بازگشت

ازمة خلق القرآن


استمرت الأزمة الفكرية المتصلة منذ عهد المأمون و المسماة (بفتنة خلق القرآن) و هي وجه آخر للارهاب الفكري الذي تمارسه السلطات بناء علي رأيها في قضية عقلية، أو مذهبية، أو قومية، أو غيرها.

و كان الارهاب يقوم علي أساس محاكمة الناس علي القول



[ صفحه 160]



بعدم ايمانهم بخلق القرآن. و هي مسألة فكرية قديمة كانت تيارين في أوساط المسلمين.

تيار يقول: بأن القرآن قديم، و أنه ليس مخلوق، و كلمات الله قديمة، و هو قول الأشاعرة، و منهم أحمد بن حنبل، امام المذهب الحنبلي.

و ذكر الشيخ السبحاني: أن الباعث علي اثارة مسألة خلق القرآن، أمران:

- الفتوحات الاسلامية التي أوجبت اختلاط المسلمين بغيرهم، و صارت مبدأ لاحتكاك الثقافتين الاسلامية بالأجنبية، و من ذلك الخضم المشحون بتضارب الأفكار طرحت الفكرة ككلامه سبحانه في الأوساط الاسلامية. [1] .

و كلمة الله و كلام الله هل هو قديم، لتبرير مقولة ألوهية الابن باعتبار أنه كلمة الله أوحاها الي مريم، و هي من أفكار بعض النصاري و رائدها يوحنا الدمشقي في زمان الأمويين.

و تبعا لذلك أثيرت المسألة حول القرآن باعتباره كلام الله، هل هو قديم أم مخلوق؟

- ترويج الخلفاء: البحث في هذه المسألة و نظائرها حتي ينصرف المفكرون عن نقد أفعالهم و انحرافاتهم. قال الذهبي: كان المعتصم من أعظم الخلفاء و أهيبهم، لولا ما شان سؤدده



[ صفحه 161]



بامتحان العلماء بخلق القرآن.

و قال السيوطي: سلك المعتصم ما كان المأمون عليه، و ختم به عمره من امتحان الناس بخلق القرآن. فكتب الي البلاد بذلك، و أمر المعلمين أن يعلموا الصبيان ذلك، و قاسي الناس منه مشقة في ذلك. و قتل عليه خلقا من العلماء، و ضرب الامام أحمد بن حنبل و كان ضربه سنة 20 بعد المائتين. [2] .

و السؤال: لما هذا العناد؟ و لماذا تبتلي فئة العلماء و تمتحن في عقائدها؟ و تجبر علي الاعتقاد بما يراه الحاكم و هل هي قضية ايمان و كفر حتي تنشق الأمة، و يشق علي الناس، و يقتل الناس، و يسجنوا، و يهانوا، و يضربوا!. متي ينتهي هذا العناء و يترك الناس و اختيارهم.


پاورقي

[1] الالهيات، ص 189، شيخ جعفر السبحاني.

[2] تاريخ الخلفاء، للسيوطي، ص 381.