بازگشت

دور الامام في الحياة العلمية


من المقدمات التي يلزم التذكير بها هنا أن أئمة أهل البيت عليهم السلام جميعا هم أبواب مدينة علم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لا يختلفون سعة، و لا يتميزون عمقا، و لا تتباين أهدافهم البتة، و انما الاختلاف و التباين و التنوع في أدوار كل منهم، تبعا للظروف السياسية و الاجتماعية و الاقليمية التي تتحكم في مساحة تحرك كل امام علي الساحة الاسلامية، و في صفوف الامة.



[ صفحه 91]



فهناك دور مفروض للأئمة عليهم السلام في نص الشريعة الاسلامية، و هو دور صيانة تجربة الاسلام... و تعميق الرسالة فكريا و روحيا و سياسيا في الأمة.. و المحافظة علي المقياس العقائدي و الرسالي في المجتمع الاسلامي.

و لقد تمثل الدور الايجابي لأئمة أهل البيت عليهم السلام، في أنهم استطاعوا الابقاء علي المعالم الدينية الأساسية للامة، و الحفاظ علي طابعها الرسالي، و هويتها الفكرية من ناحية، و مقاومة التيارات الفكرية التي تشكل خطرا علي الرسالة، و ضربها في بدايات تكوينها من ناحية اخري.. [1] .

و بعد ذلك فان الرسالة الاسلامية تعني بالانسان من كل نواحيه، و تأخذ بيده الي كل مجالاته و لا تفارقه، و هو علي مخدعه في فراشه، و هو في بيته بينه و بين ربه، بينه و بين نفسه، بينه و بين أفراد عائلته، و هو في السوق، و هو في المدرسة، و هو في المجتمع، و هو في السياسة، و هو في الاقتصاد، و هو في أي مجال من مجالات حياته [2] ، و من هنا يتوجب في القائد أن يكون علي اطلاع و معرفة بكل مناحي الحياة، و استيعاب لمجمل العلوم التي يحتاجها أهل الأرض، و لكل ما نزل من السماء، و هو ما لم يتحقق في غير النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و بمن أودعهم مكنون علومه من أهل بيته المعصومين المنتجبين الأبرار عليهم السلام.

و قد ورد في الأخبار أن من صفات الامام عليه السلام: «أن يكون أعلم الناس بحلال الله و حرامه، و ضروب أحكامه، و أمره و نهيه، و جميع ما يحتاج اليه



[ صفحه 92]



الناس. فيحتاج الناس اليه، و يستغني عنهم» [3] .

من هنا نقف علي أن علم الأئمة الاثني عشر عليهم السلام واحد، فعلم أولهم كعلم آخرهم، علم الهامي يتوارثونه خلفا عن سلف، صغيرهم و كبيرهم فيه سواء، بل ورد أن الأئمة عليهم السلام تنتقل اليهم بعض مواريث الأنبياء عليهم السلام أيضا، كالسيف و الخاتم و العصا، و غيرها. اضافة الي ما يعلمونه من أحكام جميع رسالات السماء السابقة. و حديثهم أيضا واحد ليس فيه اختلاف و تعارض، و ان ظهر في ألفاظ و معان مختلفة: لأنه صادر من منبع واحد، فهم عليهم السلام يحدثون عن آبائهم عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن جبرئيل عليه السلام عن الله تبارك و تعالي، و ذلك ما جاء في قول الامام الصادق عليه السلام: «ان حديثي حديث أبي، و حديث أبي حديث جدي، و حديث جدي حديث علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين، و حديث علي أميرالمؤمنين حديث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و حديث رسول الله قول الله عزوجل» [4] .

بعد هذه المقدمة نعود الي ساحة قدس امامنا الجواد عليه السلام، كي نستلهم من فيض علومه ما نتمكن من خلاله رسم خط بياني نستطيع به استشفاف و استقراء نشاط الامام العلمي خلال حياته القصيرة جدا، و رغم سني التضييق و الاقامة الجبرية في بغداد، و ان لم تكن معلومة العدد، الا أنها بلا شك ليست قليلة بالنسبة الي المدة التي عاشها عليه السلام.


پاورقي

[1] أهل البيت عليهم السلام تنوع أدوار و وحدة هدف / السيد الشهيد محمد باقر الصدر: 145 ، 144 ، 131 ، 127.

[2] أهل البيت عليهم السلام تنوع أدوار و وحدة هدف / السيد الشهيد محمد باقر الصدر: 75.

[3] بحارالأنوار / المجلسي 64: 25.

[4] اصول الكافي 1: 53 / 14 (كتاب فضل العلم). و الارشاد / الشيخ المفيد 2: 186.