بازگشت

التفسير


من المعلوم أن أهل البيت عليهم السلام هم ترجمان القرآن، و هم المفسرون الحقيقيون له، و العالمون بظاهره و باطنه، و ذلك بالنص النبوي الشريف، علي اختلاف ألفاظه و رواته: «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا» [1] .

فعترة النبي صلي الله عليه و اله و سلم هم أبناؤه، و أبناؤهم، و أبناء أبنائهم، و قد حددتهم الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم و المروية من الفريقين السنة و الشيعة، أنهم اثنا عشر اماما [2] يخلف بعضهم بعضا، و ينص بعضهم علي بعض.

و لهذا و ذاك و غيرها من الأحاديث التي نصت علي امامتهم للأمة، و استخلافهم لرسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، أصبحوا عدل القرآن الكريم، و الذي يعدل القرآن



[ صفحه 325]



العظيم يجب أن يكون عالما بجميع أسراره، بل حقا ما قيل بأنهم هم القرآن الناطق، فمنهم يؤخذ التفسير و التأويل، و هم الدليل علي القرآن. و كذلك كانوا و علي امتداد مسيرتهم مفزعا لكل ملمة، و حلا لكل مشكل يعرض علي الأمة.

و قد وردت في كتب السير و الحديث روايات عديدة في التفسير لأئمة أهل البيت عليهم السلام، و منهم امامنا جواد الأئمة عليه السلام، و رغم أن ما وصلنا عنه عليه السلام هو نزر يسير في هذا الباب، فانه مما لا ينبغي الغني عنه، و الزهد فيه.

ففي الكافي بسنده عن أبي هاشم الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام سائلا عن معني (لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار). [3] .

فقال: «يا أباهاشم، أوهام القلوب أدق من ابصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند و الهند، و البلدان التي لم تدخلها، و لا تدركها ببصرك، و أوهام القلوب لا تدركه، فكيف ابصار العيون؟». [4] .

و أورد الشيخ الصدوق باسناده، عن علي بن مهزيار، قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: قوله عزوجل: (و الليل اذا يغشي - و النهار اذا تجلي) [5] ، و قوله عزوجل: (و النجم اذا هوي) [6] و ما أشبه هذا.

فقال: «ان الله عزوجل يقسم من خلقه بما يشاء، و ليس لخلقه أن يقسموا الا به عزوجل». [7] .

و عنه أيضا باسناده، «عن السيد عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، قال:



[ صفحه 326]



سألت محمد بن علي الرضا عليه السلام عن قوله عزوجل: (أولي لك فأولي - ثم أولي لك فأولي) [8] ، قال: «يقول الله عزوجل: بعدا لك من خير الدنيا بعدا، و بعدا لك من خير الآخرة». [9] .

و جاء في تهذيب الشيخ الطوسي، بسنده عن السيد عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، أنه قال: سألته - أي للامام محمد بن علي الجواد عليه السلام - عما أهل لغير الله.

قال: «ما ذبح لصنم أو وثن، أو شجر، حرم الله ذلك كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير (فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه) [10] أن يأكل الميتة».

قال: فقلت له: يابن رسول الله، متي تحل للمضطر الميتة؟

فقال: «حدثني أبي عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سئل فقيل له: يا رسول الله انا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة، فمتي تحل لنا الميتة؟

قال: «ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا، أو تحتفوا بقلا، فشأنكم بهذا».

قال السيد عبدالعظيم: فقلت له: يابن رسول الله فما معني قوله عزوجل: (فمن اضطر غير باغ و لا عاد)؟

قال: «العادي: السارق. و الباغي: الذي يبغي الصيد بطرا و لهوا، ليعود به علي عياله، ليس لهما أن يأكلا الميتة اذا اضطرا، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار، و ليس لهما أن يقصرا في صوم و لا صلاة في سفر.»

قال: قلت له: فقول الله تعالي: (و المنخنقة و الموقوذة و المتردية



[ صفحه 327]



و النطيحة و ما أكل السبع الا ما ذكيتم). [11] .

قال: «المنخنقة: التي انخنقت بأخناقها حتي تموت.

و الموقوذة: التي مرضت و وقذها المرض حتي لم تكن بها حركة.

و المتردية: التي تتردي من مكان مرتفع الي أسفل، أو تتردي من جبل أو في بئر فتموت.

و النطيحة: التي تنطحها بهيمة أخري فتموت.

ما أكل السبع منه فمات.

و ما ذبح علي حجر أو علي صنم، الا ما أدركت ذكاته فذكي».

قلت: (و أن تستقسموا بالأزلام) [12] .

قال: «كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما بين عشرة نفس، و يستقسمون عليه بالقداح، و كانت عشرة، سبعة لهم أنصباء [13] ، و ثلاثة لا أنصباء لها.

أما التي لها أنصباء: فالفذ، و التوام، و النافس، و الحلس، و المسيل، و المعلي، و الرقيب.

و أما التي لا أنصباء لها: فالسفح، و المنيح، و الوغد.

و كانوا يجيلون السهام بين عشرة، فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها ألزم ثلث ثمن البعير، فلا يزالون كذلك حتي تقع السهام التي لا أنصباء لها الي ثلاثة، فيلزمونهم ثمن البعير، ثم ينحرونه، و يأكل السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا، و لم يطعموا منه الثلاثة - الذين وفروا ثمنه - شيئا.

فلما جاء الاسلام حرم الله (تعالي ذكره) ذلك فيما حرم، و قال: (و أن



[ صفحه 328]



تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق) يعني حراما». [14] .

و أورد القمي في تفسيره في تفسير قوله تعالي: (انما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض...). [15] .

قوله: حدثني أبي، عن علي بن حسان، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «من حارب الله و أخذ المال و قتل، كان عليه أن يقتل و يصلب؛ و من حارب و قتل و لم يأخذ المال، كان عليه أن يقتل و لا يصلب؛ و من حارب فأخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن تقطع يده و رجله من خلاف؛ و من حرب و لم يأخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن ينفي.

ثم استثني الله عزوجل، فقال: (الا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم...) [16] يعني يتوب قبل أن يأخذهم الامام».

و روي الشيخ المفيد بسنده، عن أحمد بن عيسي، عن البرقي، عن جعفري بن محمد الصوفي، قال: سألت أباجعفر محمد بن علي الرضا عليهماالسلام، قلت له: يابن رسول الله، لم سمي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الأمي؟

فقال: «و ما يقول الناس؟».

قلت: جعلت فداك، يقولون: انما سمي الأمي؛ لأنه لم يكن يكتب.

فقال عليه السلام:«كذبوا عليهم لعنة الله، أني يكون ذلك و يقول الله عزوجل في كتابه: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم



[ صفحه 329]



و يعلمهم الكتاب و الحكمة). [17] .

فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟ و الله لقد كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقرأ و يكتب باثنتي و سبعين أو ثلاثة و سبعين لسانا، و انما سمي الأمي؛ لأنه من أهل مكة، و مكة من أمهات القري و ذلك قول الله في كتابه: (لتنذر أم القري و من حولها).» [18] [19] .

عن أبي هاشم الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: (قل هو الله أحد) ما معني الأحد؟

قال: «المجمع عليه بالوحدانية، أما سمعته يقول: (و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض و سخر الشمس و القمر ليقولن الله)، [20] بعد ذلك له شريك و صاحبة؟!».

قال المجلسي رحمه الله معقبا علي قول الامام عليه السلام: (بعد ذلك له شريك؟!): استفهام استنكاري، أي كيف يكون له شريك و صاحبة بعد اجماع القول علي خلافه؟ [21] .



[ صفحه 330]




پاورقي

[1] روت الحديث العديد من المصادر الحديثية نختار منها علي سبيل المثال لا الحصر: صحيح مسلم: 4 / 1873 ح 2408، سنن الدارمي: 2 / 431 و 432، صحيح الترمذي: 5 / 662 ح 3786، كنزالعمال: 1 / 185 ح 946 عن الطبراني في المعجم الكبير، مسند أحمد: 5 / 189، مصنف ابن أبي شيبة: 11 / 452 ح 11725. و لمزيد التفاصيل عن ألفاظ الحديث و طرقه و دلالاته و مصادره، راجع دفاع عن الكافي للسيد ثامر العميدي: 1 / 153 - 144.

[2] حديث: الخلفاء اثناعشر رواه مسلم في صحيحه: 2 / 119 كتاب الامارة، بتسعة طرق، و رواه البخاري في صحيحه: 4 / 164، أحمد في مسنده: 5 / 90 و 93 و 100 - 97 و غيرها، سنن الترمذي: 4 / 501، المعجم الكبير للطبراني: 2 / 238 ح 1996 و غيرها من المصادر، راجع دفاع عن الكافي: 1 / 544 - 536.

[3] الأنعام: 103.

[4] أصول الكافي: 1 / 99.

[5] الليل: 2 - 1.

[6] النجم: 1.

[7] من لا يحضره الفقيه: 3 / 376.

[8] القيامة: 35 - 34.

[9] عيون أخبار الرضا: 2 / 59.

[10] البقرة: 173.

[11] المائدة: 3.

[12] المائدة: 3.

[13] جمع نصيب.

[14] تهذيب الأحكام: 9 / 83.

[15] المائدة: 34 - 33.

[16] المائدة: 34 - 33.

[17] الجمعة: 2.

[18] الشوري: 7.

[19] الاختصاص: 263، معاني الأخبار: ص 53، بصائرالدرجات: ص 225.

[20] العنكبوت: 61.

[21] بحارالأنوار: 3 / 208.