بازگشت

دوره في التربية الأخلاقية و الاجتماعية


ان دور الامام عليه السلام في المجتمع هو نفس دور الأنبياء و الرسل عليهم السلام، يتمثل



[ صفحه 114]



في بناء و صياغة الانسان النموذج؛ لأن النبي أو الامام هو شاهد منتخب من قبل عالم الغيب، و يتحمل في عالم الشهادة مسؤولية تأسيس أمة صالحة من الداخل، بعد أن يغرس في أعماقها كل المعاني و المثل والقيم الفاضلة، ثم قيادتها وفق الأوامر الالهية، للوصول الي المجتمع التوحيدي المتكامل.

و من خلال استقراء منهج الأنبياء و الرسل في قيادة البشرية و هدايتها عبر سلسلتهم الطويلة الممتدة منذ بدء الخليقة المتمثلة بالانسان الأول، و الذي كان نبيا أيضا، و حتي الرسالة الخاتمة المتمثلة بأشرف الأنبياء و الرسل صلي الله عليه و آله و سلم، و هو خاتمهم، نجد أن هذا المنهج يعتبر الانسان محور حركته...

الانسان لا كعقل مجرد، بل الانسان صاحب العقل و الروح و الأحاسيس والمشاعر... الانسان صاحب القلب و العواطف..

و عليه فمشروع الأنبياء عليهم السلام و أوصيائهم - و خاتمتهم الأئمة الاثني عشر عليهم السلام - في صياغة الانسان و تربيته و صنعه، يتم من خلال التعامل مع تلك المقومات الانسانية التي ذكرنا بشكل عاطفي و عملي، و ليس كالفلاسفة الذين يتعاملون و يتجاذبون مع العقول المجردة.

بعد هذه المقدمة الموجزة نستعرض بعض المرويات عن امامنا جواد الأئمة عليه السلام و التي تكشف لنا كيفية توعيته لأصحابه و شيعته و عموم الامة و ارشادهم الي السلوك الايماني القويم و من ذلك؛ الخبر الذي أورده ابن شعبة في تحف العقول حيث نقل أن أباهاشم الجعفري قال للامام أبي جعفر عليه السلام في يوم تزوج أم الفضل ابنة المأمون: (يا مولاي لقد عظمت علينا بركة هذا اليوم.



[ صفحه 115]



فقال عليه السلام: «يا أباهاشم! عظمت بركات الله علينا فيه».

قلت: نعم يا مولاي. فما أقول في اليوم.

فقال عليه السلام: «تقول فيه خيرا فانه يصيبك».

قلت: يا مولاي أفعل هذا و لا أخالفه.

قال عليه السلام: «اذا ترشد و لا تري الا خيرا») [1] .

و من ذلك أيضا الخبر المروي في تهذيب شيخ الطائفة قدس سره بسنده عن أبي ثمامة قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: اني أريد أن ألزم مكة أو المدينة، و علي دين، فما تقول؟

فقال عليه السلام: «ارجع الي مؤدي دينك و انظر أن تلقي الله عزوجل و ليس عليك دين، ان المؤمن لا يخون» [2] .

و في الكافي أورد عن ابن مهران، قال: كتب أبوجعفر الثاني عليه السلام الي رجل: «ذكرت مصيبتك بعلي ابنك، و ذكرت أنه كان أحب ولدك اليك، و كذلك الله عزوجل انما يأخذ من الولد و غيره أزكي ما عند أهله؛ ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة.فأعظم الله أجرك، و أحسن عزاك، و ربط علي قلبك، انه قدير، و عجل الله عليك بالخلف، و أرجو أن يكون الله قد فعل ان شاء الله تعالي» [3] .

و نقل المجلسي في بحاره بسند رفعه الي بكر بن صالح قال: (كتب صهر



[ صفحه 116]



لي الي أبي جعفر الثاني عليه السلام أن أبي ناصب خبيث الرأي، و قد لقيت منه شذة و جهدا، فرأيك - جعلت فداك - في الدعاء لي، و ما تري جعلت فداك؟ أفتري أن أكاشفه أم أداريه؟

فكتب: «قد فهمت كتابك و ما ذكرك من أمر أبيك، و لست أدع الدعاء لك ان شاء الله، و المداراة خير لك من المكاشفة، و مع العسر يسر، فاصبر ان العاقبة للمتقين ثبتك الله علي ولاية من توليت، نحن و أنتم في وديعة الله الذي لا يضيع ودائعه».

قال بكر: فعطف الله بقلب أبيه حتي صار لا يخالفه في شي ء) [4] .

و حدث الشيخ الصدوق عن أبيه قوله: (حدثني سعد بن عبدالله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن اسماعيل بن سهل، قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام علمني شيئا اذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا و الآخرة.

قال: فكتب بخطه أعرفه: «أكثر من تلاوة (انا أنزلناه) و رطب شفتيك بالاستغفار» [5] .


پاورقي

[1] تحف العقول: 339 طبعة النجف 1380 ه.

[2] تهذيب الأحكام 6: 184 / 382.

[3] الفروع من الكافي 3: 205. و راجع أيضا: 218.

[4] بحارالأنوار 50: 55 / 30.

[5] ثواب الأعمال: 165 باب ثواب الاستغفار.