بازگشت

الثورات و الانتفاضات في عهد الامام


لم تزل الثورات العلوية و الانتفاضات الشيعية، منذ وضعت حرب الامام الحسين عليه السلام أوزارها، تتأجج و تشتعل بين الحين و الآخر كلما سنحت لذلك فرصة، و كلما برز قائد ناهض. يساعد علي ذلك؛ استمرار دور



[ صفحه 65]



الأئمة عليهم السلام و حركتهم التغييرية داخل الامة أولا؛ و ثانيا: استمرارية تسلط الحكومة الجائرة الظالمة اللاشرعية علي رقاب المسلمين، و انتشار الفساد الاجتماعي و الاداري و التعسف و الجور.

و سنتناول هنا ما سجله لنا التاريخ من ثورات أو انتفاضات انطلقت في عهد امامة أبي جعفر الثاني عليه السلام. مع أن البعض من تلك الأحداث و ان وقعت في حياته عليه السلام الا أننا أعرضنا عن ذكرها؛ لئلا تطول بنا صحائف هذه الدراسة الموجزة؛ و لأن تلك الحوادث كانت مما وقع في عهد (امامة) الامام الرضا عليه السلام؛ كثورة محمد بن ابراهيم بن طباطبا في الكوفة، و ما تلاها من مساجلات و حروب لقائده العسكري أبي السرايا السري بن منصور [1] ثم انتفاضة اليمن بقيادة ابراهيم ابن الامام موسي بن جعفر عليه السلام؛ و خروج محمد ابن الامام جعفر الصادق عليه السلام في المدينة المنورة [2] ؛ و انتفاضة الكوفة مرة اخري سنة (202 ه) بقيادة أبي عبدالله ابن منصور أخو أبي السرايا [3] كما أن حركة حدثت بقيادة جعفر بن داود القمي سنة (214 ه) ذكرها الطبري في تاريخه [4] بشكل مقتضب، و لم نعثر علي تفاصيل تاريخية لهذه الحركة، و لم نقف علي ذكر لجعفر القمي هذا، و من يكون؟

و تحت تأثير القسوة التي أبداها المأمون العباسي، والدهاء الذي أظهره، من خلال تسليم ولاية العهد للامام الرضا عليه السلام، أصبحت الأوضاع السياسية في حالة شبه مستقرة، واستحالت الثورات و كل تحرك ضد سلطته القائمة



[ صفحه 66]



الي رماد، و لو أنه كان يخبي ء تحته نارا.

ثم يخيم وجوم... و يسود صمت (شيعي - علوي).. يدوم بضع سنين.. و الناس في حيرة و وجل مما يفعله المأمون بابن الرضا عليه السلام، فبين شاك، و مصدق، و منتظر ما يؤول اليه الأمر غدا، و هو ما أراده المأمون من مناورة الاستدعاء للامام الجواد عليه السلام الي بغداد ثم تزويجه من ابنته و اسكانه بالقرب منه و الجعجعة به. و يستمر هذا الحال و الامام يمارس دور الامامة و مهامها الكبري بأناة و ترو، حتي تحين سنة (207 ه).


پاورقي

[1] راجع مقاتل الطالبيين: 435.

[2] مقاتل الطالبيين: 438.

[3] راجع: تاريخ الطبري 8: 558. و تاريخ الاسلام / الذهبي 14: 8 حوادث سنة 210 - 201 ه.

[4] تاريخ الطبري 8: 622.