بازگشت

دوره في تفسير القرآن


من نافلة القول ان الأئمة من أهل البيت النبوي الطاهر عليهم السلام، هم الراسخون في العلم، المفسرون للقرآن الكريم كما أنزله الله و أراده حقيقة، و هم وحدهم العالمون بتأويله، و الدليل علي ظاهره و باطنه، و ليس بدعا من القول اذا سلمنا بأنهم عدل القرآن؛ للنبوي الصحيح المروي في المدونات الحديثية لدي الفريقين سواء بسواء، ذلك هو الحديث: «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا» [1] .

اذا علمت هذا، فينبغي بمن هو عدل الكتاب و قرينه، أن يكون عالما بكل آياته، و محيطا بجميع أسراره و محكمه و متشابهه، ناسخه و منسوخه، و هكذا كان أهل البيت عليهم السلام قرآنا ناطقا يهدي للتي هي أقوم، و يبشر



[ صفحه 100]



المؤمنين بخط ولايتهم بأن لهم قدم صدق عند مليك مقتدر.

و علي الرغم من أن ما وصل الينا عن الأئمة الميامين عليهم السلام بشأن القرآن الكريم و تفسيره لا يشكل الا نزرا يسيرا لما يمتلكون من حصيلة علمية، و ثراء فكري ليس لهما حدود، الا أن المتصدي لتفسير القرآن الكريم لا يمكنه الاستغناء عن تفسيرهم عليهم السلام لما فيه من سمات أصيلة لفهم كتاب الله، أبرزها تفسير القرآن بالقرآن، و القول بسلامة القرآن من التحريف و غيرها من المبادي ء الأساسية لادراك معاني الكتاب الكريم.

و امامنا الجواد عليه السلام هو واحد من تلك الكوكبة، لا يمكن الاستغناء عما وصلنا عنه في التفسير بحال، و هو كثير جدا لو استخرج من مظانه، و جمع شتاته.

و من أمثلة تفسيره عليه السلام، ما نقله الكليني في الكافي بسنده عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري الذي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام سائلا عن معني: (لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار) [2] .

فقال عليه السلام: «يا أباهاشم، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند و الهند، و البلدان التي لم تدخلها، و لا تدركها ببصرك، و أوهام القلوب لا تدركه، فكيف أبصار العيون؟!» [3] .

و نقل شيخ الطائفة في تهذيبه، بسنده عن السيد (عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنه قال: سألته عما أهل



[ صفحه 101]



لغير الله. قال: «ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر، حرم الله ذلك كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير (فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه) [4] أن يأكل الميتة». قال: فقلت له: يابن رسول الله، متي تحل للمضطر الميتة؟ فقال: «حدثني أبي عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سئل فقيل له: يا رسول الله انا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة، فمتي تحل لنا الميتة؟ قال: ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفوا بقلا، فشأنكم بهذا».

قال عبدالعظيم: فقلت له: يابن رسول الله فما معني قوله عزوجل: (فمن اضطر غير باغ و لا عاد)؟ قال: «العادي: السارق، و الباغي: الذي يبغي الصيد بطرا و لهوا؛ ليعود به علي عياله، ليس لهما أن يأكلا الميتة اذا اضطرا، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار، و ليس لهما أن يقصرا في صوم و لا صلاة في سفر».

قال: قلت له: فقول الله تعالي: (و المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع الا ما ذكيتم) [5] قال: «المنخنقة: التي انخنقت بأخناقها حتي تموت. و الموقوذة: التي مرضت و وقذها المرض حتي لم تكن بها حركة. المتردية: التي تتردي من مكان مرتفع الي أسفل أو تتردي من جبل أو في بئر فتموت. و النطيحة: التي تنطحها بهيمة أخري فتموت. و ما أكل السبع منه فمات. و ما ذبح علي حجر أو علي صنم، الا ما أدركت ذكاته فذكي».

قلت: (و أن تستقسموا بالأزلام)؟ قال: «كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما بين عشرة أنفس، و يستقسمون عليه بالقداح، و كانت عشرة، سبعة



[ صفحه 102]



لهم أنصباء و ثلاثة لا أنصباء لها. أما التي لها أنصباء: فالفذ، و التوأم، و النافس، و الحلس، و المسبل، و المعلي، و الرقيب [6] و أما التي لا أنصباء لها: فالسفح، و المنيح، و الوغد. و كانوا يجيلون السهام بين عشرة، فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها ألزم ثلث ثمن البعير، فلا يزالون كذلك حتي تقع السهام التي لا أنصباء لها الي ثلاثة، فيلزم ثمن البعير، ثم ينحرونه و يأكل السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا، و لم يطعموا منه الثلاثة شيئا. فلما جاء الاسلام حرم الله تعالي ذكره ذلك فيما حرم، و قال: (و أن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق) يعني حراما» [7] .


پاورقي

[1] الحديث روي في العديد من المصادر التي لا يمكن حصرها هنا نذكر منها: صحيح مسلم 4: 1873 / 2408. و مسند أحمد 5: 189. و سنن الدارمي 2: 432 - 431. و مصنف ابن أبي شيبة 11: 452 / 11725. و صحيح الترمذي 5: 662 / 3786. و للمزيد راجع: دفاع عن الكافي / ثامر العميدي 1: 153 - 144 ففيه تفاصيل عن ألفاظ الحديث و طرقه و دلالاته و مصادره.

[2] سورة الأنعام: 6 / 103.

[3] اصول الكافي 1: 99 / 11.

[4] سورة المائدة: 5 / 3.

[5] سورة البقرة: 2 / 173.

[6] و قيل في ترتيبها غير ذلك.

[7] تهذيب الأحكام 9: 83 / 354.