بازگشت

كلمة في البدء


أبوجعفر محمد ابن الامام علي الرضا ابن الامام موسي الكاظم ابن الامام جعفر بن محمد الصادق الي أن ينتهي نسبه الي الامام علي بن أبي طالب جدا و فاطمة الزهراء جدة عليها و عليهم أفضل الصلاة والسلام.

و هو التاسع من أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم، و كوكب من كواكب هداية العالمين، و سفينة النجاة التي من ركبها نجا و من تخلف عنها ضل و هوي، و غرق و تردي في مهاوي الضلال، و هو ثاني من تسمي بمحمد، و تكني بأبي جعفر في الدوحة النبوية المباركة.

لقد كان الامام الجواد عليه السلام كآبائه الطاهرين شعلة وهاجة من الفضائل، و مكارم الأخلاق، و ينبوعا متدفقا لا ينضب من العلم و المعرفة.. و هكذا كان جميع أهل هذا البيت النبوي المكرم الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

تنوع في الأدوار..

و اتحاد و تساو في الفضائل و المعارف و العلوم..

ذلك؛ لأن مصدر علومهم عليهم السلام واحد، و هو مدينة العلم.. و معدن الأسرار.. الرسول الأكرم محمد صلي الله عليه و آله و سلم الذي علمه من علم السماء، فكذلك كان علم الأئمة عليهم السلام - و منهم امامنا المفدي أبي جعفر محمد الجواد عليه السلام - لازما لهم؛ لاضطلاعهم بمنصب الامامة الخطير، الذي يعد امتدادا لخط النبوة الخاتمة، و حارسا لروح الرسالة، و مبينا للكتاب و السنة.



[ صفحه 22]



فالامام أبوجعفر محمد بن علي بن موسي بن جعفر - عليه و علي آبائه آلاف التحية والسلام - اضافة الي وفور عقله، و طول باعه في علوم الشريعة و أحكامها، فقد كان يتمتع بمقام علي..

و له كانت هيبة في النفوس..

و سخاء وجود متميزين، فلقب بالجواد علي صغر سنه.

و أنه اتقي الله عزوجل، فوقاه الله شر عدوه.. فلقب بالتقي.

و أن الله تعالي ارتضاه للامامة صغيرا.. فلقب بالمرتضي.

و أن الله زاده فضلا، فعم خيره الدنيا، و طهر من الذنوب.. فلقب بالزكي.

و أنه تذلل لله سبحانه، و رضي بما قسمه له و قدره.. فلقب بالقانع.

و أنه قبل، و قنع بقضاء الله.. فلقب بالرضي.

و أن الله انتقاه و اختاره.. فلقب بالمختار.

و أنه اعتمد علي الله، و وثق به، و سلم أمره اليه.. فلقب بالمتوكل.

و أن الله اصطفاه من نسب كريم، و حسب شريف.. فلقب بالمنتجب.

و أن الله تعالي ألقي اليه علوم الأولين و الآخرين و أودعها قلبه.. فلقب بالعالم.

و بهذه الصفات و الألقاب الحميدة فقد تجمعت في الامام الجواد - علي رغم صغر سنه - كل أسباب الامامة، و مؤهلات الولاية. فكان القطب، و المركز الذي تدور عليه محاور الحياة المختلفة الاجتماعية و السياسية و العقيدية.

و ستتضح لك الصورة أجلي بيانا عن شخصية امامنا المفدي أبي جعفر الجواد عليه السلام من خلال مطالعة هذا الكتاب. عندها سوف تتاح لك - عزيزي القارئ - فرصة التعرف علي أمور قد تكون خفيت عليك عن جوانب عديدة من حياة هذا الامام المفترض الطاعة، و قد أشار اليه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كما سيأتيك قريبا في أول النصوص الدالة علي امامته.



[ صفحه 23]



و مما لا شك فيه أن المامك بتأريخ حياة واحد من أئمة الهدي، و سفن النجاة، ذلك التاريخ المشرق، الحافل بالأحداث و العبر، سيجعلك أمام ثقافة و سجايا بعيدة المدي من خلال وقوفك علي مكارم اخلاق الامام الجواد عليه السلام أو أي من أئمة أهل البيت عليهم السلام، و ارتشافك من نمير علمهم، و تلمسك لقبس من حديثهم العذب.

فتعال معي - أخي في الايمان - نقف وقفة تأمل و تدبر أمام هذه الشخصية الفذة العظيمة، التي حفرت وجودها علي وجه الحياة و صفحاتها؛ لتبقي عبر الأجيال و القرون و الي قيام الساعة، منتجعا يجد عنده المجدبون ضالتهم المنشودة بعد و عثاء السفر... و يستلهم منه المدلجون منارا يهتدون به في حالك المسير اذا ادلهم بهم الخطب.

نعم، انه الجواد التقي، المنتجب الزكي، المختار الرضي، عيبة العلم.. و مستودع الحكمة.. و هو بعد جذيلها المحكك، و عذيقها المرجب.

و لكي تتعرف أكثر علي معالم شخصية أبي جعفر الثاني عليه السلام في هذا الفصل من خلال تباشير ولادته، و نسبه الشريف، و ألقابه و كناه، و أولاده، و وفاته عليه السلام و كيفية استشهاده، ثم أقوال العلماء و المؤرخين في كيفية وفاته، و ما بعد الرحيل، و أخيرا كان لنا بحث في من الذي يتولي شؤون المعصوم؟ و به كان ختام الفصل، و اليك التفصيل.