بازگشت

تمهيد


مهما يطنب الباحث في حياة أهل البيت (ع) في استعراض فضائلهم و مكارم أخلاقهم الظاهرة كالجود و الشجاعة و الصبر و ما الي ذلك فأن اهتمامه يبقي متعلقا بالجانب الظاهري لحقيقة الامام عليه السلام، و ان كانت الفضائل الظاهرة تعبر بدرجة ما عن حقيقة الجوهر السامي الذي يتمتع به الائمة عليهم الصلاة والسلام.

فالائمة الهداة عليهم السلام: «محال معرفة الله، و مساكن بركة الله، و معادن حكمة الله، و حفظة سر الله، و حملة كتاب الله، و أوصياء نبي الله، و ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله» [1] و هم «الأدلاء علي مرضاة الله، و المستقرين في أمر الله، و التامين في محبة الله، و المخلصين في توحيد الله، و المظهرين لأمر الله، و نهيه، و عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول، و هم بأمره يعملون» [2] .

و اذا كان الناس العاديون غير قادرين علي ادراك كنه الائمة



[ صفحه 52]



الهداة (ع) و حدود علاقتهم بالله عزوجل، و موقعهم في مسيرة هذا الوجود، و مسيرة هذا الانسان المتجهة نحو الله عزوجل، فأن ابراز فضائلهم النفسية التي تعاملوا من خلالها تساهم الي حد كبير في تصور القمة السامقة التي بلغها اولئك الابرار في الفضل و الطهارة و القداسة و النقاء.

و رغم الظلم التاريخي الذي تعرض له سائر الائمة الهداة عليهم السلام مما ساهم في اخفاء التصورات التفصيلية عن سيرتهم العطرة، فأن النزر اليسير مما وصلنا عن حياتهم يعطي تصورا مباركا عن سيرة «مفاتيح الخير» في هذا الوجود.

و بخصوص الامام أبي جعفر الثاني تاسع ائمة أهل البيت عليهم السلام فأن ما حفظ تاريخ سيرته المباركة عنه لا يمثل شيئا ذا بال من الناحية «الكمية» و ان كانت قيمته المعنوية تشكل احد الأسس في فهم جانب مهم من سيرته العطرة.

و نسجل هنا صورا من فضائل الامام الجواد (ع) في هذا المضمار حيث اشرق بها وجه التاريخ البشري:


پاورقي

[1] من الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن عاشر ائمة أهل البيت علي بن محمد الهادي (ع) رواها عنه الصدوق (رض) في عيون اخبار الرضا (ع) بسنده، كما رواها الشيخ عباس القمي (رض) في مفاتيح الجنان بأسانيده و غيرهما.

[2] من الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن عاشر ائمة أهل البيت علي بن محمد الهادي (ع) رواها عنه الصدوق (رض) في عيون اخبار الرضا (ع) بسنده، كما رواها الشيخ عباس القمي (رض) في مفاتيح الجنان بأسانيده و غيرهما.