بازگشت

وصي أبيه


رغم الوصايا و التوجيهات النبوية الشريفة الواردة بخصوص ارشاد الامة الي الائمة الهداة بعد النبي صلي الله عليه و آله بالتلميح مرة، و بالتصريح أخري - مما أشرنا الي بعضها فيما سبق من حديث - فأن كل امام من ائمة أهل البيت عليهم السلام يتولي ضمن مسؤوليته الرسالية العامة مهمة ارشاد الامة الي الامام الذي يليه، بالوسائل التي تتاح له عادة حسب الظروف الموضوعية التي تحيط بالامام، و لذا نجد ان بعض الائمة الهداة (ع) يقتصر علي ابلاغ بضعة افراد من خلصائه بخليفته، بينما نجد بعضا من الائمة (ع) تكون رقعة المبلغين من قبلهم بأوصيائهم واسعة بشكل مناسب، فالامام جعفر بن محمد الصادق (ع) مثلا بحكم الظروف القاسية التي عاشها في آخر عمره الشريف يضطر الي استعمال اسلوب التمويه علي جهاز «و شائي» السلطة العباسية، فحين يسأل عن وصيه من بعده يذكر خمسة هم: أبوجعفر المنصور و واليه علي المدينة محمد بن سليمان و عبدالله و موسي و حميدة أولاده و مولي له (ع)، حتي انه حين بلغ ذلك الامر الي المنصور العباسي قال: ليس الي قتل هؤلاء سبيل [1] .

بينما نري أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (ع) يوصي لولده الحسن (ع) في جمع من المسلمين.

و مهما كان الامر فان الامام السابق يشعر بالضرورة الشرعية لارشاد الامة الي الامام اللاحق كجزء من مهمته الرسالية التي ينهض بأعبائها.



[ صفحه 46]



و بناء علي هذه الحقيقة فأن الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام قد نهض بمسؤوليته الشرعية ازاء الامة بخصوص تسمية الامام الذي يليه، لترجع اليه الامة المؤمنة في الفكر والتشريع و المواقف العملية تجاه الاحداث و الاشياء، و هذه جملة من النصوص الواردة عن الامام الرضا (ع) بشأن الارشاد لوصيه الجواد (ع):

- اخرج الكليني الرازي بسنده عن الحسين بن بشار قال: كتب ابن قياما الي أبي الحسن الرضا (ع) كتابا يقول فيه: كيف تكون اماما، و ليس لك ولد؟ فأجابه ابوالحسن الرضا (ع) - شبه المغضب -: «و ما اعلمك انه لا يكون لي ولد، والله لا تمضي الايام و الليالي حتي يرزقني الله ولد ذكرا يفرق بين الحق و الباطل» [2] .

و عنه (رض) بسنده عن ابن أبي نصر قال: قال لي ابن النجاشي: من الامام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتي أعلم، فدخلت علي الرضا (ع) فأخبرته، قال: فقال لي الامام: ابني، ثم قال لي: هل يتجرأ أحد أن يقول: ابني و ليس له ولد؟ [3] .

- و عن محمد بن يعقوب بسنده عن صفوان بن يحيي قال: قلت للرضا (ع) قد كنا نسألك أن يهب الله لك أباجعفر فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا الله



[ صفحه 47]



يومك، فان كان كون فالي من؟ فأشار بيده الي أبي جعفر عليه السلام، و هو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟ فقال: و ما يضره من ذلك، فقد قام عيسي عليه السلام بالحجة و هو ابن ثلاث سنين [4] .

- و اخرج الشيخ المفيد بسنده عن معمر بن خالد قال: سمعت الرضا عليه السلام - و ذكر شيئا - فقال: ما حاجتكم الي ذلك: هذا ابوجعفر قد اجلسته مجلسي، و صيرته مكاني، و قال: انا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن اكابرنا القذة بالقذة [5] .



[ صفحه 51]




پاورقي

[1] الكافي ج 1 ص 310.

[2] الكافي ج 1 ص 320 والارشاد ص 318 والحسين بن قياما رجل من الواقفة: و هم فرقة من الشيعة توقفت عند الامام موسي الكاظم (ع) و لم تقل بأمامة الرضا (ع) و بمن يليه من الائمة (ع).

[3] نفس المصدر السابق والصفحة.

[4] نفس المصدر ص 321.

[5] الارشاد ص 318 والكافي ج 1 ص 321 مع اختلاف في الالفاظ، القذة: ريش السهم يقال القذة بالقذة اذا تساويا في المقدار.