بازگشت

تباشير الولادة


لا عجب أن يبشر الامام الرضا عليه السلام بمولوده المرتقب من قبل أن يولد بسنة. فالرضا يعلم - و علمه متوارث عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم الذي لا ينطق عن الهوي - أن الامامة في نسله عليه السلام، و علي هذا فلابد أن يولد للرضا ولد يتسلم مقاليد



[ صفحه 24]



الامامة بعد أبيه. و لما امتد بالرضا من آل محمد صلي الله عليه و اله و سلم العمر الي نحو الخامسة و الأربعين و لم يرزق بعد مولودا، شمت به الحاسدون و بعض الواقفية و الأعداء، و أثاروا حول شخصيته العظيمة غبار أحقادهم، و عجروا و بجروا بأن الرضا ليس اماما؛ لعدم انجابه كي تستمر به سلسلة الامامة الذهبية. فكان صلوات الله عليه يرد علي الشاكين و المشككين بأن الامامة في ولده.

و قد أورد العلامة الشيخ المفيد - عليه الرحمة - في ارشاده [1] ثلاث روايات و نقلها عنه المجلسي في البحار [2] تباعا، أكد الامام عليه السلام في الأولي بأن الأيام و الليالي لا تمضي حتي يرزقه الله ذكرا يفرق به بين الحق و الباطل.

و في الرواية الثانية يجزم عليه السلام بأن الامام من بعده ابنه، و لم يكن له ولد، ثم يقول عليه السلام: «هل يجترئ أحد أن يقول: ابني، و ليس له ولد؟!»، تقول الرواية: فلم تمض الأيام حتي ولد ]الامام محمد الجواد[ صلوات الله عليه.

و يدخل عليه مرة ابن قياما الواقفي، و يحتج عليه بعدم امامته؛ لعدم انجابه من يخلفه في الامامة. و يجيبه الامام بقطع و حزم، جواب واثق مطمئن، فيقول: «والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق و أهله، و يمحق به الباطل و أهله». و بعد مرور سنة من هذا الحوار يولد الامام الجواد عليه السلام، و تتم الحجة للامام الرضا عليه السلام علي أعدائه. و للاطلاع علي تفاصيل الروايات متونا و اسنادا، راجع موضوع النص علي امامته عليه السلام من الفصل الثاني.

هذا ما كان قبل مولده الشريف الميمون، أما ولادته عليه السلام فكانت سنة (195 ه) علي هاجرها الآف التحية والسلام، الموافقة لسنة (811 م) يوم الجمعة



[ صفحه 25]



العاشر من رجب علي ما في مصباح المتهجد من الدعاء المأثور عن صاحب الأمر عليه السلام و الذي خرج علي يد الشيخ الكبير أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه، و يرويه ابن عياش أحمد بن محمد بن عبدالله الجوهري، صاحب كتاب مقتضب الأثر بسنده، و الدعاء هو: اللهم اني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني و ابنه علي بن محمد المنتجب.. الدعاء. و هذا التاريخ هو المشهور من بين تواريخ مولده و الذي عليه أغلب المؤرخين. [3] .

لكن الذي عليه العلماء و مشايخ الطائفة أن ولادته عليه السلام في شهر رمضان المبارك، و قد ترددوا بين الخامس عشر، و السابع عشر، و التاسع عشر من شهر رمضان من العام المذكور في المدينة المنورة، و التاريخ الأخير هو الأرجح من بين التواريخ الرمضانية الثلاثة؛ لما عليه أكثر العلماء. [4] .

هذا اذا علمنا أن لدينا مولودين آخرين في رجب، هما: أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و الامام أبوجعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام.

و الرواية الآتية التي نوردها ليس فيها اشارة الي أن وقت ولادته عليه السلام كان وقت صيام أو شي ء من ذلك.

روي ابن شهر آشوب عن حكيمة بنت أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قالت: لما حضرت ولادة الخيزران أم أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام فقال: «يا حكيمة احضري ولادتها»، و أدخلني و اياها و القابلة بيتا و وضع لنا مصباحا



[ صفحه 26]



و أغلق الباب علينا، فلما أخذها الطلق طفئ المصباح - و ]كان[ بين يديها طست - فاغتممت بطف ء المصباح، فبينا نحن كذلك اذ بدر أبوجعفر عليه السلام في الطست و اذا عليه شي ء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتي أضاء البيت فأبصرناه، فأخذته فوضعته في حجري و نزعت عنه ذلك الغشاء. فجاء الرضا عليه السلام و فتح الباب و قد فرغنا من أمره فأخذه و وضعه في المهد و قال لي: «يا حكيمة الزمي مهده»، قالت: فلما كان في اليوم الثالث رفع ]محمد الجواد[ بصره الي السماء ثم نظر يمينه و يساره ثم قال: «أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمدا رسول الله». فقمت ذعرة فزعة فأتيت أباالحسن عليه السلام، فقلت سمعت من هذا الصبي عجبا، فقال: «و ما ذاك»، فأخبرته الخبر، فقال: «يا حكيمة ما ترون من عجائبه أكثر». [5] .


پاورقي

[1] الارشاد: 2 / 277.

[2] بحارالأنوار: 50 / 22.

[3] راجع: المناقب / ابن شهر آشوب: 4 / 379، في رحاب أئمة أهل البيت / السيد محسن الامين: 2 / 161، اعلام الوري / الطبري الصغير: ص 344 و فيه أنه ولد للنصف من رجب.

[4] راجع: أصول الكافي / الكليني: 1 / 492، الارشاد / المفيد: 2 / 273، الأنوار البهية / الشيخ عباس القمي: ص 207، المناقب / ابن شهر آشوب: 4 / 379، كشف الغمة / الاربلي: 3 / 133، الفصول المهمة / ابن الصباغ المالكي: ص 262.

[5] الفصول المهمة: ص 209 - 208.