الحرف (م)
و لله در الشيخ حسين آل عصفور الدرازي البحراني صاحب مجموعة وفيات الأئمة اذ يقول:
لله درك من ضريح قد حوي
جسد النبي من السلام سلام
قبر سنا أنواره تجلو العمي
و قبر به دفعت به الأسقام
قبر تمثل للعيون محمد
و وصيه و المؤمنون قيام
قبر اذا حل الوجود بربعه
رحلوا و حطت منهم الآثام
و تزودوا أمن العقاب و آمنوا
من أن يحل عليهم الاعدام
ألله عن ذنب لهم متصفحا
و بذاك عنهم جفت الأقلام
ان يغن عن سقي الغمام فانه
لولاه ما يسقي البلاد غمام
قبر به نجل الرضا و به الرضا
ثملا و يزهو الحل و الاحرام
فرضوا اليه السعي كالبيت الذي
من دونه حقا له الاعظام
من زاره في الله عارف حقه
فالمس منه علي الجحيم حرام
و مقامه لا شك يحمد في غد
و له بجنات الخلود مقام
و له بذاك الله أوفي ضامن
قسما اليه تنتهي الأقسام
صلي الاله علي النبي محمد
و علي علي رحمة و سلام
و كذا علي الزهراء صلي سرمدا
رب بواجب حقها علام
و علي ابنها الحسن الزكي و نجلها
السبط الشهيد و من له الاكرام
[ صفحه 486]
و علي علي ذي التقي و محمد
و علي و الحسن الزكي سلام [1] .
و علي خليفته الذي لكم به
ثم النظام فكان فيه ختام
فهو المؤمل أن يعود به الهدي
و علي يديه تعذب الأصنام
لولاكم ما قام دين محمد
بين الأنام و لا علا الاسلام
أنتم الي الله الوسيلة و الألي
علم [2] الهدي فهم له أعلام
أنتم ولاة الدين و الدنيا و من
لله فيهم حرمة و ذمام
ما الناس الا من أقر بفضلكم
و الجاحدون بفضلكم أنعام
اني لأرثيكم و أبكي رزؤكم
مادامت الأوقات و الأعوام
و أعده ذخرا و حصنا في غد
كيما يكون لنا بكم اعظام
و لقد برئت من الذين تبرؤوا
منكم و زلت منهم الأقدام
و هم عدي و حبتر شر الوري
و امامهم تيم كذاك دلام
و من العبابسة الذين تمردوا
بغيا و تاهوا في الضلال و هاموا [3] .
و في مرثية السيد صالح النجفي القزويني المتوفي سنة (1306 ه) في الامام الجواد عليه السلام مطلعها:
سل الدار عن ساكنها أين يمموا
فهل أنجدوا يوم استقلوا و اتهموا
الي أن يقول فيها:
و من يثرب استدعي الجواد و مذ أتي
له غيلة بين البرايا معظم
[ صفحه 487]
و كم لك يابن المصطفي بان معجز
به كل أنف من أعاديك مرغم
أسر امتحانا صيد باز بكفه
فأخبرته عما يسر و يكتم
و أذعن لما اجتاز في النهج قبل أن
يشاهده فانصاع و هو مسلم
و أرشي العدي يحيي بن أكثم خفية
و ظنوا بما يأتيه أنك تفحم
فأخجلت يحيي في الجواب مبينا
عن الصيد يرديه امرؤ و هو محرم
و أنت أجبت السائلين مسائلا
ثلاثين ألفا عالم لا تعلم [4] .
و غاظ بني العباس تعظيم رجسهم
لشأنك اجلالا و أنت المعظم
و كم أبرموا أمرا فكادوا فكدتهم
بنقضك ما كادوك فيه و أبرموا
و صاهرك المأمون لما بدت له
معاجزك اللاتي بها الناس سلموا
و يزعم مذ صاهرته زدت رفعة
و ما الأمر الا عكس ما هو يزعم
و نص الرضا أن الجواد خليفتي
عليكم بأمر الله يقضي و يحكم
هو ابن ثلاث كلم الناس هاديا
كما كان في المهد المسيح يكلم
سلوه يجبكم و انظروا ختم كتفه
ففي كتفه ختم الامامة يختم
و سرت الي كوفان و البيت عائدا
الي الشام لمح الطرف و الليل مظلم
رموا بالتبني عابدا صحبته
مذيعا لذاك الستر و السر يكتم
و في السجن ألقوه و قد أحدقوا به
فأخرجته منهم كأنهم عموا
و عن سير حماد نهيت فما انتهي
فأغرقه واد من السيل مفعم
و ما كف ذو الناس [5] و لما انتهرته
فشل نكالا منه كف و معصم
[ صفحه 488]
و يوم أسر الهاشمي أوامه [6] .
استبان له بالغيب أنك تعلم
و يوم عليك الشاهدان نجو ما [7] .
قد افتريا بالرجف أعداك أرغموا
و قال المني [8] الجمال منك و لم يكن
أبوهاشم في أمره يتكلم
و ليلا أبوالصلت استغاث بسجنه
فأخرجته و السجن بالجند مفعم
أتاك أبوبكر [9] ببنت تورمت
فزال بمسح منك ذاك التورم
و في مهدك الأعمي بصيرا أعدته
فخر علي رجليك يبكي و يلثم
لعاف [10] أحلت الترب تبرا تكرما
و فضلا و أنت الفضل المتكرم
أقر لك الزيدي بالسحر [11] انما
ولاك من الباري عليه محتم
و أرسلت في الأقطار اني ميت
بعامي فان لم ترسلوا الخمس تندموا
و صرفك شك ابن الوليد وردك
الدراهم اعجاز له و التبسم
و أنت أمرت الميت أن يعلم ابنه
بأمواله في النوم اذ ليس يعلم
[ صفحه 489]
و لما استحي يحيي فأخفي سؤاله
أمرت العصا في سؤله تتكلم
و سؤالك [12] اياه فما حكم قينة
تحل مرارا في النهار و تحرم
فلم يستطع يحيي جوابا و لم يطق
كلاما و لو أن البرايا له فم
و عن فرس أخبرت تأتي بأبيض
له غرة الحمل لا يتوسم
أسر ابن سهل منك يسأل كسوة
فجدت و لم يسأل و هذا التكرم
و كم أبكم أعمي أصم شفتيه
فما بال أقوام علي الخلف صمموا
و قبض الثري من تحت أخمصك الفتي
أسر فأخطي ظنه و التوهم
زهت بوضوء منك أغصان سدرة
و قد أطعمت في الحال ما ليس يطعم
و لما شكت و الرجس سكران بنته
عليك عدا بالمشرفي يخذم
أيكلمه بالمشرفي و انه
له و لكل الكائنات المقوم
ألا شل منه معصم قل مخذما
و لا قل يوما مخذما منه معصم
و يوم طويت الأرض من يثرب الي
أبيك بطوس و المدامع تسجم
و وافيته ملقي يجود بنفسه
يجرع كاسات الردي و هي علقم
فضمك شوقا باكيا حين جئته
الي صدره الزاكي و دمعكما دم
و كل لكل معول و مودع
حبيبا يشم الثغر منه و يلثم
و جهر به من حيث يخفي عن العدا
مكانك خوف الغدر و الفتك منهم
و بينكما ظلما قضوا و عداوة
حياتا و موتا بالنوي و تحكموا
و من أمره لما فرغت بيومه
رجعت و قد أعلمت ما ليس يعلم
فطوس لكم و الكرخ شجوا و كربلا
و كوفان تبكي و البقيع و زمزم
و كم قد تعطفتم عليهم ترحما
فلم يعطفوا يوما عليكم و يرحموا
[ صفحه 490]
و كم مأتم حزنا عليه أقمته
تميد له رضوي و يلوي يلملم
معاجز لو أن البرايا ترومها
عدادا لكلت كيف تحصي فتنتظم
و لم تحص لو أن البحار مدادها
و أقلامها الأشجار و الخلق ترقم
أقمت و قومت الهدي بعد سادة
أقاموا الهدي من بعد زيغ و قوموا
فلا ربحت آل الطليق تجارة
و لا برحت هونا تسام و ترغم
فما منكم قد حرم الله حللوا
و ما لكم قد حلل الله حرموا
و جدهم لو كان أوصي بقتلهم
اليكم لما زدتم علي ما فعلتم
فصمتم من الدين الحنيفي حبله
و عروته الوثقي التي ليس تفصم
و قد مهد المأمون ثم محمد
لمعتصم تمهيد من قد تقدموا
و سمته أم الفضل عن أمر عمها
فويل لها من جده يوم تقدم
قضي منكم كربا و عاش مروعا
و لا جازع منكم و لا مترحم
علي قلة الأيام و المكث لم يزل
بكم كل يوم يستضام و يهضم
فيا لقصير العمر طال لموته
علي الدين و الدنيا البكا و التألم
مضيت فلا قلب المكارم هاجع
عليك و لا طرف المعالي مهوم
و لا مربع الايمان و الهدي مربع
و لا محكم الفرقان و الوحي محكم
بفقدك قد أثكلت شرعة أحمد
فشرعته الغراء بعدك أيم [13] .
عفا بعدك الاسلام حزنا و أطفئت
مصابيح دين الله فالكون مظلم
فيالك مفقودا ذوت بهجة الهدي
له و هوت من هالة المجد أنجم
يمينا فما لله الاك حجة
يعاقب فيه من يشاء و يرحم
[ صفحه 491]
و ليس لأخذ الثأر الا محجب
به كل ركن للضلال يهدم [14] .
و له أيضا يمدح الامامين الكاظمين عليهماالسلام:
أقول لركب حيث بانوا و يمموا
سراعا الي الزوراء عوجوا و ألمموا
اذا جئتم من جانب الكرخ غربوا
الي الطور حيث النور يبدو ويكتم
قفوا حيث نار الطور أشرق نورها
و لاح سناها و الظلام مخيم
و حيث تراءت نار موسي فأدلجوا
اليه مع السارين و الليل مظلم
قفوا بي اذا ما جئتم ذروة الحمي
علي قبر موسي و الجواد و سلموا [15] .
و لأبي تمام حبيب بن أوس الطائي المتوفي سنة (230 ه / 845 م) قصيدة يمدح بها أهل البيت عليهم السلام و هي مما ليست في ديوانه المطبوع، مطلعها:
حصحص الحق فاسهري أو فنامي
عن ملامي ستحتوين ملامي
ثم يعرج علي أئمة أهل البيت عليهم السلام فيقول:
ربي الله و الأمين نبيي
صفوة الله و الوصي امامي
ثم سبطا محمد تالياه
و علي و باقر العلم حامي
و التقي الزكي جعفر الطيب مأوي المعتو و المعتام
ثم موسي ثم الرضا علم الفضل
الذي طال سائر الأعلام
و المصطفي محمد بن علي
و المعري من كل سوء و ذام
أبرزت منه رأفة الله بالناس
لترك الظلام بدر التمام
[ صفحه 492]
فرع صدق نمي الي الرتبة العليا
و فرع النبي لا شك نامي
فهو ماض علي البديهة بالفيصل
من رأي هبرزي همام [16] .
عالم بالأمور غارت فلم
تنجم و هذا يكون بالانجام
بالأمور التي تبيت تقاسيها
علي حين سكرة النوام
هؤلاء الألي أقام بهم
حجته ذو الجلال و الاكرام
عصبة لست منكرا أنني
يفني قعودي بحبهم و قيامي
و القصيدة في (59) بيتا. [17] .
[ صفحه 493]
پاورقي
[1] الظاهر سقوط أسماء الأئمة من الامام علي بن الحسين و حتي الامام موسي بن جعفر عليهم السلام في بيت أو بيتين من الطبع في المصدر.
[2] في المصدر: علما.
[3] مجموعة وفيات الأئمة: ص 344.
[4] ناقشنا هذا الأمر في حديث أوردناه في باب شذرات من أخباره، و أجبنا عنه.
[5] كذا في المصدر. و الظاهر أنه أراد (ذو العثنون) و قد ذكرنا خبره في أحداث الزواج. و هو مخارق المغني الذي قال له الامام: اتق الله يا ذا العثنون. فشلت يده من ساعته.
و أري أن الشطر يكون هكذا: و ما كف ذو العثنون لما انتهرته.
[6] الأوام: شدة العطش.
[7] في المصدر: نجوما، و هو تصحيف. و النجو: السر بين اثنين. و الرواية عن محمد بن أورمة ذكرناها في باب استجابة دعائه عليه السلام.
[8] كذا في المصدر: و هو ناظر الي الرواية التي أوردناها في باب كراماته ثم أشرنا اليها في باب التوسم و الفراسة، بقوله عليه السلام: يا غلام أنظر الي الجمال الذي أتانا به أبوهاشم فظمه اليك.
[9] الرواية نقلناها عن كتاب الثاقب لأبي جعفر المشهدي، و قد رواها بسنده عن بكير. و هي آخر ما أوردناه في باب استجابة دعائه عليه السلام.
[10] كذا في المصدر. و هو ناظر الي رواية اسماعيل بن عباس الهاشمي التي نقلها القطب الراوندي في الخرائج، و أوردناها في باب جوده و كرمه.
[11] في المصدر: بالسحب، و هو تصحيف واضح. و يشير هنا الي الرواية التي نقلها الاربلي في كشف الغمة عن القاسم بن عبدالرحمن الذي كان زيديا ثم قال بالامامة، و قد أوردناها في باب التوسم و الفراسة، فراجع.
[12] في المصدر: و مسؤولك.
[13] الرجل فقد زوجته أو المرأة زوجها فهي و هو أيم.
[14] الدمعة الساكبة: 8 / 87.
[15] موسوعة العتبات المقدسة: 9 / 81 و لعل هذه الأبيات هي من جملة القصيدة المذكورة قبلها والله العالم.
[16] الهبرزي: الجميل الوسيم من كل شي ء. و يطلق علي الأسد، و الذهب الخالص أيضا، و علي الدينار الجديد (من الذهب طبعا).
[17] رياض المدح و الرثاء: ص 723 الطبعة المحققة.