولية امامة المسلمين و عمره ثماني سنوات، و الامام القائم المنتظر (عج) تسلم امامة المسلمين في أول صباه، اضافة الي ذلك ان الامام الجواد (ع) قد رافقت بعض المعاجز ولادته كالتكلم في المهد، و سطوع نور أضاء ما حوله أثناء الولادة المباركة و هو أمر لا ينكره العقلاء بالنسبة لمن يصطفي اماما للناس و هو صبي (راجع حلية الابرار ج 2 ص 389 نقلا عن حكيمة بنت الامام الكاظم (ع).

[2] الارشاد: للشيخ المفيد ص 323 و الكافي ج 1 ص 497 (باختلاف في التفاصيل).

[3] الارشاد: ص 324 «تصرفنا بالناحية اللفظية بما يناسب» و كشف الغمة ج 2 ص 359 - ص 360 و الفصول المهمة ص 314.

[4] صحيفة الابرار: الميرزا محمد تقي التبريزي الممقاني ج 2 ط 2 كويت ص 264، نقلا عن مناقب آل أبي طالب: لابن شهرآشوب.

[5] كشف الغمة في معرفة الائمة ج 2 ص 367 و الاختصاص للشيخ المفيد ص 320 و البهر: تتابع النفس و انقطاعه.

[6] كشف الغمة ج 2 ص 370.