بازگشت

الحالة السياسية في عصر الامام


تميزت الفترة الزمنية التي عاشها الامام الجواد عليه السلام بعد استشهاد والده الامام الرضا عليه السلام؛ بهدوء سياسي نسبي، بعد أن تم تصفية الحساب في وقت سابق بين الأخوين العباسيين الأمين و المأمون بمقتل الأول (25 محرم 198 ه)، و تفرد الثاني بالسلطة السياسية، و قد خلا له الجو من المنافس السياسي سوي الامام الرضا عليه السلام، الذي كان يتصدر الزعامة الروحية و الاجتماعية للمجتمع الاسلامي، و سوي بعض الثورات و الانتفاضات العلوية هنا و هناك، و التي سرعان ما قضي عليها بحنكة سياسية، و دهاء ماكر، و قوة عسكرية حاسمة، ثم دبر أمر تصفية الامام الرضا عليه السلام في آخر صفر [1] سنة 203 ه، بمكيدة و دهاء تامين، الأمر الذي جنب المأمون أي مشكلة سياسية ذات بال تواجه استقرار الحكومة.

أما اضطرابات بغداد و انفصالها عن سلطة المأمون، و مبايعة عمه ابراهيم



[ صفحه 38]



ابن المهدي العباسي في) 5 محرم سنة 202 ه) بالخلافة، ثم مناوشاتهم و حروبهم مع ولاة دولة المأمون، فسرعان ما أخمدت و عادت بغداد الي أحضان دولة الخلافة المأمونية، بدخول المأمون مدينة السلام علي رأس جيش خراساني لجب في 18 صفر سنة 204 ه [2] .

و بعد استتباب الأوضاع السياسية في بغداد، و استقرار شؤون الدولة في العاصمة الجديدة (بغداد)، من بناء القصور الملكية و الدواوين (الوزارات)، و المراكز الأمنية و غيرها، تتناهي الي سمع المأمون أخبار أبي جعفر ابن الرضا عليه السلام و احتفاء الناس به، و ظهور كراماته و معجزاته.

فيتأمل المأمون - و هو السياسي المحنك و الخبير - في الأمر مليا، و يرسل خلف الامام ابن الرضا عليه السلام يستدعيه من المدينة الي بغداد في تلك السنة. و في تقديرنا أن التحرك السياسي للامام الجواد عليه السلام يبتدي ء من السنة التالية (205 ه) التي وصل فيها الي بغداد بعد أن أدي نسك الحج، و عاد الي المدينة ليجمع أهل بيته و عمومته من الهاشميين و خدمه؛ لمرافقته الي عاصمة الدولة لاجابة (المأمون) طلبه، و كان له عليه السلام أول لقاء مع المأمون العباسي في التاريخ المذكور، و من ذلك الوقت يبدأ المسلسل التاريخي الحافل السياسي، و الاجتماعي، و العلمي لحياة جواد الأئمة عليهم السلام.

بعد هذه التقدمة الموجزة ندخل الي رحاب الحياة السياسية للامام الجواد عليه السلام، باستشفاف بعض ملامح موقف السلطة العباسية تجاه الامام عليه السلام من جهة، و تجاه الشيعة عموما من جهة أخري.



[ صفحه 39]




پاورقي

[1] تاريخ الطبري 7: 150. و الشذرات الذهبية / ابن طولون: 98 و فيه: آخر صفر سنة اثنتين و مئتين. و في التنبيه و الاشراف / المسعودي: 303: في أول صفر؛ لكنه في اثبات الوصية: 182، قال: مضي - صلي الله عليه - في سنة اثنين و مئتين من الهجرة في آخر ذي الحجة. و روي أنه مضي في صفر، و الخبر الأول أصح.

[2] راجع: التنبيه و الاشراف / المسعودي: 304 - 302.