بازگشت

الثورة العلوية الكبري «ثورة محمد بن القاسم»


و كانت أهم الثورات العلوية / الشيعية في عهد الامام الجواد (ع) التي اندلعت عام 219 ه، هي ثورة محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) و يكني أباجعفر.

و كان عامة الناس يلقبونه بالصوفي لأدمانه علي لبس الصوف الأبيض.

و كان من أهل العلم و الفقه و الدين و الزهد و حسن المذهب [1] .

بدأت دعوة محمد بن القاسم العلوي في مرو «خراسان» و ما حولها، و قد نشط دعاته في ذلك الاقليم يدعون الناس الي الاجتماع حوله، و قد نجم نشاطهم عن اجتماع اربعين ألفا من الموالين و الأنصار.

ثم غادر ابوجعفر (رض) الي الطالقان التي تبعد أربعين فرسخا عن



[ صفحه 141]



مرو، و اجتمع اليه كثير من الناس، فدعاهم الي الرضا من آل محمد (ص).

و قد بدأت أول عملياته العسكرية بالاصطدام مع قائد شرطة العباسيين في المنطقة حيث هزم قائد الشرطة «الحسين بن نوح»، مما دعا الوالي العباسي عبدالله بن طاهر الي ارسال جيش بقيادة نوح بن حيان، فهزم في بداية أمره الا ان الحكومة المحلية أرسلت جيشا كثيفا لنصرة ابن حيان فتمكن من التغلب علي جيش ابي جعفر محمد بن القاسم (رض)، فتفرق جنوده، فلحق بمدينة «نسا» في خراسان مستترا عن انظار عملاء السلطان [2] .

و يبدو أن عيون السلطة والوشائين قد رصدوا تحركات ابي جعفر (رض)، فألقي عليه القبض و أرسل الي رأس الحكومة المحلية في نيسابور عبدالله بن طاهر، و بقي مقيدا في السجن ثلاثة شهور، و صار الوالي يوهم الناس أنه بعث به الي بغداد، خوفا من انصاره المنتشرين في خراسان.

و بعد شعور السلطة، بأمكانية أرساله الي المعتصم نقل (رض) الي بغداد. يقول ابراهيم بن غسان في وصفه بعد فشل ثورته: عرض علي محمد بن القاسم كل شي ء نفيس فلم يقبل الا مصحفا جامعا.. ليدرس فيه، و يقول: «ما رأيت قط اشد اجتهادا منه، و لا أعف و لا أكثر ذكرا لله عزوجل، مع شدة نفس، و اجتماع قلب ما ظهر منه جزع، و لا انكسار، و لا خضوع في الشدائد التي مرت به...» [3] .



[ صفحه 142]



و حين نقل الي المعتصم ببغداد، ادخل اليها حاسرا بأمر الحاكم العباسي، و كا دخوله يوم النوروز من عام 219 ه، فأدخل علي المعتصم، و كان مجلسه غاصا بالمتفرجين علي اصحاب «السماحة» من المهرجين كما كان مجلس الخليفة «عامرا» بالرقص و الغناء، و المجون، و المعتصم يشرف علي تلك النشاطات الماجنة في خيلاء، و كان بين الحين و الآخريري ضاحكا مبتهجا و لما ادخل ابن القاسم (رض) الي ذلك المجلس الهازل الخليع بكي قائلا: اللهم انك تعلم أني لم أزل حريصا علي تغيير هذا و انكاره [4] ثم راح يشتغل «بذكر الله تعالي و تسبيحه و يحرك شفتيه بالدعاء عليهم» [5] و بينما كان المعتصم جالسا جلسة فرعونية، كان محمد بن القاسم العلوي ابن الطيبين واقفا بين يديه.

ثم أمر السلطان العباسي بالقائه في سرداب شبيه بالبئر حتي كاد أن يموت [6] ثم نفل بعد حين الي بستان و حبس في احدي الغرف.

علي ان اباجعفر بن القاسم (رض) دبر خطة نجا علي اثرها من السجن.

فقد طلب من سجانيه مقصا قال: انه ينفعه في قص اظفاره، ثم طلب سعفة قال: انه يطرد بها الفئران.

و قد استفاد من المقص في تقطيع الفراش الذي تحته علي هيئة «سيور» ثم صنع من هذه المواد سلما استعان به للخروج من أحد



[ صفحه 143]



الشبابيك في ليلة عيد الفطر من تلك السنة، و اختفي بين الحمالين حتي فجر ذلك اليوم، حيث خرج مع الحمالين دون أن يتعرف عليه أحد، ثم انحدر الي واسط و اختفي حتي وافاه أجله فيها رضي الله تعالي عنه و أرضاه، بينما تشير بعض المعلومات انه ألقي عليه القبض في زمن المتوكل العباسي و حبس حتي قضي نحبه مسموما [7] .

و هكذا كانت هذه الانتفاضة العلوية آخر الانتفاضات التي شهدها عهد أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليه الصلاة والسلام.


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين ص 578.

[2] مقاتل الطالبيين ص 581.

[3] نفس المصدر ص 584.

[4] نفس المصدر ص 585.

[5] نفس المصدر.

[6] نفس المصدر.

[7] نفس المصدر ص 588 - 587.