بازگشت

توظيف المعجزة و الكرامة في الهداية و الارشاد


الحدث المعجز انما يجريه الله سبحانه و تعالي علي يد أنبيائه و رسله أو أوصيائهم؛ للتدليل علي أن النبي المرسل أو الوصي المختار مرتبط بالسماء بشكل أو بآخر، و أن المعجزة - و هي أمر خارق للعادة الطبيعية - هي تأييد لدعوي النبي بأنه ينطق عن السماء، و أن ما يأتي به من تعاليم انما تصدر عن الله تبارك و تعالي؛ و تأييد لدعوي الوصي أو الامام المعصوم أيضا بأنه يتصل بالنبوة التي هي بدورها من مختصات السماء.

و لقد وظف أئمة أهل البيت عليهم السلام المعاجز و الكرامات التي كانت تجري علي أيديهم في استقطاب أفراد الأمة حول محور الامامة، ثم ارشادهم و هدايتهم نحو المسار الصحيح.

و من ذلك، الخبر الذي يبين بجلاء توظيف الامام عليه السلام للمعجزة في هداية الناس الي طريق الحق، و الفات نظرهم الي عظيم منزلة أئمة أهل البيت عليهم السلام عند الله سبحانه، فقد جاء عن علي بن خالد، قال: كنت بالعسكر، فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتي به من ناحية الشام مكبولا، و قالوا: انه تنبأ [1] .

قال: فأتيت الباب و داريت البوابين حتي وصلت اليه، فاذا رجل له فهم



[ صفحه 111]



و عقل، فقلت له: يا هذا ما قصتك؟

فقال: اني كنت رجلا بالشام أعبدالله في الموضع الذي يقال انه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل علي المحراب أذكر الله تعالي اذ رأيت شخصا بين يدي، فنظرت اليه. فقال لي: قم، فقمت معه فمشي بي قليلا فاذا أنا في مسجد الكوفة، قال: فصلي فصليت معه ثم انصرف و انصرفت معه، فمشي قليلا فاذا نحن بمسجد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم فسلم علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و صلي و صليت معه، ثم خرج و خرجت معه فمشي قليلا فاذا أنا بمكة، فطاف بالبيت و طفت معه، ثم خرج فمشي قليلا فاذا أنا بموضعي الذي كنت أعبدالله تعالي فيه بالشام، و غاب الشخص عن عيني، فبقيت متعجبا حولا مما رأيت.

فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به، و دعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت له: سألتك بحق الذي أقدرك علي ما رأيت منك الا أخبرتني من أنت؟

فقال: «أنا محمد بن علي بن موسي بن جعفر».

فحدثت من كان يصير الي بخبره، فرقي ذلك الي محمد بن عبدالملك الزيات، فبعث الي فأخذني و كبلني في الحديد و حملني الي العراق و حبست كما تري، و ادعي علي المحال.

فقلت له: فأرفع عنك قصة الي محمد بن عبدالملك الزيات.

فقال: افعل.

فكتبت عنه قصة شرحت أمره فيها و رفعتها الي محمد بن عبدالملك



[ صفحه 112]



الزيات، فوقع في ظهرها: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة الي الكوفة و من الكوفة الي المدينة و من المدينة الي مكة و ردك من مكة الي الشام، أن يخرجك من حبسك هذا.

قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره و رققت له و انصرفت محزونا عليه، فلما كان من الغد باكرت الحبس لأعلمه بالحال و آمره بالصبر و العزاء، فوجدت الجند و أصحاب الحرس و أصحاب السجن و خلقا عظيما من الناس يهرعون، فسألت عن حالهم فقيل لي: المحمول من الشام المتنبي ء افتقد البارحة من الحبس، فلا يدري أخسفت به الأرض أو اختطفته الطير!

و كان هذا الرجل - أعني علي بن خالد - زيديا، فقال بالامامة لما رأي ذلك و حسن اعتقاده [2] .

و روي عن القاسم بن المحسن [3] ، قال: كنت فيما بين مكة والمدينة فمر بي أعرابي ضعيف الحال، فسألني شيئا فرحمته و أخرجت له رغيفا فناولته اياه، فلما مضي عني هبت ريح شديدة - زوبعة - فذهبت بعمامتي من رأسي، فلم أرها كيف ذهبت؟ و أين مرت؟ فلما دخلت علي أبي جعفر بن الرضا عليه السلام، فقال لي: «يا قاسم! ذهبت عمامتك في الطريق؟».

قلت: نعم.

قال: «يا غلام أخرج اليه عمامته»، فأخرج الي عمامتي بعينها، قلت:



[ صفحه 113]



يابن رسول الله! كيف صارت اليك؟

قال: «تصدقت علي الأعرابي، فشكر الله لك، ورد عمامتك، و ان الله لا يضيع أجر المحسنين» [4] .

و نقل الاربلي عن القاسم بن عبدالرحمن - و كان زيديا - قال: خرجت الي بغداد فبينا أنا بها اذ رأيت الناس يتعاودون و يتشرفون و يقفون قلت: ما هذا؟ فقالوا: ابن الرضا، ابن الرضا.

فقلت: و الله لأنظرن اليه، فطلع علي بغل - أو بغلة - فقلت: لعن الله أصحاب الامامة حيث يقولون ان الله افترض طاعة هذا.

فعدل الي و قال: «يا قاسم بن عبدالرحمن (أبشرا منا واحدا نتبعه انا اذا لفي ضلال و سعر).» [5] .

فقلت في نفسي: ساحر و الله.

فعدل الي فقال: (أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر)» [6] .

قال: فانصرفت و قلت بالامامة، وشهدت أنه حجة الله علي خلقه و اعتقدت [7] .


پاورقي

[1] تنبأ أي ادعي النبوة.

[2] الارشاد 2: 291 - 289. و راجع: دلائل الامامة: 205 / 366. و اعلام الوري: 347. و كشف الغمة 3: 149.

[3] الظاهر أنه: القاسم بن الحسن البزنطي، اذ لا وجود للقاسم بن المحسن في كتب الرجال.

[4] كشف الغمة 3: 160 - 159.

[5] سورة القمر: 54 / 24.

[6] سورة القمر: 54 / 25.

[7] كشف الغمة 3: 150.