بازگشت

لابليس جنود.. من حملة السم!


لقد كان استشهاد أئمة أهل البيت عليهم السلام - بالقتل أو بالسم -، تضحية في سبيل نشر العقيدة الاسلامية الحقة التي نزلت من عند الله تبارك و تعالي.

و كانت تضحياتهم - لو فكرنا و قدرنا - نعمة جزيلة علي المسلمين الذين كلما ذكروها ذكروا ظلم المتصدين لرسل الله تعالي، فمقتوا الظلم و النفاق و الكفر، و تأصلت العقيدة في نفوسهم، و تعمق الايمان في قلوبهم.. و لو لا ذلك لضاع عباد الله المؤمنون الصالحون مع من ضاع حول قصاع القصور و موائد السلاطين.

فما من ناطق بالشهادتين - حقا و صدقا، و بشرطهما و شروطهما قولا و عملا - الا و كان الفضل في ذلك لهم عليهم السلام.. فلا جرم أن يعلم المؤمنون أن جميل أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم، يطوق أعناقهم في كل حق يقولونه، و في كل عمل مقبول يعملونه.

فلولا كلمة الحق التي جهروا بها في مجالس الباطل و عند الحكام الظالمين، لكنا - جميعا - من عبدة السلطان و من جنود الشيطان الذين يجرهم بلحاهم، ثم نبرر سقطاتنا بلوك الكلام، و بما برر به الناس بدع معاوية، و موبقات ابنه يزيد، بأنها عمل مجتهد أخطأ و له حسنة!. و ندعي - معها - أننا مسلمون، و الاسلام براء منا.

و كما أننا لولا نبينا العظيم صلي الله عليه و آله و سلم، لم نكن مسلمين،

فكذلك لولا الأئمة من أهل بيته عليهم السلام، لم نكن مؤمنين و لا عارفين بأصول ديننا و فروعه، لأن استمرار الدعوة السماوية - الي اليوم - تم كالآتي:



[ صفحه 232]



صدع النبي صلي الله عليه و آله و سلم بالدعوة، و حمل أثقال الرسالة - سلما و حربا - مدة ثلاث و عشرين سنة،

و جاهد أميرالمؤمنين عليه السلام دفاعا عنها - في أول عمره، و في آخره - و صبر علي هضم حقه - فيما بين ذلك - طيلة سبع و عشرين سنة؛ ثم أمضاها و أقام حدودها في حكومة لم تكمل أربع سنوات.

و أحاطها من بعدهما صبر الحسن عليه السلام علي الأذي من الأغراب و الأصحاب - ليسلم الدين - مدة تسع سنوات،

و فداها الحسين عليه السلام فضحي بسبيلها مجاهدا أئمة الكفر، و فاز بالشهادة الفذة بعد معاناة دامت اثنتي عشرة سنة.

و ربي الأمة علي روحانيتها و جوهرها زين العابدين عليه السلام، ثم فقهها بها الباقران الصادقان عليهماالسلام بصير و اجتهاد في مدرسة عاشت مع الأول أربعا و ثلاثين سنة، و مع الثاني تسع عشرة سنة، و مع الثالث أربعا و ثلاثين سنة،

ثم رعاها منبر الكاظم عليه السلام الذي ارتقاه - مرة حرا، و مرة في الحبس - طوال خمس و ثلاثين سنة،

و قواها و رسخها حجاج الرضا و ابنه الجواد و حفيده الهادي عليهم السلام، و جدالهم لاحقاق الحق و ابطال الباطل عبر عشرين سنة مع الجد، و ثماني عشرة سنة مع الابن، و أربع و ثلاثين سنة مع الحفيد،

و عمق مفاهيمها العسكري عليه السلام رغم جور السلطان الغاشم، مدة ست سنوات،

ثم استلم زمامها ابنه الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالي فرجه، و تواري عن أعين الظلمة ليقيم في قلوب مواليه، و هو يراقب شيعته و يطلع علي أعمال الناس كافة منذ حوالي اثني عشر قرنا، فتم بذلك كله - متضافرا - استمرار الدعوة الالهية علي أيدي هذه الصفوة من الخلق الذين انتدبهم الله تعالي لأمره، و جعلهم خلفاء في أرضه، و تم - أيضا - استمرار أهل الحق - الي اليوم - علي طريق الايمان و صراط



[ صفحه 233]



الله المستقيم.. فجزي الله نبينا و أئمتنا - عنا - خير جزاء المحسنين، و بمقدار ما ضحوا من أجلنا، و كفاء ما تحملوا من الأذي و الظلم.

و من أنكر ذلك عليهم، خرج من حظيرة الايمان.

و من رد حقهم الممنوح لهم من الله خلع ربقة الاسلام، و لو عاش عمر نوح بين المسجد و القرآن..

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعمه العباس يوما:

«ويل لذريتي من ذريتك!.

فقال: يا رسول الله، فأختصي؟.

قال عليه السلام: انه أمر قد قضي» [1] .

ذاك أنه لا يقع الخصي - فعلا - من جهة، و لا يمنع الخصي يومها وقوع الأمر المحتوم؛ لأن «عبدالله بن العباس» كان قد ولد و صار له أولاد، من جهة ثانية.

و الأمثلة المصداقية لهذا الخبر الشريف تزدحم في ذاكرة كل انسان يلم بتاريخ هاتين الأسرتين - بني هاشم، و بني العباس - لدرجة أن المفكر ليحار أي الأمثلة يذكر، لأنها كلها كانت علي نسق من قال في بني هاشم، و بني أمية:



فابن حرب للمصطفي، و ابن هند

لعلي، و للحسين يزيد



و كما كاد كل سلطان أموي لامام زمانه، فكذلك كاد كل سلطان عباسي لامام زمانه سواء بسواء.. فالأمويون تولوا اطفاء نور الله بقتل خمسة أئمة من أهل بيت النبي صلوات الله عليه و عليهم، و العباسيون قتلوا ستة منهم!. ثم لو ظفروا بخاتمهم - المهدي عجل الله تعالي فرجه - لألحقوه بآبائه!. ولكن الله غالب علي أمره اذ رصده لاحياء ما اندرس من معالم الدين، و لاعزاز شريعة سيد المرسلين في آخر الزمان، ولكي يثأر ممن تسوروا محراب جده، و دنسوا قدسية أمر ربه، و ليمحو الظلم و يقيم العدل و ينشر كلمة الله تعالي.



[ صفحه 234]



و مع ذلك يقول «المسلمون» الذين يظلمون النبي صلي الله عليه و آله و سلم: ان هؤلاء، و هؤلاء، خلفاء رسول الله!!! جاهلين قدر نبيهم العظيم، و مستهزئين بقوله الكريم يوم شدد علي مودة أهل قرباه.. و لذا استجهل أولئك الخلفاء الجائرون جميع الذين تسموا مسلمين، فدعوا أنفسهم «أمراء مؤمنين» فأقروهم علي ادعائهم!. و قنعوا بلحس الصحون و لو تلوثت اللحي و الذقون!. و نسوا أنه سيقال لهم يوم القيامة (وقفوهم انهم مسؤلون) [2] .

ولكنهم باؤوا بخزي «خلافة» مكذوبة - حملوا وزرها منذ جعلوها قيصيرية - كسروية، و تلقفوها تلقف اللاعبين بالكرة..

و الأحجي أن نعود لما نحن فيه.

فحين فعل سم المأمون بالامام الرضا عليه السلام، و وقعت الصيحة في طوس «جاء المأمون حافيا حاسرا يضرب علي رأسه و يقبض علي لحيته، و يأسف و يبكي و تسيل دموعه علي خديه، فوقف علي الرضا عليه السلام و قد أفاق، فقال:

يا سيدي و الله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي: فقدي لك و فراقي اياك، أو تهمة الناس لي أني اغتلتك و قتلتك؟!.

فرفع الرضا عليه السلام طرفه اليه ثم قال: أحسن يا أميرالمؤمنين معاشرة أبي جعفر، فان عمرك و عمره هكذا - و جمع بين سبابتيه! [3] .

فاجترض الأمون - الخائن غيظه، و أكلت الحسرة و الندامة قلبه، و أحرقت كبده لما عرف أن الرضا عليه السلام يعلم علم يقين بفعلته الشنعاء الذي اهتز لها عرش الرحمان، حين سم ولي الله في أرضه!.

و بعد اغتيال الامام الرضا عليه السلام بالسم سنة ثلاث و مئتين هجرية، عاد المأمون الي بغداد، فدخلها في صفر سنة أربع و مئتين، و لباسه و لباس أصحابه



[ صفحه 235]



جميعا الحضرة، و كذا أعلامهم.

و مذ غادر «مرو» - بعد تنفيذ مهمته الشنيعة - بلغه في «سرخس» أن قوما وثبوا علي الفضل بن سهل في الحمام فقتلوه، فبعث الحسن بن سهل الي بغداد قبله ليقمع الثورة التي أشعلها عليه ابراهيم بن المهدي؛ ففعل و هزمه و أصحابه، و اختفي ابن المهدي، و نزل المأمون، حين وصوله، في قصر الرصافة.. و سوي أمور سلطانه.

.. ثم تقلبت الأيام - سراعا - علي هذا الرجل الحولي القلبي، فالتقي بالامام عليه السلام - مع الصبيان - كما ذكرنا سابقا.. و كان ما كان.. فزوجه عازما علي ايراده مورد أبيه!. لكن شغب بني العباس جعله «يتريث» لأنهم - حال وصوله - وجهوا اليه بعمته زينب بنت سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس، التي كانت عندهم «عالية القدر، وافرة المجد و السؤدد، يشبهونها بالمنصور في الأبهة و العز» فطلبوا منها أن تدخل علي المأمون و تسأله الرجوع الي لبس السواد و ترك الخضرة التي أعلن لبسها بعد تولية الامام الرضا عليه السلام، و أن يعود شعارهم الي ما كان عليه من جهة، و أن يترك عزمه علي العهد للامام الجواد عليه السلام بعد أبيه اذا كان بصدد توليته بعد أن رآها خير طريقة لازالة الأئمة عن مراتبهم، راميا الي الوقوف بوجه ولادة «مهديهم» الذي يهدم عروش الظلم، وقوف النمرود في وجه ولادة ابراهيم عليه السلام، و وقوف فرعون في وجه ولادة موسي عليه السلام.

و قد سمعت زينب لذويها الذين أبدوا خوفهم من أن يولي المأمون الجواد عليه السلام، و من أن يموت أو يثب عليه من يقتله، فينتقل الملك الي الهاشميين. و كانوا - اذ ذاك - لا يأملون قتل الامام الفتي قبل موت المأمون مئة بالمئة!. - فدخلت «زينب العباسية» عليه فقام اليها و رحب بها و أكرمها، فاغتنمت فرصة اجلاله لها و سارعت الي اقتناص عاطفته فقالت له فور استقرارها معه:

«يا أميرالمؤمنين، انك علي بر أهلك من ولد أبي طالب و الأمر في يدك، أقدر منك علي برهم و الأمر في يد غيرك أو في أيديهم. فدع لباس الخضرة وعد الي لباس أهلك، و لا تطمعن أحدا فيما كان منك.

فعجب المأمون بكلامها و قال لها: و الله يا عمة ما كلمني أحد بكلام أوقع من



[ صفحه 236]



كلامك في قلبي، و لا أقصد لما أردت، و أنا أحاكمهم الي عقلك.

فقالت: و ما ذاك؟.

فقال: ألست تعلمين أن أبابكر (رض) ولي الخلافة بعد رسول الله فلم يول أحدا من بني هاشم شيئا؟.

قالت بلي.

قال - و هو صاحب لسان و بيان -: ثم ولي عمر (رض) فكان كذلك. ثم ولي عثمان (رض) فأقبل علي أهله من بني عبد شمس فولاهم الأمصار، و لم يول أحدا من بني هاشم.

ثم ولي علي (ع) فأقبل علي بني هاشم، فولي عبدالله بن عباس البصرة، و عبيدالله بن عباس اليمن، و ولي معبدا مكة، و ولي قثم بن العباس البحرين؛ و ما ترك أحدا ممن ينتمي الي العباس الا ولاه، فكانت هذه له في أعناقنا، فكافأته في ولده بما فعلت.

فقالت - العجوز الشمطاء، الداهية الدهماء -: لله درك يا بني، ولكن المصلحة لبني عمك من ولد أبي طالب ما قلت لك.

فقال - بعد تأمل -: لا يكون الا ما تحبون..

.. ثم فكر المأمون مليا و قدر بأن القواعد تنخرم عليه ان هو ولي الامام الجواد عليه السلام كما ولي أباه من قبل.. و ربما خرج الأمر من بني العباس و بني علي بسبب الاختلاف، خصوصا و أن في الأرض بقايا من بني أمية قد تجد الفرصة متاحة لتفريق الكلمة و اثارة الفتنة.. فجلس لبني العباس و جمعهم، و دعا بحلة سوداء فلبسها و ترك الخضرة، و لبس الناس كذلك، فلم تلبس الخضرة ببغداد سوي ثمانية أيام» [4] .



[ صفحه 237]



و الذي لا يجوز أن يفهم - عقلا و واقعا - من اطلاق كلمة الولاية بالعهد للامام الجواد عليه السلام من فم المأمون بعد تزويجه لابنته، أن المأمون قد عرف الحق و رغب في أن يرده الي أهله. لأن من عرف الحق، و أهل ذلك الحق، يرده اليهم حالا، و لا يتقمصه الا في حال الكفر بما جاء من عند الله عز اسمه..

فأمر الولاية سماوي، جعله الله سبحانه من تمام الايمان برسالته السماوية الي العباد منذ يوم البعثة الكريمة الي يوم الميعاد، و انكارها انكار لأصل من أصول الاسلام أصيل يسأل عنه المسلم بين يدي ربه.

فلا جرم أن نبقي علي قولنا من أن المأمون لم يعترف لأصحاب الحق بحقهم بدليل جوابه لعمته من أنه يريد أن يبرهم ليرد جميلا لعلي بن أبي طالب عليه السلام لأنه حين ولي الخلافة أمر جميع ولد العباس!. و ان هو الا رجل ظفر به الشيطان فجره الي ابتكار مثل ذلك العهد بالولاية لمن «كان اماما مفترض الطاعة» من أهل البيت الهاشمي، ليقيده به، و ليجعله في متناول يده يفتك به حين يشاء دون أن يكون متهما بدمه، و خصوصا حين كان يغطي خطته الماكرة بالمصاهرة و التقريب و التفدي!.

هذا و ان مصارحته لزينب بنت سليمان لم يعد أن قال فيها حقا، ثم برر عمله بمكافأة علي عليه السلام الذي ولي أربعة من أكابر بني العباس الي جانب تأمير كثيرين منهم أثناء خلافته القصيرة - العسيرة، أعني أن المأمون قد خلع - بولاية العهد للرضا - ذلك «الجميل» من عنقه بطريقة جاهلية و عصبية قبلية لا أكثر و لا أقل!. و أنه لم يعترف بحق لأهل الحق، و لا يريد أن يرد اليهم حقا.. و لذلك فانه - خوف اهتزاز عرشه، و ضياع الأمر من يديه - سارع الي تبديل لباس الخضرة



[ صفحه 238]



بالسواد بحضور المشاغبين عليه قبل أن تتم ثمانية أيام. و كان قد قال - من قبل - لعمته: و الله ما كلمني أحد بكلام أوقع من كلامك في قلبي، حين هزت له رسن «الامارة» و أنذرته باحتمال زوال الملك من أيديهم، و أقنعته بأنه - حال كونه أميرا - يبقي أقدر علي بر الهاشميين.. و كأن الهاشميين بحاجة الي بر أحد مع بر الله تعالي بهم و مع جعلهم مصطفين علي عباده، و مختارين لكلمته، و نبرأسا لبريته؟؟؟

فعهود الولاية التي كان يعقدها المأمون مصائد - مكائد هي من مكائد ابليس التي وسوس بها في صدر من وجده «مأمونا» علي تنفيذها للوقوف بطريق امام بعد امام ليسد باب ظهوره، و ليعطل قنوات عمله، و يشل نشاط دعوته بطريقة مبتكرة فريدة من نوعها، تتجلي في التقريب - فالتزويج - فالتزويج - فالاغتيال!.

أما امامنا عليه السلام، فقد كان عالما بما يدور في أجواء أفراد الطغمة العباسية فردا فردا، و عارفا بما هم عليه وفيه. يتسرب اليه ذلك من أصدق المصادر - و قبل أن تكون - اذ لا تخفي عليه حكومة السماء خافية. فقد جاء عن اسماعيل بن مهران قوله:

«رأيت أباجعفر عليه السلام في سنة سبع عشر و مئتين ودع البيت ليلا، يستلم الركن اليماني و الحجر الأسود في كل شوط. فلما كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليماني وفوق الحجر المستطيل و كشف عن بطنه، ثم أتي الحجر الأسود فقبله و مسحه، و خرج الي المقام فصلي خلفه، ثم مضي و لم يعد الي البيت، و كان وقوفه في الملتزم بمقدار ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط، و بعضهم ثمانية» [5] .

و روي بلفظه عن ابن مهزيار و روي أيضا:

أما «لما خرج أبو: جعفر عليه السلام من المدينة الي بغداد الدفعة الأولي من



[ صفحه 239]



خرجتيه - و هي هذه - قلت عند خروجه:

جعلت فداك، اني أخاف عليك في هذا الوجه، فالي من الأمر بعدك؟.

فكر الي بوجهه ضاحكا، و قال لي:

ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة.

فلما استدعي به المعتصم صرت اليه فقلت له: جعلت فداك، أنت خارج، فالي من الأمر من بعدك؟.

فبكي حتي اخضلت لحيته - تبللت - ثم التفت الي فقال:

عند هذه - أي الخرجة، أو السنة - يخاف علي. الأمر من بعدي الي ابني علي» [6] .

أفلا تقرأ بين سطور هاتين الحادثتين أن الامام عليه السلام كان يعرف ما في نفوس العباسيين - واحدا واحدا - من وراء الأبعاد التي تفصله عنهم، و يعلم ما يدور في ضمائرهم، و يحدد تصرفاتهم معه ساعة بعد ساعة؟!!

بلي، و نعم.. فمن أمثلة بر العباسيين بالامام الجواد عليه السلام - يا عمة الخليفة - «أن المعتصم استعمل علي المدينة المنورة و مكة المكرمة عمر بن الفرج الرخجي الذي كان يقسو علي آل أبي طالب و يضيق عليهم، و يمنعهم سلوك سبل العيش، و يحول بينهم و بين مساءلة الناس لهم، و يحذر الناس برهم وصلتهم، حتي أنه كان لا يبلغه عن أحد برهم بشي ء و ان قل الا أنهكه عقوبة و أثقله غرما و أشبعه عذابا!. فبلغ بهم ضيق الحال أن صارت العلويات يصلين في القميص الواحد واحدة بعد واحدة لأنهن لا يملكن غيره، ثم يرفعنه اذا تخرق، و يجلسن في منازلهن عواري حواسر»! [7] .

و قبح الله مثل ذلك البر يا عمة الخليفة!!



[ صفحه 240]



وليكن معلوما لديك أيتها العجوز الضالة المضلة أن الامام عليه السلام كان علي موعد مع مكركم و غدركم، و هو يعرف موعد اغتياله علي أيدي آل بيتك القتلة السفاحين، اذ أعلمه الله تعالي ذلك قبل وقوعه، و أطلعه من لدنه علي خوافي نفوسكم الأمارة بالسوء.. فقولي لآلك القتلة المجرمين: (قد مكر الذين من قبلهم، فأتي الله بنيانهم من القواعد، فخر عليهم السقف من فوقهم)! [8] و بشريهم - بشرت بالسوء - أن الله تعالي قد أتي بنيانهم من القواعد، و قد باؤوا بأوزارهم و جرائمهم و (حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين)! [9] .

أما ما كان في آخر أيام الامام عليه السلام، و ما كان من أمر وصيته، فقد حدث الخيراني عن أبيه - و هما من الأعاجم - فقال:

«انه كان يلزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي و كل بها، و كان أحمد بن محمد بن عيسي - أبوجعفر الأشعري - يجي ء في السحر في كل ليلة ليعرف خبر علة أبي جعفر عليه السلام.

و كان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليه السلام و بين أبي، اذا حضر قام أحمد و خلابه أبي.

لفخرجت ذات ليلة، و قام أحمد عن المجلس و خلا أبي بالرسول، و استدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي:

ان مولاك يقرأ عليك السلام و يقول لك: اني ماض و الأمر صائر الي ابني علي - أي الهادي عليه السلام - و له عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي.

ثم مضي الرسول و رجع أحمد الي موضعه و قال لأبي:

ما الذي قال لك؟.

قال: خيرا.



[ صفحه 241]



قال: قد سمعت ما قال، فلم تكتمه؟. و أعاد ما سمع، فقال له أبي:

قد حرم الله عليك ما فعلت، لأن الله تعالي يقول: (و لا تجسسوا) [10] فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج اليها يوما ما، و اياك أن تظهرها الي وقتها.

فلما أصبح كتب والدي نسخة الرسالة في عشر رقاع، و ختمها و دفعها الي عشرة من وجوه العصابة - أي الأصحاب - و قال:

ان حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحواها و اعملوا بما فيها.

فلما مضي أبوجعفر عليه السلام، ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتي قطع علي يديه نحو من أربعمئة انسان - أي اقتنعوا بوصية أبي جعفر لولده الهادي عليهماالسلام - و اجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون في هذا الأمر.

فكتب محمد بن الفرج الي أبي يعلمه باجتماعهم عنده، و أنه، لولا مخافة الشهرة لصار معهم اليه، و يسأله أن يأتيه.

فركب أبي وصار اليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي:

ما تقول في هذا الأمر؟.

فقال أبي لمن عندهم الرقاع: أحضروا الرقاع.. فأحضروها.

فقال لهم: هذا ما أمرت به.

فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر.

فقال لهم: قد آتاكم الله عز و جل به، هذا أبوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة..

و سأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون قد سمع من هذا شيئا.

فدعاه أبي الي المباهلة.

فقال لما حقق عليه: قد سمعت ذلك. و هذه مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب، لا لرجل من العجم..

فلم يبرح القوم حتي قالوا بالحق جميعا» [11] .



[ صفحه 242]



و قال محمد بن الحسن الواسطي: انه سمع أحمد بن أبي خالد - مولي أبي جعفر - يحكي أنه أشهده علي هذه الوصية المنسوخة - أي المكتوبة كما يلي -:

شهد أحمد بن أبي خالد - مولي أبي جعفر - أن أباجعفر: محمد بن علي، بن موسي، بن جعفر، بن محمد، بن علي، بن الحسين، بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أشهده أنه أوصي الي علي ابنه بنفسه و اخوانه، و جعل أمر موسي - أخيه الأصغر - اذا بلغ اليه - أي الي موسي نفسه -. و جعل عبدالله بن المساور قائما علي تركته من الضياع و الأموال و النفقات و الرقيق و غير ذلك الي أن يبلغ علي بن محمد، صير عبدالله بن المساور ذلك اليوم اليه، يقوم بأمر نفسه و اخوانه، و يصير أمر موسي اليه، يقوم لنفسه بعدهما علي شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها، و ذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين و مئتين. و كتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه، و شهد الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن، بن علي بن الحسين، بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، و هو الجواني، علي مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب، و كتب شهادته بيده، و شهد نصر الخادم و كتب شهادته بيده» [12] .

و قد قال ابراهيم بن محمد:

«كان أبوجعفر، محمد بن علي عليه السلام، كتب الي كتابا و أمرني أن لا أفكه حتي يموت يحيي بن أبي عمران - و يحيي هذا وكيل معتمد من وكلائه و أصحابه المقربين -.

قال: فمكث الكتاب عندي سنتين. فلما كان اليوم الذي مات فيه يحيي بن أبي عمران، فككت الكتاب فاذا فيه:

قم بما كان يقوم به.

و كان ابراهيم - هذا - يقول: كنت لا أخاف الموت ما كان يحيي بن أبي عمران حيا» [13] .



[ صفحه 243]



فمن أنبأ الامام عليه السلام بأن هذا يموت قبل ذاك؟.

و لم كتب الكتاب لذلك الرجل قبل موت صاحبه بسنتين؟!.

و كيف أمن صاحبه الموت و اطمأن للحياة طالما بقي وكيل امامه حيا؟!!

فلا بد من القول بأن الامام عليه السلام قد أوتي علم المنايا و علم البلايا في جملة ما أوتيه من نعم الله تعالي و مواهبه.

و أنه انما كتب الكتاب لصاحبه قبل موت صاحبه بسنتين ليكشف لأصحابه جميعا عن أمره - الذي هو أمر ربه - بغية تعميق عقيدتهم و ترسيخ ايمانهم بالامامة في ذلك العصر الشديد التعصب، الكثير المذاهب الباطلة.

و أن صاحبه الثاني أمن من الموت - فعلا - مدة بقاء صاحبه الأول حيا، بدافع عقيدته الراسخة في صدره، و بباعث ايمانه العميق بولاية أهل هذا البيت الكريم عليهم السلام، الذين جعلهم الله سبحانه سفراءه و أمناءه.. و ان قول صاحبه ابراهيم: كنت لا أخاف الموت ما زال يحيي حيا، يدل علي مرتبة عالية من التصديق و اليقين، و هذا ما نفتقر اليه لنكون في مصاف المؤمنين الأبدال..

.. و أما كيف كانت نهاية حياة الامام الجواد عليه السلام، و كيف مات؟. فلا تنتظر له ميتة علي غير شكل ميتة آبائه و أبنائه.

فقتل الأفذاذ من الهاشميين أضحي عادة قررها «وثنيون»، لأن الهاشميين ربانيون..

و كرامة.. الأفذاذ - من الهاشميين - هي الشهادة التي اختصهم بمرتبتها السامية سلطان السماء جل و عز... ليرفع من درجاتهم..و لأنهم علي الحق فلا مكان لهم عند سلطان الأرض الذي هو علي الباطل..

و هكذا.. قتل السلطان الأرضي الجائر، هذا الامام - الشاب العظيم، قتلة الباطل للحق، بفتوي ابليس القضاء و أبالسة الأرض.. و كانت للفتوي صفة «الاستعجال».. فاغتيل شابا طري العود خشية استتمام عمله الوظيفي، و ظهور



[ صفحه 244]



قواعده الجماعية، بعد بروز الكامن من علمه اللدني!.

كيف لا، و هم يرونه - منذ صغره - يكشف جهل الفقهاء، و يبقر كروش المتخومين حول موائد قصور الحكام، و يفضح المتأمر علي الناس بالباطل و باسم الاسلام!.

لهذا كله كانت لاغتياله صفة الاستعجال، فان السلطان الجائر لا يطيق التروي في قتل الغيلة اذا عرف أن واحدا يفضح جوره و باطله، و يهز ركن عرشه القائم، الطاغي الظالم..

و نحن لن نوزع التهم من عندنا.. و لن نقول الا ما قاله غيرنا و طوته بطون كتب التاريخ و الأخبار.. و سنكون بعيدين عن الوضع و الاختلاق، مشيرين باصبعنا الي المجرمين الذين نادوا علي أنفسهم بالجريمة التي اهتزت لها السماء قبل الأرض.

فالامام الجواد عليه السلام قتل مسموما.. و ليس بذلك شك.

أما كيف سم؟. و من دس له السم؟. فهناك قولان تاريخيان.

أحدهما يضع في قفص الاتهام قاضي الشرع الشريف - أحمد بن دؤاد [14] و بعض الوزراء و الكتاب.. و جعفر بن المأمون.. و علي رأسهم المعتصم نفسه.

و ثانيهما يلبس الجريمة للزوج الليئمة.. و أخيها لأمها و أبيها - جعفر -.. و بعض «رسل الشر».. و برئاسة المعتصم أيضا.

فالمعتصم - في الحالتين، و بحسب القولين - مشترك لم يعصمه عن ذلك ايمان.. و قد كان علي رأس المباشرين و المنفذين، و أولهم، لا ثاني أحدهم.

فمن القول الأول ما جاء في تفسير العياشي من أن زرقان - و هو لقب لأبي



[ صفحه 245]



جعفر الزيات المحدث - صاحب أحمد بن أبي دؤاد و صديقه - و ابن أبي دؤاد هو قاض و وزير و مشير للمأمون و المعتصم - قال:

«رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند «المعتصم» و هو مغتم، فقلت له في ذلك، فقال: وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة.

قال: قلت له: و لم ذاك؟

قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر - محمد بن علي بن موسي - اليوم بين يدي أميرالمؤمنين.

قال: قلت له: و كيف كان ذلك؟.

قال: ان سارقا أقر علي نفسه بالسرقة، و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه. فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه. و قد أحضر محمد بن علي، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟.

قال: فقلت: من الكرسوع - أي طرف الزند -.

قال: و ما الحجة في ذلك؟.

قال: قلت لأن اليد هي الأصابع و الكف و الكرسوع، لقول الله في التيمم: (فامسحوا بوجوهكم و أيديكم) [15] و اتفق معي علي ذلك قوم.

و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق.

قال: و ما الدليل علي ذلك؟.

قالوا: لأن الله لما قال: (و أيديكم الي المرافق) [16] في الغسل، دل علي أن حد اليد هو المرفق.

قال: فالتفت الي محمد بن علي عليه السلام فقال: ما تقول في هذا يا أباجعفر؟.

فقال: قد تكلم القوم فيه يا أميرالمؤمنين.



[ صفحه 246]



قال: دعني ما تكلموا به!. أي شي ء عندك؟.

قال: اعفني يا أميرالمؤمنين.

قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه.

فقال: أما اذا أقسمت علي بالله، اني أقول: انهم أخطأوا فيه السنة، فان القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع، فيترك الكف.

قال: و ما الحجة في ذلك؟.

قال: قول رسول الله: السجود علي سبعة أعضاء: الوجه، و اليدين، و الركبتين، و الرجلين. فاذا قطعت يده من الكرسوع، أو المرفق، لم يبق له يد يسجد عليها. و قال الله تبارك و تعالي: (و أن المساجد لله) [17] يعني هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فلا تدعوا مع الله أحدا) [18] و ما كان لله لا يقطع.

قال: فأعجب «المعتصم» ذلك، و أمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.

قال ابن ابي دؤاد: قامت قيامتي و تمنيت أني لم أك حيا.

قال زرقان: قال ابن أبي دؤاد: صرت الي «المعتصم» بعد ثلاثة فقلت: ان نصيحة أميرالمؤمنين علي واجبة، و أنا أكلمه بما أعلم أني أدخل به النار. - و كأن النصيحة لله غير واجبة عند فضيلة القاضي!. -

قال: و ما هو؟.

قلت: اذا جمع أميرالمؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماءهم لأمر واقع من أمور الدين فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك و قد حضر مجلسه أهل بيته و قواده و وزراؤه و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بامامته و يدعون أنه أولي منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟!.

قال: فتغير لونه و تنبه لما نبهته له و قال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا.



[ صفحه 247]



قال: فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه - أي يدعو الامام الجواد عليه السلام - الي منزله. فدعاه فأبي أن يجيبه و قال:

قد علمت أني لا أحضر مجالسكم.

فقال: اني انما أدعوك الي الطعام، و أحب أن تطأ ثيابي و تدخل منزلي فأتبرك بذلك، فقد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك.

فصار اليه، فلما طعم منها أحس السم، فدعا بدابته، فسأله رب المنزل أن يقيم، قال:

خروجي من دارك خير لك.

فلم يزل يوم ذاك وليلته في خلفة [19] حتي قبض عليه السلام» [20] .

و كان الامام عليه السلام قد ترك في الدار وحده، و حاول المعتصم منع الشيعة من تشييعه، فاحتشدوا حول الدار بسيوفهم، و استخرجوا الجنازة بالقوة اذ كانوا متعاقدين علي الموت و متعاهدين علي الوقوف بجرأة ظاهرة.

و مما لا شك فيه أن المعتصم أقل دهاء من أخيه المأمون، و لذلك كان يبدو عليه الغيظ من ظهور الحق و من بروز الامام بشكل مميز بخلاف أخيه. بل كانت ترتسم علي وجهه امارات الحقد و الحسد للامام، و لذلك سريعا ما وافق علي اشارة قاضيه ابن ابي دؤاد الذي اقترح عليه قتل الامام. ذاك أنه أيقن أنه اذا أتيح لمواهب الامام عليه السلام أن تظهر للسواد لاستقطب الأمة من حوله، و لبار ما هم فيه من الحكم الظالم الغاشم، فتعجل المعتصم فعلته المجرمة التي كانت تكملة لفصول الرواية التي «أجاد» أخوه المأمون فصولها الأولي، و ساعد في «التعجيل» رأي



[ صفحه 248]



القاضي المشير ابن أبي دؤاد و اشارته حين «أنذر» العرش باعصار قد يعصف فيه عما قريب.. ناسيا موقفه بين يدي ربه العزيز الجبار!.

و لذلك فانه «لما بويع المعتصم سنة 218 هجرية جعل يتفقد أحوال الامام عليه السلام، فكتب الي عبد الملك الزيات أن ينفذ اليه التقي عليه السلام و أم الفضل، فأنفذ الزيات علي بن يقطين [21] اليه. فتجهز و خرج الي بغداد، فأكرمه - المعتصم - و عظمه - تغطية لآخر فصول الرواية العباسية - و أنفذ أشناس - أحد رجاله - بالتحف اليه و الي أم الفضل - بغية تحريك عرق العباسية عندها -..

ثم أنفذ اليه شراب الأترج - أي عصيره - تحت ختمه علي يدي أشناس، فقال:

ان أميرالمؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي دؤاد، و سعيد ابن الخطيب - قاضييه الشرعيين!. - و جماعة من المعروفين، و يأمرك أن تشرب منها بماء الثلج. و صنع في الحال.

قال عليه السلام: أشربها بالليل.

قال: انها تنفع باردا و قد ذاب الثلج. و أصر علي ذلك.

فشربها عالما بفعلهم» [22] .

فالخليفة الذي يتفقد أحوال واحد يأمر و اليه ببره و الاحسان اليه، و لا يأمره باحضاره تحت الحفظ و الرقابة.

و هو اذا أمر بحمله اليه، لا يستدعي زوجته معه، لولا أن له بها حاجة في الفصل الأخير من رواية الاغتيال.

و قد أنفذ الزيات - بأمر من الخليفة - أحد ابني يقطين - الشيعي - تمويها علي الشيعة و علي العامة، و من أجل أن يقال: ذهب و بخدمته وزير من شيعته و شيعة أبيه.



[ صفحه 249]



و بعث بالتحف و الهدايا ليتحدث الناس باكرامه للامام، و ليحرك عصبية الأميرة - الخطيرة فتشعر بدف ء الايواء تحت جناح «العباسية» المتسلطة.

و أرسل بالشراب مختوما.. لماذا؟.

لسبب واحد واضح - علي الأقل.. و هو ابعاد التهمة عن «قصر السموم المعلوم» بشهادة قاضيي زور ورد اسماهما أعلاه، مع جماعة آخرين من الوزراء و الأعيان المنافقين.

و ذاق الخليفة الشراب أمام شهود الحال، و داف السم - أمامهم أيضا لأنه كان بمشورتهم و رأيهم - ثم ختمه بحضورهم.

و يلفت النظر أنه قال لأشناس: «و يأمرك أن تشرب منها بماء الثلج».. فلم الأمر؟. و لم ماء الثلج؟.

كان الأمر، كيلا يحصل بطء في شربه و يذهب فعل السم فيه.. و بماء الثلج لتغطية طعم السم بالبرودة التي تؤثر في اخفاء الطعم و الرائحة.. و كلمة. «صنع في الحال» لئلا يطفو شي ء من بقايا زيت السموم علي وجه الاناء.. و الاصرار من الخادم علي الامام بأن يشرب حالا يفضح كل أسرار الجريمة.. و لذلك: شربها عالما بفعلهم!.

و يلفت النظر أيضا ارسال ابريق الشراب من بيت الي بيت، في حين أنه شراب مبتذل ليس من غالي أشربة «القصر العالي»، و اصرار ذلك الخادم المكرر بعدة عبارات سمعها من سيده!.

فعلي هذه التساؤلات و غيرها مما يرد في الموضوع (أفتوني في رؤياي ان كنتم للرؤيا تعبرون) [23] أيها القراء الكرام..

أما فتواي المتواضعة، فهي أن الخليفة كان يعلم أجوبة هذه الاشكالات،

و قاضي قضاته، و قضاته.. و جماعة العارفين الذين شهدوا الختم علي الشراب، يعلمون..



[ صفحه 250]



و لكن.. سهوا عن قوله سبحانه: (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم و نجواهم، و أن الله علام الغيوب؟!). [24] .

و قوله تعالي: (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم و نجواهم؟!.. بلي، و رسلنا لديهم يكتبون)! [25] .

نعم.. لقد حسبوا أن الله تعالي لا يسمع سرهم و نجواهم، و جهلوا أنه علام لغيوب القائل في محكم كتابه: (و اعلموا أن الله يحول بين المرء و قلبه)! [26] .

و ظنوا - كذلك - أن الامام عليه السلام، لا يعلم خدعهم المغطاة بالتجلة و الاكرام، و ألا عيبهم الكامنة وراء التحف و الهدايا - بعد التقريب و الترويج و التزويج - تعمية علي شيعته و تضليلا لهم عما يضمرونه له من السوء!.

و انهم لفي غاية السذاجة حين كانوا خلفاء اسلام، و وزراء سلطان، و جماعة من الأعيان، غفلوا - جميعا - عن قوله سبحانه: (و لقد خلقنا الانسان، و نعلم ما توسوس به نفسه، و نحن أقرب اليه من حبل الوريد!.) [27] فلم يفت أمرهم عالم السر، و لا خفي مكرهم عليه جل و علا، اذ كانوا - حين المؤامرة علي الامام الفتي عليه السلام - (يستخفون من الناس، و لا يستخفون من الله!. و هو معهم ان يبيتون ما لا يرضي..) [28] فهل أتتك سذاجة و جهل في الدين أبسط و أقل من هذه السذاجة و هذا الجهل بعظمة الله، و هم أمراء مؤمنين، و قضاة مسلمين؟!.

لقد فضح الله - علي يد تاريخهم المزور المحرف - أكثر ما مكروه، فاستمع لما يأتي:

فقد سبق ارسال ابريق الشراب المختوم - المسموم، الممهور بشهادات الخليفة



[ صفحه 251]



و سائر أعوانه المنافقين، ما حدث به أحمد بن حماد المروزي الذي كان من أصحاب الامام، و ابنه، و حفيده عليهم السلام - قائلا:

«دخلت علي ابن أبي دؤاد يوما و هو في مجلسه مع أصحابه، و سمعته يقول لهم بعد جلوسه:

يا هؤلاء، ما تقولون في شي ء قاله الخليفة البارحة؟.

فقالوا: و ما ذاك؟.

قال: قال الخليفة: ما تري الفلانية - أي الشيعة - تصنع ان أخرجنا اليهم أباجعفر سكران ينشي - يسكر و يفقد وعيه - مضمخا بالخلوق؟.

قالوا: اذن تبطل حجتهم، و تبطل مقالتهم.

فقال المروزي - أي الشيعي المتستر -: ان الفلانية يخالطونني كثيرا و يفضون الي بسر مقالتهم - أي عقيدتهم -. و ليس يلزمهم هذا الذي يجري من محاولة الحط من قدر امامهم.

قال ابن أبي دؤاد: و من أين قلت هذا، و كيف استنتجته؟.

قال المروزي: انهم يقولون: لا بد في كل زمان لله في أرضه من حجة يقطع العذر بينه و بين خلقه. فان كان في زمان الحجة من هو مثله في الشرف و النسب، كان أدل الدلائل علي الحجة قصد السلطان له من بين أهله و نوعه، ليضع من قدره، و ينزل من مرتبته، لأنه لا يخشي سواه.

فوجم المتآمرون.. الا أن ابن أبي دؤاد نقل قول المروزي الي الخليفة فقال:

«ليس في هؤلاء اليوم حيلة، فلا تؤذوا أباجعفر» [29] .

«فلا تؤذوا أباجعفر» جملة فيها سم الأفعي المكشرة عن أنيابها.. التي لم تصر



[ صفحه 252]



طويلا عن اللدغ!. و قد قالها المعتصم ليعلن أن السلطان لا يقصد أذية الامام. فقد ورد الامام بغداد لليلتين من المحرم سنة 220 هجرية، و أقام بها حتي اغتيل في ذي القعدة من السنة ذاتها.. أي بعد وصوله بستة أشهر!. [30] فاذن، قد قال ذلك ليبعد الشبهة عن نفسه.. و تعجل اغتيال الامام حتي لا تحول بينهما الظروف.

و علي كل حال لم يخن الخليفة العقل، و لا خذله التفكير حين رأي أن ليس في الشيعة حيلة «اليوم» بالذات.. فالامام في ريعان شبابه، و المعتصم في أول عهد امارته، و الوقت متسع.. فليتربص «يوما» آخر ملائما.. يحكم في خطة الغدر، لأن المبادرة الفورية قد تأتي مفضوحة؛ فلا جرم أن يفكر بما هو أحكم.. و لأن التريث أسلم لاكمال مراسم الحفاوة بعد أن أشخص الامام من المدينة الي بغداد محمولا.. بالقوة!. - و أيضا - لأن السماء و الأرض ترقبان «اليوم» ما يجري بشان الامام - و ان كان الخليفة لا يهتم بمراقبة السماء اهتمامه بمراقبة الأرض التي قد تقض مضجعه و تهز عرشه لأنها لا تمهل - في حين أن السماء تمهل.. و ان كانت لا تهمل!. -.

فانتظار «اليوم المناسب» أحجي علي كل حال.. مضافا الي أن المعتصم حين قال: «لا تؤذوا أباجعفر» قد تنبه الي أن المأمون رمي الي خطة غدر حين قرب الامام و جعله صهرا علي ابنته الأميرة الأثيرة، ثم أطلق له حرية الاقامة في المدينة المنورة زمنا ما، ابعادا لشبهة الغدر، و علما بأنه في متناول يده دائما و أبدا..

أجل، تنبه الي أن ما فعله المأمون هو عين الحكمة، فلم الاستعجال؟!!

و لكن.. هل يضمن لنفسه البقاء؟.

و هل له في عرشه صك أمان؟.

و هذا فضل الامام عليه السلام كشذا الطيب، لا يختفي الا في الحقاق.. فلا بد - اذن - من حبسه أو قتله..



[ صفحه 253]



و فضل الامام يرفع من قدره، ويحط من قدر غيره.

و السكوت عن «ظهوره» ليس في مصلحة «رب القصر» و لا في مصلحة عبدته، و مرتزقته!.

و لكأني بالمعتصم قد ندم علي ما رأي من التريث و الصبر، اذ عاد الحقد فتحرك - عاجلا - و قضي باتمام الجريمة الكبري!!!.

فقد روي عن ابن أروبة - و قيل أرومة - أنه قال:

«ان المعتصم - الخليفة العباسي - دعا جماعة من وزرائه فقال: اشهدوا لي علي محمد بن علي بن موسي زورا، و اكتبوا أنه أراد أن يخرج - أي أراد أن يخلع الطاعة و يعلن الثورة -.

ثم دعاه فقال: انك أردت أن تخرج علي.

فقال الامام عليه السلام: و الله ما فعلت شيئا من ذلك.

فقال المعتصم: ان فلانا، و فلانا، و فلانا، شهدوا عليك.

فاحضروا، فقالوا: نعم، هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك.

- قال: و كان جالسا في بهو، فرفع أبوجعفر عليه السلام يده و قال: اللهم ان كانوا كذبوا علي فخذهم.

قال: فنظرنا الي ذلك البهو كيف يرجف و يذهب و يجي ء، و كلما قام واحد وقع!.

فقال المعتصم: يا ابن رسول الله، اني تائب مما قلت، فادع ربك أن يسكنه.

فقال عليه السلام: اللهم سكنه.. انك تعلم أنهم أعداؤك و أعدائي.

فسكن!.» [31] .

فتأمل!.



[ صفحه 254]



و بالعودة الي البهو الذي هدأ اضطرابه لا بد أن نعجب من خليفة للمسلمين وضع نفسه في مقعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و نسأله و نسأل قضاة الشرع عنده قائلين:

أما سمعوا اليمين القاطعة التي أقسمها الامام عليه السلام «بأنه لم يفعل شيئا من ذلك»؟!!

قد كان علي قضاته أن يطلعوه علي أهمية اليمين في الدين، و أنها تزيل الشبهات و تنفي التهم، و أنها تحق حقا و تبطل باطلا، و تحل مشكلا شرعيا و تقطع دابر فتنة في كبائر المسائل و صغائرها..

فهل هم علي غير هذا الدين (يحلفون علي الكذب، و هم يعلمون؟!) [32] .

و يا أيها الخليفة «التائب» مما اتهمت الامام به حين نزل بك أمر الله، ثم قلت للامام: ادع ربك،

أما تعلمت من بني اسرائيل غير هذه العبارة؟!.

قد كانوا يقولون لموسي: ادع ربك، ثم يتعقبون «أمر البقرة» كالمصدقين لنبيهم، و هم غير مصدقين.

فما بالك تستغيث بالرب الذي تعصيه، ثم تعطيه صفة الربوبية للامام فقط، اذ تضيفه الي «كاف الخطاب؟!».

أليس ربه ربك و رب شهودك المتآمرين معك؟. أم أنتم علي غير هذا الدين؟!.

من كان ربه رب الامام، يثق بالرب كثقة الامام به..

أفما كنتم تتفكرون.. و لا تتدبرون.. و لا تقفون من الشيطان موقفا واحدا رافضا؟!!

و كأني بالقاري ء لا يزال واقفا عند اهتزاز البهو بالطواغيت - الجواليت الذي لم يعرف لاهتزازه تعليلا ميسورا.. و لذلك نقول له: ان هذه من علي الامام عليه السلام احدي المعالي، و هي من آيات آبائه و أجداده التي رفدتهم بها السماء ليواجهوا



[ صفحه 255]



بها دعاة النفاق المتسورين علي محاريب قدسهم من المتسودين علي عباد الله ظلما و عدوانا.

فبالأمس دخل الامام الرضا عليه السلام علي المأمون و عنده «زينب الكذابة» التي كانت تزعم أنها ابنة علي بن أبي طالب، و أن عليا دعا لها بالبقاء الي يوم القيامة..

فقال المأمون للامام عليه السلام: سلم علي أختك.

فقال: و الله ما هي أختي، و لا ولدها علي بن أبي طالب.

فقالت زينب: و الله ما هو أخي، و لا ولده علي بن أبي طالب.

فقال المأمون للرضا عليه السلام: ما مصداق قولك؟.

قال: انا - أهل البيت - لحومنا محرمة علي السباع؛ فاطرحها الي السباع، فان تك صادقة فان السباع تغب لحمها. - أي تقربه مرة، و تتركه أخري، و تأنف ان تذوقه -.

قالت زينب: ابدأ بالشيخ.

فقال المأمون: لقد أنصفت؟.

قال الرضا عليه السلام: أجل..

ففتحت بركة السباع، و أضويت - أهيجت -. فنزل الرضا اليها. فلما أن رأته بصبصت - أي طأطأت رؤوسها، و حركت أذنابها - و أومأت له بالسجود، فصلي ما بينها و ركعتين، و خرج منها!.

فأمر المأمون «زينب» لتنزل، و امتنعت.. فطرحت الي السباع فأكلتها» [33] .

و لو ذهبنا في ضرب المثل علي آيات أهل هذا البيت عليهم السلام، لطال بنا المقام و استطال و خرج بنا عن الموضوع الذي نحن بصدد بيانه.. و (ان الله اصطفي آدم، و نوحا، و آل ابراهيم، و آل عمران علي العالمين، ذرية بعضها من بعض) [34] .



[ صفحه 256]



و لا شأن للمخلوق، باصطفاء الخالق لهذه الذرية الدرية الطاهرة الفاخرة!!

أما القول الثاني - بشأن اغتياله عليه السلام - فهو ما روي من أن «أم الفضل كتبت الي أبيها من المدينة تشكو الامام عليه السلام و تقول: أنه يتسري علي و يغيرني. - أي يتخذ السراري و الاماء فتغار منهن عليه -.

فكتب المأمون اليها: يا بنية، انا لم نزوجك أباجعفر - عليه السلام - لنحرم عليه حلالا، و لا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها» [35] .

.. وعرف المعتصم أن الزوجة الغيور - بنت أخيه - لم تكن علي مذهب زوجها - الامام عليه السلام..

و أنها - بحمدالله - كانت عقيما، قد ألهب العقم مشاعرها و أحرق كبدها.

فبدأت معالم صورة الغدر بالامام تتكون و تتضح أمام ناظريه من علي عرش ملكه الغاشم..

.. ثم هذا جعفر - أخوها لأمها و أبيها - حاضر للغرق في وحل التمثيلية،

فليكن الممثلون - المنفذون من نفس الطين و ذات العجين.. الأمر الذي يسهل التنفيذ بتمام اليسر و السرية..

قال العلامة المجلسي - رحمه الله - في «بحاره الزاخرة»:

«ثم ان المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر عليه السلام، و أشار علي ابنة المأمون - زوجته - بأن تسمه، لأنه وقف علي انحرافها عن أبي جعفر عليه السلام، و شدة غيرتها عليه لتفضيله «أم أبي الحسن» ابنه عليها، و لأنه لم يرزق منها ولدا -



[ صفحه 257]



فأجابته الي ذلك و جعلت سما في عنب رازقي، و وضعته بين يديه. فلما أكل منه ندمت و جعلت تبكي.

فقال عليه السلام: ما بكاؤك؟!. و الله ليضربنك بعقر لا ينجبر، و بلاء لا ينستر.

فماتت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها صارت ناسورا، فأنفقت مالها و جميع ما ملكته علي تلك العلة، حتي احتاجت الي الاسترفاد - أي المساعدة المالية -.

و روي أن الناسور كان في فرجها» [36] .

فواعجبا من أميرة خطيرة، تقيم في عصمة الامام عليه السلام ستة عشر عاما لم تغرس في قلبها شيئا من الرحمة أو المودة التي يجعلها الله تبارك و تعالي بين الزوجين كما بين في كتابه العزيز.

و أستغفر الله و الحق، فانه قلب أميرة شريرة، عملت «بنصب أهلها» و نسيت ما هي عليه من الدين الاسلامي!.

قد تم زواجها منه في السنة 205 هجرية،

و تم سمه منها في السنة 220 هجرية،

و كأن سنوات الزواج - الست عشرة - كانت عجافا بالنسبة لعاطفة «الأميرة العقيم» المتحجرة القلب العمياء البصر و البصيرة!.

و روي صاحب «اثبات الوصية» هذه القصة كما يلي:

«لما انصرف أبوجعفر - عليه السلام - الي العراق، لم يزل المعتصم و جعفر بن



[ صفحه 258]



المأمون يدبران و يعملان الحيلة في قتله - عليه السلام -.

فقال جعفر لأخته أم الفضل - و كانت لأمه و أبيه - في ذلك، لأنه وقف علي انحرافها عنه و غيرتها عليه لتفضيل أم أبي الحسن - ابنه الهادي عليه السلام - عليها، مع شدة محبتها له، و لأنها لم تزرق منه ولدا. فأجابت أخاها جعفرا. و جعلا له سما في شي ء من عنب رازقي - و كان يعجبه العنب الرازقي - فلما أكل منه ندمت و جعلت تبكي.

فقال لها: ما بكاؤك؟!. و الله ليضربنك بفقر لا ينجبر، و بلاء لا يتستر؛ فكان كما قال. - فبليت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها، صار ناسورا ينتقض عليها في وقت، فأنفقت مالها و جميع ملكها علي العلة، حتي احتاجت الي رفد الناس.

و يروي أن الناسور كان آكلة في فرجها حتي تنكشف للطبيب ينظر اليها و يشير عليها بالدواء.

و تردي جعفر بن المأمون في بئر فأخرج ميتا، و كان سكرانا» [37] .

فيا للوفاء المجسم في تصرفات أميرة.. و أمير.. مسلمين!.

«هي» عاشت في حجر زوجها الذي غدرت به ستة عشر عاما.. ثم أقدمت علي هذه الخيانة العظمي التي هي من شأن ربات المسارح اللواتي يلعبن أدوار الفاجرات و العاهرات!. لا من شأن الأميرات الكريمات.

و «هو» الأمير، جعفر بن المأمون - عمل بدافع عصبية جاهلية تخطت الدين و القبيلة، و الانسانية.. و بوحي أمراء القصور الفاجرة الداعرة!. لا الأمراء النبلاء.

و لا لوم علي كليهما.. لأن «من شابه أباه فما ظلم!.».

أما من دس السم - حقا و حقيقة - و دخل في هذه العملية الخيانية - الاجرامية



[ صفحه 259]



الفظيعة، فهو مفضوح بطرفيه: الساعي، و الفاعل.

و لن ندع القاري ء يضيع عنه و يحار بين شراب الأترج، و العنب الرازقي،

و لن نربكه فيختلط عليه الأمر بين أن يأخذ المعتصم بالجريمة، أو أن يأخذ بها أم الفضل.. و أم الأصل!.

فالمؤسس لأساس الظلم، هو المأمون.. خليفة أبيه الذي سبقه في استعمال جند السموم..

و الساعي - بذهب محروق - هو المعتصم.. و أعانه قوم آخرون.. جاؤوا بذلك ظلما و زورا:

ذهابا من ابن أبي دؤاد الذي لبس عارها و شنارها، و اختار نارها بتزلفه للسلطان و اغضابه للرحمان، و بتصعيده للفكرة و عمله علي تأجيج الحقد،

و انتهاء بجعفر بن المأمون.. الشقيق الصفيق،

و مرورا بالجاهلة التي انتقمت لغيرتها.. و لأسرتها.. و باءت بخزي الدهر بعد أن أجرمت و ابتليت بداء ذوات العهر.. فاجترضت باقي أيام حياتها غصصا مرة.. أليمة!. اذ انزوت تشتغل بمداواة «الداء الذي لا دواء له» في أغمض مناطق احساسها، فنفر منها أقرب المقربين فانطرحت جيفة منتنة، و كانت نكالا لكل متجري ء علي الله تعالي في صفوته من الخلق و خزان علمه و مواضع سره، و سادة عباده وقادتهم!.

فأم الفضل هذه.. هذه احدي «فضائلها»!.

و من «رذائلها» - عفو القول و الهجر - أنه قيل أيضا:

«.. سمته في فرجه بمنديل.

فلما أحس بذلك قال لها: أبلاك الله بداء لا دواء له!.

فوقعت الآكلة في فرجها. و كانت ترجع الي الأطباء و يشيرون بالدواء عليها



[ صفحه 260]



فلا ينفع ذلك، حتي ماتت من علتها» [38] .

و احدي «الفضيلتين» تكفي «أم.. الفضل.. لتكون غير ذات فضل، و غير ذات نبل!.».

و أجار الله مهجة التاريخ الاسلامي المكتوب - مكذوبا، محرفا مزيفا، مغيرا مبدلا، مليئا بالنسخ و الوضع و التعمل و التزوير - طمعا بالمناصب السلطانية، و بمل ء الجيوب و الكروش - فأضاع - بذلك - كثيرا من الحقائق، و جعل من «أشباه المسلمين» حكاما، و سلاطين، و خلفاء نبي كريم لبئسما فعلوا - بعده - بأهل بيته و ذوي قرباه!.

قال محمد بن الفرج:

«كتب الي أبوجعفر عليه السلام: احملوا الي الخمس فاني لست آخذه منكم سوي عامي هذا.

فقبض في تلك السنة» [39] .

فما هذا الانذار الذي تلقاه بموته (و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا، و ما تدري نفس بأي أرض تموت»؟. [40] ثم أفشاه - علنا - بين أصحابه، بكامل القطع و الجزم!.

و من أخبره بنهاية عمره شابا في ريعان غضارته و نضارته؟.

انه ليس من الرجم بالغيب.. بل هو من الغيب.. المحتوم.. مهما ظن الخصوم.

و هو من صلب علم أهل البيت عليهم السلام، و من صميم مواهب الله تعالي لهم.. و هنيئا للمسلم باختيار الله المقلل من الاعتراضات عليه في خلقه و تدبيره..



[ صفحه 261]



فللامام الجواد عليه السلام قولة قالها في العشية التي توفي فيها تدهش العقول، و تذهلها.. فقد حكي أبومسافر أنه عليه السلام قال ليلتئذ:

«اني ميت الليلة!.

ثم قال: نحن معشر اذا لم يرض الله لأحدنا الدنيا نقله اليه» [41] .

فأي حي من الأحياء - بل أي طبيب - يستطيع أن يحدد وقت وفاته، ليلا أو نهارا، أو زمانا أو مكانا، و يقول ذلك بمل ء فيه و بتمام الثقة؟.

لا أحد قطعا.. و أمر هؤلاء النخبة من أمر الله سبحانه، و سرهم من سره، و من آمن بذلك فقد أكمل ايمانه و أقر بمواهبه تعالي لعباده المخلصين، و خلص نفسه من وساوس النفس و همزات الشياطين، و من شوائب الكفر بما تقدره السماء و تقرره.

و انه عليه السلام، لما خرج حاجا في تلك السنة و معه ابنة المأمون، خرج معه ابنه علي الهادي عليه السلام - و هو في الثامنة من عمره -. فخلفه في المدينة و سلم اليه المواريث و السلاح، و نص عليه بمشهد ثقاتة و أصحابه، و انصرف الي العراق و معه زوجته ابنة المأمون، فوجد أن المأمون قد خرج الي بلاد الروم، فمات في رجب سنة ثماني عشرة و مئتين، و بويع المعتصم في شعبان من تلك السنة [42] ثم سم الامام عليه السلام بعد ثلاثين شهرا؛ و قد علم أن حجه كان الأخير فسلم مواريث النبوة لولده الصغير، بجرأة الأنبياء علي معرفة مصيره، و بيقين الأولياء في ادراك ما يعجز عنه غيره.. و مضي الي بغداد عالما أنه لا يعود منها.

وحكي صفوان بن يحيي، عن أبي نصر الهمداني - الذي كان من موالي الجواد، و ابنه الهادي، و حفيده العسكري عليهم السلام - أن السيدة الشريفة - حكيمة بنت الامام الجواد عليه السلام، دخلت - بعد وفاة أبيها - علي زوجته أم عيسي - و هذا لقب جديد للأميرة الخطيرة - لتعزيها - و كان الناس يعزونها و يذكرون مناقبه - و قالت له:



[ صفحه 262]



فعزيتها فوجدتها شديدة الحزن و الجزع عليه، تكاد تقتل نفسها بالبكاء و العويل، فخفت أن تتصدع مرارتها.

فبينا نحن في حديثه، و كرمه، و وصف خلقه، و ما أعطاه الله تعالي من الشرف و الاخلاص، و منحه من العز و الكرامة، اذ قالت أم عيسي:

ألا أخبرك عنه بشي ء عجيب و أمر جليل فوق الوصف و المقدار؟.

قلت: و ما ذاك؟.

قالت: كنت أغار عليه كثيرا، و أراقبه أبدا. و ربما يسمعني الكلام - أي يوبخها - فأشكو ذلك الي أبي فيقول:

يا بنية احتمليه، فانه بضعة من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. و هو كلما دخل عليه هرع اليه فضمه الي صدره و رحب به و خلا معه فلا يأذن لأحد بالدخول عليهما الا من كان من خاصته و المقربين من أهله» [43] .

و في كشف الغمة روي هذا الحديث عن حكيمة بنت الرضا عليه السلام، و أنها قالت:

«لما توفي أخي محمد بن الرضا، صرت يوما الي امرأته أم الفضل، لسبب احتجت اليها فيه.

فبينا نحن نتذاكر فضل محمد، و كرمه، و ما أعطاه الله من العلم و الحكمة، اذ قالت امرأته أم الفضل:

أخبرك عن أبي جعفر بعجيبة لم يسمع مثلها؟!.

قلت: و ما ذاك؟

قالت: انه ربما كان أغارني، مرة بجارية، و مرة بتزويج. فكنت أشكوه الي المأمون فيقول: يا بنية احتملي، فانه ابن رسول الله.



[ صفحه 263]



فبينما أنا ذات ليلة جالسة، اذا أتت امرأة من أحسن الناس و كأنها قضيب بان أو غصن خيزران. فسلمت علي، فسألتها: من أنت؟. فقالت: أنا زوجة أبي جعفر ابن الرضا، و أنا امرأة من ولد عمار بن ياسر.

قالت أم الفضل: فأجلستها لحرمته. و دخل علي من الغيرة ما لم أملك نفسي، و وسوس الي الشيطان بقتلها!. ثم احتملت و رحبت بها و أعطيتها.

فلما خرجت نهضت من ساعتي فدخلت الي المأمون - و كان ثملا من الشراب، و قد مضي من الليل ساعات و هو لا يعقل - فأخبرته بحالي، و قلت: انه يشتمك، و يشتمني، و يشتم العباس و ولده.. و قلت ما لم يكن.

فغاظه ذلك و قال: علي بالسيف، و الله لأقتلنه.

فقام، و تبعته و معه خادم.

و جاء، فدخل علي أبي جعفر و هو نائم، فضربه بالسيف حتي قطعه اربا اربا، و ذبحه، و عاد فنام!.

فلما أصبح كنت بجانبه، فرآني فقال: ما تصنعين هاهنا؟.

فعرفته ما كان بدا منه، و قلت: قد قتلت البارحة ابن الرضا!.

فبرقت عيناه و أغشي عليه. فلما أفاق قال: ويلك ما تقولين؟!!

قلت: نعم يا أبه، دخلت عليه و لم تزل تضربه بالسيف حتي قتلته.

فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا ثم قال: علي بياسر الخادم.

فلما حضر الخادم قال: ويلك، ما هذا الذي تقول هذه؟.

فقال: صدقت، يا أميرالمؤمنين.

فقال: هلكنا، و افتضحنا الي آخر الأبد.. اذهب فانظر القصة.

فذهب الخادم فوجد أباجعفر قائما يصلي و لا أثر فيه.. فأخبر أنه سالم، ففرح و قال: ما بقي بعد هذا شي ء آخر!. ان هذا لعبرة الأولين و الآخرين!. ثم أعطي الخادم ألف دينار، و حمل اليه عشرة آلاف دينار. و اجتمعا، و اعتذر اليه



[ صفحه 264]



بالسكر!. و أشار عليه - أي الامام عليه السلام - بترك الشراب فقبل» [44] .

و قال الامام عليه السلام لمن حضر من الهاشميين و غيرهم ممن عرفوا بالقصة:

أو ما علم أن لي ناصرا و حاجزا يحجز بيني و بينه؟!! [45] .

و لن نصدق أم عيسي، و لا نكذبها، بل نلقي التبعة علي كاهلها الذي كان يحمل الأثقال الجسام.. و لا ينوة بفضح سكر أبيها و قتله للامام.

ولكننا نقول: يا ليت كان الله جنب مرارتها من التصدع!.

وليته صان قلبها - الحساس - من التمزق و الجزع!.

و حبذا لو أبقي علي دموعها - دموع التماسيح - التي ذرفتها علي «عزيز» أثير لديها كالامام أبي جعفر عليه السلام!.

و لا حرم الله الأمة من أمثال هذه العواطف الحاقدة - الكاذبة التي كثيرا ما يشاهدها رواد السينماءات و الملاهي تنهمر من عيون الكاذبات - المتصنعات، و تسيل من آماق الممثلات الماكرات!.

و ما كان أغني أم اللقب الجديد - أم عيسي - عن انفجار الدموع، و انشطار المرارة، و تمزق القلب.. و عيسي عليه السلام رسول الرحمة و المحبة و السلام؟!.

الممثلات يبعن في الملاهي دموعهن، و مرائرهن، و قلوبهن.. بأثمان غالية.

فماذا قبضت ثمن ذلك يا ذات اللقبين؟!!

أولئك يتاجرن علي خشبة المسرح.. و يربحن شهرة، و مالا.

و أنت.. خسرت صفقتك.. و بؤت بالخزي.. و العار.. و النار.. و غضب الجبار،

و دفعت غضارة النعيم في حياتك الدنيا.. ثمنا لخسارتك الأخروية.. و مقابل عرش غيرك.. يا بنت الأمراء.. السفاحين!.

و شتان ما بين من يمثل دورا لينال الشهرة و الأجر،



[ صفحه 265]



و بين من مثلت دور خيانة كبري.. و رجعت بالخسر، أبد الدهر.. و يوم الحشر!.

و في كل حال لحق الامام عليه السلام بالرفيق الأعلي - مسموما - و انضم الي قافلة الشهداء الأبرار من أجداده و آبائه عليهم الصلاة و السلام. و أنهي ظلم «الحكام المسلمين» بموته حياة امام، لسان حال السؤال الذي يوجه اليهم يوم القيامة بشأنه يقول: (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، و قد جاءكم بالبينات من ربكم)؟! [46] .

و انطوت بقتله صفحة مشرقة من صفحات المجاهدين في سبيل ايصال كلمة الله تعالي الي عباده، ممن كانوا سفرته سبحانه في أرضه، و أمناءه علي وحيه و عزائم أمره، من أهل بيت النبوة، و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي و التنزيل، و كان ذلك يوم السبت لست خلون من ذي الحجة [47] سنة عشرين و مئتين لانقضاء الهجرة النبوية الشريفة. و بعد وفاته دخلت زوجته - بنت المأمون - الي قصر المعتصم فجعلت مع الحرم، و ذاقت بعده الحياة مرة، و الموت زؤاما، و عذاب الندامة و الألم النفسي الأليم علقما.. ولات ساعة مندم!.

و كان عمره خسما و عشرين سنة، و ثلاثة أشهر، و اثني عشر يوما [48] ،

و خلف بعده ذكرين، هما: علي - الامام الهادي عليه السلام - الذي ولد سنة 212 هجرية و كان ابن تسع سنين تقريبا، ثم أخوه موسي، و ابنتين هما: فاطمة، و أمامة [49] .



[ صفحه 266]



.. ثم دفن الامام عليه السلام خلف جده الامام الكاظم عليه السلام [50] في مقابر قريش - في أطراف بغداد، و تقوم الآن من حول مقامهما مدينة الكاظمية المترامية الأطراف؛ و مقامهما مزار يكتظ بالزوار و المتشرفين به ليل نهار بحيث تشتبك أيديهم في قضبان القفص الذهبي الموضوع علي قبريهما و تتلاقي من حوله دموع الطائفين به، و تتصاعد دعواتهم و ابتهالاتهم الي الله عزوجل في طلب الحوائج، و رجاء المغفرة و تشفعا بهذين الامامين العظيمين اللذين اعتالهما ظلم الحاكمين باسم الاسلام الذي جاء به جدهما الاكرم محمد صلي الله عليه و آله و سلم. و قد قامت «حضرتهما» الشريفة تحت قبة كبري و مآذن سامقة الي السماء - مذهبة كلها - يرجع البصر عنها خاسئا و هو حسير - و قامت في وسط عاصمة الظلم و الجور لتكون قدي في أعين ظالمي أهل بيت النبي الي يوم يبعثون، و محجة يفي ء اليها الوالهون، و يأوي الي هيكل قدسها المؤمنون الموالون الي أن يقوم الناس لرب العالمين.

أما الظالمون.. فقد طواهم التراب.. و أخني عليهم الدهر.. و ديارهم خراب.. و قبورهم قد ذهب بعفنها التراب.. و الله وحده يعلم سوء مصيرهم بعد وقوفهم بين يدي ربهم الذي يحاسب علي مثقال الذرة!!

أما مدة ولايته فكانت سبع عشرة سنة [51] .

و قيل أنه مضي له في عهد والده سبع سنين و أربعة أشهر و يومين، وعاش بعده ثماني عشرة سنة الا عشرين يوما، أو تسع عشرة سنة الا خمسة و عشرين يوما، و قد توفي عنه أبوه سنة 203 هجرية..



[ صفحه 267]



و كانت امامته بقية ملك المأمون، و أول ملك المعتصم - بعد أن مضي منه ثلاثون شهرا، و قد قال ابن بزيع العطار - كما ذكرنا سابقا -:

«قال أبوجعفر: الفرج بعد المأمون بثلاثين شهرا. فنظرنا فمات عليه السلام بعد ثلاثين شهرا» [52] .

و قال محمد بن الفرج:

«كتب لي أبوجعفر عليه السلام: اذا غضب الله تبارك و تعالي علي خلقه، نحانا عن جوارهم» [53] .

«و ذكر ابن همداني الفقيه، في تتمة تاريخ أبي شجاع الذي كان من وزراء العباسيين، في ذيل كتاب تجارب الأمم:

أنه لما خرقوا القبور بمقابر قريش في بغداد و أحرقوها و هدموها، حاولوا حفر ضريح أبي جعفر، محمد بن علي عليهماالسلام، و اخراج رمته و تحويلها الي مقابر أحمد، فحال تراب الهدم و رماد الحريق بينهم و بين معرفة قبره» [54] .

و قد أبي الله تعالي الا صون أوليائه - أحياء و أمواتا - عن أن تمس أجسادهم الطاهرة الأيدي الأئمة التي يحركها السلطان و الشيطان..

ثم اندثرت قبور من أحرقوا قبور أوليائه سبحانه و من هدموها، و بادوا و باد ذكرهم و باؤا بخسران الدنيا و خزي الآخرة.

و خلد ذكر أهل الحق اذ سبق القضاء و جف القلم بعد أن قال الله تعالي في محكم كتابه:



[ صفحه 268]



(انا لننصر رسلنا، و الذين آمنوا) [55] .

فلا يدوم الا الحق.. و الظلم مرتعه وخيم..

أما الظالمون (فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم!) [56] .



[ صفحه 269]




پاورقي

[1] بحارالأنوار ج 18 ص 119 نقلا عن الخرايج.

[2] الصافات - 24.

[3] عيون أخبار الرضا ح 2 ص 244 - 243.

[4] أنظر هامش بحارالأنوار ج 49 ص 311 و 312 و تذكرة الخواص ص 319 - 318 و الكامل لابن الأثير ج 6 ص 154 - 153 و انظر في المحجة البيضاء ج 4 ص 296 - 295 و ص 299 شغب العباسيين علي المأمون عند عزمه علي تزويج ابنته للامام عليه السلام، و راجع كذلك كشف الغمة ج 3 ص 144 - 143 لتري احتجاجهم الشديد و جواب المأمون. و انظر الارشاد ص 299 و ص 300 و ص 303 ففيه تفصيل شامل، و كذلك تري مثله في اعلام الوري ص 335 الي ص 338 و الاختصاص ص 101 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 381 - 380 و الصواعق المحرقة ص 206.

[5] حلية الأبرار ج 2 ص 434 الي ص 436.

[6] الكافي م 1 ص 323 و اثبات الهداة ج 6 ص 166 و الأنوار البهية ص 223 - 222 و حلية الأبرار ج 2 ص 436 - 435.

[7] حلية الأبرار ج 2 ص 436 - 435.

[8] النحل - 26.

[9] المائدة - 53.

[10] الحجرات - 12.

[11] الكافي م 1 ص 324.

[12] الكافي م 1 ص 325.

[13] اثبات الهداة ج 6 ص 182 - 181.

[14] أحمد بن أبي دؤاد كان قاضيا ببغداد في عهود المأمون و المعتصم و الواثق و المتوكل. و قد حصل خلاف بينه و بين محمد بن عبدالملك الزيات في أيام المتوكل، فغضب عليه هذا و صادر من ابنه محمد مئة و عشرين ألف دينار، و جواهر بأربعين ألف دينار أيضا، و بعث به و بابنه من سامراء الي بغداد، و كانت وفاته سنة 240.

[15] النساء - 43.

[16] المائدة - 6.

[17] الجن - 18.

[18] الجن - 18.

[19] الخلفة: الهيضة، و هي انطلاق البطن، و القي ء، المتكرران.

[20] بحارالأنوار ج 50 ص 76 - 75 نقلا عن تفسير العياشي ج 1 ص 320 - 319، و هو في الأنوار البهية ص 223 الي 225 بتفصيل، و كذلك في حلية الأبرار ج 2 ص 419 - 418 و انظر الصواعق المحرقة ص 206 حيث ذكر أنه مات مسموما.

[21] علي بن يقطين توفي سنة 182 أي قبل ذلك ب 36 سنة. و لعله أحد ولديه: الحسن أو الحسين بن علي بن يقطين.

[22] بحارالأنوار ج 50 ص 8 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 384 و أنظر مروج الذهب ج 3 ص 464 و أكثر مصادر بحثنا.

[23] يوسف - 43.

[24] التوبة - 78.

[25] الزخرف - 80.

[26] الأنفال - 24.

[27] ق - 16.

[28] النساء - 108.

[29] رجال الكشي ص 469 و المحجة البيضاء ج 4 ص 302 و الارشاد ص 307 و الصواعق المحرقة ص 206 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 380 و في كشف الغمة ج 3 ص 135 توفي في ذي الحجة في عهد الواثق بالله، و هو خطأ. و انظر الكامل لابن الأثير ج 6 ص 154 - 153 و الكافي م 1 ص 492 و بحارالأنوار ج 50 من ص 1 الي ص 13 و قال لليلتين بقيتامن المحرم، و انظر ص 95 - 94.

[30] أنظر المصادر السابقة.

[31] بحارالأنوار ج 50 ص 46 - 45 نقلا عن مختار الخرائج و الجرائح ص 237 و هو في الأنوار البهية ص 212 و اثبات الهداة ج 6 ص 188 - 187.

[32] المجادلة - 14.

[33] فرائد السمطين ج 2 ص 209 - 208 و بحارالأنوار ج 50 ص 149 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 518 و هو في مروج الذهب و الصواعق المحرقة و غيرهما من المصادر.

[34] آل عمران - 34 - 33.

[35] بحارالأنوار ج 50 ص 80 - 79 و الارشاد ص 304 و في اثبات الهداة ج 6 ص 195 - 194 مع تفصيل، و كذلك هو في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 382 و ص 395 - 394 و في حلية الأبرار ج 2 ص 412 الي ص 414 و انظر المحجة البيضاء ج 4 ص 301 و كشف الغمة ج 3 ص 148 و ص 156 - 155 و الصواعق المحرقة ص 206.

[36] اثبات الهداة ج 6 ص 197 و ص 206 رواية عن المحمودي عن أبيه في حديث طويل، و بحارالأنوار ج 50 ص 17 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 398 و أنها سمته في فرجه، و انظر الأنوار البهية ص 225.

[37] نفس المصادر السابقة.

[38] اثبات الهداة ج 6 ص 197 و الأنوار البهية ص 224 و بعض المصادر السابقة.

[39] بحارالأنوار ج 50 ص 63 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 389 و اثبات الهداة ج 6 ص 182 و ص 183 و كشف الغمة ج 3 ص 160 و اعلام الوري ص 335 - 334 و المحجة البيضاء ج 4 ص 308.

[40] لقمان - 34.

[41] بحارالأنوار ج 5 ص 2 نقلا عن مختار الخرائج و الجرائح.

[42] بحارالأنوار ج 50 ص 16 و عدة مصادر تاريخية أخري.

[43] بحارالأنوار ج 50 ص 96 - 95 و في ص 99 نقل الحديث عن اسماعيل بن مهران مرة، و عن خيران الأسباطي مرة ثانية، و هو في مهج الدعوات ص 44 و في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 395 - 394 و في كشف الغمة ج 3 ص 156 - 155 بتفصيل أكثر.

[44] المصادر السابقة لهذا الرقم، و انظر حلية الأبرار ج 2 ص 412 الي ص 414 و اثبات الهداة ج 6 ص 184 و ما بعدها.

[45] المصادر السابقة لهذا الرقم، و انظر حلية الأبرار ج 2 ص 412 الي ص 414 و اثبات الهداة ج 6 ص 184 و ما بعدها.

[46] المؤمن - 28.

[47] و قيل في الخامس من ذي الحجة، كما قيل في يوم الثلاثاء لخمس خلون منه، و قيل في حادي عشر ذي القعدة أو في آخره. - راجع مصادر الرقم التالي.

[48] و قيل: خمس و عشرون سنة، و شهران، و ثمانية عشر يوما، و قيل: ثلاثة أشهر، و اثنان و عشرون يوما، و الله تعالي أعلم.

[49] راجع بشأن كل ما سبق: مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 339 و بحارالأنوار ج 50 من ص 1 الي ص 15 و الكافي م 1 ص 492 و 497 و كشف الغمة ج 3 ص 215 و ص 217 و ص 141 - 140 و ص 152 - 151 و ص 155 و ص 160 و تذكرة الخواص ص 321 و حلية الأبرار ج 2 ص 423 و الكامل ابن الأثير ج 6 ص 154 - 153 و الأنوار البهية ص 22 و الارشاد ص 297 و ص 307 و مروج الذهب ج 3 ص 464 و الصواعق المحرقة ص 206 و اعلام الوري ص 338.

[50] أنظر جميع المصادر في الرقم السابق.

[51] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 379 و ذكر أن وفاته كانت في عهد الواثق خطأ، و مثله في حلية الأبرار ج 2 ص 423، و أنظر بحارالأنوار ج 50 ص 7 الي 13 و ص 104 و كشف الغمة ج 3 ص 215 و ص 217 و الكافي م 1 ص 417 و ص 497 و تذكرة الخواص ص 321 و أكثر المصادر التي ذكرناها بالنسبة لوفاته.

[52] كشف الغمة ج 3 ص 153.

[53] الكافي م 1 ص 343.

[54] بحارالأنوار ج 50 ص 10 الي ص 15 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 397.

[55] المؤمن - 51.

[56] القصص - 58.