بازگشت

الوشاية بالامام


و من المؤسف حقا أن تصدر الوشاية بالامام الجواد عليه السلام من أبي داود السجستاني الذي كان من أعلام ذلك العصر، أما السبب في ذلك فيعود الي حسده للامام عليه السلام.

و الحسد داء خبيث ألقي الناس في شر عظيم، لقد حقد أبوداود علي الامام كأشد ما يكون الحقد و ذلك حينما أخذ المعتصم برأيه في مسألة فقهية و ترك بقية آراء الفقهاء، فتميز أبوداود غيظا و غضبا علي الامام عليه السلام، و سعي الي الوشاية به، و تدبير الحيلة في قتله، و بيان ذلك ما رواه زرقان الصديق الحميم لأبي داود قال: انه رجع من عند المعتصم و هو مغتم، فقلت له: في ذلك.. قال: ان سارقا أقر علي نفسه بالسرقة و سأل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، و قد أحضر محمد بن علي عليه السلام فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟ فقلت: من الكرسوع [1] لقول الله في التيمم: «فامسحوا بوجوهكم و أيديكم» و اتفق معي علي ذلك قوم، و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق»، قال: و ما الدليل علي ذلك؟ قالوا: لأن الله قال: «و أيديكم الي المرافق» قال: فالتفت الي محمد بن علي عليه السلام فقال: ما تقول في هذا يا أباجعفر؟ قال: قد تكلم القوم فيه يا أميرالمؤمنين قال: دعني مما تكلموا به، أي شي ء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أميرالمؤمنين، قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرتني بما عندك فيه، فقال: اذا أقسمت علي بالله اني أقول:



[ صفحه 259]



انهم أخطأوا فيه السنة، فان القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الأصابع فيترك الكف، قال: لم؟ قال: لقول رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: السجود علي سبعة أعضاء: الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال الله تبارك و تعالي: «و ان المساجد لله» يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها «فلا تدعوا مع الله أحدا» و ما كان لله لم يقطع، قال: فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.

قال زرقان: ان أباداود قال: صرت الي المعتصم بعد ثالثة فقلت: ان نصيحة أميرالمؤمنين علي واجبة، و أنا اكلمه بما أعلم اني أدخل به النار قال: ما هو؟ قلت: اذا جمع أميرالمؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماءهم لأمر واقع من امور الدين فسألهم عن الحكم فيه، فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك.

و قد حضر المجلس أهل بيته و قواده و وزرائه، و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم، لقول رجل: يقول شطر هذه الامة بامامته، و يدعون أنه أولي منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء.

قال: فتغير لونه، و انتبه لما نبهته له، و قال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا..» [2] .

لقد اقترف أبوداود أخطر جريمة في الاسلام، فقد دفع المعتصم الي اغتيال امام من أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين فرض الله مودتهم علي هذه الامة، و الويل لكل من شرك في دمائهم.


پاورقي

[1] الكرسوع: طرف الزند الذي يلي الخنصر.

[2] تفسير العياشي 1: 319، البرهان 1: 471، البحار 12: 99، وسائل الشيعة 18: 490.