بازگشت

الأمام يحل الأشكالات الفقهية


و بعد أن تفرق أغلب الحاضرين، بقي المأمون و جمع من الخواص في مجلسهم، فالتفت المأمون الي أبي جعفر (ع) طالبا منه أن يجيب علي الاسئلة الفقهية التي طرحها الامام (ع) قبال تساؤل القاضي ابن اكثم السالف الذكر: «ان رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه، و نستفيده».

أجاب الامام الجواد (ع) قائلا:

نعم! ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل، و كان الصيد من ذوات الطير، و كان من كبارها، فعليه شاة، فان أصابه في الحرم، فعليه الجزاء مضاعفا، و اذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن فاذا قتله في الحرم، فعليه الحمل قيمة الفرخ، و ان كان من الوحش، و كان حمار وحش، فعليه بقرة، و ان كان نعامة كان عليه بدنة، و ان كان ظبيا، فعليه شاة، فأن قتل شيئا من ذلك في الحرم، فعليه الجزاء، مضاعفا هديا بالغ الكعبة، و اذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه، و كان احرامه للحج نحره بمني، و ان كان احرامه للعمرة نحره بمكة، و جزاء الصيد علي العالم و الجاهل سواء، و في العمد له المأثم، و هو موضوع عنه في الخطاء، و الكفارة علي الحر في نفسه، و علي السيد في عبده، و الصغير لا كفارة عليه، و هي علي الكبير واجبة، والنادم يسقط عنه ندمه عقاب الآخرة، والمصر يجب علي عليه العقاب في الآخرة».



[ صفحه 39]



المأمون: أحسنت أباجعفر أحسن الله اليك، فان رأيت أن تسأل يحيي عن مسألة كما سألك

أبوجعفر (ع) ليحيي: أسألك؟

ابن اكثم: ذلك اليك جعلت فداك، فان عرفت جواب ما تسألني عنه و الا استفدته منك!

فبادر الامام (ع) لالقاء مسائله الفقهية علي كبير القضاة في دولة العباسيين قائلا: «خبرني عن رجل نظر الي امرأة في أول النهار، فكان نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل وقت عشاء الآخرة حلت عليه، فلما كان انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة، و بماذا حلت و حرمت عليه؟

يحيي ابن اكثم: «معلنا عجزه عن الجواب حتي عرف في وجهه التغير و الخجل» لا والله لا أهتدي الي جواب هذا السؤال، و لا أعرف الوجه فيه، فأن رأيت ان تفيدناه!

الامام أبوجعفر (ع): «هذه أمة لرجل من الناس نظر اليها اجنبي في أول النهار، فكان نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها، فحلت له، فلما كان الظهر اعتقها، فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها، فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها، فحرمت عليه، فلما كان وقت عشاء الآخرة كفر عن الظهار، فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها، فحلت له».

المأمون - مخاطبا الحاضرين - قائلا: هل فيكم أحد يجيب عن



[ صفحه 40]



هذه المسألة بمثل هذا الجواب؟ و يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟

الحاضرون: لا والله أن اميرالمؤمنين أعلم بما رأي!

المأمون: ويحكم أن اهل هذا البيت خصوا من بين الخلق بما ترون من الفضل، و ان صغر السن فيهم، لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم ان رسول الله (ص) افتتح دعوته بدعاء أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب، و هو ابن عشر سنين، و قبل منه الاسلام، و حكم له به، ولم يدع أحدا في سنه غيره، و بايع الحسن و الحسين، و هما ابناء دون الست سنين، و لم يبايع صبيا غيرهما؟

أفلا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم، و انهم ذرية بعضها من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم؟

قالوا: صدقت يا أميرالمؤمنين!

و من الجدير بالذكر ان الخليفة العباسي قد دعا في اليوم التالي الي مأدبة عامة حضرها القواد و الحجاب و العمال و الخواص من اجل أن تقدم له التهاني و للامام الجواد (ع)، و قد أعد ألوانا من الاطعمة لأطعام الناس، و زعت عطايا سنية و أموال جزيلة، و قد انصرف الناس من ذلك اللقاء و هم وافرون من جوائز السلطان كما وزع الخليفة العباسي الصدقات علي بقية المسلمين [1] .



[ صفحه 41]




پاورقي

[1] استفدنا هذه المعلومات المفصلة من كشف الغمة في معرفة الائمة: للعلامة المحقق أبي الحسن علي بن عيسي بن أبي الفتح الاربلي «ره» من علماء القرن الرابع الهجري ج 2 ص 353 - ص 358 ط العلمية قم 1381 ه، و الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة: للشيخ الامام علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي الشهير بابن الصباغ (م 855 ه) ص 266 - ص 270 ط 1950،2 م، النجف الاشرف، و الارشاد للشيخ المفيد (م 413 ه.) ص 323 - 319. و بحارالانوار ج 10 باب 22 ص 381.