بازگشت

مناظرات الامام الجواد


كانت رغبة الأبناء لمعرفة ما حصل في اجتماع ابن أكثم مع الامام الرضا عليه السلام. هي التي دعتهم لانتظار أبيهم مبكرين علي غير عادتهم. فهم يعرفون وقت حضوره الي البيت. و لا نكون مبالغين أن قلنا أنهم يعرفون ساعة حضوره. فالأب حينما يحيم وقت عودته الي المنزل تراه يتوجه سالكا طريق العودة حتي و أن لم ينظر الي ساعته و كأن في الأمر نداء خفيا يناديه فيلبي النداء.

انتظر الأبناء هذا اليوم وقتا طويلا. و الأب لم يزل خارج المنزل. و ما أن حل وقته المعتاد حتي دخل عليهم محييا اياهم. فتلقوه بلهفة و شوق. و من شوقهم لمعرفة ما حدث في اجتماع الامام عليه السلام بابن أكثم فقد تقدموا أبيهم علي غير عادتهم متوجهين الي الغرفة التي اعتادوا الجلوس فيها للحديث. و الأب سائرا خلفهم و قد أحس برغبتهم الشديدة للحديث. و لذلك ما أن أخذ مجلسه حتي قال من دون انتظار:

كان ابن اكثم يظن نفسه أنه من حملة علم غزير. و لم يكن ليطرأ علي باله أن الأئمة من آل البيت لهم علما لا يعرف مداه الا



[ صفحه 249]



الله تعالي و رسوله عليه السلام و من آمنوا بصدق و والوا آل البيت النبوي الأطهار و أتبعوا هديهم و خطاهم. و سمعوا منهم و أطاعوا دون شك في صحة ما أمروا به.

و كان المأمون قد أمر أن يفرش لأبي جعفر محمد الجواد عليه السلام دست. و يجعل فيه مسورتان. فخرج أبوجعفر عليه السلام فجلس بين المسورتين. و جلس يحيي بن اكثم بن بيديه. و قام الناس في مراتبهم. و المأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه السلام.

فقال يحيي بن أكثم للمأمون: ياذن لي أميرالمؤمنين أن اسأل أباجعفر عليه السلام عن مسألة؟

فقال المأمون: استأذنه في ذلك.

فأقبل عليه يحيي بن أكثم فقال: اتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟

فقال الامام الجواد عليه السلام: سل ان شئت.

فقال يحيي بن أكثم: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا؟

فقال الامام محمد الجواد عليه السلام: قتله في حل أو حرم؟

عالما كان المحرم أو جاهلا؟

قتله عمدا أو خطأ؟

حرا كان المحرم أم عبدا؟

صغيرا كان أو كبيرا؟

مبتدأ بالقتل أو معيدا؟



[ صفحه 250]



من ذوات الطير كان الصيد أو غيرها؟

من صغار الصيد أم من كبارها؟

مصرا علي ما فعل أو نادما؟

في الليل كان قتله للصيد أو في النهار؟

محرما كان في العمرة اذ قتله أو بالحج كان محرما؟

فتحير يحيي بن اكثم. و بأن في وجهه العجز و الانقطاع. و تلجلج حتي عرف أهل المجلس عجزه.

فقال المأمون: الحمد لله علي هذه النعمة و التوفيق لي في الرأي.

ثم نظر الي أهل بيته. فقال لهم. اعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه.

ثم جرت الخطبة. و عقد له المأمون علي ابنته في ذلك المجلس. و خرجت الجوائز و النثارات. و وضعت الموائد. ثم اجاب عليه السلام بعد ذلك عن جميع شقوق المسألة. [1] .

ثم قال الأب: كان الامام أبوجعفر محمد بن علي عليه السلام زاخر العلم عظيم الفضل جوادا سمحا رؤوفا بالناس. أحب لهم كما أحب لنفسه و كره لهم ما كره لها. و هذه سنة الأئمة من آل بيت النبي ورثوها عن جدهم المصطفي محمد صلي الله عليه و آله و سلم. و لذا كان اضافة الي توعية الناس و تعليمهم أصول دينهم و أحكامه و شرائعه كان يرغبهم في الالتجاء الي خالقهم عند كل نعمة و شدة. و يعلمهم كيف يدعوه و يتسولوا اليه و يرجوه.



[ صفحه 251]



الابن الأكبر: و ماذا كان يعلمهم في مثل هذا المقام يا أبي؟

الأب: لقد روي عن علي عن أبيه عن هشام بن سالم عن أبي حمزة: قال: أخذت هذا الدعاء عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال: و كان أبوجعفر يسميه الجامع: بسم الله الرحمن الرحيم اشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له. و أشهد أن محمدا عبده و رسوله. آمنت بالله و بجميع رسله و بجميع ما أنزل به علي جميع الرسل. و أن وعد الله حق. و لقاءه حق و صدق الله و بلغ المرسلون. و الحمد لله رب العالمين. و سبحان الله كلما سبح الله شي ء. و كما يحب الله أن يسبح. و الحمد لله كلما حمد الله شي ء. و كما يحب أن يحمد. و لا اله الا الله كلما هلل الله شي ء. و كما يجب الله أن يهلل. و الله أكبر كلما كبر الله شي ء. و كما يحب الله أن يكبر.

اللهم اني أسألك مفاتيح الخير و خواتيمه و سوابغه و فوائده و بركاته. و ما بلغ علمه علمي. و ما قصر عن احصائه حفظي. اللهم الهج لي اسباب معرفته. و أفسح لي أبوابه. و غشي بركات رحمتك. و من علي بعصمة الازالة عن دينك. و طهر قلبي من الشك. و لا تشغل قلبي بدنياي و عاجل معاشي. عن آجل ثواب آخرتي. و أشغل قلبي بحفظ ما تقبل مني جهله. و ذلل لكل خير لساني. و طهر قلبي من الرياء. و لا تجره في مفاصلي. و أجعل عملي خالصا لك.

اللهم اني أعوذ بك من الشر و أنواع الفواحش كلها. ظاهرها و باطنها و غفلاتها و جميع ما يريدني به الشيطان الرجيم. و ما يريدني به السلطان العنيد. مما احطت بعلمه. و أنت القادر علي صرفه عني.

اللهم اني أعوذ بك من طوارق الجن و الأنس. و زوابعهم و بوائقهم



[ صفحه 252]



و مكائدهم. و مشاهد الفسقة من الجن و الأنس. و أن أستزل عن ديني فتفسد علي آخرتي. و أن يكون ذلك منهم ضررا علي معاشي. أو يعرض بلاء فيصيبني منهم. لا قوة لي به. و لا صبر لي علي احتماله. فلا تبتلني يا الهي بمقاساته. فيمنعني ذلك عن ذكرك. و يشغلني عن عبادتك. انت العاصم المانع الدافع الواقي من ذلك كله.

اسألك اللهم الرفاهية في معيشتي ما ابقيتني. معيشة أقوي بها علي طاعتك. و أبلغ بها رضوانك. و أصير بها الي دار الحيوان غدا. و لا ترزقني رزقا يطغيني. و لا تبتلني بفقر اشقي به مضيقا علي. اعطني حظا وافرا في آخرتي. و معاشا واسعا هنيئا مريئا في دنياي. و لا تجعل الدنيا علي سجنا. و لا تجعل فراقها علي حزنا. اجرني من فتنتها. و أجعل عملي فيها مقبولا. و سعيي فيها مشكورا.

اللهم من أرادني بسوء فارده بمثله. و من كادني فكده. و أصرف عني هم من أدخل علي همه. و أمكر بمن مكر بي. فانك خير الماكرين. وافقأ عني عيون الكفرة الظلمة. و الطغاة الحسدة.

اللهم و أنزل علي منك سكينة. و ألبسني درعك الحصينة. و أحفظني بسترك الواقي. و جللني عافيتك النافعة. و صدق قولي و فعالي. و بارك لي في ولدي و أهلي و مالي. اللهم ما قدمت و ما أخرت و ما أغفلت و ما تعمدت و ما توانيت و ما أعلنت و ما أسررت فأغفره لي يا أرحم الراحمين. [2] .

فقال الابن الأكبر: ان هذا الدعاء اسما علي مسماه يا أبي. فاسمه الجامع و هو الجامع فعلا.



[ صفحه 253]



فقال الأب: أعلم يا ولدي. ان هذا الدعاء نافع جدا اذا دعا به المسلم كل يوم: فهو تجديد بالعهد و الشهادة بأن الله جل جلاله لا شريك له في ملكه. و لا منازع له في أمره. قهر بعزته الأعزاء. و تواضع لعظمته العظماء. فبلغ بقدرته ما يشاء. و أن محمدا صلي الله عليه و آله و سلم عبده و رسوله و صفيه و حبيبه و خيرته من خلقه. و أن من رحمته تعالي علي عبيده أن بعث لهم الأنبياء و الرسل يدعوهم الي شهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. و كل هذه الشهادات خير للمؤمن بها في الآخرة. يكتسب بها رضا الله تعالي و قبوله. و تحصنه من عذابه و غضبه. و ليس ذلك فحسب. فالدعاء ما غفل طلب الخير في الدنيا أيضا. و لذلك فهو جامع لخير الدنيا و الآخرة.

فقال الابن الأكبر: و هل للامام الجواد عليه السلام ادعية أو مناجاه غير هذا يا أبي؟

الاب: و هل لآل البيت رجاء غير الله تعالي يا ولدي.

فقال الابن الأكبر: لا رجاء لهم غير خالقهم حتما. فهم خير من عرف الله تعالي حق معرفته يا أبي.

فقال الأب: و لذلك يا بني. فللامام الجواد أدعية كثيرة. و مناجاة اقر من خلالها بعبوديته لله تعالي. و أفتخر بهذه العبودية.

فقال الابن الأكبر: حدثنا عن ادعيته يا أبي. و التي حث اصحابه و شيعته علي الدعاء بها؟

فقال الأب: روي عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه عن محمد بن الفرج قال: كتب الي أبوجعفر بن الرضا عليه السلام بهذا الدعاء و علمنيه. و قال: من قال في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة الا تيسرت له و كفاه الله ما أهمه: بسم الله الرحمن الرحيم.



[ صفحه 254]



و صلي الله علي محمد و آله. و أفوض أمري الي الله. ان الله بصير بالعباد. فوقاه الله سيئات ما مكروا. لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين. فاستجبنا له و نجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين. حسبنا الله و نعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله و فضل. لم يمسسهم سوء. ما شاء الله. لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم. ما شاء الله. لا ما شاء الناس. ما شاء الله. و أن كره الناس. حسبي الرب من المربوبين. حسبي الخالق من المخلوقين. حسبي الرزاق من المرزوقين. حسبي الذي لم يزل حسبي منذ قط [3] حسبي الله الذي لا اله الا هو. عليه و هو رب العرش العظيم.

و قال عليه السلام: اذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل: رضيت بالله ربا. و بمحمد نبيا. و بالاسلام دينا. و بالقرآن كتابا. و بفلان و فلان ائمة [4] اللهم وليك فلان فأحفظه من بين يديه و من خلفه. و عن يمينه و عن شماله. و من فوقه و من تحته. و أمدد له في عمره. و أجعله القائم بأمرك. و المنتصر لدينك. و أره ما يجب. و ما تقربه عينه في نفسه و ذريته. و في أهله و ماله. و في شيعته و في عدوه. و أرهم منه ما يحذرون. و أره فيهم ما يحب و تقربه عينه. و أشف صدورنا و صدور قوم مؤمنين.

و قال عليه السلام: و كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقول اذا فرغ من صلاته: اللهم أغفر لي ما قدمت و ما أخرت. و ما اسررت و ما أعلنت. و أسرافي



[ صفحه 255]



علي نفسي. و ما أنت أعلم به مني. اللهم أنت المقدم و أنت المؤخر. لا اله الا أنت. بعلمك الغيب. و بقدرتك علي الخلق أجمعين. ما علمت الحياة خيرا لي فاحيني. و توفني اذا علمت أن الوفاة خيرا لي. اللهم اني أسألك خشيتك في السر و العلانية. و كلمة الحق في الغضب و الرضا. و القصد في الفقر و الغني. و اسألك نعيما لا ينفذ. و قرة علين لا ينقطع. و اسألك الرضا بالقضاء. و بركة الموت بعد العيش. و برد العيش بعد الموت. و لذة المنظر الي وجهك. و شوقا الي رؤيتك و لقائك. من غير ضراء مضرة. و لا فتنة مضلة.

اللهم زينا بزينة الايمان. و اجعلنا هداة مهديين. اللهم اهدنا فيمن هديت. اللهم اني أسألك عزيمة الرشاد و الثبات في الأمر و الرشد. و اسألك شكر نعمتك. و حسن عافيتك. و اداء حقك. و اسألك يا رب قلبا سليما. و لسانا صادقا. و استغفرك لما تعلم. و اسألك خير ما تعلم. و أعوذ بك من شر ما تعلم. فانك تعلم و لا نعلم. و أنت علام الغيوب. [5] .

ثم قال الأب: و روي عن أبي حمزة عن الامام الجواد عليه السلام قال: قال محمد بن علي عليه السلام: يا أباحمزة. مالك اذا أتي بك أمر تخافه لا تتوجه الي بعض زوايا بيتك (يعني القبلة). فتصلي ركعتين. ثم تقول: يا أبصر الناظرين. و يا اسمع السامعين. و يا أسرع الحاسبين. و يا أرحم الراحمين. (سبعين مرة). كلما دعوت بهذه الكلمات (مرة) سألت حاجة. [6] .



[ صفحه 256]



قال الأب: ان ما اثبته التاريخ لنا و السير أيضا أن العلم الذي كان يحمله آل البيت عليه السلام ما بلغه أحد من المسلمين خاصهم و عامهم. و ما حصل عليه القريبين منهم من أصحابهم و مواليهم فان علم غيره من الناس. و هذا يؤكده ما قالته صحابة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيهم كأبي بكر و عمر و سعد بن أبي وقاص و عبدالله بن عباس و غيرهم الكثير.

فقال الابن الأكبر: حدثنا عن ما قيل فيهم يا أبي.

الأب: ان الحديث عن ذلك يجرنا الي غيره من الأحاديث يا ولدي. الا اني ساذكر لكم حادثة واحدة نري من خلالها صحة ما نقول. و هي رويت عن الامام الصادق جعفر بن محمد علي بن الحسين عليهم السلام. قال: كان لفاطمة عليهاالسلام جارية يقال لها فضة. فصارت بعدها الي علي عليه السلام فزوجها من أبي ثعلبة الحبشي فأولدها ابنا. ثم مات عنها أبوثعلبة. و تزوجها بعده مليك الغطفاني. ثم توفي ابنها عن أبي ثعلبة فامتنعت من مليك أن يقربها. فاشتكاها الي عمر بن الخطاب. و كان ذلك في أيامه. فقال لها عمر: ما يشتكي مليك منك يا فضة؟ فقالت: أنت تحكم في ذلك. وا يخفي عليك. قال عمر: ما أجد لك رخصة. قالت فضة: يا أباحفص. ذهبت بك المذاهب. ان ابني من غيره قد مات. فاردت أن استبرأ نفسي بحيضة. فاذا أنا حضت علمت بأن ابني قد مات و لا أخ له. و ان كنت حاملا كان الذي في بطني أخاه.

فقال عمر: ان شعرة من آل أبي طالب أفقه من عدي.

الابن الأكبر: من خلال معرفتنا لما يحمل آل البيت النبوي الأطهار من العلم ما فاقوا به المسلمين يتبين لنا أن لهم كرامة عند الله تعالي. و لولا ذلك لما خصهم الله تعالي بهذا العلم. أليس كذلك يا أبي؟



[ صفحه 257]



الأب: لو أراد الباحث عن حقيقة أفضلية آل البيت النبوي الأطهار لوجد له ألف طريقة و طريقه توصله الي القناعة التامة لا فضليتهم. و من هذه الطرق ما أكسبهم الله تعالي من العلم و الحكمة و الفضل. ما لم يكسب غيرهم مثله. حتي الذين لهم صلة قريبة بهم. و هذا القرآن الكريم خير شاهد علي فضلهم و افضليتهم. اذ فيه من الآيات الكريمة المباركة الكثير. كلها تصرح بفضلهم و تدعو المسلمين الي اتباعهم و عدم مفارقتهم. و أن اختلف عليهم الأمر ان يستوضحوه منهم. و ذلك لكونهم خزنة علم الله تعالي بعد رسوله الكريم محمد صلي الله عليه و آله و سلم. ناهيك عن وصايا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أوامره فيهم.

فقال الابن الأكبر: و لهذا و غيره صار آل البيت عليه السلام هدفا لمرمي من كان همهم الدنيا و ما تحمل من زينة و متاع. و نسوا ما يفترض أن يقوموا به في هذه الحياة ليحصنوا أنفسهم من عذاب أليم أعده الله لمن يتعدي حدود الله تعالي. و يقتل النفس التي حرم الله الا بالحق.

فقال الأب: مثلهم يا ولدي مثل من قال فيهم الله تعالي في كتابه العزيز: (من كان يريد الحيوة الدنيا و زينتها نوف اليهم أعمالهم فيها و هم فيها لا يبخسون (15) أولئك الذين ليس لهم في الأخرة الا النار و حبط ما صنعوا فيها و باطل ما كانوا يعملون (16)) [7] .

الابن الأكبر: لقد ذكرت لنا ان المأمون العباسي كان قد ارسل الي الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام. و حينما حضر زوجه من ابنته أم الفضل. فما حدث بعدها يا أبي.



[ صفحه 258]



فقال الأب: بقي الامام الجواد محمد بن علي عليه السلام عند المأمون العباسي معززا مكرما. رغم ما كان يعتمر به قلب المأمون من حسد له كما كان قد حصل مع أبيه. و كان الامام عليه السلام رغم اكرام المأمون له و أعزازه اياه الا أنه قد تنفر من معاشرته للمأمون و ذلك لجملة اسباب منها علي سبيل المثال علمه بكونه قاتل أبيه الرضا عليه السلام.

فقال الابن الأكبر: و كيف كانت أخلاق أم الفضل يا أبي؟ أهي ملائمة للامام الجواد عليه السلام؟

فقال الأب: لا يا ولدي لم تكن اخلاقها تلائم أخلاقه فالهوة واسعة و عميقة بين أخلاقها و تربيتها و صدق معاشرتها و ايمانها و بين ما عليه الامام عليه السلام. و لذلك فهي تشكوه باستمرار لأبيها المأمون. و تحرضه عليه. و كان المأمون لا يصغي الي شكايتها. و لم يكن ذلك الا خوفه من أن يرتكب عين ما ارتكب مع أبيه الرضا عليه السلام. و ما كان هذا منه صلاحا و تقوي. و انما خوفه علي الملك من غضب الناس و ثورتهم فيما اذا أقدم علي قتل الجواد عليه السلام. و مع تخوفه هذا فقد أقدم يوما علي قتله لولا أن الله تعالي سلمه كما سبق و أن سلم أباه مرة كما حدثتكم من قبل.

فقال الابن الأوسط: حدثنا كيف حصل ذلك يا أبي؟

فقال الأب: ما رأيك لو أجلنا الحديث عن ذلك الي يوم غد يا ولدي؟

فقال الأبن: كما تشاء يا أبي.

فنهض الأب و أبناؤه و هو يقول: تصبحون علي خير يا أبنائي. فتمني الأبناء لأبيهم مثل ذلك.



[ صفحه 259]




پاورقي

[1] روي ذلك القطب الراوندي في كتابه الخرايج.

[2] الشافي في شرح أصول الكافي شرح عبدالحسين المظفر مجلد 7 ص 163.

[3] منذ قط: كان فيه تقدير. أي منذ كنت أو خلقت. و قط تأكيد. أو قط: بمعني الأزل. أي من أزل الآزال الي الآن. أو منذ كان الدهر و الزمان. و في الفقيه: حسبي من كان منذ كنت لم يزل حسبي. حسبي الله لا اله الا هو. و في مفتاح الفلاح: حسبي من كان مذ كنت حسبي. فلا تكلف فيهما (راجع الشافي في شرح أصول الكافي شرح عبدالحسين عبدالله المظفر المجلد 7 ص 112).

[4] ذكر الأئمة الاثني عشر عليهم السلام.

[5] الشافي في شرح أصول الكافي المجلد 7 ص 112.

[6] المصدر السابق ص 123.

[7] هود: الآية 15.