بازگشت

السيرة الذاتية للامام الجواد: زواجه من أم الفضل


تشتمل هذه الصفحات علي نبذة يسيرة عن زواج الامام الجواد بأم الفضل و عدد أولاده سلام الله عليه.

من الثابت تاريخيا أن الامام تزوج من أم الفضل بنت المأمون العباسي.

كما تزوج بسمانة و هي جارية اشتراها الامام و أعتقها و هي من بلاد المغرب، و ولدت له التقي علي الهادي.

و كان ذلك قبل انتقال أم الفضل اليه بثلاث سنين.

و بعدها أي في سنة 195 ه، انتقلت اليه أم الفضل في حياة والدها المأمون.

و قصة زواج الامام بها رويت بطرق متعددة في كتب السير و التاريخ، و تكاد أن تكون متواترة معني. فلقد رواها الشيخ



[ صفحه 70]



و رواها ابن شهراشوب في المناقب في المجلد الرابع ص 382، و نقل السيد ابن طاووس في مهج الدعوات ص 52 ما يشير الي زواجه منها.

و نقل الحطيني في الهداية الكبري ص 301، رواية منها: أن علي بن محمد بن أحمد بن أبي الحسن قال: دخلت علي أبي جعفر في صبيحة عرسه بأم الفضل بنت المأمون، و روي الطبرسي في الاحتجاج ص 477: أن المأمون بعد أن زوج ابنته أم الفضل أباجعفر عليه السلام كان في مجلس و عنده أبوجعفر و يحيي بن أكثم و جماعة كثيرة.

و كذلك نقل الخبر الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام في الجزء الثاني ص 127.

فالرواية من الناحية التاريخية ثابتة متضافرة في الكتب المعتمدة عندنا، و عند غيرنا.

لكن السؤال: عن سر هذه الزيجة؟

و كيف يقدم عليها المأمون؟ و هو الذي قضي علي أبيه بالسم ليصفوا له ود العباسيين، و ليمهد لانتقاله الي بغداد، و ليستريح من اسم ظل يراقب المأمون في سكناته، و ينافسه في المقام الأول أمام الناس عامة و طبقات العلماء و المتكلمين خاصة.



[ صفحه 71]



ذكر المؤرخون و العلماء جملة بواعث الي هذه الزيجة:

1- منها ما ذكره الشيخ الطبرسي في تاج المواليد صفحة 52، أن السبب يعود الي اعجاب المأمون بشخصية الامام الجواد عليه السلام و بعلمه و نبوغه.

قال: و كان المأمون مشغوفا بأبي جعفر عليه السلام لما قد رأي من فضله مع صغر سنه، و بلوغه في العلم و الحكمة و الأدب، و كمال العقل ما لم يسايره فيه أحد من أهل ذلك الزمان، فزوجه ابنته أم الفضل و حملها معه الي المدينة.

و ينقل العلامة المجلسي في ج 5، من موسوعة البحار، ما ذكره المأمون نفسه في علة تزويجه ابنته للامام الجواد عليه السلام يقول في الخطبة:

و أما أبوجعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه علي كافة أهل الفضل في العلم و الفضل مع صغر سنه و الأعجوبة فيه بذلك، و اني لأرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه فيعلمون أن الرأي ما رأيت فيه.

و علي هذا الرأي سار جملة من أهل التاريخ و السير.

اتجاه آخر يري أن لهذه الزيجة أهداف و مقاصد سياسية، تعود الي سياسة المأمون المختلفة عن سيرة من سبقه من الخلفاء العباسيين، و ان كانت تتفق معهم في المضمون، و هي محاصرة الامام داخل قفص السلطة العباسية، و التضييق عليه من خلال



[ صفحه 72]



وضعه تحت الرقابة الدائمة، كما صنع مع أبيه الرضا عليه السلام حين استقدمه من الحجاز، و سلمه ولاية العهد، لكن فرض عليه الرقابة القاسية، و منع عنه أخيرا اللقاء بشيعته و الدخلين عليه من العلماء و غيرهم. و لما أراد الانتقال من خراسان الي بغداد دس اليه السم و قتله.

و الحال هنا لا يتغير مع الجواد عليه السلام فالسياسة ذاتها طبقت معه، مع اختلاف يسير في الأسلوب و اتفاق في المضمون. و يميل الي هذا الرأي جملة من المحققين من بينهم السيد جعفر مرتضي العاملي في كتابه الحياة السياسية للامام الجواد عليه السلام و يشير المؤلف في هذا السياق الي نقطتين تخدمان سياسة المأمون من وراء هذا الزواج:

1- محاولات المأمون المستمرة، و حرص السلطة علي ضرب الامامة تارة عن طريق افراغها من محتواها العلمي، الذي هو العنصر الأهم و الأساس الأعظم فيها. و أخري عن طريق الطعن في العصمة المتمثل في محاولات الاساءة الي سمعتها، و كرامتها، و حالة الطهر و القداسة التي لها في نفوس الناس.

و للتدليل علي ذلك يشير الي مقالة محمد بن الريان في هذا المجال: احتال المأمون علي أبي جعفر عليه السلام بكل حيلة فلم يمكنه شي ء، فلما اعتل أراد أن يبني عليه ابنته.

2- أن المأمون اطلع علي تحركات الشيعة بعد وفاة الامام الرضا عليه السلام. و علي اتصالهم بالامام الجواد عليه السلام و بلغه بعض أو



[ صفحه 73]



كل ما صدر عن الامام عليه التحية و السلام من كرامات و فضائل و من أجوبة علي المسائل الدقيقة و الصعبة رغم صغر سنه.

و أشار الي أن وجود الامام و هو بهذا السن كامام يتحمل المسؤولية القيادية يعتبر بحد ذاته تحديا للسلطة و لجميع الفرق علي اختلافها في أعظم عقائدها أثرا. لذا فمن الطبيعي أن يحتاط المأمون للأمر

و من هنا كانت هذه الزيجة، ليكون قريبا كما كان أبوه. و يمكن القول بالفصل بين اعجاب المأمون. و تنفيذه للاعلان عن خطبة ابنته للامام الجواد عليه السلام، في أيام والده علي رواية، أو بعد وفاة أبيه و بين سياسته تجاه العلويين و موقفهم من السلطة ورد الفعل من المأمون علي هذا الموقف بالمحاصرة و المراقبة، و منها مراقبة الامام، و احتيال المأمون علي الجواد عليه السلام بكل حيلة ليسقطه من النفوس و يتحلل من العهد الذي قطعه علي نفسه بتزويجه ابنته، فلما فشل أقر تلك الزيجة.

و ما يساعد علي هذا الأمر المسائلة و الامتحان في مجلسه للامام عليه السلام. و الاحتيال لكل وسيلة لصرف نفوس الناس عنه. فمتي تم الزواج:

تم زواج الامام عليه السلام بأم الفضل علي فترتين:

1- التسمية و الخطبة و العقد: و هنا طائفتان من النصوص التاريخية، منها: أنه زوج بها في حياة والده الامام الرضا عليه السلام



[ صفحه 74]



و عندما كان في بلاط المأمون تحت اسم ولاية العهد حيث بني الامام الرضا عليه السلام علي أم حبيبة بنت المأمون، و عقد للامام الجواد عليه السلام علي أختها أم الفضل.

قال الطبري في حوادث سنة اثنتين و مائتين و فيها زوج المأمون علي ابن موسي الرضا عليه السلام ابنته أم حبيبة و زوج محمد بن علي بن موسي ابنته أم الفضل. و ذكر الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام.

ان الامام الجواد عليه السلام تزوج بأم الفضل في أيام أبيه الرضا عليه السلام حين بويع له بولاية العهد.

و ذكر سبط الجوزي ذلك في تذكره الخواص ص 20، و ذكر الخبر ابن الأثير في البداية و النهاية. [1] .

و هذا يعني أن الأمر كان في سنة 201 ه أي أن الامام في السادسة من عمره. حيث أنه عليه السلام ولد سنة 195 ه و ولي أبوه العهد سنة 201 ه. فيكون عمره آنذاك ست سنين.

الطائفة الثانية: أنه عقد عليها في سنة 204 ه أي بعد وفاة أبيه و يعني ذلك أن عمره كان بين التاسعة و العاشرة.

و في سياق هذا النص تقرأ أن المأمون لما أراد تزويج ابنته أم الفضل بالامام الجواد اعترض رجالات بني العباس بأمرين:



[ صفحه 75]



1- أنه صغير السن و لا يحسن شيئا.

2- خوفهم من انتقال الخلافة عنهم الي العلويين.

و أنه طلب منهم اختبار الامام و عرض أسئلتهم عليه، و أبدي معرفته به، و أقرلهم بفضله و علمه.

و أن يحيي بن أكثم سئل الامام في المجلس - و قبل الشروع في الخطبة - عن مسألة الصيد - التي سنأتي علي ذكرها في باب علم الامام - و جواب الامام عليه.

و بعد ذلك تمت الخطبة التي تكلم فيها المأمون أولا، ثم خطب الامام الجواد أمام الحاضرين، و تم العقد.

للمزيد من التفاصيل راجع بحارالأنوار 50 ص 7.

و يمكن تلخيص القول: أنها سميت له أو زوجت له حسب رواية الطبري في حياة أبيه، أو أنها زوجت له بعد وفاة أبيه في سنة 204 ه كما في رواية البحار.

أما دخوله بها و انتقالها اليه فتم ذلك في سنة 215 ه.

قال الطبري: في حوادث سنة 215 ه و منها قدم علي المأمون محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في المدينة في صفر ليلة الجمعة من هذه السنة، و لقيه فأجازه و أمره أن يدخل بابنته أم الفضل، و كان قد زوجها منه، فأدخلت عليه في دار أحمد بن يوسف التي علي



[ صفحه 76]



شاطي ء دجلة، فأقام بها.

فلما كان أيام الحج خرج بأهله و عياله حتي أتي مكة ثم أتي منزلة بالمدينة فأقام بها.

و ذكر أبوزكريا الأزدي: أن المأمون وصله و أعطاه، و أمر أن تدخل عليه امرأته ابتة المأمون فجمع بينهما في مدينة السلام، كما ذكر صاحب كتاب مسند الامام الجواد في صفحة 57.

فاذن كان دخول الامام بها و انتقالها اليه في تكريت علي شاطي ء دجلة سنة 215 ه.

- و أن المأمون جمع بينهما بمدينة السلام.

- و أن الامام الجواد بقي ببغداد معها عشرة أشهر من شهر صفر حتي أيام الحج.

- و انتقل معها الامام الي المدينة. و عاشت مع الامام في المدينة قرابة ثلاث سنين، حتي توفي المأمون.

- و انتقل معها الامام الي بغداد أيام المعتصم مرتين.

- و أكملت مع الامام خمس سنين كالملة حيث استشهد سلام الله عليه سنة 220 ه.

- و لم تنجب أم الفضل من الامام، و كان أولاد الامام من غيرها.

- و عندما انتقلت الي الامام كان عمر الامام الهادي ثلاث سنين من سمانة المغربية.



[ صفحه 77]



كانت كثيرة الشكوي من الامام عند أبيها، و أنه يتسري عليها، فكان أبوها يجيبها أنها لم تتزوج ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لتحرم عليه حلال الله.

بعد وفاة أبيها و تولي عمها المعتصم ساهمت في سم زوجها الامام الجواد عليه السلام حسب احدي الروايات.

و هناك زوجة ثالثة للامام ذكر أنها من ولد عمار بن ياسر.



[ صفحه 79]




پاورقي

[1] من المعجم الفقهي.