الامامة و صغر السن
تعرض جملة من الباحثين الي مسألة صغر سن الامام عليه السلام و تداعيات هذا الأمر علي الواقع الشيعي آنذاك، و يمكن أن نشير الي أن هذا الموقف تجاه الامام الجواد بعد وفاة أبيه الرضا تميز بالاضطراب و الانقسام و تشوش الرؤية، خصوصا اذا لا حظنا أن الساحة الفكرية ساحة تحديات للامامة و أشياعها كما أنها ساحة فرق و مذاهب يحاول كل طرف الانتصار لمذهبه و رأيه.
مضافا الي أن أمر التعيين أثار الاستغراب و التعجب عند طائفة كبيرة من الناس، عند الخاصة من الناس، فضلا عن العامة.
و علي أي حال فيمكن الاشارة الي موقفين تجاه الحدث: موقف مرتبك، و موقف تميز بالوعي.
في الموقف الأول يقول السيد جعفر مرتضي العاملي: «و علي كل حال فاننا أمام مثيرات هذا الحدث الفريد من نوعه علي الصعيد الداخلي نستطيع أن تشير الي الأمور التالية:
[ صفحه 24]
قال ابن رستم الطبري: «و لما بلغ عمره ست سنين و شهور، و قتل المأمون أباه (الامام الرضا عليه السلام)، و بقيت الطائفة في حيرة، و اختلفت الكلمة بين الناس، و استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، و تحير الشيعة في سائر الأمصار.
و في كتاب عيون المعجزات نقل أنه لما قبض الرضا كان سن أبي جعفر عليه السلام نحو سبع سنين فاختلفت الكلمة بين الناس في بغداد و في الأمصار. [1] .
أما الموقف الآخر فقد تميز بالوعي و النضج و الادراك لمباني الامامة و فهم نصوصها.
عن الامام الرضا عليه السلام في حق ابنه:
و ينجلي ذلك في موقف جماعة علماء الشيعة و وجوههم و أهل الرأي و النظر بعد وفاة الامام الرضا عليه السلام. تقول الرواية:
لما قبض الرضا عليه السلام كان سن أبي جعفر عليه السلام نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة من الناس ببغداد و في الأمصار.
و اجتمع الريان بن الصلت، و صفوان بن يحيي، و محمد بن حكيم، و عبدالرحمن بن الحجاج، و يونس بن عبدالرحمن و جماعة من وجوه الشيعة و ثقاتهم في دار عبدالرحمن بن الحجاج في بركة زلول يبكون و يتوجعون من المصيبة.
[ صفحه 25]
فقال لهم يونس بن عبدالرحمن: دعوا البكاء! من لهذا الأمر و الي من نقصد بالمسائل الي أن يكبر هذا؟ يعني أباجعفر عليه السلام.
فقام اليه الريان الصلت و وضع يده في حلقه و لم يزل يلطمه و يقول: أتت تظهر الايمان لنا و تبطن الشك و الشرك. ان كان أمره من الله جل و علا فلو كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم و فوقه.
و ان لم يكن من عندالله فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس، هذا ما ينبغي أن يفكر فيه. فأقبلت العصابة عليه تعذله و توبخه.
و كان وقت الموسم فاجتمع من فقهاء بغداد و الأمصار و علمائهم ثمانون رجلا فخرجوا الي الحج و قصدوا المدينة ليشاهدوا أباجعفر عليه السلام فلما و افوا أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام لأنها كانت فارغة، و دخلوها و جلسوا علي بساط كبير. و خرج اليهم عبدالله بن موسي. فجلس في صدر المجلس، و قام مناد و قال: هذا ابن رسول الله، فمن أراد السؤال فليسأله.
فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب، فورد علي الشيعة ما حيرهم و غمهم، و اضطربت الفقهاء. و قاموا و هموا بالانصراف، و قالوا في أنفسهم: لو كان أبوجعفر عليه السلام يكمل بجواب المسائل لما كان من عبدالله ما كانوا، و من الجواب بغير الواجب.
ففتح عليهم باب من صدر المجلس، و دخل فوقف و قال:
[ صفحه 26]
هذا أبوجعفر! فقاموا اليه بأجمعهم و استقبلوه و سلموا عليه. فدخل صلوات الله عليه، و عليه قميصان و عمامة بذؤابتين و في رجليه نعلان. و جلس و أمسك الناس كلهم.
فقام صاحب المسألة فسأله عن مسائله، فأجاب عنها بالحق. ففرحوا و دعوا له و أثنوا عليه. و قالوا له: ان عمك عبدالله أفتي بكيت و كيت. فقال: لا اله الا الله يا عم انه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يديه فيقول لك:
لك تفتي عبادي بما لم تعلم، و في الأمة من هو أعلم منك. [2] .
و في رواية المناقب أنه ذكر أن المكان كان بصريا و هي قرية أسسها الامام موسي بن جعفر عليه السلام علي ثلاثة أميال من المدينة.
فدخل عليه محمد بن جمهور القمي و الحسن بن راشد، و علي بن مدرك، و علي بن مهزيار، و خلق كثير من سائر البلدان الي البلدان.
فجاءوا و دخلوا القصر، و الناس متكالبون فجلسوا.. و خرج عليهم عبدالله بن موسي فقال الناس هذا صاحبنا..
فقال الفقهاء: قد روينا عن أبي جعفر (الباقر) و أبي عبدالله (الصادق) عليه السلام: أنه لا يجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن و الحسين عليه السلام فليس هذا صاحبنا..
[ صفحه 27]
فجاء حتي جلس في صدر المجلس. فقال رجل: ما تقول أعزك الله في رجل أتي حمارة؟ فقال: تقطع يده، و يضرب الحد، و ينفي في الأرض سنة. ثم قام اليه آخر فقال: ما تقول أجلك الله في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟ فقال: باتت منه بصدر الجوزاء و القمر و الطائر و النسر الواقع.
يقول الراوي: بتحيرنا في جرأته علي الخطأ، اذ خرج علينا أبوجعفر (الجواد) و هو ابن ثمان سنين، فقمنا اليه، فسلم علي الناس، و قام عبدالله من مجلسه، فجلس بين يديه، و جلس أبوجعفر في صدر المجلس ثم قال: سلوا رحمكم الله.
فقام اليه الرجل الأول و قال: ما تقول أصلحك الله في رجل أتي حمارة؟ قال: يضرب دون الحد، و يغرم ثمنها، و يحرم ظهرها و نتاجها، و تخرج الي البرية حتي تأتي عليها منيتها، سبع أكلها ذئب أكلها.. و قال بعد كلام: (في رده علي جواب عمه) يا هذا ذاك الرجل ينبش عن ميتة يسرق كفنها، و يفجر بها، و يوجب عليه القطع بالسرقة، و الحد بالزنا. و النفي اذا كان عزيا، فلو كان محصنا لوجب عليه القتل و الرجم.
فقال الرجل الثاني: يابن رسول الله ما تقول في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟ قال: تقرأ القرآن؟ قال: نعم.. قال اقرأ سورة الطلاق الي قوله: (و أقيموا الشهادة لله). يا هذا لا طلاق الا بخمس: شهادة شاهدين عدول في طهر من غير جماع بارادة و عزم. ثم قال بعد كلام.. يا هذا هل تري في القران عدد نجوم
[ صفحه 28]
السماء؟ قال: لا. [3] .
و في رواية الاختصاص في رد الامام الجواد علي عمه عبدالله بن جعفر: أنه قال له: يا عم اتق الله اتق الله انه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لا تعلم؟ فقال له عمه: يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبوجعفر: انما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها، فقال أبي: تقطع يمينه للنبش، و يضرب حد الزنا، فان حرمة الميتة كحرمة الحية. فقال: صدقت يا سيدي و أنا أستغفر الله. [4] .
فاذا كان هناك اطمئنان من هذا الطرف الواعي بامامة الجواد عليه السلام مع صغر سنه:
و يعود سبب الاطمئنان الي عاملين:
أن الشيعة الامامية تعتمد في فكرها و بناءها العقائدي علي النص و الالتزام به في موضوع الامامة.
هذا النص الذي يحكي واقع الاستخلاف بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.
و تعين الامامة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أسماء محددة و معينة نقلت في طوائف من الروايات و النصوص رواها المسلمون جميعا
[ صفحه 29]
منها و هي علي أقسام ثلاثة:
- ما حدد الهداة في أهل بيته.
- و منها ما ذكر عددهم من دون أسماء.
- و منها ما جاء علي ذكرهم بأسمائهم.
فالطائفة الأولي: نصت علي أن أهل البيت كسفينة نوح. و أنهم أعدال القرآن.. لا يختلفون عنه. و أن التمسك بهم سبيل وحيد للنجاة و الهداية، و البعد عن الضلال.
فقد روي الترمذي عن جابر أنه قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في حجة يوم عرفة و هو علي ناقته القصواء يخطب. فسمعته يقول: أيها الناس اني قد تركت ما ان أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله و عترتي أهل بيتي. [5] و في رواية أخري: «اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، و عترتي أهل بيتي. و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. [6] .
أما حديث السفينة قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ألا ان أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق». [7] .
[ صفحه 30]
يري فريق من العلماء: أن أهل البيت انما هم الخمسة الكرام البررة: سيدنا رسول الله و الامام علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام.
و قد قال بهذا الرأي كثير من الصحابة، قاله أبوسعيد الخدري، و أنس بن مالك، و وائلة بن الأسقع، و أم المؤمنين أم سلمة و عائشة، و ابن أبي سلمة ربيب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و سعد بن أبي وقاص.
و قال به جماعة من أهل التفسير و الحديث منهم: الفخر الرازي في التفسير الكبير، و الزمخشري في الكشاف، و القطبي في الجامع لأحكام القرآن، و الشوكاني في فتح الغدير، و الطبري في جامع البيان عن تأويل القرآن، و السيوطي و في الدر المنثور، و ابن حجر العسقلاني في الاصابة، و الحاكم في المستدرك، و الذهبي في تلخيصه، و الامام أحمد بن حنبل في المسند. [8] .
هذا بعض ما جاء في الطائفة الأولي.
أما الطائفة الثانية، فهي التي تذكر العدد دون الأسماء... حيث حصرت الامارة و الخلافة بعده صلي الله عليه و آله و سلم في اثني عشر اماما.
و قد روي ذلك أصحاب الصحاح و المسانيد.
فقد روي مسلم عن جابر عن سمرة أنه سمع النبي صلي الله عليه و آله و سلم
[ صفحه 31]
يقول: «لا يزال الدين قائما حتي تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش.»
و في رواية أخري: تكلم النبي بكلمة فخفيت علي فسألت أبي ماذا قال النبي؟ قال: كلهم من قريش. [9] .
و في رواية ثالثة: كلهم من بني هاشم. [10] .
و روي أحمد عن مسروق: كنا جلوسا ليلة عند عبدالله بن مسعود يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال: يا أباعبدالرحمن: هل سألتم رسول الله كم تملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال: ما سألني أحد عن هذا منذ قدمت العراق قبلك. سألناه فقال: اثنا عشر. عدة نقباء بني اسرائيل. [11] .
و لا نجد شرحا موضوعيا يناسب هذه النصوص سوي مقالة الشيعة الامامية.
لقد حار ابن العربي و هو يشرح هذا الحديث في شرحه لسنن الترمذي حتي قال: لا أعلم للحديث معني. و قال بن عياض القاضي في جواب من قال: أن ولي أكثر من هذا العدد؟ فأجاب: هذا اعتراض باطل و لم يقل لا يلي الا اثني عشر. و قد ولي هذا العدد، و لا يمنع ذلك من الزيادة عليهم.
[ صفحه 32]
لكن السؤال قائم. و الأشكال متجدد يتردد علي أسماع الدهر حيث أن النصوص ذكرت أنهم من قريش، و أنهم من بني هاشم في رواية أخري.
و ذكرت شمائلهم و صفاتهم من التقي و الدين و الورع عندما ذكرت أنهم عدة نقباء بني اسرائيل.
و قد نقبل عن السيوطي في الجواب ذلك: أن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الاسلام الي يوم القيامة، يعملون بالحق و ان لم يتوالوا.
و قد وجد من الاثني عشر: الخلفاء الأربعة، و الحسن و معاوية، و ابن الزبير، و عمر بن عبدالعزيز. فهؤلاء ثمانية.
و يحتمل أن يضم اليهم المهدي العباسي لأنه في العباسيين كعمر بن عبدالعزيز في الأمويين.
و الظاهر العباسي لما أوتي من العدل.
و يبقي الاثنان المنتظران أحدهما المهدي لأنه من آل بيت النبي. [12] .
و الملاحظ علي هذه التأويلات للنصوص من الطائفة الثانية:
1- التضارب و الاختلاف في تفسيرها.
[ صفحه 33]
2- الاهمال و الغمط و التجاهل عن ذكر رأي مدرسة أهل البيت.
- لكن الطائفة الثالثة من الروايات أبانت بما لا لبس فيه أن المعنيين الاثني عشر هم الأئمة الأطهار التي تدين الامامية بحبهم و ولايتهم و طاعتهم. حيث فصلت هذه الطائفة:
أنهم ثلاثة أحباء في زمان النبي صلي الله عليه و آله و سلم و هم علي و الحسن و الحسين عليهم السلام و هم الذين أبان الرسول صلي الله عليه و آله و سلم عن فضلهم أمام المسلمين، و أشار القرآن علي مكانتهم في جملة مناسبات منها: آية التطهير، و آية المباهلة، و سورة الانسان.. و معهم الزهراء البتول فاطمة بنت الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.
و كذلك تحدث النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن مكانتهم و فضلهم في مناسبات عدة عرفها القاضي و الداني.
أما الاشارة الي التسعة البقية فقد انحصروا في نسل الحسين بن علي عليه السلام. حيث تحدثت عدة روايات أن الأئمة من ذريته.
و نقل الجويني في فرائد السمطين ما يشير الي هذا المعني: فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «أنا سيد النبيين، و علي سيد الوصيين، و ان أوصيائي من بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب، و آخرهم المهدي».
و بسنده قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون».
[ صفحه 34]
و قال أيضا: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ان خلفائي و أوصيائي و حجج الله علي الخلق من بعدي الاثني عشر أولهم أخي و آخرهم ولدي. قيل يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: من أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب. قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا». [13] .
و قد صحح الذهبي روايات الجويني و مدحه و قال عنه: «الامام المحدث الأوحد الأكمل فخر الاسلام صدرالدين ابراهيم بن محمد بن حموية الجويني الشافعي شيخ الصوفية، كان شديد الاعتناء بالرواية». [14] .
نجد هذه النصوص المتضافرة و الكثيرة الواردة في الامامة، و الأئمة الأطهار و التزمها الشيعة الامامية، و عملوا بها كما عملوا بغيرها في كل ما صح عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم و هو هنا يكشف عن التزام الشيعة الامامية بالنص الوارد عن النبي في حق الأئمة.
و كما أن النص علي الأئمة عموما ورد عن النبي و علي أسمائهم واحدا واحدا. و التزم الشيعة به كذلك تضافرت النصوص الواردة عن الامام الرضا عليه السلام في حق ولده الجواد. و قد آمن الشيعة بكل هذه النصوص و عملوا في مختلف أزمانهم.
ثالثا: أن حركة الشيعة الامامية تعتمد العقل و العلم. فالايمان بالنص لا يلغي دور العقل، و لا يهمل العلم.
[ صفحه 35]
ان المحور الذي تدور فيه حركة الأئمة سلام الله عليهم هو العلم، و بناء العلماء و الفقهاء و المتكلمين و الجهابذة في كل العصور.
و في كل دور من أدوار حياتهم سلام الله عليهم. و قد نبغ فيهم عيون الرجال من الرواة و المتكلمين و الفقهاء أمثال كميل بن زياد، و أبو الأسود الدؤلي، و هشام بن الحكم، و هشام بن سالم، و أبي جعفر النعمان الأحوال المعروف بمؤمن الطاق، و علي بن اسماعيل الميثمي و غيرهم.
فلم يكن الشيعة أن يقبلوا بأمر يستبعده العقل الا ببرهان ساطع، و دليل قاطع، تعنوا له آراؤهم و تنقاد له عقولهم بالخضوع و التسليم. [15] .
و تظهر النصوص الثلاث التي أوردناها حول مجي ء الوفود الي المدينة، و لقائهم بالامام الجود بعد وفاة أبيه أمورا مهمة:
1- أنهم من علماء الشيعة، و فقهائهم و عيون الشيعة ممن عرفوا الدين و أخذوا عن الأئمة الطاهرين الصادق و الكاظم و الرضا عليه السلام.
و بالتالي فقد عايشوا هذه المدرسة القرآنية و ارتشفوا من علومها.
[ صفحه 36]
2- أنهم مؤمنون بالنصوص علي امامة الهداة الميامين و التي تصرح بالأسماء و الصفات. و من الصفات العصمة، و العلم، و القدرة علي التصدي، و الادارة، و الصفات النفسية، و الأخلاقية الكاملة.
3- أنهم رجعوا للصفات و توجهوا بأسئلتهم العلمية الي الامام الجواد عليه السلام بعد أن تيقنوا خطأ عمه.
4- هناك ضابطة تحدد الامامة، و تكشف عن الامام بحق دون غيره. و هي تستكشف بالعقل، و هي الجانب العلمي عنده و انه مرجع للأمة في مسائلها.. و انه أعلم الموجودين في زمانه.
و قد سلك الشيعة في زمان الامام الجواد عليه السلام هذا المسلك.. و تحروا هذه الضابطة بأنفسهم ليقطعوا شك المشككين و ليعيدوا العامة الي جادة الصواب.
5- ان فيمن سأل و حضر الاجتماع علماء و فقهاء و قد اشتهروا بين الشيعة أنهم عيون الأصحاب.. كصفوان بن يحيي الذي قال عنه تراجمة الرجال: انه ن عظماء علماء الشيعة الامامية، و من فضلائهم و فقهائهم و مجتهديهم. و أحد أصحاب الاجماع المثار اليهم بالبنان صاحب مؤلفات.
و الحسن بن راشد: قال عنه الرجاليون محدث امامي ثقة و أحد الفقهاء الأعلام، و الرؤساء الأجلاء، المأخوذ عنهم الحلال و الحرام، و الفتيا و الأحكام.
[ صفحه 37]
و علي بن مهزيار من علماء الامامية، و من ثقاة المحدثين ففيه فاضل، جليل القدر، محمود الطريقة واسع الرواية، مؤلف.
فهؤلاء و أمثالهم كانوا الي جوار اخوانهم عندما طرح الشيعة أسئلتهم، فلا يمكن أن يغفلوا جانب العلم، و العقل، بل هما يعضدان النص الوارد عن الطاهرين في حق الجواد عليه السلام.
و لا يمكن أبدا اغفال النص الي جانب العلم و الكفاءة. فعليه المعول في تحديد الامام من غيره. و قد اهتم الأئمة الكرام بابرازه مع ركن العلم في مناسبات عديدة تعلم منها الموالون ضابطا أساسيا لتحديد الامام في مختلف العصور، و ابراز مكانته و حقه. و من تلك المناسبات:
1- استشهاد أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب امام الصحابة بحديث الغدير يوم الشوري و في صفين و يوم الجمل. و في الكوفة حيث يشهد به عدد كبير من الصحابة و البدريين.
2- قيام الامام الحسين بن علي عليه السلام بجمع الصحابة في مني و ذكرهم بفضائل أبيه علي عليه السلام، و بحديث الغدير، و أفاعيل معاوية. [16] .
3- تصريحات الأئمة الطاهرين أن عندهم العلم الخاص الذي اختصهم به النبي صلي الله عليه و آله و سلم بأمر من الله تعالي، كالأحاديث التي تقول أن عندهم الجفر و الجامعة.
[ صفحه 38]
فاذن النص يعضد الواقع العملي للامام.
و هنا مثال واحد من اعتماد الشيعة علي هذه الضابطة الأساسية التي تعتمد في تعيين الامام.
بالاضافة الي الجدارة، و الأهلية، و القدرة علي النهوض بأعباء المسئولية الأمر الذي يعني توفير الخصائص و الملكات القيادية و كل ما من شأنه أن يحفظ المسيرة و يضمن سالمة الاتجاه، كصفة العصمة، و التدبير، و الحنكة، و الشجاعة، و الكرم. [17] .
[ صفحه 39]
پاورقي
[1] الحياة السياسية للامام الجواد، السيد جعفر مرتضي العاملي، ص 119.
[2] بحارالأنوار، ج 5، ص 100.
[3] بحارالأنوار، ج 5، ص عن مناقب آل أبي طالب.
[4] الاختصاص، 102، من بحارالأنوار.
[5] مناقب بيت النبي، كنزالعمال، 5 / 621.
[6] الترمذي، 5 / 622، أسد الغابة، 2 / 12.
[7] الامام و النص، ص 77، طباعة المجمع العلمي لأهل البيت.
[8] الامامة و النص، المجمع العالمي لأهل البيت، ص 77.
[9] فتح الباري، 13 / 181.
[10] ينابيع المودة، 3 / الباب، 77.
[11] مسند أحمد، 1 / 398، عن الامام و النص.
[12] تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 12، عن الامام و النص.
[13] فرائد السمطين،2 / 312.
[14] تذكرة الحفاظ، 5 / 105.
[15] الحياة السياسية للامام الجواد.
[16] الغدير، ج، ص 159.
[17] الحياة السياسية للامام الجواد.