بازگشت

خيبة امال المسلمين


و خابت آمال المسلمين حينما تسلم العباسيون قيادة الامة، فلم تتغير أية جهة من معالم السياسة الاموية، فقد عاد الجور، و انفتح باب الظلم علي مصراعيه يقول الدكتور أحمد محمود صبحي: «ولكن ذلك المثل الأعلي للعدالة و المساواة الذي انتظره الناس من العباسيين قد أصبح وهما من الأوهام، فشراسة المنصور و الرشيد و جشعهم، و جور أولاد علي بن عيسي و عبثهم بأموال المسلمين يذكرنا بالحجاج و هشام و يوسف بن عمر الثقفي، و عم الاستياء أفراد الشعب بعد أن استفتح عبدالله المعروف بالسفاح، و كذلك المنصور بالاسراف في سفك الدماء علي نحو لم يعرف من قبل» [1] و قد صور شعراء ذلك العصر مدي خيبة المسلمين و ضياع آمالهم في الحكم العباسي، يقول أبوعطاء السندي:



يا ليت جور بني مروان عاد لنا

يا ليت عدل بني العباس في النار



و قال عطاء يذكر ارتفاع الأسعار:



بني هاشم عودوا الي نخلاتكم

فقد قام سعر التمر صاعا بدرهم



و قال أحمد بن أبي نعيم:



لا أحسب الجور ينقضي و علي الا

مة و ال من آل عباس



و قال أبودلامة في المنصور:



و كنا نرجي من أمير زيادة

فزاد لنا فيها بطول القلانس



و قال سليم العدوي:



حتي متي لا نري عدلا نسر به

و لا نري لولاة الحق أعوانا



مستمسكين بحق قائمين به

اذا تلون أهل الجور ألوانا



[ صفحه 203]



يا للرجال لداء لا دواء له

و قائد ذي عمي يقتاد عميانا



و يقول دعبل الخزاعي:



ألم تر للأيام ماجر جورها

علي الناس من نقض و طول شتات



و من دول المستهترين و من غدا

بهم طالبا للنور من الظلمات



و قال سديف:



انا لنأمل أن ترتد الفتنا

بعد التباعد و الشحناء و الاحن



و تنقضي دولة أحكام قادتها

فينا كأحكام قوم عابدي وثن



و لما سمع الطاغية المنصور بهذين البيتين كتب الي عامله عبدالصمد أن يدفنه حيا ففعل [2] .

لقد انهارت الأماني التي كانت تأمل بها الشعوب الاسلامية، و تبددت أحلامهم الي سراب، فقد كان الحكم العباسي قائما علي الجبروت و الطغيان، و متعطشا الي سفك الدماء، و ربما كانت معالم الحياة السياسية في العهد الاموي خيرا منها بكثير في العهد العباسي الأول فقد كانت لبني امية من الفواضل ما لم تكن للمنصور الدوانيقي السفاك علي حد تعبير الامام الصادق عليه السلام.


پاورقي

[1] نظرية الامامة: 381.

[2] العمدة لابن رشيق 1: 76- 75.